المقاربات السياسيّة للأحداث في لبنان تختلف من كاتب إلى آخر بحسب الموقع والمنطلقات والمشارب الروحيّة والوطنيّة والفكريّة وإذا يوجد إجماع على حبّ لبنان والإنتصار للبنان بوجه كلّ طامع بأرضه ومياهه، كما بوجه كلّ من يهدّده بوحدته وأمنه واستقراره، فهناك إجماع في الوقت ذاته حول الحيرة من أمر قادته السياسيين الذين بعضهم لا يزال أسير مفاهيم طائفيّة، وبعضهم لا يزال أسير مفاهيم إقطاعيّة، وبعضهم أسير المصالح الخاصّة، فيما قلّة هم الساسة أصحاب المواقف الذين يؤثرون مصلحة الوطن ككلّ على كلّ مصلحة.
ومن ضمن هذه الخلفيّة تمّ توجيه السؤال التالي إلى عدد من الكتّاب: "منذ اغتيال رئيس وزراء لبنان السابق الراحل رفيق الحريري بالتزامن مع صدور القرار الدولي رقم 1559 ولبنان يعيش حال من الزلزال السياسي وجاء الغزو الإسرائيلي للبنان بتاريخ 12 تمّوز 2006 باعتباره الفصل الأعنف إبّان هذا الزلزال ما هو رأيك بما يجري؟ هل لبنان متّجه إلى انفراج أمني واقتصادي واجتماعي؟ أم متّجه إلى ضيق؟. ما هو رأيك بالسياسيين اللبنانيين، ومستوى إدائهم السياسي عموماً.
***
1 ـ المؤامرة ستفشل
ـ كميل شلالا (رئيس تحرير مجلّة الشرق الأوسط ـ تايمز)
بداية لا أحد يعلم ماذا سيحدث في الغيب، كل ما نتمناه للبنان هو الخير والتقدم والازدهار وتفشيل المؤامرت التي تستهدفه. في الواقع إن لبنان وللأسف يقع في حال ضياع منذ فترة طويلة تمتد الى ما قبل فترة 2005، وبعد ذلك جاء العمل الاجرامي الكبير بعملية إغتيال رئيس وزراء لبنان السابق الراحل رفيق الحريري، مما زادت لبنان ضياعاً وأصبح كرة لدول خارجية، وبالتالي أصبح قراره مسيطر عليه بالكامل من خارح الحدود، مما جعل السياسيين اللبنانيين يتحركون ويتصرفون وفقاً لمصدر القرار الخارج عن إرادتهم وسط الرياح الغريبة التي تجتاح لبنان وتتقاذفه من كل جهة وصوب.
لكن ما نشهده أخيراً من تحرك هام وتطورات إيجابية على أرض الواقع في إطار مفاوضات س – س ومنذ أيام زيارة الرئيس سعد الحريرى الى إيران وبعدها خطاب سماحة السيد حسن نصرالله ما يؤشر الى ان هناك استنفاراً لتطويق المؤامرة التي تحاك ضد بلدان منطقة الشرق الاوسط على أساس النعرات الطائفية والمذهبية، وهذا ما يجعلنا نتطلع بتفاؤل الى مستقبل لبنان الذي نتمنى أن يتجه نحو إنفراج.
أما بالنسبة إلى مدى نسبة هذا الانفراج لا نعلم، لكن على الاقل نستطيع القول وبثقة كبيرة اذا اتحدت القوى العربية وإيران وتركيا بوجه المؤامرة التي تستهدف معظم بلدان المنطقة، وخاصة لبنان، ستفشل كل مخططات الاعداء مثلما فشلت خلال العدوان الاسرائيلي عام 2006.
***
2 ـ إستنساخ فلسطين في لبنان
ـ أحمد الياسري (شاعر ومدير تحرير جريدة العراقية ـ سيدني)
الزلازل السياسية في لبنان لم يكن إغتيال الشهيد الحريري إلا ارتدادها الطبيعي، فلبنان بلد كان ولم يزل يسيطر العنف السياسي على مختلف مشاهده الحياتية، ثقافة هذا العنف أربكت مسيرة التنوع الإثني الجميل وحولته الى مارد يخاف اللبنانيون من سطوته في كل لحظة، لو قدر للشهيد الحريري أن يخرج من قبره الآن لأستسمح السياسيين اللبنانيين على أن يخرجوا جثته من مقاصل العدالة المنصوبة على قبره ويتداركوا لبنان قبل ان تدفنه أكفهم في مقابر الهاوية. قراءة سريعة في ملف الوضع اللبناني وفق هذه المعطيات لا يمكننا القول أن هناك بوادر إنفراج سياسي، هناك أزمة ثقة إجتماعية خانقة تتأطر بأطار سياسي، الثقافة اللبنانية هي الاخرى بدأت توضع على قوائم المطلوبين، وبدأ المثقفون يتنصلون منها خوفا على رقابهم، إسرائيل ترفع قبعتها لكل أعداء الأمس الذين ساهموا بتنفيذ رغباتها السياسية في لبنان، دول المحيط العربي والاسلامي هي الاخرى، لبنان بالنسبة اليها ليست الا بورصة لمضاربات الأسهم السياسية الخاسرة. ما أخافه هو أن تُستنسخ فلسطين بملامح لبنانية، وأن تصبح المسافة بين الجنوب وبيروت أبعد من المسافة بين غزة والضفة الغربية.
0 comments:
إرسال تعليق