........ يبدو أن القمة العربية القادمة لن يتمكن من حضورها الكثير من أصحاب الفخامة والجلالة والسمو الحاليين،ولن ينالوا شرف الولائم والعزائم والكرم العربي الأصيل ولا الرقص بالسيف أو ممارسة رياضة ترويض الصقور والنسور أو التمايل على أنغام رقصة الحجالة،أو الضحك والتهريج مع أفلام وشطحات المجرم معمر القذافي،فجزء كبير منهم ينتظر أن يساق هو وأفراد عائلته إلى المحاكم بتهم القتل والفساد وإزهاق أرواح العباد،حيث أن الأرض ضاقت وتضيق عليهم بما رحبت هم وأفراد عائلاتهم،حيث تجمد أموالهم وممتلكاتهم في البنوك العالمية من الملايين والمليارات المسروقة والمنهوبة،ولن ينفع هؤلاء القادة المبشر معظمهم بجدة كملاذ آمن،وسيجبرون صاغرين على المثول أمام المحاكم في دولهم أو المحاكم الدولية بسبب ما ارتكبوه من جرائم أقلها السرقة والفساد ونهب وإهدار المال العام،ولتنتهي عند جرائم تعذيب وقتل وسجن المعارضين وغير المعارضين من أبناء شعوبهم،ورجل مخبول كالقذافي لا اعتقد أن هناك بلد سيقبل أن يلجأ إليه،بل سيقتله أبناء شعبه الذين وصفهم بأقذع ما حوى قاموس اللغة العربية من ألفاظ بذيئة ومهينة أو يقدم على الانتحار، وفي كلا الحالتين هذه عقوبة مخففة لمجرم مثله يقتل ويحرق أبناء شعبه،فمثله يجب أن يقتل رجماً ب"الصرامي" الأحذية العتيقة بعد أن يتم صلبه على أبواب العزيزية،فعهد الخيم والنوق والجمال والحارسات السمراوات والمدلكات الأوكرانيات والبنات الايطاليات المرتديات "الميني جوب" واللواتي يجلبهن له الرئيس الإيطالي الماجن" برليسكوني" ليهديهن إلى الإسلام ويوزع عليهن الهدايا والقرآن بالايطالية أظنه قد ذهب إلى غير رجعة،ولم يعد بمقدور ابنه هانيبال أن يمارس صخبه وحفلاته الماجنة في الفنادق والمطاعم والشوارع الأوروبية الغربية بدون حساب أو عقاب.
كما لم يعد بمقدور رئيس الحزب الوطني الحاكم في مصر سابقاً احمد عز والمسجون حالياً بتهم الفساد والثراء غير المشروع ونهب وإهدار المال العام،أن يستعبد العباد على الشكل الذي رأيناه بتوظيف مواطن غلبان يلبسه ويحمل له الحذاء في كل جولاته وشطحاته،كما أن ولي نعمته البائد حسني اللامبارك لم يعد بمقدور معشوقته هو وبقية الجوقة من زعماء معسكر الاعتدال" الاعتلال" العربي وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة "تسيفي ليفني" ان تصرح من قلب قاهرة المعز بأنها ستسحق المقاومة الفلسطينية في غزة.
وكذلك الرئيس اليمني على عبد الله صالح والذي يبدو ان الدائرة دائرة عليه لا محالة،يحاول جاهداً أن يتقي عاصفة التغير بالوعد والعمل على إصلاحات من شانها تعديل الدستور وإلغاء نظام التوريث والتجديد،وأظنه لن ينجح في ذلك وتذكرته وبدون عودة إلى العاصمة السعودية الرياض قد حجزت ليلحق ببن علي.
أما الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة،فيحاول استباق العاصفة بالعمل على إلغاء قانون الطوارئ وتلبية العديد من المطالب الجماهيرية والشعبية،وخصوصاً أن فزاعات الإسلاميين والتآمر والأجندات الخارجية والأجنبية قد سقطت،كما أن الجماهير قد كسرت حاجز الخوف،وأصبحت قادرة على دفع ثمن حريتها وانعتاقها من أنظمة القمع والقهر دماء وتضحيات وشهداء ومعتقلين.
نعم القمة العربية القادمة ستتحرر من كثير من الأسماء التي حولت مؤتمرات القمم العربية إلى مجال للتندر والضحك وأفرغتها من مضمونها ومحتواها،ولم يعد يحظى انعقادها باهتمام المواطن العربي،والتي كان يرى فيها اجترار وتكرار لنفس الديباجات والإنشاء وحتى البيانات الختامية،وقراراتها كانت يجف حبرها مجرد انتهاءها وتجد طريقها مباشرة للأرشيف والأدراج،كما انها كانت تسهم في المزيد من شرذمة وتفكك الوضع العربي،بسبب سياسة المحاور والأجندات والمصالح الخاصة والقطرية.
إن القمة العربية القادمة المأمول عقدها بعدما تستكمل رياح التغير الثوري العربي كنسها للمزيد من الزعامات العربية التي حولت أوطانها إلى مزارع وإقطاعيات وممالك خاصة،قمعت وأذلت الشعوب ونهبت خيراتها وثرواتها وأهدرت كرامتها وسيادتها الوطنية وقزمت من دورها وحضورها وتأثيرها إقليمياً ودولياً،بل وأبعد من ذلك تحالفت وتعاونت واشتركت مع الأعداء في عدوانها على واحتلال شعوبها ودولها كما هو الحال في العراق.
نعم نريد قمة عربية متحررة من كل هذه الطواغيت،قمة تعيد للأمة مجدها وكرامتها وعزتها،قمة توحد وتنهض بالأمة من محيطها لخليجها،قمة تحضرها قيادات تعبر عن إرادة شعوبها،عندما تتخذ قراراتها تعرف بأنها ستكون قادرة على ترجمتها إلى أفعال على ارض الواقع،قمة تلزم أمريكا وأوروبا الغربية وإسرائيل باحترام وحساب ألف حساب لقراراتها،لا كما هو حال القمم السابقة التي كانت وما زالت أمريكا وإسرائيل تركلان مبادرتها العربية للسلام من قمة الى أخرى،بحيث أضحت كالنعش الطائر يجري ترحيلها من قمة الى أخرى،وأصبح بقاءها أو سحبها من التداول سيان.
قمة تتعامل مع أمريكا وأوروبا الغربية بلغة المصالح،بحيث تجعلها تحسب ألف حساب للموقف العربي،بدل الدعم اللامحدود والمتواصل وتوفير المظلة والحماية لإسرائيل في خروجها وانتهاكها السافر للقانون والشرعية والدولية،وعدم معاقبتها أو محاسبتها على ما ترتكبه من جرائم وانتهاكات بحق الشعب الفلسطيني،فلو كان مثل هذا الموقف العربي متوفر،لما أقدمت أمريكا على أخذ واستخدام حق النقض "الفيتو" ضد مشروع القرار العربي- الفلسطيني الذي عرض مؤخراً على مجلس الأمن الدولي لاعتبار الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس غير شرعي والعمل على وقفه.
قمة تحضرها قيادات وزعامات عربية،تعبر عن إرادة جماهيرها،كما هو الحال في تركيا،حيث أن الزعيم التركي أردوغان وجه أكثر من لطمة وصفعة لإسرائيل وأدان مواقفها وجرائمها ضد الشعب الفلسطيني دون خوف او خشية على كرسي عرشه،بل كانت مواقفه مثار اعتزاز وافتخار ودعم الجماهير التركية.
بانتظار أن تستكمل دائرة ورياح التغير الثورية العربية دائرتها ودورتها على بقية أنظمة الطواغيت والاستبداد العربي،نريد قمة عربية مختلفة عن كل القمم الشكلية العربية السابقة،والتي كانت تصيب المواطن العربي بالدوار والتقيؤ،قمة تجعل الإنسان العربي أغلى ما نملك،تصان حقوقه وحرياته في الرأي والتعبير والتعددية،قمة تمنحه حقوقه الاقتصادية والاجتماعية،قمة تجعل امن الوطن والمواطن في قمة سلم أولوياتها،قمة تجعل تحرير الأوطان العربية المحتلة من فلسطين للعراق هدف مركزي لها،قمة تدعم وتساند وتشرع المقاومة،لا تحاصرها وتقمعها .
0 comments:
إرسال تعليق