ترکيز العديد من الاوساط السياسية و الصحفية العربية على مسألة المفاضلة و المقارنة بين نظام الشاه و النظام الحالي الحاکم في إيران من حيث الايجابيات و المساوئ"من حيث تأثيريهما على العرب"، و ميل العديد بل الاغلب منها الى رجحان الکفة لصالح نظام الشاه واعتبار ان شروره و مساوئه کانت أقل من نظام ولاية الفقيه الذي فاق النظام السابق من حيث طموحاته و تطلعاته العدوانية التي ليست لها حدود والاخطر من كل ذلك تغطيته بالدين والمذهبية.
نظام ولاية الفقيه، وان توفق في بداية أمره و بتأثير بريق و طنين شعاراته الرنانة التي أطلقها في البداية والتي کانت تسعى لإظهاره بصورة بالغة الايجابية وانه ليس قد وقف موقفا إيجابيا من القضية المرکزية للعرب – فلسطين-وانما أعتبر نفسه من أصحاب القضية و يسعى من أجل وضع حد لها، لکنه و بعد مرور فترة قصيرة بدأت الحقيقة تتوضح شيئا فشيئا و طفق العرب يفهمون معنى ذلك التهافت الذي أبداه الملالي على القضية الفلسطينية و تيقنوا ان غايتهم و هدفهم الاساسي من وراء ذلك لم يکن سوى من أجل تکريس نفوذ غير عادي لهم في مختلف أصقاع الوطن العربي. وعلى الرغم من ان الشعب الايراني کان قد رحب(ولازال يرحب)بأي تغيير جذري في المواقف لصالح القضية الفلسطينية بوجه خاص، لکنه قد أدرك في نهاية المطاف بأن شکل و مضمون الدعم المقدمين للقضية الفلسطينية لم تکن مطلقا من أجل القضية ذاتها و لا من أجل سواد عيون العرب، وانما من أجل مصالح و إعتبارات سياسية محددة، وقد بدأ التململ الشعبي في هذا البلد المسلم يأخذ في الاتساع منذ إيغال هذا النظام بالقسوة و العنف و ترکيزه بشکل ملفت للنظر على مسألة قمع الحريات و إقصاء کافة القوى و التيارات السياسية الاخرى التي ساهمت بصنع الثورة، وقد بلغ السخط الشعبي ذروته بعد أن بدأت الاوساط الشعبية و الثقافية تتناقل معلومات بشأن إغداق(المليارات)من أموال الشعب الايراني المغلوب على أمره لهذا الحزب او تلك الحرکة او ماشابه في الوقت الذي هنالك حرمان فظيع داخل اوساط الشعب الايراني الفقيرة حيث تؤکد العديد من المصادر الايرانية المطلعة بأن نسبة کبيرة جدا من أبناء الشعب الايراني قد باتت تحت خط الفقر وان العديد من الحالات و المظاهر السلبية قد بدأت بالانتشار في مختلف المدن الايرانية وان نسبة البطالة قد بلغت مستويات قياسية وان مشکلة البطالة الى جانب مشکلتين اساسيتين اخريين يعاني منها المجتمع الايراني و هما مشکلة الادمان على المواد المخدرة و مشکلة إرتفاع نسبة حالات الطلاق حتى في مدن کقم و مشهد اللتين يعتبرهما النظام بمثابة قلعتان حصينتان له، قد شکلت أزمة مستعصية بوجه النظام سيما وانه يقوم بإهدار أموال الشعب الايراني في امور ليس يجني الشعب الايراني من ورائها سوى المشاکل و الازمات وان توقعات المراقبين و المحللين السياسيين و مختلف الخبراء و المختصين في الشأن الايراني تؤکد على أن عام 2010 سيکون عام مخاطر و ازمات جديدة استثنائية لإيران خصوصا فيما لو أصر على المضي قدما بسياساته العدوانية و استمر في تطوير برنامجه النووي المقلق للمنطقة و العالم، والحق ان تجاهل النظام الايراني للمطالب الاساسية للشعب الايراني و هدره للأموال العامة في غير محلها، يکاد يتطابق تماما مع تجاهله و إستهانته بالدول العربية وإستمراره في سياساته التصعيدية ولاسيما من ناحية إستغلاله العدواني لها من أجل مآرب خاصة و مشبوهة و ان إنتهاکه للأمن القومي العربي و الامن الاجتماعي العربي، يعدان موقفا بالغ السوء و الاضرار بالمصالح العربية الاستراتيجية وان هذا النظام في الوقت الذي يساهم في إستضعاف و تفقير الشعب الايراني فإنه يدفع بتلك الاموال العامة التي سرقها من القوت الاساسي في قنوات تضر بعلاقة إيران بجيرانه العرب بشکل خاص وان بقاء الحالة هذه ليست في صالح الشعبين العربي و الايراني على حد سواء.
اننا کمرجعية سياسية للشيعة العرب نرى ان افضل حل للمشکلة الايرانية تتجلى في عودة السلطة الى الشعب الايراني و قواه السياسية الوطنية الخيرة التي تراعي و تدرك أهمية توثيق العلاقات السياسية و الاقتصادية و الثقافية مع العرب وان من صالح ايران و العرب بناء علاقات سليمة مبنية اساسا على مبدأ حسن الجوار و عدم التدخل في الشؤون الداخلية لبعضيهما واننا نرى أيضا بأن إنهاء دور هذا النظام و نفوذه في إيران هو أفضل سبيل لحل مشاکل و ازمات الشعب الايراني و کذلك تلك الاخطار المحدقة بالمنطقة و العالم من جراء سياساته العدوانيـة غير السليمة وان ذلك اليوم بعون الله و مشيئته ليس ببعيد أبدا.
· العلامة السيد محمد علي الحسيني المرجع السياسي للشيعة العرب www.arabicmajlis.org
0 comments:
إرسال تعليق