الوفاق الوطني .. شراكة مجتمعية لحكم رشيد/ محمد قاسم نعمان

ليس مجالا للتقاسم السياسي ومرتع للفساد ..!!

الوفاق الوطني لايعني التقاسم السياسي بين أطراف محدده  في الساحة السياسية بقدر مايعني الشراكة المجتمعية الوطنية ..أي ان يشترك كل مكونات المجتمع السياسة والاقتصادية والإجتماعية والثقافية في تحمل المسؤولية وانجاز المهمات الوطنية المحددة ودون ذلك فأنه يصبح اتفاقا بين اطراف محددة لا يتجسد فيها معاني ( الوطني ) وبالتالي يصبح منهجا ومصطلحا  لا علاقة له بالوفاق الوطني ، بقدر مايعني تقاسم السلطة بين أطراف محدده وهذا يعني ايضا انتهاك لحقوق المكونات المجتمعية المقصاة من المشاركة ويعني سلوك ومنهج منافي للمبدأ الديمقراطي في حق المشاركة المجتمعية المختلف المكونات السياسة الموجودة في المجتمع.,والاقتصادية والاجتماعية والثقافية
" الوفاق الوطني" هو تعبير يعكس مفهوم الشراكة المجتمعية أو الشراكة الوطنية وهو تعبير أيضا عن شرط رئيسي هام يضمن تحقيق متطلبات أنجاز مهام وطنية هامه بعبارة أخرى نقول طرح هذا المصطلح أو المفهوم (الوفاق الوطني) الذي يستوعب أبرز شروط تحقيق مهام مرحلة إنتقالية نحو الديمقراطية ونحو التغيير ونحو الأفضل والذي جاء في وثيقة "المبادرة الخليجية" ووثيقة قرار مجلس الأمن الذي أكد على دعمه لهذه الوثيقة من أجل الخروج إلى البر الآمن لمسار الثورة الشبابية الشعبية ومطالب الشعب في استعادة حقوقه المنتهكة ، وفي التغييرالديمقراطي ، ولم يكن يقصد منه أعطاء مجال "التقاسم" بين أطراف فاعلة في الساحة والحياة السياسية وفي الثورة الشبابية الشعبية وان كان يعني في مضمونه ان تلعب هذه الأطراف دورا رئيسيا في تحقيق وتنفيذ المهمات المحددة في الوثيقتين (الخليجية والدولية).
لان تأكيد الوثيقتين على أهمية احترام الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان يعني أن هذا" الوفاق الوطني" يجب أن تتجسد في تعبيراته ومهماته الديمقراطية وحقوق الإنسان وهذا يعني توفر شروط ومتطلبات القرارات والتعيينات لشروط ومعاييرالنزاهة والكفاءة المرتبطة ببناء الحكم الرشيد والذي يعني فيما يعنيه ان لايكون للفاسدين – مهما كان انتمائهم الحزبي والسياسي والفكري والمناطقي والعشائري والجهوي -  مكانا في أية تعيينات وترتيبات وظيفية تقوم بها سلطة "الوفاق الوطني".
كما أن "الوفاق الوطني" بالمفهوم الديمقراطي يعني وضع الإنسان المناسب في المكان المناسب استنادا إلى الكفاءات والخبرات والمؤهلات بعيد عن تأثيرات الانتماء الحربي والسياسي والعشائري والمناطقي والجهوي.
كما أنه يعني الشفافية ومشاركة كل مكونات المجتمع ومنظماته المدنية في المراقبة والمتابعة والتنبيه والتحذير،والاعتراض لكل ما يسيء ويتنافى مع اهداف الثورة ، والدولة المدنية الديمقراطية الحديثة ، وفي مقدمة هولاء شباب  وجماهيرالثورة والحراك الجنوبي السلمي  وأسر الشهداء المعنيون بمواصلة دورهم النضالي في حماية أهداف الثورة والسير نحو ترسيخها وتحقيقها ليشمخ بها بنيان الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة..
ان وضع كهذه واحتكار العملية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية من قبل أطراف محددة دون تجسيد الشراكة المجتمعية بمفهومها الوطني وبالذات في انجاز مهام خطيرة كالمهام المرتبطة بالمرحلة الانتقالية سيكون لها آثار سلبية في مجرى هذه الترتيبات وهذه المهمات ولنا في تجاربنا اليمنية الكثيرة عبر ودروس ونماذج كهذه جميعنا نعرف نتائجها  السلبية التي  لازالت تفعل فعلها في العملية السياسية والمجتمعية.
إذا كان المطلوب تحقيق وبناء يمن جديد ودولة مدنية وديمقراطيه حديثة فأن ذلك يستدعي العمل على  تجسيد مبدأ الشراكة الواسعة والكاملة لكل مكونات المجتمع الناشطة في الحياة السياسية والإقتصادية والاجتماعية والثقافية في انجاز وتنفيذ  مختلف مهمات المرحلة الإنتقالية دون اقصاء أو تهميش  او ابعاد او تجاوزات تحت أي مبرر..
