القضية الفلسطينية صارت ملطشة، والتهافت على الإسرائيليين لم يعد وجهة نظر، فوضى التطبيع الذي يقوده إمبراطور التطبيع ويغرق فيه المثقفين وأشباه المثقفين والعربجية والكلامنجية والفاشلين لدرجة أن الحابل اختلط بالنابل، وصار للرويبضة في بلدنا شأن، وغابت قوة المنطق، وتهاوت النقابات التي حملت ثوابتنا لعقود، نقابات عاجزة عن تصدير المواقف المناهضة للتطبيع بكل صنوفه وأشكاله وبالتحديد الإعلامي.
ببساطة يخرج احدهم وينظم رحلة تطبيعية تجمع صحافيين وعاملين في الصحافة المحلية وأصحاب محطات للقاء صحفيين إسرائيليين بطرقة ممنهجه لمناقشة الوضع الفلسطيني، وبالطبع يقسموهم لمجموعات للمياه واللاجئين والحدود والصراع، والمشكلة إذا سئلت بعضهم ما لون العلم الفلسطيني أو ما هي حدود فلسطين يقف أمامك عاجزا.
قبل أيام كان لقاء تطبيعي ضم إعلاميين وعاملين في الإعلام مع إسرائيليين، كان هذا اللقاء في احد فنادق العقبة حسب المعلومات المتوفرة لدي، جاء هذا اللقاء لمناقشة مبادرة السلام العربية، هذا ما قيل لنا.
سئلت احد المشاركين فقال لي، يا عطا هو فيه حد في البلد ما بطبع مع الاحتلال، فقلت له حسب علمي أنا لا أطبع وهناك الشعب الذي لا زال يقرف حركاتكم القرعة وحرصكم الكذاب على القضية الفلسطينية، وتهافتكم على الرحلات التطبيعية الاستجماميه التي ينطبق عليها القول الشائع الماء والخضراء والوجه الغير حسن والبكت مًني.
يقول آخر: يا سيدي الحكومة تطبع والسلطة تطبع من كبيرها إلى صغيرها، منطق غريب عجيب يطرح من هؤلاء الذين يدخلوا أنفسهم ويورطونا في متاهات نحن في غنى عنها، وبالتحديد العاملين في حقل الإعلام الذين يتفننون في تبرير خطاياهم.
بصراحة المشكلة عند نقابة الصحفيين التي لا تقف أمام هذا الهبوط الثقافي والقيمي، والسؤال لنقابة الصحفيين الفلسطينيين؟؟؟؟ لماذا لا تتم اتخاذ إجراءات واضحة بحق الصحفيين والذي يعتقدون أنهم صحفيين الذين يشاركون في اللقاءات التطبيعية التي تضر بنا كصحفيين وكشعب فلسطيني؟؟؟؟؟
ما دور نقابة الصحفيين تجاه هذه الفوضى والعبث؟؟؟ ولماذا يسمح لهؤلاء باستخدام صفتهم المهنية في لقاءاتهم مع إسرائيليين؟؟ المطلوب من نقابة الصحفيين الفلسطينيين تصدير موقف..... وعدم تصدير الموقف يعني أنها تتساوق مع هذا النهج المدمر......... والمطلوب الاعتذار من الشعب الفلسطيني عن هذا السلوك المشين بحق مهنتنا المقدسة وفضح كل هذه التحركات التي تأخذ طابع السرية..... وغير ذلك من حقنا أن نقول أن وراء الأكمة ما ورائها.
لست بصدد الجملة الوعظية لتوضيح المصيبة، فالذين يشاركون في اللقاءات التطبيعية يعرفون أنها مسخرة وتضيع وقت، والمتابع لتلك اللقاءات يعرف أن هدفها الاستقطاب والتحديد ليس إلا، ومن منطلق تنتهي حريتك عندما تبدأ حرية الآخرين لا بأس من الإعلان عن رواد التطبيع المؤسسات والنقابي، وبالتالي فليطبعوا كما يحلو لهم، أما أن يمارس التطبيع كما العادة السرية فهذا غير مقبول ومستوعب وخاصة من الجهات النقابية والمؤسساتية في مجتمعنا الفلسطيني.
قد نعتذر عن الإعلاميين والعاملين في حقل الإعلام الذي تلوثوا في وجبة جديدة من وجبات التطبيع الإعلامي ولا نعتذر منهم، وخاصة أن نقابات الصحفيين في الدول المجاورة لها موقف من هذا المنهج ألعدمي في العلاقات مع دولة الاحتلال، وقد يكون من المناسب تنظيم ورشة مفتوحة لمناقشة هذه الظاهرة الخطيرة التي تجتاح الإعلام الفلسطيني والتي ترفع شعار جوز امي عمي دون التنبه لنتائجها الخطيرة على نسيجنا الثقافي والقيمي.
كما أسلفت لست واعظا، ولكن التطبيع يجتاحنا ليصل إلى ثقافتنا الغذائية، اخذوا منا الثوب الفلسطيني الذي يحكي قصتنا على هذه الأرض، وحولوا الحمص إلى خمص، والفلافل باتت أكلة توراتية، والمقاومة في حدودها الدنيا إرهاب، حتى أن تعتز بكونك فلسطيني ممنوع عليك، فهم يجتثوك من جذورك وبيدك، يحولوك إلى نبتة شيطانية، يعصرونك كما الليمونة، أليس هذا خطابهم معك في غرف التحقيق؟؟؟؟ يحاولوا أن يخلقوا منك غيرك، فأنت غريب في وطنك، لا قيم ولا موقف ولا قضية، أليس الفلسطيني فضية؟؟؟ ارجع إلى غسان كنفاني وعائد إلى حيفا؟؟؟ حدد مكانك من المعادلة، أنت السلطة الربعة، روح الشعب، والمدافع عن حقوقه، أنت كاشف العورات ومسقط ورقة التوت عن عورات الطغاة، لا تلوث نفسك ومن سبقوك، فأنت اكبر منهم ومن إمبراطور التطبيع هذا الذي يتاجر بلحمك ودمك وتاريخك.
ليس من حقك أن تكون وطنياً ومطبعاً، ولا من حقك أن تلعن الفساد وتتمرغ في وحلة، ولا أن تكون مطبعاً وضد السلطة وإذا كنت مقتنعا بثقافة التطبيع اعلنها ولا تخف، ولا داعي للخجل من موقفك، لا تذهب للغرف المغلقة ذنباً وتعود ألينا أسداً، اخرج على وسيلتك الإعلامية وقل الحقيقة، ولك الحق أن تعود إلى الحظيرة، لكن عليك أن تعلن أن قضيتك حق، وان شهدائك حق، وان ثوابتك حق، وان عودتك حقٌ وحتمية.
العن إمبراطور التطبيع الذي قادك إلى الفخ، والعن حساباته البنكية المكدسة في لبنوك السويسريه، العن تاريخه وحاضرة ومستقبلة، عريه أكثر وأكثر، اكشف ألاعيبه، فهو رأس حربة الطابور الخامس، قلها يصوتك العالي لا للإمبراطور ولا للطابور الخامس ولا للمتاجرين بروحك، تصالح مع نفسك مع ثقافتك وعد إلى ذاتك ولا تطأطئ رأسك لابو الخيزران الذي يفسد عالمك، وتذكر شناعة ومازن دعنا وكوكبة شهداء الصحافة الفلسطينية.
اعتذر عنكم وليس منكم، ونلقي بالكرة إمام مجلس نقابتكم لترتقي وحجم المخاطر، فلا ضرر ولا ضرار، ولا مجال للغزل الكذاب، ولا لوضع الرؤوس في الرمال، فإما أن ترثوا الروح الحرة للمضحين من اجل الكلمة أو تتمرغوا في وحل الإمبراطور الذي يستغل ضعفكم، وخلاصة الكلام عند نقيب الصحفيين الفلسطينيين عبد الناصر النجار ومجلس النقابة الموقر.
0 comments:
إرسال تعليق