ليست المناكفات السياسية ولا التعصب الحزبي وتوزيع المسميات والمناصب، هي فقط من يعيق المصالحة الفلسطينية، وقد يكون الفيتو الأمريكي الداعي لقبول حماس بشروط الرباعية وهو خلاصة الجهود الأمريكية الصهيونية والأوروبية التي حيكت خيوطها لتلبي الحاجة الصهيونية الأمريكية ولابتزاز قرارات فلسطينية سياسية عبر الحصار السياسي والاقتصادي على غزة ومهاجمتها عسكريا وتوظيف الهيمنة الأمريكية العالمية وسيطرتها على المحافل الدولية بالفيتو الأمريكي لعل ذلك يبدو سببا رئيسيا تتداول المقالات والتحليلات السياسية لظواهر الواقع الفلسطيني . هذه المواقف ورغم كونها من صميم الفكر السياسي الصهيوني الأمريكي ،إلا أنها لم تأتي من فراغ ولكنها جاءت مستغلة مواقف عربية عاجزة وموقف فلسطيني لم يجرؤ أن يحلم بمثله أي صهيوني قبل ألان،انقسام سياسي فلسطيني حاد لا يبدو أن يكون حلة سهلا ولا قريبا،والاهم من ذلك كله فقدان المرجعية السياسية الوطنية للشعب الفلسطيني شرعيتها الشعبية والقانونية والوطنية واصطفاف من يدعون تمثيل الشعب الفلسطيني إلى جانب مغاير لا يخدم القضية الوطنية الفلسطينية وقد جرد نفسه من خيارات شعبه وتقزم متقمصا هالة القديسين والبؤساء على فتات موائد اللئام وذئاب الأفاق ومجرمو الحروب.
وهذا الواقع الفلسطيني بل والعربي كان نتيجة وسببا لتهميش المرجعية السياسية والوطنية للشعب الفلسطيني والقفز بها إلى ما بعد مرحلة التحرر والوطن ما يزال محتلا وغير محرر .
بل إن غياب المرجعية الوطنية كفيل بتمزيق وحدة وكيان أي شعب واندثاره ولا وجود لأي شعب بدون مرجعية وطنية تجمعه وتحمي مكوناته وتسعى لتحقيق أهدافه.
لذا رأينا ومنذ بدء مسلسل المصالحات الفلسطينية في العام 2005الفشل السريع لها وتكرار هذا الفشل لأكثر من ثمان جولات لاحقة وكان أهم أسباب الفشل في إتمام المصالحة هو الخلاف حول المرجعية السياسية والوطنية والتي كانت منظمة التحرير وميثاقها الوطني قبل حذف بنوده التحررية والسيادية وبتعليمات أمريكية ومؤسساتها السياسية والعسكرية والإعلامية قبل استبدالها بوزارات أوسلو تقود حركة النضال الوطني الفلسطيني بمفاهيمه الشاملة لكافة أوجه النضال .واستطاعت منظمة التحرير أن تحقق انجازات هامة وان تحافظ على الكيان الوجودي المعنوي للشعب الفلسطيني.
وفي هذه المرحلة المطلوب دوليا وصهيونيا أن تظل منظمة التحرير اسم على غير مسمى وتؤدى أدوارها التمريرة بلا نقاش. ومحظور على الفلسطيني أن يطالب بمرجعية وطنية أو تفعيل أشلاء م.ت.ف. حتى ولو كانت المصالحة الفلسطينية ووحدة الشعب الفلسطيني هي الثمن. وان يبقى الشعب الفلسطيني ونتيجة لغياب مرجعيته الوطنية يدور دوران الاضمحلال الأخير والقاتل.فالمرجعية تعني الالتفاف الوطني حول برامج سياسية وأساليب نضال ميدانية وخطاب فلسطيني موحد إلى العالم ومؤسساته الدولية.والسهام كلها موجهة إلى هذا القلب المرجعي للشعب الفلسطيني
ولخطورة وأهمية المرحلة الحالية والمراحل القادمة أصبحت الحاجة إلى وجود المرجعية الوطنية مطلب وطني وشعبي ملح، ومكونات هذه المرجعية حاضرة وضروريتها واجبة.،والحديث هنا يدور عن مرجعية سياسية وطنية تقود الفعل النضالي الفلسطيني ويسبقها مؤتمر وطني فلسطيني شاملا الفصائل الفلسطينية والقوي الوطنية والمؤسسات المدنية والشخصيات الوطنية المستقلة.
ولا نتحدث عن مرجعية فصائلية أو حزبية تحمل فكرا أيدلوجيا علمانيا أو إسلاميا أو قوميا أو امميا ولكنها وفي هذه المرحلة التحررية تأخذ بجميع هذه الإبعاد وتوظفها في معركة التحرر .. الجميع ألان في مرحلة التحرر والوطن يتسع للجميع بشتى توجهاتهم ومشاربهم السياسية والفكرية، والذين امنوا بالوسائل النضالية لتحرير الأرض هم شركاء ألان في معركة التحرير.
ولا تسعى هذه المرجعية إلى سلطة قبل التحرير ، ولكنها تقاتل لتحرير الأرض وبناء الوطن الفلسطيني المستقل ومؤسساته الوطنية.وهى مرجعية نضالية مقاتلة هدفها تحرير الوطن أولا عبر الوسائل النضالية الثابتة التي لم تتحرر الشعوب إلا بها، لتكون المرجعية الوطنية والشعبية للفلسطينيين جميعا في فلسطين المحتلة للعام 1948 والصفة وغزة والشتات ،والمعبرة الحقيقية لأمال وتطلعات الشعب الفلسطيني ومحدثة التحول الكبير لأنقاض القضية الوطنية الفلسطينية وتصحيح مسارها لتعود القضية الحاضرة في الوعي والوجدان العربي والإسلامي بعيدا عن أنظمة الحكم الرسمية العربية ،ومزايدات ورهانات بعض الفئات الفلسطينية
*جمال البطراوي/عضو المكتب السياسي لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني
0 comments:
إرسال تعليق