– كاتب وسياسي عراقي مستقل
من غير المنطقي أن يتم الحديث عن إنهاء الوجود الأمريكي من العراق بهذه السهولة والبساطة بالشكل الذي نشاهده اليوم والمتمثل بسحب القوات الأمريكية من العراق ،والذي يُراد منه ان تبدوا عليه ملامح المرحلة القادمة في العراق بدون أي وجود أو نفوذ أمريكي مؤثر..
لذا فأن الخط الفاصل بين الوهم والحقيقة في هذه القضية رفيع جداً ، فعلينا أن نضع النقاط فوق الحروف ونحلل الأحداث وفق المنطق والمعقول ، ونتساءل ونبحث عن جوهر الحقيقة في هذه القضية، هل أن الإنسحاب الأمريكي هو هروب من جحيم العراق ؟ آم أنها إستيراتيجية أمريكا الجديدة في إدارة حربها المتعددة الأطراف على الساحة العراقية ؟ ...
خاصة وأن العراق يمتاز بأهميته الجيوسياسية في المنطقة، لذا فأن العراق يحظى بأهتمام بالغ من قبل راسموا السياسات الإستيراتيجية وصُناع القرار الأمريكي في البيت الأبيض والبنتاغون ومايعرف بالمجمع العسكري – الصناعي المُسيطر على صياغة السياسات الخارجية لأمريكا ،ويُعتبر العراق وفق تعابير قاموس المصطلحات الأمريكي بأنه من أهم المفاتيح للتحكم في منطقة الشرق الأوسط . لذا فهل من المعقول أن تفرط أمريكا بالعراق ؟
ناهيك عن ان أهمية المكانة الجيوسياسية للعراق في المنطقة تُحتم على الأمريكيين وفق أهدافهم التوسعية ضمن مايُعرف بمشروع( القرن الأمريكي الجديد )من ضم العراق إلى حزمة الدول الحليفة لهم في المنطقة او ماتُسمى"بجبهة أمريكا وحلفاءها " وبأي ثمن من الأثمان ...
لضمان مصالحها ومصالح حلفاءها في المنطقة وفي مقدمتهم إسرائيل وضمان تفردها بالهيمنة والسيطرة على أكبر منابع النفط والطاقة في العالم ( العراق والخليج العربي ) للتحكم في الإقتصاد الدولي والسوق العالمية ، وتُعد هذه السياسة من أهم سياسات الحرب المُبطنة التي تتبعها الولايات المتحدة الأمريكية كوسيلة للضغط والتأثيرعلى الانظمة والدول " المارقة " حسب الوصف الأمريكي أي التي لاتنصاع لإرادة الولايات المتحدة الأمريكية..
فضلاً عن أن العراق جغرافياً يُعتبر من ضمن دول الطوق العسكري المضروب حول ايران ( العراق ، دول الخليج ، أفغانستان ) لذا فان إفراغ العراق من الوجود والنفوذ الأمريكي يُشكل خللاً واختراقاً لهذا الطوق ، إضافة الى أن الوجود العسكري والنفوذ السياسي والإقتصادي الأمريكي في دول المنطقة يُشكل درعاً لحماية المُكتسبات التوسعية لأمريكا في المنطقة والعالم ، بالتصدي لأي دور إقليمي أو دولي منافس لها وخارج عن إرادتها ، ولمنع بروز أي قوة تُزاحم أمريكا على مكاسبها ونفوذها ، كما وان كبح جماح الدب الروسي وإفشال طموحاته المُستقبلية النابعة من الارث التأريخي للأتحاد السوفيتي سابقاً يُعتبر من أهم ضرورات الوجود والبقاء العسكري الأمريكي في المنطقة .
للمقال تتمة...
0 comments:
إرسال تعليق