تثار إشکالية ولاء البعض من الشيعة العرب لنظام ولاية الفقيه و تعاطفهم معه والولاء و إيثارهم هذا النظام و رموزه و أطروحاته المختلفة على أنظمتهم الوطنية و مفاهيمهم الفکرية و حتى مفهوم الدولة عندهم. هذه الاشکالية التي يسعى العديد من الشيعة العرب الغيورين على اوطانهم و إنتمائاتهم القومية و السياسية الى إستصغارها او التقليل من شأنها أملا في أن يأتي ذلك اليوم الذي يشهدون فيه إبتعاد المأخوذين و المنبهرين عن هذا النظام بعد أن بدأ معدنه الردئ يظهر بشکل جلي للعالم بشکل عام و الشيعة العرب بشکل خاص، لکننا نرى ان التعويل على التمني او الزمن لمعالجة هکذا موضوع مهم و حساس و مثير للجدل، أمر فيه الکثير من التقصير و السلبية، لأن ذلك هو جل مايتمناه نظام ولاية الفقيه و يعمل من أجله، إذ أن تحييد و تبعيض و تفتيت الشيعة العرب، هو اساسا مرتکز و هدف سعوا و يسعون إليه کي يمرروا أجندتهم و مشاريعهم السياسية و الامنية في المنطقة.
اننا ومنذ أن آلينا على أنفسنا التواجد في الساحة و التصدي للمشروع و الاطروحة الفکرية ـ السياسيـة(ولاية الفقيه)، اوضحنا بأن هذا النظام و منذ مجيئه للحکم في الحادي عشر من شباط ١٩٧٩، قد درس و بحث و تقصى في واقع الشيعة العرب في مختلف أقطار الوطن العربي، و بعد ان حدد مکامن الخلل و الثغرات السلبية في کل قطر منها، وضع برنامجا و مشروعا استراتيجيا طموحا يعمل بکل جهده من أجل إستيعاب الشيعة العرب و ضمان ولائهم المطلق له و للرکائز و المباني الفکرية و العقائدية التي قام بصياغتها من أجل ذلك الهدف، وفي نفس الوقت سعى أيضا لکي يکسب ود و تعاطف السنة العرب من خلال تشکيکه بالنظام الرسمي العربي و تحفيزه أياهم کي يقفوا و يعملوا ضده، وقد کان المنطلق الاساسي الذي أعتمده نظام ولاية الفقيه في جر الشيعة العرب الى فخاخه و مصائده الخبيثة، هو تهويله لذلك الجور و الحيف الذي لحق بهٶلاء في اوطانهم من جراء سياسات خاطئة و غير مدروسة جعلت ثمة بونا بين الشيعة العرب و بين أنظمتهم الوطنية وإدعائه بأنه يمثل قلعة حماية الشيعة في العالم و حصنهم الحصين، وقطعا فإن نظام ولاية الفقيه و بعد ان صفي له الامر داخل إيران و قضى على مختلف خصومه او قام بإبعادهم او إقصائهم، نجح الى مدى لايمکن الاستهانة به في هذا المضمار، و تمکن من تأسيس أحزاب و تيارات و شخصيات و مراکز مختلفة موالية له، وقام بتفعيل و تنشيط هذا الجهد الخبيث مما کان له آثاره السلبية التي شهدناها و نشهدها في مختلف أقطار الوطن العربي.
والملاحظ، أن هذا الجهد و المسعى الخبيث الذي طبقه النظام الايراني عبر مشروعه و اطروحته(المثيرة للجدل و القلق معا)، قد أختلف الى حد ما من قطر عربي الى آخر، لکن الجهد في خطه العام و النهائي صب و يصب في المجرى التآمري العدواني الذي سلکه و يسلکه هذا النظام ضد أمتنا العربية على الاصعدة السياسية و الفکرية و الامنية و الاجتماعية، ونظرة الى مافعله هذا النظام في مملکة البحرين مثلا، عبر سعيه لتجنيد عناصر تخدم سياسته العدوانية و دفعهم لإرتکاب أعمال إجرامية ضد بلدهم و شعبهم وإيهامهم بأن مايفعلونه هو من أجل الله و رسوله و دينه! کما ان الافعال و المخططات المريبة التي حاکها و نفذها و ينفذها هذا النظام ضد تلك الاقطار العربية ملحقا أضرارا بالغة بالامنين القومي و الاجتماعي لها ولاسيما في العراق و البحرين و السعودية و لبنان و الامارات و الکويت، حيث قام بأکبر عملية غسيل أدمغة لقطاع لايستهان به من الشيعة العرب و استغل إنقياد و الطاعة العمياء لهٶلاء لإنجاز مهامه الشريرة ضد العرب.
اننا کمرجعية اسلامية للشيعة العرب، في الوقت الذي نشجب و ندين التدخل غير المسٶول و المرفوض للنظام الايراني في الاقطار العربية من خلال إستغلال ورقة الشيعة العرب، فإننا في نفس الوقت و من باب شعورنا بمسٶوليتنا و حرصنا البالغ على الامنين القومي و الاجتماعي لتلك الاقطار العربية، ندعو زعماء و قادة و حکومات تلك البلدان الى إيلاء إهتمام أکبر بإخوانهم من الشيعة العرب و السعي لرفع کل أشکال الحيف و الغبن عنهم و سد کل تلك الثغرات و المنافذ التي نفذ و ينفذ منها الاعداء و المتربصين شرا بالامة العربية وعلى رأسهم النظامين الايراني و الصهيوني وقطع الطريق عليهما من خلال المزيد من الالتفات إليهم و دراسة و تقصي اوضاعهم والسعي لمعالجة مشاکلهم و همومهم المختلفة سيما المستعجلة منها، وبالاضافة الى ذلك، فإننا نعتقد بأنهم بحاجة الى برنامج طموح يتم ترجمته من خلال النقاط التالية:
١ـ ارشاد الشيعة العرب و توعيتهم و رفع مستوى وعيهم الثقافي و السياسي عبر تأسيس قناة فضائية وشبکات و مٶسسات اعلامية و توجيهية تقوم بإنجاز هذا الهدف.
٢ـ التأکيد على أنهم جزء لايتجزأ من اوطانهم و شعوبهم و لايجوز لهم شرعا و عرفا و اخلاقا، خيانة بلدانهم او العمل للإنفصال عنها مهما کانت المبررات وان انظمتهم الوطنية هي اولى بولائهم و طاعتهم من نظام مشبوه و معادي للأمة العربية.
٣ـ عدم جواز الولاء السياسي او الفکري لغير بلدانهم ولاسيما الولاء لما يسمى بالولي الفقيه والمنصب بموجب مجرد إجتهاد فقهي(قد يصيب و اغلب الظن يخطأ)، الذي بات يعاني من أزمات و مشاکل مع الشعب الايراني ذاته الذي يقف اليوم ضد هذا النظام برمته و يسعى لخلع الولي الفقيه نفسه.
٤ـ تفنيد أطروحة ولاية الفقيه و کشف زيفها و دجلها و کونها مجرد غطاء لتنفيذ مشروع خبيث معادي لآمال و تطلعات الامة العربية، تم و يتم على الوجه الامثل من خلالنا کوننا نمثل العمق و البعد العقائدي للمشروع العربي المضاد لهذه الاطروحة المشبوهة وان دعمنا و مدنا بأسباب القوة سوف يکون له أبلغ الاثر في وقف تغلغل وباء ولاية الفقيه في داخل أقطار الوطن العربي.
*المرجع الإسلامي للشيعة العرب.www.arabicmajlis.org
0 comments:
إرسال تعليق