ذكرت وكالة أنباء فارس الإيرانية شبه الرسمية أن ممثل المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية علي خامنئي في الحرس الثوري، علي سعيدي، قال بتاريخ 04 آب/2010: "إنه بسبب احتلال إيران مركز الأساس في الصحوة الإسلامية، فقد باتت هدفاً لأعداء البلاد وتهديداتهم"، مؤكدا أن "لبنان اليوم إضافة إلى فلسطين والعراق، يمثل خط المواجهة الأمامي لإيران ضد أعدائها".
أولاً نسأل أين هو ميشال عون المجسد الأكبر "لخمير الفريسيين" "والطروادية" من هذا الكلام الذي يعتبر قمة في التدخل السافر ليس فقط في شؤون لبنان بل في تحديد مصير أهله، ولماذا بلع لسانه هذا الشارد عن السيادة والحرية والاستقلال وأدار له "الأذن الصماء" فيما تبجح وعلا صوته بوقاحة عندما وقف وزير خارجية مصر مع لبنان ضد أي 7 أيار جديدة؟ وفي نفس الوقت نسأل أين رئيس الجمهورية وباقي المسؤولين في الدولة من كلام سعيدي هذا!!
ثانياً، أية مقاومة هذه التي يتشدق بها حزب الله والحكم السوري وباقي ربع الحناجر الصداحة والأنوف المنخورة ومنهم عون وربعه، فيما سعيدي يرى دون خجل أو وجل في وطننا وأهلنا مجرد أكياس رمل مكدسة على الخط الأمامي لبلاده في مواجهة أعدائها؟
الآن وبعد أن انخفضت نبرة أصوات الأبالسة من أصحاب حناجر التزلف والتطبيل، وجماعات امتهان الرياء والقدح والمدح والردح عقب قصفهم لعدة أيام اللبنانيين عشوائياً ودون رحمة بآلاف بيانات "استفراغ الكلام" لما سموه "ملحمة العديسة"، لا بد من مراجعة هادئة وموضوعية لتلك الواقعة الدموية التي كادت أن تؤدي إلى قيام إسرائيل بتدمير كامل لمعسكرات وثكنات وقواعد ومراكز ومؤسسات الجيش اللبناني بما فيها مقر وزارة الدفاع، لولا وساطات العديد من الدول العربية والغربية.
إن المؤامرة الخطيرة التي ينفذها حزب الله تدريجياً بأسلوب سرطاني وقضمي وبأوامر مباشرة من دمشق وطهران هي على الجيش اللبناني وهدفها القضاء عليه كلياً وتفكيكه، وكأن "خصيه" وشل قدراته والسيطرة على قيادته لا يكفي. نعم المطلوب توريط الجيش في مواجهة غير متكافئة مع إسرائيل تؤدي إلى القضاء عليه، وما يشاع ويقال تكراراً على لسان مسؤولين وقياديين وسياسيين كبار من أن المقاومة تتدخل فقط عندما يعجز الجيش عن مهمة الدفاع عن الوطن، هي عناوين المؤامرة بعينها.
فهؤلاء الجهابذة والمرتزقة وتجار المقاومة كانوا قبل حرب 2006 يعتبرون وجود الجيش على الحدود مؤامرة إسرائيلية الهدف منها حماية أمن الدولة العبرية ومنعوه من التسلح ومن دخول الجنوب طوال 25 سنة. اليوم وبعد أن أدخلت حرب ال 2006 الجيش رغماً عن أنوفهم إلى الجنوب وتعززت قوات الأمم المتحدة هناك يريدون استفزاز إسرائيل لضرب هذا الجيش والقضاء عليه. أما عناوين تسليح الجيش الببغائية التي يتسلى بها الفرقاء كافة فهي كلام حق يراد به باطل لأن التوازن العسكري مع إسرائيل هو أمر مستحيل لم تتمكن من الوصول إليه كل الدول العربية مجتمعة.
في سياق المؤامرة هذه جاءت حادثة العديسة المفتعلة التي وكما قال المتحدث الرسمي الأميركي "لم يكن هناك من مبرر أو داع لحدوثها". وفي التفاصيل: "أشارت صحيفة "يديعوت احرنوت" الإسرائيلية في 05 آب 2010 إلى أن هامشاً صغيراً جداً حال دون تحول الاشتباك الموضعي الذي حدث في 3 آب/2010 �بين الجيشين اللبناني والإسرائيلي إلى حرب مدمرة وشاملة، ولفتت إلى أن الجيش الإسرائيلي وفور وقوع الاشتباك أخرج الخطة العسكرية القاضية بتدمير كافة مواقع الجيش اللبناني على طول وعرض الجنوب اللبناني، وإلحاق تدمير لا يمكن إصلاحه بها، لكن وفي نهاية الأمر اتُخِذ القرار الحكيم بالقيام برد فعل موضعي ومحدود حيث أدت صرخات الحكومة اللبنانية وكذلك الضغوط الدولية دورها، فقررت القيادة الإسرائيلية توجيه ضربة صغيرة وعدم إشعال الحدود".
ولفتت الصحيفة، إلى أن إسرائيل وأجهزتها الأمنية تحاول حالياً إيجاد أجوبة لسؤالين مركزيين هما:
أولاً، هل كان أطلاق النار من الجانب اللبناني الذي أدى إلى مقتل عقيد إسرائيلي وجرح ضابط آخر عملية استفزازية محلية بادر إليها ضابط ميداني لبناني تابع لحزب الله تلقى أوامره منه لا من قيادته في الجنوب أو وزارة الدفاع؟
ثانياً، هل الرد الإسرائيلي المحدود كان كافياً ونجح بنقل رسالة تل أبيب إلى حكومة لبنان بضرورة توقف الجيش اللبناني عن القيام بأعمال استفزازية على طول الحدود؟" هذا ما ظهر للعيان أقله مؤقتاً من خلال رضوخ الضباط اللبنانيين في اليوم التالي لاقتلاع أربع أشجار على يد الإسرائيليين دون أن ينبثوا ببنت شفة!!
وفي نبرة تهديدية، أشارت الصحيفة إلى انه وفي حال اتضح بان الرسالة لم تصل وان الاشتباك جاء نتيجة أوامر واضحة من بيروت فإن الاشتباك القادم سينتهي بصورة مغايرة تماماً. واستعرضت الصحيفة الأعمال الاستفزازية التي يقوم بها اللواء التاسع في الجيش اللبناني منذ عدة أشهر، حيث لاحظ الجيش الإسرائيلي في بعض الأحيان إطلاق نار غير اعتيادي من حيث القوة والحجم باتجاه الطائرات الإسرائيلية، إضافة إلى استعراض قوة يقوم به جنود هذا اللواء في المنطقة الواقعة بين الشريط الحدودي وخط الحدود، وذلك بهدف الإبقاء على حالة من التوتر، واعتبرت الصحيفة أن هذه الأعمال ليست عرضية حيث ارتفعت وتيرتها منذ تولي ضابط شيعي متطرف جدا ومقرب من حزب الله قيادة اللواء التاسع الذي ادخل تغييراً كبيراً على طبيعة عمله، واعتبرت الصحيفة أن تعيين مثل هذا الضابط في قيادة اللواء التاسع في منطقة قابلة للاشتعال هو وصفة لحرب لا يرغب فيها احد".
يشار إلى أن الجيش الإسرائيلي اشترط لقبول طلب تهدئة الوضع على الحدود مع لبنان إما إقالة الضابط اللبناني المسؤول عن إطلاق النار أو محاكمته، وإنه في حال عدم تنفيذ هذا الشرط فإن إسرائيل ستختار الطريقة التي تراها مناسبة للانتقام منه، فيما سيصبح تعاملها مع الجيش اللبناني المنتشر على طول الحدود كعدو وسيكون ردّها على أي اعتداء جديد ردًّا قاسيًا غير مسبوق".�
بالعودة إلى الحادثة الدموية التي أودت بحياة صحافي وعسكريين لبنانيين وتدمير عدد من الآليات أشارت مراجع لبنانية مطلعة: "إلى أن الجيش اللبناني اشتبك مع الجيش الإسرائيلي الذي كان متواجداً داخل الخط التّقني من الجهة الإسرائيلية للخط الأزرق الدولي أي جنوب الخط الأزرق. ويبدأ ما يُسمّى الخط التّقني جنوبي الخط الأزرق ويضم أراضي تتسع في نقطة وتضيق في أخرى، وبعض هذه الأراضي يعتبرها لبنان لبنانيّة وهي التي سمّاها بيان قيادة الجيش "المناطق المتحفظ عنها لبنانياً". وينتهي الخط التقني عند أسلاك شائكة دائماً في الجهة الإسرائيلية كانت إسرائيل وضعتها قبل ترسيم الأمم المتحدة للخطّ الأزرق الذي هو بتعريف الأمم المتحدة "خط انسحاب الجيش الإسرائيلي" من جنوب لبنان عام 2000. وبالمفهوم العسكري والقانوني، إن الحادثة حصلت جنوب الخط الأزرق الذي أكّد لبنان احترامه له والتزامه به بالرغم من تحفظاته. وقواعد الاشتباك المعمول بها حتى الآن والمعروفة تقضي بأن على إسرائيل التي يقع الخط التقني لجهتها عندما تريد جرف أو إزالة شيء، في المناطق المتحفظ عنها لبنانياً أن تبلّغ اليونيفيل بذلك، والتنفيذ يحصل بمرافقة من جانب اليونيفيل."
وأكدت المراجع نفسها، "أن الطلب اللبناني المقدّم إلى الأمم المتحدة بأن يكون الجرف أو الإزالة مهمّة حصرية لليونيفيل لم يؤخذ به حتّى الآن". وخلُصَت إلى القول: "من الواضح هنا إنّ الجيش اللبناني تسرّع في الاشتباك داخل الخط التقني وخلف الخط الأزرق، وهذا يعتبر تجاوزاً لقواعد الاشتباك والقرار 1701، هذا وكانت بيانات قيادة الجيش من جهة وقيادة اليونيفيل من جهة أخرى واضحة في الاختلاف بينهما،". يشار هنا إلى أن قيادة اليونيفيل �حمَّلت الجيش اللبناني مسؤولية الحادث بالكامل.
ترى، أليس ما نراه من تظهير لدور الجيش المبالغ فيه والخبيث هو المخطط الإيراني والسوري بعينه الساعي إلى توريطه ودفع إسرائيل لتدميره والقضاء عليه ليتمكن بعد ذلك حزب الله وأسياده في الشام وطهران من السيطرة الكاملة على لبنان دون عوائق؟
نسأل، هل الجيش اللبناني المتمركز في الجنوب هو فعلاً جيش الدولة ويعمل تحت أمرتها، أم أنه جيش حزب الله؟
في الخلاصة إن حادثة العديسة هي عمل توريطي للجيش اللبناني لم يكن لها أي مبرر ولا أية دواع أو حجج منطقية، ورغم كل قصائد الزجل ورزم بيانات "الإستفراغ التي مجدتها سياسياً ورسمياً، فقد كانت ببساطة متناهية حلقة من المؤامرة السورية الإيرانية على الجيش اللبناني وتصرفاً ميليشياوياً كاد أن يشعل نيران حرب مدمرة لولا تدخل العناية الإلهية.
0 comments:
إرسال تعليق