لم يكد يمضي عدة أيام على آخر مجادلة لي مع احد المعارف حتى أعلنت ايران عن نيتها بعدم إرسال أية سفينة مساعدات الى قطاع غزة المحاصر.
الاعلان الايراني الجديد بعد عدة اعلانات عن ان ايران ستسيّر سفن محملة بالمساعدات الانسانية وبسفن حربية لحمايتها من القرصنة الاسرائيلية وضعني في موقف حرج وفي حالة من الارباك.
والسبب انني كنت ادافع عن إيران بشكل مستمر، منذ ان رفعت إيران العلم الفلسطيني وأنزلت العلم الاسرائيلي وأصبح لفلسطين سفارة في قلب طهران.
وكنت لا أريد ان أصدق ان ايران تشكّل مجموعة مخاطر على الخريطة العربية. واجادل اصحاب هذه النظرية بأنه من الصعوبة بمكان ان نلمس المخاطر الايرانية ونحن في أوج صراعنا مع العدو الصهيوني الأمر الذي نحتاج معه الى دعم الاصدقاء. أي دعم قد يعدّل موازين القوى بوجه عدو يملك كل أسباب التفوّق بفعل الامدادات من حلفائه في الولايات المتحدة الامريكية وقارة اوروبا، ناهيك عن سياسات التخاذل للانظمة العربية الرسمية،مما جعل من دولة العدو الصهيوني أن تتغوّل على الشرق الاوسط كله.
وإذا كنا في السابق ونحن البيئة الاسلامية بإمتياز قد استطعنا إيجاد قواسم مشتركة للتحالف مع الاتحاد السوفياتي النظام الملحد بإمتياز. فكيف لا نستطيع الآن ان نجد هذه القواسم للتحالف مع نظام يوحّد الله صبحا ومساء وتجمعنا معه شهادة “أن لا إله إلا ألله، وأن محمدا رسول ألله”.
ولأكن صريحا اكثر فأنا تطربني تصريحات الرئيس الايراني احمدي نجاد المتعلقة بمسألة زوال اسرائيل . . يقولها وعلى وجهه ترتسم كل علامات الجدية غير آبه بالجبروت الامريكي ومن دون خوف على مصالح ايران الاقتصادية مع اوروبا التي قد تتأثر بشكل سلبي بسبب هذه التصريحات. وهي التصريحات التي يتحاشى الرؤساء العرب عن البوح بها خوفا على كرسي السلطة أولا ومن انقطاع اكياس القمح الاميركية ثانيا…
وبصراحة أكثر كنت متوجسا من تمكن “دعاة الاصلاح” من الانقلاب على نتائج الانتخابات العام الماضي وإمساكهم بزمام السلطة، مما يعني تقارب السياسة إلايرانية من سياسة الغرب الداعمة لاسرائيل.
*****
ماذا حدث.. لماذا لم تتحرك السفن الايرانية بإتجاه غزة؟
هل كانت إيران تلاعب عواطفنا ، أم تلاعب الأمن الاسرائيلي؟
أيا يكن فما كان من اللائق ان تلغي إيران سفن المساعدات الى قطاع غزة مهما كان الثمن .. وما كان من اللائق ان تنطفأ شعلة الحماس لدى القيادة الايرانية التي ولّدها الهجوم الاسرائيلي على اسطول الحرية الشهر الماضي.
ذلك ليس من أجل غزة ، فالأنفاق ما زالت تسد جوعها ورمقها، وهناك رب في الاعالي يمد رحمته للمرضى والمساكين والمعوزين.
بل من اجل ايران نفسها وصورتها ومصداقيتها والمعاني التي يحملها تحريك السفن. خاصة وأن تبريرات الإلغاء كانت واهية ومعيبة عندما يعلن ناطق بإسم منظمي الحملة ان اسرائيل لن تسمح بمرور السفن.
وهذا يدعونا للسؤال بمرارة وتهكّم: هل سيمسح احمدي نجاد تصريحاته بشأن إبادة اسرائيل لأنها ببساطة لن تسمح بذلك؟
الشعب الفلسطيني رفض من قبل سياسة المزايدات العربية…واليوم يرفض سياسة المزايدات الايرانية ومن أية جهة أتت… إن لم تقترن بالافعال الصادقة.
وبالمناسبة لماذا لم تتحرك السفن اللبنانية التي أعلن عن موعد إنطلاقها عدة مرات ، أم أن الأمر الذي عطّل السفن الايرانية هو نفسه؟
0 comments:
إرسال تعليق