مما لا شك فيه أن النظام السوري كان ولا يزال مباشرة أو مواربة وراء كل القلائل والإشكالات والحروب والاغتيالات والصعاب والأزمات التي واجهها لبنان منذ انتهاء حقبة الانتداب الفرنسي وحتى يومنا هذا. إنه وبسبب أطماع هذه الشقيقة الشقية ورزم أحقادها ومخططاتها المخابرتية الدنيئة لا يزال وطننا الحبيب في حالة من الفوضى واللادولة، والأمر هذا لا يحتاج للكثير من الذكاء أو التحليل لأن الأمور واضحة وضوح الشمس. سوريا لا زالت تعيش وهم كون لبنان محافظة سورية وكل ممارساتها مبنية على هذه الخلفية السرطانية.
خلال ال 28 سنة من احتلالها النازي والهتلري والإجرامي للبنان الذي انتهى نظرياً سنة 2005 لم تترك سوريا قباحة أو شناعة أو هرطقة إلا ومارستها، فهي قتلت وأرهبت وخطفت وعذبت واضطهدت وهجرت وجنست وأبعدت وأفقرت ونهبت وظلمت وافترت وفرقت وأقامت دويلة حزب الله والدويلات الفلسطينية وحاولت بكل الوسائل الإبليسية إلغاء كل ما هو لبناني، وهي حالياً مستمرة بكل أعمالها الإرهابية والتخريبية.
يوم الثلاثاء في 24 آب/10 كانت سوريا كما يرى العديد من السياسيين والمحللين وراء الاشتباكات الدامية التي شهدتها منطقة برج أبي حيدر البيروتية بين مقاتلي حزب الله وجمعية المشاريع الخيرية الإسلامية (الأحباش).
ماذا تريد سوريا من لبنان، ولماذا تشعل حرباً بين حليفين لها؟ ببساطة متناهية تريد إظهار اللبنانيين بالعاجزين عن حكم أنفسهم والمتحاربين والمتناحرين فيما بينهم. هي تسعى باستمرار لإخافة الشرائح اللبنانية من بعضها البعض لذلك تشعل الحرائق والحروب فيما بينهم ومن ثم تعرض عليهم دور الاطفائي. هذا هو الدور السوري، دور مشعل الحرائق والإطفائي منذ انتهاء حقبة الانتداب الفرنسي.
حالياً يتوهم السوري أن الظروف العربية والدولية والمحلية مواتية لعودة جيشه إلى لبنان، ومعارك الثلاثاء في بيروت تأتي في هذا السياق. في أسفل مداخلة للمحلل والكاتب السياسي محمد سلام تعليقاً على اشتباكات برج أبي حيدر أذيعت يوم الأربعاء 25 آب/10/عبر برنامج ما قبل الأخبار من تلفزيون المر ولم تأتِ على ذكرها أية وسيلة إعلامية في لبنان لأن الرجل وضع إصبعه على الجرح وسمى الأشياء بأسمائها دون لف أو دوران.
باختصار، طالما بقي في لبنان مفكرين وسياسيين ومواطنين من أمثال محمد سلام، حماه الله، لبنان الدولة والرسالة والحريات والسيادة والديموقراطية والانفتاح والتعددية، هذا اللبنان باق بإذن الله ولن تقوى عليه كل مخططات الأبالسة. إن النظام السوري ذئب مفترس وهو مستمر في قتل رعاتنا وقادتنا بهدف تشتيتنا وبالتالي لا يجب أن يؤتمن على خرافنا.
بالصوت/اضغط هنا للإستماع لمداخلة محمد سلام/8 دقائق/وزندوز ميديا بلير
في أسفل نص المقابلة الحرفي:
سؤال مقدم البرنامج أنطوان سعد: في اشتباكات أمس هل كان المعطى مذهبي باعتبار أن جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية (الأحباش) هي فصيل سني وحزب الله فصيل شيعي؟ وهل المعطى المذهبي هو ما جعل الإشكال يتفاقم أم أن هناك خلفية سياسية ما وراء هذا الإشكال؟
جواب محمد سلام: بواقع الحال مضطرين التحدث بالتوصيف المذهبي وليس في الغاية المذهبية لأن للطرفين علاقة بمذاهب سياسية في البلد. إن ما جرى يوم الثلاثاء في برج أبي حيدر كان 7 أيار إيراني استهدف سنة سوريا، نعم بهذا الوضوح السياسي جاء الإشكال. أما 7 أيار 2008 فكان عمل سوري وإيراني استهدف سنة السعودية في بيروت. ما جرى الثلاثاء في 24 آب/10 هو 7 أيار إيراني استهدف سنة سوريا باعتبار أن جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية (الأحباش) مصنفة أساساً ومعروفة مرجعيتها.
بغض النظر على الخسائر التي خلفها الاشتباك وبغض النظر عن أسلوب انتشاره أن اخطر ما في الأمر أن طرفي الاشتباك وصفوه أنه بالفردي مدعين أنه يحصل في أي شارع أو حارة. وأخطر من ذلك هو المشهد الذي لم يتابع والذي جرى خارج ساحات القنال حيث قامت جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية (الأحباش) في منطقة الطريق الجديدة بحشد ما يقارب 500 مقاتل في ظرف ساعة واحدة، علماً أن الطريق الجديدة لم تكن ساحة قتال. وبالتالي عندما حشدت 500 مقاتل في ساعة واحدة بأسلوب منظم حيث تم قطع طرقات معينة بأسلوب منظم وتم نقل المسلحين على دراجات نارية بالتواتر والتوالي بما يوحي أن كل مقاتل يعلم مكانه ومن احضره يعرف كيف ينقله وإلى أي موقع ... هذا المشهد كشف أن هناك خطة ما.
