المقاربات السياسيّة للأحداث في لبنان تختلف من كاتب إلى آخر بحسب الموقع والمنطلقات والمشارب الروحيّة والوطنيّة والفكريّة وإذا يوجد إجماع على حبّ لبنان والإنتصار للبنان بوجه كلّ طامع بأرضه ومياهه، كما بوجه كلّ من يهدّده بوحدته وأمنه واستقراره، فهناك إجماع في الوقت ذاته حول الحيرة من أمر قادته السياسيين الذين بعضهم لا يزال أسير مفاهيم طائفيّة، وبعضهم لا يزال أسير مفاهيم إقطاعيّة، وبعضهم أسير المصالح الخاصّة، فيما قلّة هم الساسة أصحاب المواقف الذين يؤثرون مصلحة الوطن ككلّ على كلّ مصلحة.
ومن ضمن هذه الخلفيّة تمّ توجيه السؤال التالي إلى عدد من الكتّاب: "منذ اغتيال رئيس وزراء لبنان السابق الراحل رفيق الحريري بالتزامن مع صدور القرار الدولي رقم 1559 ولبنان يعيش حال من الزلزال السياسي وجاء الغزو الإسرائيلي للبنان بتاريخ 12 تمّوز 2006 باعتباره الفصل الأعنف إبّان هذا الزلزال ما هو رأيك بما يجري؟ هل لبنان متّجه إلى انفراج أمني واقتصادي واجتماعي؟ أم متّجه إلى ضيق؟. ما هو رأيك بالسياسيين اللبنانيين، ومستوى إدائهم السياسي عموماً.
***
1 ـ حبال السيرك
ـ فؤاد الحاج (شاعر ورئيس تحرير مجلّة المحرِّر)
إن ما يجري هو عملياً إعادة خلط الأوراق مجدداً من أجل شق الصف وخلق حالة من الإرباك بين صفوف المثقّفين أولا ومن ثم جر الشعب إلى عملية غسل دماغ ضمن ما تسميه أمريكا: "الفوضى الخلاقة". والخطورة في ما يجري على الساحة اللبنانية أن المنفذين لهذا المخطط، مع الأسف، يحملون الجنسية اللبنانية، وأن انتصار المقاومة اللبنانية ضد الغزاة جعل هؤلاء الذين يحملون الهوية اللبنانية يلعبون على حبال السيرك.
فمنذ الأيام الأولى للغزو أعلن هؤلاء مواقفهم من واشنطن ومن باريس، والأخطر أنهم بعد مضي أسبوع على المواجهة مع الغزاة عادوا وتريثوا وبدأوا يعلنون أنهم ضد الحرب، ولكنهم لم ولن يقولوا أنهم مع المقاومة، بل كان كل إعلامهم يركز على الوضع الاقتصادي وعلى من يتحمل مسؤولية إعادة الإعمار وغير ذلك من كلام يريدون من ورائه تحميل المسؤولية كاملة للمقاومة. ولا بد من الإشارة هنا إلى أن كل إعلامهم أيضاً حثّ على قبول التبرّعات من كلّ بلاد العالم، علماً أنه ممنوع على أي جهة أن تتبرع للمقاومة أو حتى للأهل الذين دُمّرت بيوتهم وأتلِفَتْ مزروعاتهم والذين يطلقون على أنفسهم إسم جماعة "14 آذار" أو "قوى 14 آذار" فقد جمعوا ملايين الدولارات، وأحد لا يعرف حتى الآن لمن منحت هذه الملايين، هذا مع العلم أن إحدى محطاتهم الإعلاميّة لا زالت حتى اليوم تركز على نغمة المصابين ولسان حالها يقول للعالم: "هذا ما جنته المقاومة".
أما بخصوص مستقبل لبنان الاقتصادي والاجتماعي فهناك مخطط يدعمه صندوق النقد والبنك الدوليين ظاهرياً من أجل بناء مشاريع الأتوسترادات التي أطلق على بعضها اسم "اوتوستراد السلام" وهناك مشروع تشغيل خط قطارات يربط دول "الشرق الأوسط الكبير!!" ببعضها البعض، ومشروع تقاسم المياه، وفتح منطقة حرة في جنوب لبنان.
وبخصوص الأمن فهناك أمن مقبل لكن مشوب بالحذر، فقد أعلنت "إسرائيل" بصراحة أنها ستغتال السيد حسن نصر الله.
أما على صعيد السياسيين اللبنانيين فأقول أنه لا يوجد في لبنان سياسيين حقيقيين بل يوجد أصحاب مصالح خاصّة، وأقول بوضوح أكثر أن السياسيين الحقيقيين قد ماتوا أو أُبعدوا، والذين يظهرون على الفضائيات ثلاث مرات يوميّاً على الأقل مثل وصفة الطبيب قبل الأكل وبعد الأكل صبحا وظهرا ومساء، فهم لا علاقة لهم بالسياسة، إنه لمن الظلم أن نطلق عليهم لقب سياسيين، إنهم مهرجون لا أكثر ولا أقلّ. ولا أمل بسلام في لبنان إلاّ إذا نُزِعَتْ الطائفية من النفوس، فالدين لله والوطن للجميع.
***
2 ـ حمّالة الحطب
ـ سليمان الفهد (قاص ورئيس تحرير جريدة الفهد الألكترونيّة)
منذ اغتيال رفيق الحريري المخطط له بأتقان ويتمّ إستغلاله على نحو بشع (مثلما يتبيّن من تتالي الأحداث) ولبنان فعلاً يعيش حال زلزال سياسي، ولولا صمود المقاومة ميدانيّاً بوجه إسرائيل رأس حربة الغرب الإمبريالي خلال الحرب السادسة، ولولا التفاف قوى وطنيّة شريفة حول المقاومة لكان العدو أنهى كلّ شيء وفق ما خطّط له.
بتضافر كلّ الجهود الوطنيّة المحليّة، وبدعم قوى الخير في العالم الرافضة لكلّ المخطّطات الشرق أوسطيّة المشبوهة التي ترعاها حمّالة الحطب كونداليسا رايس يمكن دحر كلّ عدوان مستقبلي.
إنّ الفوضى "البنّاءة" التي يعد البيت الأبيض بها شعبنا العربي وتظهر معالمها في لبنان كما في العراق والسودان وفلسطين سيكون لها ارتدادات على مستوى العالم ككل. وإذا قوى في لبنان ستستمرّ في المراهنة على التدخّل الأميركي والفرنسي من أجل ابتزاز قوى أخرى على نحو رخيص فلا أشكّ لحظة بأن لبنان مقبل على حرب أهليّة جديدة مدمّرة على الصعد كافّة.
أرجو ألاّ أكون سوداويّ النظرة بالنسبة للغد.
***
3 ـ الوطن المستحيل
نبيل ضناوي (إعلامي وصاحب موقع العنكبوت الالكتروني)
جريمة إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري تحوم حولها وبلا أدنى شك روح الصهيونية الشريرة وحليفتها الولايات المتحدة الامريكية وجريمة بهذا الحجم وهذا التدبير والتكنولوجيا المستعملة أيضآ المستفيد منها ومن تبعاتها إسرائيل وحليفتها أمريكا أمّا بالنسبة للبنان وبعيداً عن ملف إغتيال الرئيس رفيق الحريري فإنّ هذا البلد الذي نُهب ويُنهب على مدار الساعة من الساسة الذين نصبوا أنفسهم أولياء عليه.
إنّ ممارسة السياسة في دول العالم المتحضّر هي ممارسة وظيفة وواجبات والتزامات تنتهي بانتهاء الدور السياسي للشخص وعادة لا تستمر سوى سنوات معدودات ممارسة السياسة في لبنان هي الاستئثار بمقوّمات البلد للسياسي وكل من يدور في فلكه لسنين طويلة حتى يصبح وكأن له حصة في البلد أجازها لنفسه ويتمسك بها وكأنها حقّ من حقوقه المشروعة.
هل يمكن لاي بلد في العالم النهوض والرقي بوجود مزارع سياسية حيث المواطن والوطن هما آخر همومها؟.
0 comments:
إرسال تعليق