.......الأنباء الواردة تفيد وتشير إلى أن واشنطن سحبت خبرائها العسكريين المخصصين والمختصين ل وفي بناء وتنفيذ الجدار الفولاذي على الحدود بين فلسطين ومصر،كما أنها تخلت عن استكمال تمويل هذا المشروع المقدرة تكاليفه بنصف مليار دولار،وعملية التخلي الأمريكي عن استكمال البناء والتمويل تلك، لها عدة تفسيرات فهناك من يرى أن الوحدات الهندسية التابعة للحكومة المقالة في غزة نجحت في اختراق أساسات هذا الجدار على عمق 18 متراً تحت الأرض وبالتالي فهو عديم الجدوى في منع خنق غزة كلياً وحرمانها من كل مستلزمات الحياة البشرية والإنسانية،على اعتبار أن العدوان الإسرائيلي على القطاع في كانون/2008 والذي أعاد غزة إلى العصر الطيني بسبب ما ألحقته آلة الدمار الإسرائيلية من خراب ودمار في البنى التحتية والممتلكات ومنع إعادة الأعمار بفعل الحصار غير كافي،بل لا بد من عودتها إلى المشاعية البدائية،وهناك من قادة إسرائيل من تربى على هذا النهج وتحكمهم عقلية مغرقة في العنصرية والتطرف والإجرام،وبالتالي ليس بالغريب عليهم مثل هذه الممارسات والأفعال،فمن فترة قريبة هدد رجل التطرف والعنجهية في حكومة نتنياهو وزير خارجيته ليبرمان بإعادة سوريا إلى العهد الحجري إذا ما واصلت دعم وإمداد حزب الله بالسلاح.
وهناك من يرى بأن تخلي واشنطن عن فكرة استكمال بناء الجدار الفولاذي واستكمال تمويله،له علاقة بالتداعيات الناتجة عن أسطول الحرية وما أفرزه ذلك من خلق تيار شعبي ورسمي عالميين مطالبين برفع الحصار ووقف قتل أكثر من مليون ونصف مليون فلسطيني،حيث أن أسطول الحرية لكسر الحصار على القطاع،كان بمثابة المسمار الأخير في نعش ذلك الحصار.
ونحن نتفهم ولا نجد غرابة بأن أعداء الأمة من إسرائيليين وأمريكان لا يدخرون جهداً أو وسيلة من أجل قتل أمتنا وشعبنا،حيث الجدران الفاصلة العنصرية في فلسطين والعراق،ولكن ما هو غريب ومستغرب أن تتنازل دولة عربية عن سيادتها،وتسمح بل وتشارك أعداء الأمة في إقامة هذا الجدار تحت حجج وذرائع أقل ما يقال أنها مخزية وتسيء لكل عربي قبل أن تسيء لمصر صاحبة التاريخ العريق في خدمة قضايا الأمة والدفاع عنها.
فمن يهدد أمن مصر هم ليس أبناء شعبنا الفلسطيني الجياع في القطاع ولا مقاومته،بل من يهدد أمن مصر وسيادتها هم من يمتلكون الترسانات النووية على حدودها ويعبثون بأمنها القومي ويحاولون سرقة مياه نيلها من أجل تعطيش شعب مصر وتجويعه.
أن حقائق التاريخ واضحة بأن كل جدران العزل والفصل ستؤول إلى السقوط،وأن احتجاز إرادات الشعوب وطاقاتها ليست قدراً مستديماً،فهذه الشعوب والسواعد التي أسقطت جدار برلين، وتسير بخطى ثابتة نحو هدم الجدار الفولاذي على الحدود بين مصر وفلسطين والذي لم يعرف له التاريخ البشري مثيلاً،حيث عرفنا الأسوار والجدران المقامة على وجه الأرض،أما المقامة تحت الأرض ويعمق يصل إلى 20 متراً،فهذه لم تتفتق عنها سوى ذهنيات وعقليات أناس رضعوا حليب الإجرام والتطرف والعنصرية من الولادة وتشريوها وشبوا على ذلك.
أن الفضل الأساس في إسقاط الجدار الفولاذي على الحدود بين مصر وفلسطين،يعود بالأساس إلى عظمة شعبنا وصموده واجتراحه للبطولات والتضحيات،واختراع الطرق والوسائل التي من شأنها أن تخترق هذا الجدار الحصين وتجعله عدم الجدوى والفائدة،ناهيك عن أن تعاظم الحملات الدولية والرحلات البحرية والبرية لكسر الحصول من متضامنين أجانب وعرب،والتي بلغت ذروتها بأسطول الحرية لكسر الحصار الذي أشرفت على تنظيمه الحكومة التركية،وما رافق ذلك من تداعيات،حيث اعترضت واقتحمت البحرية الإسرائيلية الأسطول في المياه الدولية وعلى بعد 120 ميلاً بحرياً من المياه الإقليمية الفلسطينية، وقتلت تسعة من ركابه وأصابت العشرات،فقد شكلت تلك العملية الغبية والمجنونة نقطة مفصلية في تسارع الحصار نحو التآكل والانهيار،حيث تعاظمت وارتفعت الأصوات الداعية عربياً وإقليمياً ودولياً إلى رفعه،ووقف القتل المنظم والجماعي بحق أكثر من مليون ونصف مليون فلسطيني،بل أن الحدث دفع بدول وأعضاء برلمانات ومؤسسات حقوقية وإنسانية وأهلية ومجتمعية إلى التصميم على تسير رحلات متتابعة ومتواصلة بحرية الى القطاع من أجل فك الحصار عنه.
المجزرة والجريمة الإسرائيلية بحق أسطول الحرية لم تربك وتحرج إسرائيل وحدها،بل وضعت أمريكا وحلفاءها العرب الرسميين المشاركين في الحصار والجدار في دائرة كبيرة من الحرج والإرباك ،مما دفعهم إلى فتح معبر رفح من أجل امتصاص حالة الغضب والاحتقان الشعبي الناتجة عن ذلك،بل وزيارة أمين عام الجامعة العربية عمرو موسى جاءت في هذا الإطار والسياق،كذلك أجرت إسرائيل وأمريكا وأوروبا الغربية وعدد من دول النظام الرسمي العربي مشاورات،حول كيفية وآلية التعامل مع الحصار على ضوء المستجدات والتطورات الجديدة،حيث خلصت إلى أنه من أجل امتصاص النقمة الشعبية والجماهيرية وتفريغ حالة التضامن الدولي الواسعة من محتواها،فلا بد من تخفيف شروط الحصار،حيث تم تدارس الموضوع إسرائيليا وأمريكياً وعربياً،وعقد نتنياهو مع بلير مندوب الرباعية اجتماع لهذا الغرض،خلصوا فيه إلى أنه لا بد من البحث عن وسائل وطرق جديدة من أجل الاستمرار في ممارسة الكذب والخداع والتضليل، بما يبقي الحصار مستمراً ولكن مع ضمان نقل الكرة إلى خارج ملعبهم،بأن تعلن الحكومة الإسرائيلية عن تخفيف شروط حصار غزة،وبما لا يصل إلى حد رفع الحصار البحري عنه،واستخدام ذريعة الأمن وعدم تحول قطاع غزة إلى ميناء إيراني وتهريب السلاح للمقاومة ذريعة لذلك.
ولكن هذه الخديعة والأكاذيب والتضليل لن تنطلي على شعبنا ولا على كل دعاة الحرية والإنسانية في العالم،وعلينا أن نبني على ما تحقق من تداعيات أسطول الحرية،وأن نستمر في النضال المتواصل بكل الطرق والوسائل الممكنة والمتاحة من أجل كسر الحصار نهائياً،ومن أجل إسقاط الجدار الفولاذي الذي بدأ يتهاوى،فسقوطه وكسر الحصار عل شعبنا المحاصر في القطاع،سيشكلان محطة هامة نحو تدعيم وتصليب المقاومة الشعبية المتصاعدة يوماً بعد يوم في الضفة الغربية ضد جدار الفصل العنصري،هذا الجدار الذي يلتهم أرضنا ويدمر حياتنا ويقضي على أحلامنا وآمالنا في الحرية والدولة المستقلة،يجب أن نواصل الكفاح والمقاومة ضده وعلى كل الصعد من أجل تفكيكه متسلحين بالإرادة وبالقانون الدولي وما أقرته محكمة لاهاي الدولية من عدم شرعيته وقانونيته والدعوة الى تفكيكه وتعويض شعبنا الفلسطيني عن كل الأضرار التي نتجت عن إقامته.
ولتحقيق كل ذلك لابد أن يدرك الجميع،أن الضمانة الوحيدة لتحقيق ذلك هي الوحدة وإنهاء الانقسام وتصليب الجبهة الداخلية،فهذا وحده الكفيل بوصول شعبنا إلى أهدافه في الحرية والاستقلال.
0 comments:
إرسال تعليق