لم تعد المنابر والخطابات الرنانة تفيد ولا استعمال القفازات تنقذ البلاد من البلاء القادم؛ الإعتذارات الهاطلة لم تعد تكفِ ولا البيانات والتحذيرات الدينية أيضاً، والناس، الذين باسمهم تتكلمون، سئموا تهاونكم وترددكم في كل أمرٍ تقومون به.
سنوات طويلة انقضت وأنتم في الحكم لم تتمكنوا من تحقيق أمنية واحدة من أماني الشعب. جُلَّ ما قمتم به هو الدفاع عن أنفسكم أمام سيل الاتهامات التي انهمرت فوق رؤوسكم ما جعلكم أُلعوبة في أيدي أحجار الداما ( وليسَ الشطرنج ) التي يديرها ويحرّكها مَن يدّعي الأُخوة والصداقة.
يُخْجلنا حقاً القول أنكم أثبتم، على مدار السنوات السابقة أنكم غير مؤهلين لحكم البلاد والمحافظة عليها أمام الهجمات المتلاحقة لإسقاط النظام وتحويله إلى دكتاتورية، لا ديمقراطية، وحبّذا لو أنها ستُدار من مَن كان ولاؤهم وانتماؤهم لبناني؛ ولكن المؤسف أنهم، هم أيضاً، مشتتو الولاءات والانتماءات، فمنهم من كان ولاؤه إلى الأعاجم ومنهم كان ولاؤهم إلى "الشقيقة" ومنهم أيضاً من كان ولاؤه شبقٌ هستيري غير مسبوق إلى الحكم والانتقام، بالطبع لن ننسى بعض الوصوليين والهامشيين والانبطاحيين الخ...
مع كل ما ذكرنا، نجدنا ملزمين الإقرار بأن وجودكم، مع سيئاتٍ ارتكبتموها عن حسن نيّة ربما، يبقى شرٌّ لا بد منه وأفضل من شرٍّ مُستطير ينتظر لبنان على أيدي أناسٍ أسلموا أنفسهم لشياطين العهر السياسي وباعوها لأعداء ثورتكم الكبرى.
... . ...
ما يحصل حواليكم مِن تحركاتٍ شعبية تهزُّ عروشاً وتسقط أنظمة يجب أن تأخذوا منها العبر. ونلفتكم إلى أن الساعين للإستيلاء على الدولة، منذ الآن، ويشبّهون ذواتهم وأتباعهم بما قامت به جماهير الشعب التونسي أو المصري ويجيّرون لأنفسهم إدعاء بأنهم هم مَن ثاروا على الظلم الذي اتهموكم به، ونرى صغارهم والكبار، أضحوا فوارس الغَلَبّة والإنتصار.
ما تقومون به من مماحكات حول الحكومة المتوَقع تشكيلها بين يومٍ وآخر، لا يمكن وصفه بالعمل السياسي بل هو استمرار في تصرّفٍ جرى إفشاله في أكثر من مرحلة، فلماذا المكابرة والتصرّف النبيل إزاء رعاعٍ ليس للنبل عندهم مكانً.
أنتم تعلمون ونحن أيضاً مدى الدجل والخداع الذي يستعملونه من أجل تماسك أنصارهم ومؤيديهم، لا لشيء بل رغبةً في تحويل انتباه العالم عن انقلابهم الأسود، وانتم أيها السادة عن كل هذا لاهون في تدبيج الخطابات والاستمرار في المماحكات فيما الانقلابيون مستمرون في قضم كل سانحة ضعف عندكم.
إن رئيس المكلّف لن يفلح في التخلص مما ارتهن أو رُهِنَ بقبوله الوساطة وسيجد نفسه ملزماً باستكمال نهجه الوساطي تحت ضغوطات ظاهرها محلي (أفواج المعارضة الانقلابية) وباطنها مظروفٌ من خلف الحدود، والشكوك تنتابنا في أن رئيس الجمهورية لن يستطع التملص من القبول إلاّ إذا تغيّرت الظروف الراهنة فحجّمت باطن تلك الأفواج كما ظاهرها!
نحن نفهم أنكم أم الصبي وأنكم على استعداد للتضحية بالنفس من أجل الإبقاء على حياته ولكن لا يمكن لهذه الأم أن تنتحر قبل أن تتأكد من أن حياة وحيدها ليست في خطر قاتل، والأجدر بكم توَخّي الحكمة والحذر كيما تتخذوا المبادرة للاتقلاب على انقلاب الدكتاتورية الأسود قبل أن تجيِّر لنفسها النصر فينفلت الملق الشعبي من أيديكم وتستعيد ثورة الأرز موقعها وليتفضّل زعماء أفواج المعارضة الانقلابية باستدعاء المقاومة الإلهية لمعاودة سلسلة الاغتيالات..
صانك الله ... لبنان
0 comments:
إرسال تعليق