لان الإقصاء للآخرين وتجاوز اشراكهم ومشاركتهم هو السلوك والممارسة المناقضة لمبدا ء الديمقراطية والمجسده  لمفهوم الشمولية حتى وأن كانت من قبل اكثر من طرف سياسي أو حزبي..كما ان"الوفاق الوطني" ايضا يعني بالضرورة اختيار الأفضل والأقدر والأجدر والأكثر كفائه وخبرة ونزاهه لتحمل المسؤوليات والمهمات أي ان الوفاق الوطني هنا يجب ان يتجسد فيه مناوأة الفاسدين وغير ذوي الكفاءة والخبرة والمؤهل ، والتعامل مع الجميع استنادا الى معايير وشروط محددة ومعلنة دون أي تجاوز أو بحقوق المواطنين المتساوية .
بعبارة اكثر تحديد ووضوح نقول أن الوفاق الوطني لا يعني تقاسم المناصب والمهام الحكومية في مختلف المواقع بين الأحزاب بحيث يأتي كل حزب يقدم مايريد من اأسماء أعضائه ... وحتى  إذا تم التعامل  مع الأحزاب في هذا المجال فيجب أن يشترط على الحزب أن يقدم أفضل مالديه من الخبرات والكفاءات ليدخل ضمن قائمة مرشحين ليتم بعد ذلك أختيار الأفضل والأجدر في ضوء معايير وشروط محدده لهذه الوظيفة او تلك او هذا الموقع القيادي او ذاك، استنادا لمبدأ الحقوق المتساوية للمواطنين .
هكذا نفهم..الوفاق الوطني ..وهكذا يجب أن يفهم وإلا نكون قد واصلنا  نفس منهج"الرئيس السابق" وانطبق المثل القائل" ديمه غيرنا بابها " ،وكأن التضحيات التي قدمها الثوار والمناضلين قد ذهبتادراج الرياح  وكأن الشعارات التي رفعت سواء مايتعلق بالتغيير أو بناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة هي مجرد شعارات كتلك التي  كانت ترفع أثناء حكم ونظام صالح رحمة الله..
يمكن القبول بأن تكون الحكومة ممثلة للإطراف السياسية التي أنيط بها مسؤولية قيادة العملية السياسية بحكم طبيعة الظرف السياسي والمشكلات المرتبط به والتي استدعت الاتفاق على هذا المخرج إلا ان ذلك لا يعني ان يتم إلغاء  مشاركة الآخرين في تنفيذ وتحقيق المهمات وحلقات الفعل  السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي استنادا إلى  احترام المعايير التي تحدد  ذوي الأكثر كفاءة وخبرة ومؤهل ونزاهه في المواقع المراد تغطيتها وإملاء شواغرها.
 قرارات التعيينات التي تتم حاليا كثير منها – مع الأسف - لا تعكس الرؤية التي تعبر وتجسد متطلبات "الوفاق الوطني"  المجسد للشراكة المجتمعية بالمفهوم الديمقراطي ، وهنا يبرز تساؤل مهم:
أليس من مصلحة تجسد "الوفاق الوطني" أو خلق ظروف مواتية لوفاق وطني يتناسب مع الحاجة لخلق مناخ يسهم في تحقيق المصالح الوطنية وأن يتم إدراج أسماء ممن تعرضوا لإنتهاكات حقوقهم الدستورية والإنسانية وشملتهم إجراءات التوقيف والفصل التعسفي والتجميد عن ممارسة الوظيفة والعمل ضمن من تم ويتم ترقيتهم وترتيب أوضاعهم في الجيش والأمن وفي الأجهزة والمواقع المدنية على مستوى الترتيبات التي تتم مركزيا من قبل رئاسة الجمهورية أو من قبل مجلس الوزراء..او تلك التي تمت وتتم وسيتم على مستوى المحافظات مع احترام ايضا المعايير والشروط لهذا الموقع أو ذاك .
صحيح انه يمكن ان يكون هكذا رؤية وهكذا فهم وهكذا إدراك غير متاح لدى رئاسة الجمهورية ورئيسها عبد ربه منصور أو لدى مجلس الوزراء ورئيسها الأستاذ محمد سالم باسندوه نتيجة  لانشغالاتهم في أمور يومية فرضت عليهما نتيجة  للوضع القائم..
 لكن مالا يمكن قبول أعذارهم ، هم اولئك المعنيون بوضع  السياسات والخطط  و(المشورة ) للقيادة السياسية  لاعادة ترتيب أوضاع البلاد والعباد..نحو بناء يمن جديد ، والذين يؤكدون ويعلنون حرصهم الشديد وانشغالهم الكبير في إنجاح مهام المرحلة الإنتقالية وفي المقدمة  عقد مؤتمر الحور الوطني..
ألا يعلم هؤلاء ان التفاعل الايجابي مع عقد مؤتمر الحوار الوطني يستدعي توفر الثقة لدى من يراد مشاركتهم في هذا المؤتمر وهذه الحوار ،وأن توفير هذه الثقة المفقودة لابد ان تتم قبل انعقاد المؤتمر وقبل الحوار من خلال خطوات وإجراءات وقرارات ترتبط بدرجة رئيسية بتصحيح الانتهاكات التي مست حقوق الناس في أعمالهم ووظائفهم وممتلكاتهم والتي بيد القيادة السياسية الموجودة قي قمة السلطة اتخاذ القرارات بشأنها ،  وان حرمان الناس من وظائفهم واستحقاقاتهم وممتلكاتهم  هي بالأساس انتهاك  للحقوق الانسانية  وحقوق المواطنة التي كفله الدستور وكفلتها المواثيق والاتفاقيات الدولية والتي صادقت عليه اليمن واصبحت ملزمة باحترامها وتنفيذها والتقيد بها ..

CONVERSATION

0 comments: