تتحدث أوساط سياسية في بيروت عن زيارة قريبة برعاية سعودية من المحتمل أن يقوم بها الرئيس سعد الحريري إلى دمشق بعد عودة الرئيس الأسد من زيارته الرسمية المقررة إلى فرنسا بدعوة من الرئيس ساركوزي للتباحث في الشأن اللبناني وفي دور سوريا الملتبس لجهة لجم جماعاتها وجماعات إيران المسلحة ومنعهم من القيام بأعمال عسكرية واغتيالات وفوضى فور إعلان القرار الإتهامي عن المحكمة الدولية الذي بات صدوره وشيكاً.
الهدف من الزيارة كما تقول المصادر السعودية المواكبة لمساعي ال "س س" هو إعادة التواصل الشخصي بين الأسد والحريري، علماً أن العلاقة بينهما كانت تدهورت بشكل كبير وفاضح عقب صدور مذكرات التوقيف السورية السخيفة واللاقانونية بحق مسؤولين وسياسيين لبنانيين مقربين جداً من الحريري، وأيضاً بسبب إصرار دمشق التهويلي والاستعلائي والإملائي على الحريري للتنازل كلياً ليس فقط عن المحكمة الدولية واتخاذ موقف رسمي وعلني ضدها والقول بأنها غير شرعية وغير دستورية، بل أيضاً فك تحالفه مع القوات اللبنانية ومسيحيي 14 آذار وإبعاد عدد كبير من مستشاريه الذين تصنفهم دمشق في خانة الأعداء ومنهم النائب أحمد فتفت والنائب السابق مصطفى علوش.
هذا ويقال الكثير في حتمية هذه الزيارة وفي وفرص نجاحها خصوصاً وأن الاتصالات المباشرة وعبر المبعوثين لا تزال قائمة بين قصر المهاجرين وقريطم ولو في حدها الأدنى رغم كل الحملات الإعلامية السورية التي تستهدف الحريري مباشرة وعن طريق الأبواق والصنوج العونيين والأزلام والمرتزقة والتي وصلت إلى حد الإسفاف والشتم الشوارعي البذيء والتهديد المكشوف في مقابلة وئام وهاب الأخيرة مع الإعلامي وليد عبود عبر محطة ال أم تي في.
إذا كان لا بد من الزيارة خدمة للبنان الوطن وللاستقرار فيه ودعماً لمؤسساته الدستورية والشرعية نرى أنه من الضرورة أن يلتزم الرئيس الحريري مبدأ احترام الذات وتجنب الوقوع مجدداً في مصائد الحكم البعثي "التنيني" الذي لا يشبع من التهام الضحايا، بل على العكس تزداد شهيته نهماً بعد كل وجبة، وفي ما يلي الخطوات التي نعتبرها ضرورية قبل القيام بالزيارة:
*قيام رئيس وزراء سوريا بزيارة رسمية للبنان كمبادرة حسن نية، وذلك بعد مسلسل الزيارات "الإرتجالية" التي قام بها الحريري إلى سوريا استجابة للضغوطات السعودية والتي لم تحقق أي نوع من التفاهم على علاقات سوية وندية بين البلدين.
*وقف الحملات الإعلامية ضد الحريري و14 آذار المباشرة وغير المباشرة ولجم الأبواق والصنوج السورية في لبنان من أمثال الوهاب والقنديل وعون وربعه الساقط من المرتزقة والودائع والطرواديين.
*سحب مذكرات التوقيف السورية السخيفة وتعهد سوري صريح بعدم تكرار تصرفات صبيانية من هذا النوع واحترام سيادة واستقلال ومؤسسات لبنان الدستورية.
*تعهد سوري بالبدء فوراً ترسيم الحدود بين البلدين، كل الحدود بما فيها منطقة مزارع شبعا.
*إقفال ملف المعتقلين اللبنانيين اعتباطاً في السجون السورية وذلك بالإفراج عن الإحياء منهم وتسليم جثث الذين قضوا إلى ذويهم.
*التعهد بإقفال المعسكرات السورية في لبنان: الناعمة وقوسايا، وحلوة والنبي يعقوب.
*إلغاء مفاعيل اتفاق الدوحة التي شكلت نقضاً فاضحاً للدستور ولإتفاق الطائف.
*عدم التدخل بملف المحكمة الدولية التي لا يمكن التخلي عنها تحت أي ظرف.
*مساعدة لبنان على نزع كل السلاح اللبناني والفلسطيني غير الشرعي ضمن مهل زمنية محددة أيا كانت الجهة السياسية التي تملكه بما فيه سلاح جيش إيران في لبنان المسمى زوراً مقاومة، وذلك ضمن أطر مسؤولية سوريا الحصرية عن وجود وانتشار كل هذا السلاح مع الدويلات والمربعات الأمنية خلال حقبة احتلالها البغيض لوطن الأرز.
*إلغاء المجلس السوري اللبناني الأعلى فوراً وعدم استقبال رئيسه من قبل أي مسؤول تحت أي ظرف وحصر العلاقات والاتصالات بالسفارتين.
يشار هنا إلى أن تجربة الرئيس سعد الحريري مع النظام السوري التي رعتها السعودية منذ سنة حتى الآن كانت فاشلة وكارثية ومعيبة وغير مدروسة وارتجالية، وبالتالي لا يمكن الاستناد إليها في بناء أية علاقات مستقبلية وندية وصحية وقانونية ورسمية بين البلدين.
ولأن المؤمن لا يجب أن يلدغ من الجحر مرتين، نطالب الرئيس الحريري ومعه فريق 14 آذار أن لا يُوقِعوا أهلنا ووطننا مرة أخرى في أفخاخ الأوهام والوعود المفرغة من أي محتوى، وأن يتوقفوا عن التغني العاطفي والسطحي والكاذب بالعلاقات الأخوية غير الصحيحة الأسس.
نطالبهم أن يتعاملوا مع النظام السوري الطامع في لبنان منذ سنين طويلة بعقلانية ومسؤولية وروح وطنية بعيداً عن المساومات والخوف والمصالح الشخصية والتزلم والكيدية، وأن يلتزموا بكل القرارات الدولية (1559 إلى 1701) وبالقرار الخاص بالمحكمة الدولية (1757) وأن يُشركوا رسمياً الأمم المتحدة في كل عمليات تفاوضهم مع الحكم السوري حتى لا يتفلت مجدداً من أي اتفاق يبرمه مع لبنان كما عودنا باستمرار.
كفى لبنان وأهله تضحيات وقرابين وشهداء فقد حان الوقت لإقفال لبنان الساحة والانتقال إلى دولة القانون والمؤسسات، فهل يسمع ويتعظ أهل السياسة ومعهم المسؤولين ويتوقفوا جميعاً عن التخاذل والدجل والتلون وعمليات تبديل الطرابيش والجاكتات؟ من القلب نتمنى ذلك!!
0 comments:
إرسال تعليق