ولأننا ، في عصر " الترامواي " و" التي جي في " ، عصر اختصار المسافات وبامتياز ، كان أوتوماتيكيا ، أن تفرز لدينا ، مجتمعات ، كمجتمعنا يتسلق أفراده السلالم عبر " الوصولوية" و" الانتهازية " ، عبقريات من نوع خاص ، من الزمن السريع .
عبقريات نسيج وحدها و لا تشبه إلا زمنها ، زمن " النسخ " و" اللصق " ، أو إن شئنا التدقيق زمن " السرقة "و بامتياز .
زمن " سرقة " الأفكار ، مقترحات مشاريع ، الاختراعات ، الأغاني ، الكتب مشاريع أفلام ، المقالات ، النساء ، ... وحتى الأحلام ، فلا يكاد تمر دقيقة أو ثانية ، إلا وتطالعنا ، الصفحات الأولى للجرائد الإلكترونية وبلغات متعددة ، بالكثير من " الظواهر" المجتمعية ، التي كانت إلى وقت قريب ، " غريبة " عن مجتمع مسلم محافظ ، كمجتمعنا المغربي ، المفروض فيه ، أن يكسب المرء من عرق جبينه و أن تمنح فيه الشواهد لمن يستحقها و أن تتاح فيه المناصب للكفاءات وليس لمن يسرقها من أصحابها .
أوليس ، نحن في زمن أصفر ، بحيث أصبح طبيعيا ، أن تطالعك بعض الصحف الصفراء ، بمقالة من مقالاتك وقد نسخت بالفاصلة والنقطة و وضعت صورة مكان صورتك واسم آخر مكان اسمك ، هكذا ، بلا حياء أو خجل .
في مجتمع ، يشاهد فيه أهله قناة " الناس " كل مساء و يستمعون بملء جوارحهم إلى داعية كالشيخ "الحسين يعقوب "، وغيره من الدعاة والمشايخ ، الدين لا يتوانون ، في تصحيح المفاهيم وزرع القيم الدينية ، التي لا تعرف طريقها ، إلى " الناس " ، كل الناس .
ففي الوقت ، الذي يتحدث فيه هؤلاء عن خصلة " الإتقان " في العمل في الإسلام ، يتزايد فيه عدد الغشاشين وفي الوقت الذي يتحدثون فيه عن العصر الذهبي ، زمن " الصدق ، الشهامة ، النخوة ، الرجولة ، المصداقية " تتناسل في مجتمعنا ، العديد من الوجوه الصفراء و أشباه الناس .
أناس لهم القدرة الفائقة ، على ارتداء الأقنعة ، وتقمص الأدوار بحرفية ، هم مستعدون لسرقة أي شيء وكل شيء ، وفي كل القطاعات والمجالات ، كل همهم هو الاغتناء السريع و الأضواء المسلطة ، إرضاء لنفوسهم المريضة .
أناس لا قدرة لديهم على الابتكار ولا على الإبداع ، هم فقط ، محترفون في سرقة الآخرين والصعود إلى عل و بأي ثمن .
هم مستعدون ل" سرقة " مقالاتك ، مشاريعك ، أحلامك ، في واضحة النهار ، وبلا حمرة من خجل ، لا يترددون ، في سرقة أي شيء وكل شيء ، يكفي أن تحدثهم ، عن حلم من أحلامك أو مشروع من مشاريعك الخاصة ، حتى ستجده ، بعد 5 دقائق ، وقد عرف طريقه إلى الوجود ، يتصدر أسماءهم و صورهم بلا قطرة دم .
ليس عيبا ، أن نفكر في الاغتناء ، فهذا حقنا الطبيعي وأن يكون لدينا الأحلام والطموحات ،التي لا تنتهي ، لكن ، العيب ، هو " نسرق " غيرنا ، بلا حياء أو خجل .
هو ، أن نغتني ، على حساب الآخرين ،هو أن نصعد السلالم على جماجم
العديدين و أن تسلط علينا الأضواء ، في مقابل أن يبقى ، في العتمة ،الكثيرين.
ليس من حقنا ، أن نبقى كسالى ، ننتظر الآخرين ، لنسرقهم ، ونغتني ، على حسابهم ، ففي زمن " غوغل " ،" البلوتوت " و" الفايس بوك " ، تسقط ورقت التوت ، عن " السارقين " وفي كل المجالات ، وما كان يتم ، في الماضي ، في الخفاء ، أصبحت التكنولوجيا ، تقوم بفضحهم وتكشف عوراتهم للملء ، لعلهم عن "غيهم " يعودون وعن " سرقاتهم " يحجمون .
البرنوصي نيوز / علي مسعاد.
0 comments:
إرسال تعليق