إن تأثير هذه الخطة على الواقع الاجتماعي المحتقن مذهبياً أدى ببعض سكان الطريق الجديدة أو لنقل بغالبيتهم من الذين يملكون سلاحاً فردياً أن يعتبروا منطقتهم معرضة للخطر وأن ينزلوا إلى الشوارع بأسلحتهم إلى جانب مسلحي الأحباش تحت عنوان الدفاع عن المنطقة، ما افرز عملياً بالقراءة السياسة تنظيم سني مسلح يحمل عصا الدفاع وبالتالي يستدرج تعاطفاً من بقية السنة الخائفين والذين لا يجدون من يدافع عنهم. علماً أن المنطقة الجديدة هي المنطقة الوحيدة التي لم تسقط في 7 أيار 2008
سؤال انطوان سعد: هذا كلام خطير يا أستاذ محمد!!
محمد سلام: طبقاً ولكن هذا هو توصيف لما جرى بالضبط. وأسوأ من هذا أنني عندما حاولت أن أتابع أداء الجيش وجدت أنه اكتفي بعزل منطقة الاشتباكات ومنع مرور المواطنين حفاظاً على سلامتهم وهذا عمل كان بإمكان أي فرقة كشافة أن تقوم به. الناس كانت متوقعة أن يكون دور للجيش اللبناني ضد كل المسلحين. وبالنسبة لأهل بيروت العاديين العزل كل من يحمل سلاحاً في العاصمة هو عصابة، وبالتالي لا يميز بين عصابة وأخرى إلا إذا دُفِع بالخوف عبر خلق بيئة حاضنة للالتصاق بعصابة جديدة تناقض العصابة الأولى، واشدد هنا على البيئة الحاضنة المهندسة التي دُفع إليها المواطن الذي كان يأمل بدور فاعل للجيش اللبناني.
انطوان سعد: وماذا كان بإمكان الجيش أن يفعله ومعروف كم هي متشابكة المعطيات والاعتبارات السياسية والأمنية والطائفية؟
محمد سلام: هذا صحيح وبالتالي اقتصر دور المؤسسة العسكرية عبر مديرية المخابرات على رعاية جمع ممثلي العصابتين للاتفاق على وقف إطلاق النار وتكريس أمر واقع مفاده أن الجيش هو المصلح ويقوم بجمع العصابتين في كل مرة يحدث أمر ما وهو نفس الدور، دور المصلح، الذي قام به الجيش في الجنوب بين ما سُمي الأهالي وقوات اليونيفيل. هذا يعنى أن الأداء الأمني قد انتفى ولم يعد موجوداً مما خلق إرباكاً في ذهن المواطن.
انطوان سعد: هل القرار السياسي متوفر لقيام الجيش بما تطالب به؟
محمد سلام: السؤال هو أكبر من ذلك لأن المطلوب من قوى 14 آذار تحديداً أن تخرج من الشيزوفرينا (الانفصام) السياسة الواقعة فيها، أي الانفصام السياسي. فهي تقول لناسها إن مشروعها السياسي هو العبور إلى الدولة وفي مواجهة الخطر تقول إنها لا تؤيد الميليشيات والدولة تدافع عن الناس. في حالات الخطر لا يجد الناس من يدافع عنهم وبالتالي يقول المواطن تريدوننا أن نعبر إلى الدولة ولكن هذه الدولة لا وجود لها وهي لا تدافع عنا كما تعدوننا.
هنا كلام المواطنين العزل وبالتالي أرى بيروت تحديداً موضوعة أمام خيار صعب جداً يستجدي رعايةً أمنيةً خارجيةً ما يضعنا على مسار اتبع في سنة 1975 إلزامياً. بمعنى أن المسيحي ألزام في الـ 75 اللجوء إلى سوريا وطلب حمايتها التي انقلبت عليه فيما بعد.
يبدو حالياً أن هناك مخططاً ما يُلزم السني طلب حماية ما تمارس عن بعد بالريموت كونترول.
يشار هنا إلى انه في الـ 86 و87 اخذوا كل من يدب ويمشي وله حيثية إلى� سوريا طالبين منها ومستجدين أن تعود إلى بيروت. حالياً لم نصل بعد إلى هذا المرحلة ولكن عدنا على إلى سيناريو الـ 75 الخيار الأول، أي طلب الحماية. في الـ 75 و76 فُرّضت ظروف القهر على المسيحيين مما اضطرهم وتجنباً لاتهامهم بالعداء للعروبة أن يذهبوا إلى عربي (سوريا) يطلبون منه الحماية، السيناريو الحالي على ما يبدو يفترض أن تُطلب الحماية من قبل السني." (انتهت المداخلة)
1 comments:
ما هذا الكلام العظيم يا أستاذ بجّاني لا بد أنك مطّلع على تفاصيل دقيقة وحقيقية وأنا معجب جداً بأسلوبك المميز الذي يلسع المتواطئين على البلد ويثير غضبهم لأنهم لا يستطيعون أن يكونوا بمستوى عمالتك ووفائك لوطنك الحقيقي.
إرسال تعليق