إن تفاقم ظاهرة الفساد مع الارتفاع السرطاني لأسعار السلع والخدمات وعجز دخول الأفراد في توفير الحد الأدنى من الحياة الكريمة لهو أمرٌ طبيعي ومنطقي.
ويعد الفساد هو النتيجة الطبيعية لمعادلة الحياة الأكثر فقراً والأسوأ أخلاقاً- وأرى أنه – لا يمكن أبداً لمجتمعٍ أن ينهض ويقوض هذه الظاهرة فقط بسن القوانين الرادعة لمحاسبة الفاسدين أو بتفعيل دور اللجان الرقابية بكثافة تتناسب مع حجم فساد كل مؤسسة على حدا، هذا مع إيماني الكامل بأهمية دور القضاء وهذه اللجان في الرهان على الحد من خطورة تفاقم هذه الظاهرة الأكثر انتشاراً في زماننا هذا – ولكن – لأن كل شيء من الممكن أن يحدث في الخفاء- أرى من هنا- أن الأجدى بنا التركيز على البعد الأخلاقي والمحاسبة الذاتية باعتبارهما المادة الفاعلة في العقار الواقي لهذا الداء الخطير.
كما أنني أختلف مع من يُلقي بالتهم على الأنظمة الحاكمة في هذا الخصوص وهو أمرٌ عارٍ من الصحة – ذلك – لأن أي نظامٍ حاكم يعد بمثابة الواجهة أو الرداء الذي يغطي جسم المجتمع عن آخرة كما أنه لم يأت من السماء عبثاً وهو يعبر بمصداقية عن سير حركة الحياة في أي أمة سلباً وإيجاباً بشفافية تامة.
رحم الله أمير الشعراء أحمد شوقي حينما كشف عن بلسمه الواقي والشافي من هذا الفيروس اللعين حينما قال في بيته الخالد:
وإنما الأممُ الأخلاقُ ما بقيت *** فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا.
0 comments:
إرسال تعليق