إنتخابات الرئاسة في مصر/ أنطوني ولسن


دعونا أولا نهنيء أنفسنا على سير إنتخابات الرئاسة لهذا العام 2012 التي إن دلت على شيء ، إنما تدل على الخزين الحضاري العميق الممتد لآلاف السنين . وهذه بادرة مصر في أشد الحاجة إليها للم شمل الشعب المصري والأتجاه إلى إنهاض مصر من كبوتها التي تسببت في البلبلة والتوهان الفكري بين التيار الديني والتيار المدني الغير ديني . وسأحاول في النقاط التالية بإبداء
رأي الشخصي الذي يحتمل الصواب والخطأ .
أولا : القوات المسلحة" الجيش المصري " ، قوات الأمن " الشرطة المصرية " .
ثانيا : الأخوان المسلمون .
ثالثا : الأقباط المسيحيون .
رابعا : التيار القومي" حمدين صباحي " .
خامسا : السلفيون وعبد المنعم أبو الفتوح .
سادسا : الثورة والثوار والمرشحون .
سابعا : ماذا عن إنتخابات الإعادة ؟ ! .
أولا : القوات المسلحة" الجيش المصري " ، قوات الأمن " الشرطة المصرية " .
نشكر كلاهما على إنجاح إنتخابات الرئاسة لهذا العام 2012 نتيجة النظام والتواجد والتواصل بينكم وبين جموع الشعب مع إحترام كامل لآدمية المنتخب أو المنتخبة بعد أن كان ذلك مفقودا في جميع الأنتخابات أو الإستفتاءات السابقة والتي كان آخرها إنتخابات مجلس الشعب ومهازله والتي أثرت تأثيرا مباشرا على إنتخابات الشورى . نتمنى للمجلس الأعلى للقوات المسلحة أن يبقى بعد ظهور نتيجة الأعادة إلى أن يطمئن على سلامة الوطن والمواطنين . ولا ينساق وراء الأصوات التي تنادي برحيلكم. مصر مازالت في خطر وخاصة في هذه الحقبة الزمنية الحرجة من تاريخها . مع وضع في الأعتبار قوات الأمن " الشرطة " إعادة الثقة بهم والتأكيد أن الشعب المصري يجب أيضا أن يثق في أن الشرطة في خدمة الشعب قولا وعملا .
ثانيا : الأخوان المسلمون .
عندما يأتي الحديث عن الأخوان المسلمين يحتار العقل في تصنيفهم . لهم تاريخ نضالي طويل . لكن مع الأسف لم يكن تاريخا نضاليا من أجل مصر والشعب المصري . لقد قسموا الشعب المصري إلى أقسام ، مسلمون ومسيحيون أو نصارى كما يحلو لهم تسميتهم . المسلمون قسموهم إلى قسمين ، قسم جماعة الأخوان والقسم الآخر غير جماعة الأخوان الذين لم ينضموا إليهم. جماعة الأخوان أصبح لها بعد فترة وجيزة مرشدا له الولاء والطاعة . بدأت الأحلام تكبر من جماعة دعوية إلى جماعة سلطوية . بمعنى السعي وراء السُلطة . لم تقف تطلعاتهم إلى سُلطة مصر وحكمها ، بل أصبحت تسعى إلى الخلافة وإعادتها كما كانت .ظن المصريون بما أن الدعوة والتكوين تم على أرضها ومن بنيها فلابد أن تكون مصر هي بلد الخلافة . لكن وجدنا أن مصر مجرد ولاية ضمن بقية ولايات الخلافة . كان من الواضح أن تجد صعوبات للوصول إلى ما وصلوا إليه الأن من قوة وتنظيم في جميع أنحاء العالم .
أترك هذا وأعود إلى فترة ثورة 25 يناير عام 2011 وكيف إستطاعوا الحصول على الصدارة .وبطريقة ماكرة من المجلس العسكري الذي أصبح الحاكم المسؤل عن إدارة البلد مصر ، رأي تشجيع فريق إسلامي آخر هو الجماعة السلفية . وبمهارة فائقة من الأخوان إستخدموا السلفيين كفزاعة وبدأت اللعبة .
وصلنا إلى الأنتخابات البرلمانية وكانت المفاجئة . حصل الأخوان على الأكثرية تلاهم السلفيون ثم بقية التيارات الأسلامية الأخرى وبعضا من التيارات المدنية أو الليبرالية وكشف الأخوان عن حقيقة تسلطهم . ولم يلق تصرف البرلمان وتخبطه إرتياحا من المواطنين فلم يشارك الكثيرون من المصريين  في إنتخابات مجلس الشورى .بإختصار فقد الأخوان مصدقيتهم أمام كل من ظن أنهم قادرون على الأخذ بيد مصر إلى الأمام بعد أن أظهروا أنهم على العكس تماما فقد أخذوا مصر إلى ظلام الماضي والعصور الوسطى .

ثالثا : الأقباط المسيحيون .
الأقباط المسيحيون المهمشون المغبونون والضائعة حقوقهم وجدناهم لأول مرة يصرخون بصوت عال مدوي زلزل السماء والأرض وهم يهتفون بسقوط مبارك ونظام مبارك على إثر حادث كنيسة القِديسَينْ دون خوف أو تراجع عن مطلبهم .
بدأت ثورة 25 يناير وإذ بالأقباط المسيحيين يشاركون مشاركة فعلية وجادة وعلى جميع المستويات ، وفي جميع المحافظات ، يخرجون يهتفون منددين بحكم مبارك جنبا إلى جنب مع أشقائهم المصريين وكانت سيمفونية رائعة أظهرت حقيقة هذا الشعب العظيم . يصلي المسلم ، يحيط المسيحي به حاميا . يصلي المسيحي يحيط به المسلم حاميا . مشهد أعادنا نحن جيل الزمن الجميل الذي لم يمض عليه سوى فترتي السادات ومبارك حيث عاد إستقطاب المسيحيين بصورة علنية وفجة وحرمانهم من الكثير والكثير جدا من أبسط حقوقهم الأنسانية وأخذت الجماعات الأسلامية  والجهادية في حرق كنائسهم  والتنكيل به وسبهم علنا وفوق المنابر .
لكن فرحة ما تمت أخدها الأخوان وطاحوا ووجدناهم ما أن وصلوا إلى البرلمان وبدأوا بإقصاء المسيحي وعدم الأعتراف به كمواطن مصري كامل الأهلية وعادة الأسطوانات الكارهة للغير تعلو بأنغام رفض المسيحي من تولي أي مركز وأشياء كثيرة القاصي والداني سمعها ويعرفها .
عندما بدأت الأنتخابات هدأ صوت الأسطوانات . وفي انتخابات الأعادة إختفى تماما صوت الأسطوانات النشاذ وبدأ التودد والإشادة بهم وأنهم " المسيحيون " لهم كل حقوق المصريين أم أنه مجرد جلب أصواتهم لأنتخابات الأعادة . علما على إثر إعلان نتيجة الأنتخابات خرج أحد الأخوان يندد بالمسيحيين ويتهمهم بأنهم عضضوا شفيق الذي من الفلول .
الجانب الأيجابي بالنسبة للمسيحيين في مرحلة الثورة وحتى الأن ، أنهم عرفوا معنى عدم الخوف ، آمنوا بقيمتهم الذاتية ، أصروا على ممارسة حقوقهم وأداء واجبهم بكل أمانة ، عادة إليهم الثقة بالنفس . بل الأهم هو وحدة الكنائس المصرية التي يجتمع مصليها للصلاة بلجاجة وتضرع لله أن يحفظ مصر .
رابعا : التيار القومي " حمدين صباحي " .
التيار القومي هو تيار ناصري يؤمن بالقومية العربية متخذا جمال عبد الناصر مثالا يُحتذى به ، وقد وجد أنصار هذا الفكر في حمدين صباحي الرجل المناسب لهذه الفترة الحرجة من تاريخ مصر . لم يحالف الحظ حمدين في إنتخابات الرئاسة ولكنه حصل على المرتبة الثالثة . وهذا لا يعيب الرجل ولا يقلل من وطنيته وعليه أن يقبل صندوق الأنتخابات الذي مهما حدث من مخالفات أو إدعاءات بشراء الأصوات أو إستبعاد قضاة لتوجيه الناخبين لصالح مرسي .عندي شهادة لا بد أن أستشهد بها . يوم الأنتخابات رأيت مذيعا يوجه ميكرفونه لأسرة مكونة من زوج وزوجة  وشابتين إبنتيهما . سأل المذيع الأم المحجبة  " التي يشع من وجهها نور المحبة والبساطة " من ستنتخبون ؟ أجابة السيدة الفاضلة أن زوجها وهي قد إختارا مرشحا وكل إبنة إختارت مرشحا مختلفا . في أسرة واحدة مصرية إختلفت الأراء حول من سينتخبون . وهذه هي الديمقراطية مطبقة على أرض مصر وبدون شك يوجد الكثير من هذه العائلة التي تؤمن وتطبق الديمقراطية بمعناها البسيط دون تعقيدات . وأقول للأستاذ حمدين .. عسى أن تكرهُ شيئا وهو خيرٌ لكم . المهم في الأعادة كما عهدناك تريد الخير لمصر أن توجه محبيك الوجهة الصحيحة لأختيار من يصلح لأدارة مصر التي تحبها وربما توفق في الأنتخابات القادمة . كم أتمنى عليكم المساهمة بالإسراع بوضع اللائحة الدستورية الملزمة قبل إنتخابات الإعادة ليستنير بها المرشح الفائز أيَ إن كان . البرلمان يماطل في اللجنة الدستورية حتى يعرف من الفائز ليفصل له دستورا حسب هواهم . وهذا شيء مرفوض بالطبع .
خامسا : السلفيون ود. عبد المنعم أبو الفتوح .
دخل السلفيون المعترك السياسي إبان ثورة الشباب بفرض العضلات والقوة ومع الأسف بدأوها مع فصيل من الشعب المصري يعمل المستحيل البعد عن  المشاكل وأعني به الأقباط المسيحيون إن كا في أطفيح أو قنا أو غيرهما . نظر الأخوان إليهم على أنهم يمكن إستخدامهم كفزاعة يخيفون بها بقية الشعب المصري لينحازوا إليهم ولا ينحازوا إلى السلفين .
بعد إنتخابات مجلسي الشعب يبدو أن السلفين إستيقظوا لمخطط الأخوان الذي ينطبق عليه المثل المصري الشعبي " زي الفريك ما يحبش شريك " فغيروا من أسلوب تعاملهم مع الناس وكان واجهتهم نادر بكار " مع حفظ الألقاب " . نجح بكار بأسلوبه وطريقة رده المبسط والواضح والذي لا يحمل آي تشنجات فإستمال إليهم الكثير .
عندما بدأت ترشيحات الرئاسة سطع نجم مرشح إستطاع أن يشد إليه الأنظار وهو حازم أبو إسماعيل " مع حفظ الألقاب " ورأى فيه السلفيون أنه الرئيس المرتقب فساندوه وأيدوه وأعتبروه رجلهم الذي سينافسون به أي مرشح آخر . قصة أبو إسماعيل معروفة والتي إنتهت بإبعاده عن سباق الترشح . نظر السلفيون إلى الساحة فوجدوا في الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح الرجل المبتعد من الأخوان لأنه أصر على دخول سباق الرئاسة في وقت كانوا فيه يؤكدون أنهم لن يدخلوا هذا السباق . ومع ذلك ما أن أعلن عمر سليمان " مع حفظ الألقاب " الدخول في سباق الرئاسة حتى غير الأخوان فكرهم وقرروا بالنزول إلى السباق بالرجل الثاني لجماعة الأخوان خيرت الشاطر " مع حفظ الألقاب " بغض النظر عما حدث بعد ذلك فقد إتجه نظر السلفيون إلى الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح وتم الأتفاق على مساندته مما حدى بالأخوان بترشيح محمد مرسي " مع حفظ الألقاب " مرشحا إحتياطيا . وبقية القصة واضحة .
أتمنى على السلفيين أن يعوا الدرس وأن الشارع المصري قد وضع يده على محراث الحرية والتقدم العلمي والإجتماعي والسياسي فلا يأخذون نهج الأخوان ويتخذون لأنفسهم نهجا آخرا أكثر إنفتاحا وتماشيا مع متطلبات الزمن والنظر إلى الأمام .
سادسا : الثورة والثوار .
لن أطيل هنا فثورة 25 يناير 2011 هي ثورة شباب مصري " أخضر " على رأي الأستاذ رجائي عطية الكاتب والمفكر والمحامي. أي ليست لديهم خبرة بالسياسة وألاعيبها فحققوا في 18 يوم ما لم يحققه أحد على مستوى العالم بإجبار مبارك على ترك الحكم . الذين ضحوا بدمائهم من أول موقعة الجمل هم شباب الثورة . ومع ذلك رأينا الأخوان ينقضون على الثورة وينسبونها لهم ويتشدقون بها محاولين إقناع الناس أنهم هم الثوار ولا أحد غيرهم . لكن الحقيقة التي يعرف الناس عنهم أنهم إنتهازيون وعلى أتم إستعداد بتغير أراءهم ومبادءهم وكل شيء إذا أقتضت مصلحتهم ذلك . فما بالنا وهم الأن يتربعون على مجلس الشعب بشقيه ويطمعون في الرئاسة ووضع دستور يخدم مصالحهم قبل مصالح الوطن . وعن الأخوان والثورة إحيل هذا الموضوع إلى كل من الأستاذ عبد الرحيم علي الكاتب والعارف بأدق التفاصيل عن الأخوان ويشاركه في الرأي الأستاذ رجائي عطية الكاتب والمفكر والمحامي . أرجو البحث عنهما عن طريق اليوتيوب أو الدخول إلى جوجل والفضائيات .
لقد سبق وأشرت أن الثورة الحقيقية ثورة شباب مصر موضوع فوق رف آمن إلى حين إعادة تفعيلها وإعطاء الحق لأصحابه الحقيقين لا المزيفين ، ولا بد أن يأتي من يُشرك شباب وشبات الثورة معه في الحكم . لأن الحقيقة من يتشدقون بالمشاركة في الثورة لم يعطوا آي فرصة لأي من الثوار فرصة الوجود والمشاركة .
سابعا : ماذا عن إنتخابات الإعادة ؟
والأن بعد الوصول إلى تحديد من سيكون في الأعادة التي أصبحت ما بين د. محمد مرسي مرشح حزب العدالة " الأخوان " ، والمرشح المستقل الدكتور أحمد شفيق . وبدأ التقارب إلى الشعب لضمان الوصول إلى كرسي الحكم .وقد سمعنا الدكتور مرسي وهو يعد الجميع بالمساواة وأنه سيكون رئيسا لكل المصريين دون تميز . وقرأنا أيضا له أنه حال وصوله إلى الرئاسة سيعمل على إحياء الخلافة الأسلامية وفتح مصر وإجبار المسيحيين على دفع الجزية . وعن نفسي لا أظن أنه قال ذلك !!.. ولكني قرأته .
من يريد إحياء الخلافة الأسلامية عليه أن يذهب إلى أرض الخلافة وإحياؤها في مكة والمدينة حيث يتم إختيار الخليفة ويتم إعداد جيش المسلمين وبدء الفتح المبين ويدخلون مصر من جديد فاتحين محققين النصر المبين . لأنه لا يصح إحياء الخلافة في أرض محتلة كافرة . لكن إحياؤها في أرض الخلافة هو الحل وسوف يرحب بكم أقباط مصر المسيحيين قبل المسلمين مهللين مكبرين لأنقاذهم من سطوة وتسلط أعداء الدين .
أناشد كل الشعب المصري أن لا يتبع أحد في إختيار من سيصوت له يوم إنتخابات الإعادة . إلقي وراء ظهرك وفكر بعقلك وقلبك لمن تعطي صوتك الغالي والنفيس على قلب مصر . مصر على حافة إنهيار كامل ، إقتصاديا ، أخلاقيا ، إجتماعيا وسياسيا فكن أنت وهي وأنا وهو ونحن المنقذون لها بإختيار الصالح الذي يمكنه إعادة الأمن والآمان للمصريين . ندقق في إختيار الرجل الذي يعبر هذه الفترة الحرجة من تاريخ مصر بسلام بمساعدة كل المصريين . علينا أن نختار الرجل الذي نرى فيه إعادة حق شباب الثورة في المشاركة الفعلية في إدارة شؤون البلاد بغض النظر عن خلفيتهم الدينية أو الأجتماعية أو السياسية . لا تضيعوا هذه الفرصة الهامة بالنسبة لكينونتنا .. أن نكون .. أو لا نكون  .                                                   

CONVERSATION

0 comments: