الوطن اللبناني المتجذر بالتاريخ والحضارة والعطاء مهدد بكيانه وهويته ورسالته وبسلامة وأمن وحرية وكرامة إنسانه. وطننا الغالي يواجه اليوم هجمة شرسة ومجرمة تقوم بها قوى الشر الممثلة بحزب الله ودولتي الإرهاب، سوريا وإيران، ومعهم جماعات المرتزقة والكتبة والفريسيون والعشارون والإنتهازيون والأبواق والصنوج المحليون. المطلوب إسقاط النظام اللبناني التعايشي والديموقراطي واستبداله إما بأخر أصولي ومذهبي وشمولي على شاكلة نظام الملالي المفروض بالقوة والبطش على الشعب الإيراني، أو بمحافظة تابعة كلياً للنظام البعثي السوري الدكتاتوري.
إن العليق لا يثمر عنباً، بل شوكاً، والشوك القاتل هو ما يجنيه شعبنا اليوم بعد أن مشت شرائح كبيرة منه بغنمية وغباء وراء قادة اسخريوتيين وملجميين وطرواديين ماتت ضمائرهم وقست قلوبهم وسكن الخوف في عقولهم ولم يعرفوا في حياتهم لا الإيمان ولا الرجاء ولا المحبة.
قادة عبدوا المال والنفوذ والسلطة وارتضوا صاغرين موقع العبيد.
قادة كفروا بدماء وتضحيات الشهداء وتاجروا بمصير ودم وكرامة وأمن ولقمة عيش شعبهم الطيب، وها هم بوقاحة وفجور الأبالسة يمهدون الطريق لعودة المحتل السوري المجرم إلى وطن الأرز ويتنكرون بعهر الغواني للعدل والحق مقابل ثلاثين من الفضة.
يبررون انحرافاتهم وتقلباتهم بالخوف، فمما هم خائفون؟
خائفون على موقع ونفوذ وثروات، وعلى مصير جسدٍ فانٍ جُبل من التراب وإليه سيعود أجلاً أم عاجلاً، ولا يخافون وجه الله وغضبه ويوم حسابه العسير؟ ألا يعلمون أن الله الذي هو حق وعدل ومحبة وعطاء ورحمة أنه أيضاً رب انتقام وحساب؟ " لا تنتقموا لأنفسكم أيها الأحباء، بل دعوا هذا لغضب الله. فالكتاب يقول: لي الانتقام، يقول الرب، وأنا الذي يجازي. (روميه-12-19)
يخافون القتل والاغتيال والعذاب الجسدي وهم يعلمون أن من يقتل الجسد، لا يقدر أن يقتل الروح، والروح هي المهم خلاصها وليس خلاص الجسد الترابي الفاني.
"وأقول لكم، يا أحبائي: لا تخافوا الذين يقتلون الجسد، ثم لا يقدرون أن يفعلوا شيئا. ولكني أدلكم على من يجب أن تخافوه: خافوا الذي له القدرة بعد القتل على أن يلقـي في جهنم. أقول لكم: نعم، هذا خافوه. (لوقا12- 4 و5)
بسبب قلة إيمانهم، وخور رجائهم، ودناءة نفوسهم، وأطماعهم والجشع، وعمى بصائرهم وأبصارهم، وقع هؤلاء القادة في تجارب إبليس وأمسوا عبيداً أذلاء لشهوات الجسد ونزعاته وغرائزه. فقدوا نعمة الحرية التي منحها لهم الخالق وقبلوا بذل وإهانة نير العبودية. "فالمسيح حررنا لنكون أحرارا. فاثبتوا، إذا، ولا تعودوا إلى نير العبودية". (غلاطية 5/1)
يرون ممارسات وهرطقات وتعديات أهل الشر ومنظماتهم وميليشياتهم ودويلاتهم تطاول أهلهم ومناطقهم وسلطة الدولة وكل مؤسساتها ولا يقاومنهم، بل يستسلمون لهم بجبن وخساسة. يستسلمون لمشيئة الأشرار ولإملاءات جماعات الإرهاب والأصولية. يشاهدون الاعوجاج والمنكر بكل متفرعاتهما الشيطانية من استكبار وإرهاب ونفاق ولا يفعلون شيئاً، بل يتخلون عن كل ما هو كرامة وعزة نفس وشهامة ويستسلمون: (قول كريم منقول عن أبي سعيد الخدري: "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان".
دون أن يرمش لهم جفن يخونون الأمانة الشعبية التي منحهم إياها الناس في صناديق الاقتراع من أجل حماية أمن وسلامه واستقرار الوطن والحفاظ على دستوره واستقلاله والذود عن الحريات والحقوق والديموقراطية فيه. يرضخون للخوف وهم لا يخافون الله ولا يحسبون حساباً ليوم الحساب حيث سيكون البكاء وصريف الأسنان. يقول في أمثالهم النبي اشعيا 3/12: "شعبي ظالموه أولاد وحاكموه نساء. آه، يا شعبي! قادتك هم يضللونك ويمحون معالم طرقك".
إنه فعلا زمن المحل، وكما يُقال في جبالنا الأبية "في زمن المحل بتنط العنزة على الفحل". إنه فعلاً زمن الكفر والوقاحة والجحود والانحطاط والتخلي. إنه الزمن الردي، زمن صغار النفوس والجبناء والمارقين ومزوري إرادة الأحرار. إنه زمن أشباه الرجال حيث فسدت الأخلاق وعُهِرت وانقلبت المعايير.
"وأجعل الصبيان حكاماً لهم والسفهاء أسياداً عليهم. ويقوم الشعب بعضهم على بعض وواحدهم على الآخر ويستخف الصبي بالشيخ، واللئيم بالكريم" (اشعيا 4 و5)
يعملون على تفريغ ثورة الأرز من محتواها والتنكر لدماء الشهداء الذين سقطوا من أجل أهدافها الوطنية والإنسانية النبيلة، ويجهدون لتعطيل عمل المحكمة الدولية بهدف تفلت المجرمين والقتلة ومن يقف وراءهم من العقاب. يهددون الأحرار والسياديين ويخيرونهم بين الاستشهاد والعبودية، وبين العدل والأمن. ضعاف النفوس وقليلو الإيمان رضخوا وانصاعوا وبدلوا مواقفهم وأمسوا أدوات طيعة في خدمة مشروع دويلة الفقيه الهادف إلى إسقاط النموذج اللبناني التعايشي والحضاري.
لقد تنكر حزب الله ومن خلفه أسياده في دمشق وطهران ومعهم جماعات المرتزقة المحليون الذين يسيرون في ركبهم، تنكروا جميعاً للعهود والوعود والاتفاقيات ويتوهمون أن الفرصة سانحة لإعادة احتلال لبنان وضمه لمحور الشر، إلا أن حلمهم هذا هو تماماً كحلم إبليس بالجنة. "لا صديق لمتلون، ولا وفاء لكذوب، ولا راحة لحسود، ولا مروءة لدنيء" (الإمام علي).
أن أصحاب الإيمان من أهلنا وهم كثر، فصامدون بإباء وعناد وبإذن الله سيتصدون للهجمة الإرهابية السورية – الإيرانية، ويمنعون عودة قوى الاحتلال لحكم وطنهم، وسوف يحولون دون إسقاط الدولة اللبنانية ويردون الأشرار على أعقابهم منكسرين وخائبين لأن الشر في النهاية يأكل نفسه، ولأن من يدحرج حجراً يرتد عليه.
0 comments:
إرسال تعليق