دعوة نبيه بري للحوار خدعة سورية وإيرانية/ الياس بجاني


كما عودنا السيد نبيه بري فهو دائماً وعند بروز أي مشكلة من تفقيس حاضنة محور الشر السوري- الإيراني الإرهابي يطل علينا لابساً ثياب الحملان ومحملاً برزم حلول مسممة هي بالواقع كلام حق يراد به باطل. فهو وعلى إيقاع الهجمة السورية المجرمة على مدينة طرابلس وأهلها طالب بالعودة إلى طاولة الحوار.
جدير ذكره هنا أن رئيس الجمهورية والسيد بري و"من غير شر" البطريرك الراعي وباقي الربع السوري والإيراني النوى والهوى لم يتوقف عن المناداة بضرورة العودة إلى طاولة الحوار مع حزب الله، وهؤلاء جميعاً بخبث ودهاء يسعون من خلال الحوار المنشود إلى تأبيد وتشريع سلاح حزب الله، فيما المطلوب وطنياً أن ينحصر الحوار في تنفيذ ما تبقى من بنود القرارين 1559 و1701 ، أي تسليم سلاح الحزب للدولة وتفكيك بنيته العسكرية والانخراط في العمل السياسي، وأيضاً دخول القوى الشرعية المخيمات الفلسطينية ووضعها تحت سلطة الدولة بالكامل وتفكيك مليشياتها وفرض سلطة القانون عليها.
أما حزب الله فقد وصلت به الوقاحة الفجة والاستكبار المرضي إلى اعتبار كل من يطالب بنزع سلاحه عميلاً إسرائيلياً وأميركياً ويسعى للفتنة، وهو من دون خجل يعتبر أن سقف أي حوار يجب أن يحدد ب "كيفية حماية سلاحه" فقط وليس بأي شيء آخر. والحزب الإيراني هذا دائما يستنبط المهمات لسلاحه وكان أخرها أن الله أوكل إليه مهمة حماية لبنان وليس بحاجة لإذن من أحد، وبالتالي السلاح باق إلى ما لا نهاية. المطلوب من ربع "14 آذار" ألا يقعوا في الفخ الإيراني - السوري هذا الذي ينصبه لهم بري مستغلاً أحداث طرابلس وأن يصروا على أن لا حوار إلا على سلاح حزب الله ونقطة على السطر.
لجماعة "14 آذار" ولباقي القادة في لبنان نقول: إن الخزي والعار سيلحقان بأي لبناني لا يتخذ موقفاً شجاعاً ووطنياً وفاعلاً وعلنياً لمواجهة وقاحة وفجور وعهر جماعات محور الشر السوري - الإيراني وأدواته المحلية الإرهابية والأصولية الممسكين بكل مفاصل الدولة عن طريق الإرهاب والسلاح والبلطجة والمال الإيراني. ولأهلنا نقول: المطلوب ثورة شعبية ترفض وترزل وتهمش كل المسؤولين الخانعين والسياسيين المتخاذلين ورجال الدين الشاردين عن طرق لبنان السيادة والاستقلال والكرامات. فمنذ اندحار الجيش السوري المحتل سنة 2005 وخروجه من لبنان والطاقم الحاكم مع ربع السياسيين وكبار رجال الدين يضيعون الفرصة تلوى الأخرى للخلاص كلياً من احتلال دولتي وجماعات محور الشر بنتيجة تخاذلهم وجبنهم وأنانيتهم وتبعيتهم وتفضيلهم مصالحهم الشخصية على مصالح الوطن والمواطنين.
إن واقع "وطن الساحة" السرطاني هو وباء فتاك يفرضه حزب الله بالقوة ويتمدد من خلاله بشكل مخيف آخذاً ببلطجته الأرض والمؤسسات والديموغرافية والقانون والدستور وكل مقومات الدولة. إن دولة كلِّ اللبنانيين العصرية بشرائحهم المتنوعة اثنياً ودينياً وحضارياً التي توخَّينا قيامها، طالما سعى الأحرار من أهلنا والأشراف والمناضلين لبلوغها منذ سنين طويلة عانوا خلالها بصبر وإيمان ورجاء إجرام زمن الاحتلال  السوري الأعجف برموزه وأدواته من طرواديين وملجميين. لقد قدم الآلاف من شهدائنا الأبرار أنفسهم قرابين لتبق الجباه عالية والكرامات مُصانة والرايات خفاقة، فماذا نقول لهم ونحن نرى حالة الحكام والسياسيين ورجال الدين التراجعية والجبانة؟ واللافت أنه بعد خروج الجيش السوري عادت وبِقوَّة التقية ومعها لغة التكاذب والدجل إلى التداول ولم يعد المواطن السيادي بقادر على فهم اتجاه بوصلة حكامه والسياسيين.
ففي حين ينادي هؤلاء وعلى مدار الساعة بضرورة نهوض الدولة وبسط سلطتها الذاتية والقانون نراهم يقبلون راضين أو صاغرين لا فرق باستمرار سلطة وتسلط حزب الله وببقاء المخيمات الفلسطينية وسلاحها بؤرا أمنية وقنابل موقوتة بيد سورية البعث وإيران الملالي وغيرهما من القوى الإقليمية والأصولية التي تعودت استعمال "لبنان الساحة" مسرحاً لصراعاتها والحروب.
قادة مسخ يطالبون باحترام القرارات الدولية وبتنفيذ بنود اتفاق الطائف لكنهم في الوقت عينه ينتقون ويستنسبون ما هو على مقياس نفوذهم والمصالح، والأدهى ربطهم الهرطقي مصير ما هو لبناني صرف من القرارات وخصوصاً الـ 1559 بتلك غير اللبنانية. فهُم وفي مقدمهم البطريرك بشارة الراعي، وهنا العجب، يصرُّون أولاً على تنفيذ القرار 194 لجهة عودة الفلسطينيين إلى بلادهم، ومعه كل القرارات منذ تأسست عصبة الأمم ومن بعدها جمعية الأمم المتحدة بما فيها تلك المتعلق ببلاد الماو ماو وغابات الأمازون ومجاهل أفريقيا! يريدون إنهاء أزمات القارات الخمس قبل القبول بقرارات محقة وعادلة تؤمن استعادة وسيادة واستقلال لبنان وتحريره من الغرباء ومن أسلحتهم!
أما تغني القادة باتفاق الطائف وبمحاسنه فيكشف زيف لبنانيتهم والانتماء لأن هذا الاتفاق ورغم علله الكثيرة صنف كل المسلحين تحت خانة الميليشيات التي يتوجب تجريدها من السلاح كما أنه طالب بنشر الجيش اللبناني على الحدود مع إسرائيل والالتزام باتفاقية الهدنة وبسط سلطة الدولة على كامل ترابها بواسطة قواها الذاتية.
إلى متى التكاذب والتقية؟ فالحقيقة الفاضحة تقول: إن لا إمكانية ولو بسيطة لقيام دولة لبنانية مركزية واحدة موحدة في ظل بقاء دويلات وبؤر أمنية خارجة عن نطاق سلطة الشرعية والدستور. كما أن مبدأ قيام الدولة الواحدة يناقضه كلياً ويلغيه وجود ميليشيات مسلحة تصادر دور الجيش وسلطة الدولة على الحدود وداخل الوطن وتتحكم بقرار الحرب والسلم مع دول الجوار. هذا الدور السلطوي مفترض أن يناط بالدولة وحدها وليس بفريق أو بشريحة واحدة. لقد حان الوقت لتحديد مواقف الجميع ومن دون استثناء من مبدأ قيام الدولة أو عدمه من دون "لف ودوران"، والدولة المنشودة هذه لا يمكن أن تقبل بشريك في سلطاتها السياسية والعسكرية والأمنية والمالية والقضائية وفي علاقاتها مع الدول.
أما مهمة حماية لبنان من إسرائيل وغيرها من القوى والدول فهي من واجبات الجيش والقوى الأمنية الشرعية اللبنانية وحدها، وكل ما عدا ذلك من ضجيج وتهديدات وحجج وذرائع ومبررات جهادية مبتكرة ومستوردة بهدف إبقاء وضعية حزب الله والمخيمات الفلسطينية الحالية الشاذة على حالها فهي خطايا مميتة بحق الكيان وتعدٍّ سافر على حقوق المواطن وانتهاكاً للدستور ولشرعة حقوق الإنسان واستهتاراً بجميع القرارات الدولية واستخفافاً بذكاء اللبنانيين والكرامات.
فلولا دويلة حزب الله وسلاحه وهيمنته على جميع مؤسسات الدولة لما كانت أحداث طرابلس الدامية وقعت، ولما كان رفعت عيد تجاسر وطالب بعودة الجيش السوري، ولما كان نجيب ميقاتي رئيساً لحكومة تابعة لمحور الشر وليس فيها أي شيء لبناني، ولما كانت محاولات الاغتيالات للقادة السياديين مستمرة.
يتكلمون عن أمور كثيرة فنراهم يناورون ويتكاذبون ويدجلون ويزايدون فيما هم يتجنبون بحربائية فاقعة وعن سابق قصد وتصميم التطرق للب القضية الأساسية التي هي السلاح غير الشرعي ومبدأ قيام الدولة. يهتمون بأمور كثيرة فيما المطلوب واحد، الدولة ومن ثم الدولة. فهل من يسمع وينتفض فيشهد للحقيقة بجرأة وتجرد ليخلص ويخلص معه الوطن وناسه!
إن حزب الله يعرف ماذا يريد وهو واضح بطروحاته وأهدافه وارتباطاته الخارجية، كما بإصراره المحافظة على وضعيته العسكرية و"الجهادية" والسلطوية، وكلام حسن نصر الله في معلقاته الخطابية الأخيرة لم يترك أي فسحة للتأويل أو الشك بما تضمر قيادة هذا الحزب الملالوي للبنان وللبنانيين من شرور، فهل قادة لبنان وسياسييه وشرائحه في "14 آذار" يعرفون ماذا يريدون؟
يبقى أن اللبناني لن يغفر لمن يُضيع فرص خلاص وطنه وحاله يقول: "مريم مريم تهتمين بأمور كثيرة فيما المطلوب واحد".

CONVERSATION

0 comments: