الثـــورة أولا/ أنطـــوني ولســـن

"الثورة أولا" شعار نادت به جموع المحتشدين في ميدان التحرير يوم الجمعة الماضي الثامن من شهر يوليو عام 2011 ، بعد أن كان المتفق عليه بين شباب الثورة والمؤيدين لها ولمطالبها أن يكون شعارها الدستور أولا . أي أن يتم إعداد الدستور وتفعيله قبل الإنتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها في شهر سبتمبر القادم من هذا العام 2011 .وسبحان مغير الأحوال من حال إلى حال .
"الثورة أولا" شعار له وقع خاص على العين عندما تراه وتقرأه وعلى الأذن عندما تسمع المحتشدين تردده ، ويوحي إليك بأن شيئا ما لا نعرفه كاد أن يطيح بالثورة أو يماطل في مطالبها المحددة وغير المحددة فشباب الثورة ليست لديهم الحنكة السياسية التي لغيرهم من مراوغة وأكاذيب وتغير إن كان في المبدأ أو الفكر مع التلون حسب طيف السلطة التي بيدها الأمر .
ثورة الشباب منذ اليوم الأول وهي تواجه رياحا وأعاصيرا عاتية تريد إقتلاعها من جذورها لأنها كانت في البداية تمثل ثورة شعب فاض به الكيل وطفح ، ولم تكن ثورة فئة من فئات الشعب ، ولم تكن إنقلابا قام به بعض من رجال القوة مثل الجيش أو الشرطة ، ولم تكن ثورة دينية أريد بها تحويل مصر من دولة مدنية إلى دولة دينية ، بل لم يكن للمسيحين المشتركين مطالب فئوية لما يواجهونه من غبن وتهميش وإضطهاد . لكن كان الجميع على قلب رجل واحد هو تغير النظام من أول رأس النظام إلى جميع المؤسسات التنظيمية والبرلمانية والسياسية القائمة والتي تسببت في فساد المجتمع المصري وأهدرت المال العام ، وأهم شيء كان إعادة كرامة الأنسان المصري التي أنتهكت .
منذ اليوم الأول الذي تجمع فيه عشرات الألاف من الشباب والشبات وخروج الجيش المصري بعد ذلك والذي أظهرت قيادته الروح الوطنية الحقيقية في حماية الشباب على الرغم من أن القائد الأعلى للقوات المسلحة المشير محمد حسين طنطاوي الذي هو في الوقت نفسه وزيرا للحربية والذي يأتمر مباشرة في حالة توترات أو أخطار تهدد مصر والأمن المصري من رئيس الجمهورية رأسا لكننا وجدنا القوات المسلحة المصرية كانت درعا حاميا لشباب الثورة وتواجده كان فقط لحماية أمن مصر داخليا ومساعدة الشرطة في ذلك الأمر . وبهذا تميز الجيش المصري عن بقية جيوش الدول العربية التي ثار شعبها على حكامهم مما دفع بالحكام إقحام الجيش للتصدي والإعتداء على الثواروكانت مذابح ودماء أبرياء دون تفرقة بين رجل وإمرأة ، طفل وشيخ أو رضيع والذي مازالت الجيوش تأتمر بأوامر الحكام .فما الذي جعل الجيش المصري مختلفا عن بقية جيوش العرب ؟؟
الجيش المصري كانت له تجربة سابقة مع الحاكم المصري على مختلف العهود والتي أخرها مع الملك فاروق رحمه الله بعدما إستشرى الفساد ، مع الأحداث التي مرت بها مصر والمنطقة وأهمها حرب فلسطين فقام بإنقلابه بعد أشهر قليلة من حريق القاهرة في 26 يناير عام 1952 والذي تشير أصابع الإتهام إلى الإخوان الفاعلين والمحرضين لذلك الحريق فكان إنقلاب العسكر في 23 يوليو من نفس العام 1952 ولم يحدث أن أريقت أي نقطة من دماء المصريين لا من الجيش ولا من أي قوة كانت مؤيدة للملك ولا حتى من الأنجليز الحكام الحقيقين لمصر . لأن الجيش المصري منذ تكوينه حتى الأن وإلى الأبد لا ولن يطلق طلقة واحدة ضد أي مصري تحت أي ظرف أو ضغوط .وهذا ما حدث مع ثورة شباب 25 يناير .
بعد ما يقرب من خمسة أشهر من قيام الثورة حدثت أحداث كثيرة وكان للجيش المصري الذي تولى شئون إدارة البلاد " لا أميل إلى كلمة حكم " سلبيات تجاه الأحداث أكثر من الإيجابيات منها على سبيل المثال لا الحصر ، ما سمي بموقعة الجمل على الرغم من وجود قوات الجيش والشرطة معا إلا أن أي منهم لم يتحرك للتصدي مما تسبب في سقوط الكثير من الضحايا بين قتيل وجريح ولم نعرف أو نسمع شيئا عن سبب ذلك التقاعص . أطلق الجيش أيادي السلفيين في المجتمع المصري تفرض فكرها السلفي الوهابي فرضا على المصريين مسلمين ومسيحيين من هدم الأضرحة إلى التهديد ومطالبة مسيحي قرية أطفيح بترك القرية ، بل أنهم قاموا بحرق وتدمير الكنيسة وفي هذه الحالة تدخل الجيش ولم يكن تدخله قائما على البحث عن الجناة والقبض عليهم وتقديمهم لمحكمة عسكرية كما فعلوا مع مسيحي إعنرض على المجلس الأعلى وقال رأيه على مدونته الإلكترونية فتم القبض عليه ومحاكمته بمحكمة عسكرية وعلى ما أعتقد حكم عليه بالسجن لمدة 3 سنوات بينما من حرق ودمر وهدد وقتل لم يبتعدوا عن موقع الحدث وبكل جرأة تم التعامل معهم على أنهم أصحاب حق لا متهمين وكان تدخل الجيش فقط للحيلولة دون وقوع إصطدامات بين أهالي القرية من مسيحيين ومسلمين .. ولا أحد ينكر أنه فعل يشكر عليه الجيش ، لكن لم تتحقق العدالة كاملة على الرغم من تعهد المجلس الأعلى بإعادة بناء الكنيسة وتدخل مشايخ السلفين في الأمر مما جعل الناس التي يهمها أمر مصر تضع علامات إستفهام كبيرة وكثيرة على ما حدث في أطفيح وما شابه من أحداث لاحقة كان للجيش فيها نفس الشيء طبطبه على الفعلة والجناة مع عدم أخذ الأمر على إنه جناية يجب العقاب فيها بالقضاء لا المشايخ وتولي الدولة تكاليف إعادة بناء الكنيسة وما لحق خزينة الدولة من خسارة مالية أثناء الوقفات الإحتجاجية ضد تعين محافظ قبطي في قنا .
ولا نعرف لماذا يصر المجلس الأعلى على أن تكون الإنتخابات البرلمانية أولا قبل الدستور على الرغم الحجة التي يتمسك بها حتى يعود إلى ثكناته غير مقنعة وهو بهذا يكون قد أصم أذنيه عن مطالب الأغلبية من الشعب ومن الأحزاب اللبرالية التي تنادي بالدستورأولا ، فهل يفعل هذا من أجل عيون الإخوان لإنهم منظمون ومستعدون ومكسبهم مضمون أكدته إنتخابات نقابة الصيادلة والتي تمت مؤخرا؟؟!!
ومما يؤكد شكوكنا أن الإخوان عندما أعلن إئتلاف الثورة أن المليونية ستكون من ضمن مطالبها أن يكون الدستور أولا مما جعل الإخوان يعلنون مقاطعتها وجعل الرئيس المحتمل ترشحه لمنصب رئيس الجمهورية د. محمد سليم العوا يقاطعها أيضا . لكن عندما تغير الوضع وأصبح شعار المليونية " الثورة أولا " رأينا الإخوان أول من ذهبوا إلى ميدان التحرير وقوبلت جموعهم بالرفض من الشباب بل ومنعوهم من وضع منصتهم وطردوهم وهم مرددين في هتاف جماعي " إمشي .. إمشي " مما حدى قياداتهم بترك الميدان تاركين الحرية لشباب الإخوان في البقاء أو الرحيل وكان من ضمن الحاضرين د. العوا الرئيس المحتمل ترشحه لإنتخابات الرئاسة والذي غادر أيضا الميدان مع من غادروه مبكرا من قيادات الإخوان .
أشياء عجيبة تحدث ولا نعرف لها تفسيرا . د. العوا الذي كان عضوا في اللجنة المشكلة في السودان لوضع الدستور في عهد وزارة السيد صادق المهدي والذي شجع على تنفيذ الشريعة الإسلامية بحذافيرها من رجم وقطع أيدي وما شابه .. مما ساعد على إنفصال الجنوب وتكوين جمهوريته المستقلة والتي إعترفت بها مصر كثاني دولة بعد السودان . فهل بترشحه وخاصة أنه " العوا " جاء ترتيبه الثاني في الأستفتاء الذي أجراه المجلس الأعلى للقوات المسلحة يكون خيرا لمصر والمصريين ؟!.وياترى أيدي من من المصريين ستقطع !! هل عند سيادته فكرة مسبقة عن من سيطبق عليه أحكام الشريعة من المصريين ؟
حرام عليكم .. جنوب السودان لم ينفصل لأن إسرائيل تؤازره أو تشجعه ولا أميركا ، لكنه إنفصل من تعنت وتعصب حكومة الشمال ؟ وليس أيضا لأنه مسيحي ، لأن هناك مع المسيحيين مسلمين يعيشون معهم رافضين أيضا ما يحدث في الشمال .
وها هو الأستاذ موريس صادق وجماعته يطالبون بجمهورية للأقباط في مصر مستقلة . فهل سألنا أنفسنا لماذا يحدث هذا ؟؟
طبيعي إتهامه بالخيانة والعمالة مع أميركا وإسرائيل ؟ لكن عندما يتعامل الإخوان مع أميركا فهو شيء وطني جدا ومباح . لأنه تعامل الكبار وليس الأقزام .
لأنهم هكذل يفكرون ...

CONVERSATION

0 comments: