مصر.. وكالة بدون بواب/ مجدى نجيب وهبة

** عندما خرج الشباب المصرى فى 25 يناير ، مطالبين بـ "حرية – عدالة – عيش" .. كانت مطالبهم هى الحفاظ على تراب هذا الوطن ، وعدم الإنسياق للفوضى ، أو هدم أى مؤسسات بالدولة .. فى الوقت الذى يطالبون فيه بإسقاط الفساد ، وإسقاط الحكومة التى فشلت فى تحقيق مطالبهم .. وإسقاط الإعلام الذى ترك مشاكلهم ، وجرى وراء مصالحه ، والبحث عن المادة الإعلانية ، أو تهديد وإبتزاز بعض رجال الأعمال بالدفع أو التشهير !!! ...
** ولأنها كانت فترة من أسوأ الفترات التى مرت بها مصر .. وسقطت القلاع الصناعية .. ووقف نمو الثروة الحيوانية .. وعانى الفلاح فى أرضه ، وفقدت الكثير من المحاصيل الزراعية .. تارة بسبب تبوير الأرض ، وتارة أخرى بسبب نقص المياه .. وتحولت مصر إلى أشباح ووكالة بدون بواب .. كان لا بد من ثورة.. أو إنقلاب عسكرى محدود سلمى على السلطة ، يسانده الشعب المصرى جميعا .. ولكن كان شعب مصر كما عودنا دائما .. رفيقا بوطنه ، محافظا على أمنه وسلامته .. لم يكن هدف الجمع الشعبى والبشرى الهائل ، للخروج يوم 25 يناير .. إلا تعبيرا صادقا عن الشعور باليأس والإحباط وفقدان الأمل !!! ..
** على الجانب الأخر .. كانت هناك الأفاعى وذئاب الجبل .. تراقب الموقف عن قرب .. وكانت هناك حركات ومنظمات سياسية وتخريبية ، تسعى منذ فترة طويلة لإسقاط الدولة .. بل وتتلقى دعم وتدريبات من بعض الأنظمة الإرهابية والمنتشرة فى "صربيا" ، و"أمريكا" ، و"بريطانيا" .. هذا بجانب العنصر الهام والمنظم ، وهو "جماعة الإخوان المسلمين" !!! ..
** أطلق شباب مصر الثائر الشرارة الأولى على الفساد وتدنى الأوضاع ، وسوء الخدمات ، التى إستغلتها كل القوى والمنظمات التخريبية ، وجماعة الإخوان المسلمين .. فى إشعال وحرق مصر بأكملها .. وإختفى شباب ثورة 25 يناير .. بعد أن بدأت تظهر زجاجات المولوتوف ، وطلقات الرصاص الحى .. وإختلط الحابل بالنابل ، وظلوا يزحفون حتى وصلوا إلى ميدان التحرير .. ليعلنوا إعتصامهم بالميدان .. وأن المظاهرة سلمية ... ويعلنوا مطالبهم .. لم يكن إعتصامهم بالتحرير هو بمحض الصدفة ، بل كان مخطط له ...
** لم يكن بالميدان سوى الإخوان المسلمين ، وميليشياتهم ، وبعض كوادر من منظمة حماس ، وحزب الله ، و6 إبريل ، والوطنية للتغيير ، وكفاية ... فرض كل هؤلاء سياجا أمنيا حول المعتصمين ، وعلت أصواتهم وهديرهم .. فى الوقت الذى وضعت خطة جهنمية للهجوم على أقسام الشرطة وحرقها ، وإخراج المساجين ، وسرقة الأسلحة .. والهجوم على مراكز الأمن المركزى ، وحرق سياراتهم ، لشل حركة الداخلية ، والهجوم على السجون بإستخدام الأسلحة النارية .. بل وصلت إلى هدم السجون بالبلدوزرات .. وقذف شرطة السجون بالأسلحة النارية ، والقنابل الحارقة .. وإستطاعوا تهريب ألاف من السجناء من جميع سجون مصر .. وقتل العديد من ضباط وجنود الشرطة .. وكان الهدف إحداث فوضى عارمة فى البلاد !! ..
** خرج الشعب المصرى لمواجهة هذه الفوضى .. وقالوا للبلطجية "سوف نحمى بيوتنا" .. وتكونت اللجان الشعبية .. فى الوقت الذى سلط الإعلام العفن أضواءه وكاميراته على ميدان التحرير ، ومنصة الميدان التى إستولى عليها زعماء الإخوان .. "محمد البلتاجى" ، و"عصام العريان" ، و"محمد المرسى" ، و"سعد الكتاتنى" ... وحضر خصيصا الشيخ "يوسف القرضاوى" ، الذى لم يستطيع دخول مصر منذ ثلاثين عاما .. إلا فى هذه اللحظة .. ورغم أنه نذير شؤم ، إلا أن الإخوان حملوه فوق الأعناق .. حيث إكتست سماء مصر بالبوم والغربان .. ولم يعد المسئولين أو الإعلام يروا فى مصر كلها إلا ميدان واحد فقط ، هو ميدان التحرير .. وإختار الإخوان و6 إبريل فى كل محافظة ، ميدان ليعلن تضامنه مع التحرير !! ..
** وظلت الأقسام محاصرة .. وتعرضت للحرق والسلب والنهب ، وقتل ضباط وجنود الشرطة ، وإقتحمت مكاتب أمن الدولة ، وسرقت ونهبت الملفات ، وحرقت البنوك ، ومحلات عديدة .. وقتل مواطنون عديدون .. وفكت صواميل القاهرة .. وتحولت مصر كلها إلى وكالة بلا صاحب .. وزاد سقف مطالب الإخوان بعد البيان الأول للمجلس العسكري ، بالوقوف مع المطالب المشروعة للثوار .. ويبدو أن المجلس العسكرى لم ينتبه لمن هم بالميدان .. الذين ظلوا ضيوفا على جميع القنوات المصرية والفضائية .. وكان أشهرهم الداعية "صفوت حجازى" بلقاءاته الإعلامية العديدة ، وإنتقاله من قناة إلى أخرى ، والذى حمل لقب "حانوتى الميدان" .. وظهر معه المستشار "ممدوح حمزة" ، و"فريدة الشوباشى" ، و"عمار على حسن" ، و"علاء الأسوانى" ، و"جمال فهمى" ، و"بلال فضل" ، و"مجدى الجلاد" ، و"جورج إسحق" ، والمتحولة "منى مكرم عبيد" ، والشمطاء "هالة سرحان" ، والناعمة "منى الشاذلى" ، والوافد "يسرى فودة" ، و"معتز مطر" ، و"ريم ماجد" ، و"دينا عبد الرحمن" ، و"مصطفى بكرى" ، و"محمود سعد" ، ونشطاء عديدون .. وفريق عمل قناة "أو تى فى" ، وقناة "الحياة 1 ، 2" ، وفريق "النيل الإخبارية" ، والقنوات المصرية ....
** كل هؤلاء .. إلا إعلامى واحد فقط .. هو الإعلامى الوطنى الشريف "تامر أمين" .. الذى ظل حريصا على أمن وسلامة الوطن ، باكيا على ما يحدث بين أبناء هذا الشعب .. وظل حريصا على نداءاته التى لم تنقطع للإحتكام للعقل ، والمحافظة على الوطن ، وإعطاء فرصة للتغيير السلمى ، والكف عن كل مظاهر الفوضى .. فالمحلات تسرق ، والمواطنين يقتلون ، والكنائس تهدم ، والفوضى تعم الشوارع !!! ..
** ولكن .. صمت الجميع .. ولم نسمع إلا أصوات العاهرات التى بدأ يعلو سقف مطالبها وبذاءاتها .. فقد سمعنا إحدى هؤلاء العاهرات ، وهى تسب الرئيس "مبارك" ، بينما كان مازال رئيس الدولة عبر أحد القنوات الإعلامية المأجورة .. إنفرط الخيط الذى يربط المؤسسات المصرية .. وسقطت الشرطة .. ولم يعد أمام الشعب إلا الجيش .. وكان الإخوان أمكر الماكرين ، ومعهم هذه المجموعات التخريبية .. فرفعوا لافتات "الجيش والشعب إيد واحدة"!!! .. بينما خرج الشعب المصرى الأصيل فى كل ميادين مصر ، رافعين الأعلام المصرية ، وليس الفلسطينية أو السعودية .. وحملوا شعارات "الجيش والشعب والشرطة إيد واحدة" ..
** وإبتلع المجلس العسكرى الطعم .. ولم يدركوا أن رفع شعار "الشعب والجيش إيد واحدة" ، هو شعار ماكر .. يقصدون به هدم مؤسسة الشرطة ووزارة الداخلية وأمن مصر .. حتى وصل إلى الهجوم على المبنى ، والتبول على أسواره .. والإعلام ينقل كل هذه الأحداث .. وكانه ينقل مباراة للمصارعة الحرة .. أو أحداث فى دولة أخرى خارج مصر .. رغم أن هذه الواقعة ستعتبر وصمة عار فى جبين جهاز الشرطة ..
** ولكن .. من المسئول ؟!! .. هل تحول مصر إلى وكالة بدون بواب .. هى التى منحت الفرصة لكل هذه الحشرات والأفاعى والكلاب أن تنهش فى عرض الوطن ؟!!!!
** لقد تلخص المشهد بسعادة أمريكا فى إسقاط النظام .. ثم هدم الدولة .. وإسقاط مؤسساتها .. وقدمت الدعم المالى التى أعلنت عنه "آن باترسون" ، السفيرة الأمريكية بمصر ، أو وزيرة خارجية أمريكا "هيلارى كلينتون" ، أو السيناتور "جون كيرى" .. وقد وصلت أرقام تمويل هذه المنظمات التخريبية ، وجماعة الإخوان المسلمين إلى أكثر من مليار ونصف مليار دولار .. بل وقدمت أمريكا المكافأت .. وأعطت تأشيرات لزيارة أمريكا لكل أعضاء هذه المنظمات أو الحركات التخريبية .. فى الوقت الذى كانت لا تسمح ، بل وترفض إعطاء تأشيرة لأى مواطن مصرى للسفر لأمريكا ..
** وبدأت تظهر البشاير .. فالفوضى فى كل مكان .. والبلطجة سائدة .. وخرجت كل رموز الشر من السجون والمعتقلات ، وأصبحوا متحدثين بإسم الشعب المصرى ، ونجوم فى الفضائيات ... ونتيجة لكل هذه الفوضى .. رأينا مجلس الإخوان المسلمين ، والسلفيين .. الذي لا يمكن أن نطلق عليه "مجلس الشعب" ، حتى لو كان فى قمة فساده .. فما نراه هو مجلس "الجماعة" .. يخططون للجماعة .. ويفصلون القوانين للجماعة .. ويتلقون الأوامر من المرشد العام .. ويهرولون إلى كل وسائل الإعلام .. بعد محاولة تحسين صورتهم .. وطمس معالم وجوههم .. وتهذيب لحاهم .. وإرتداء البدل ورابطة العنق .. وبدأوا يستخدمون منظف الأسنان بدلا من المسواك .. ويضعون العطور .. وتحولوا بين يوم وليلة من إرهابيين ، وجماعات محظورة .. إلى قادة وثوار وأبطال ..
** وبدأوا مسلسل الإدانة للزعيم الراحل "جمال عبد الناصر" وإسقاط شعبيته .. كما جاء الدور على بطل الحرب والسلام "محمد أنور السادات" .. والذى وصفه أحد المرشحين الإسلاميين لرئاسة الجمهورية "عبد المنعم أبو الفتوح" ، بالخائن المنبطح الذى سلم فلسطين لليهود .. لنعود لنغمة "بالروح بالدم .. نفديك يافلسطين" .. وتفتح أبواب مصر لمنظمة حماس الإرهابية .. والجهاد الإسلامى .. وتنظيم القاعدة .. والدعوة لتكريم د. "أيمن الظواهرى" .. وعمل تمثال لقائد تنظيم القاعدة ، الراحل "أسامة بن لادن" .. بدلا من تمثال الزعيم "محمد فريد" !!!ّ ..
** وبعد السطو على رئاسة الدولة .. لا قدر الله .. سيطالبون بوضع تمثال الأب الروحى للإخوان المسلمين "حسن البنا" ، فى وسط ميدان رمسيس .. ليجعلوه مزار لكل القادمين إلى الميدان .. ثم يعقب ذلك تمثالا أخر للشيخ "سيد قطب" .. ثم نبدأ فى عرض تشريفى لأسماء كبار ومرشدين الإخوان "حسن الهضيبى .. مهدى عاكف .. محمد بديع" !!! ..
** بالطبع .. هذه الصورة الظلامية سوف تحدث .. لو لم يحسم الجيش المصرى هذه المهازل .. ويعلم الجميع أن مصر لها صاحب .. ولها قائد .. ولها شعب .. وليست وكالة بدون بواب !!!!!! ...
صوت الأقباط المصريين

CONVERSATION

0 comments: