كيد الحكومة غلب كيد النسا/ مجدى نجيب وهبة


** لقد بات واضحا أن الدولة تعيش منذ سنوات حقبة من الفوضى والعبث بالمواطن يمتزج فيه الصالح بالطالح ، ويتساوى عندها البطل النبيل بالوغد الخسيس .. حقبة لا يمكن أن تستمر لأن إستمرارها هو مزيدا من الخراب والدمار ...
** الأسبوع الماضى كان حافلا بالمقالات والمانشيتات المحرضة ضد الأقباط والكنيسة ، وتبارى الجميع لإشهار كل فريق للفوز بجائزة "القرع الدولية" فى الكذب والتدليس ولم تختلف الصحف القومية عن صحف الإخوان وهو قلب الحقائق وتزييف النتائج وبث الكراهية والتحريض ضد الأقباط ، فالهوس الدينى صار يغلب على هؤلاء وأولئك أو معظمهم على الأقل .. ففى جريدة الأهرام نشر مقال بذئ ومستفز لأحد كتاب الجريدة يدعى "عبد الناصر سلامة" بعنوان أقباط 2010 يدق طبول الحرب الطائفية ويعلن الجهاد ضد الأقباط ويحرض الدولة على الكنيسة والأقباط ، وإتهم الأمن بالتقاعس والتدليع والطبطبة على الأقباط ، كما إتهم قداسة البابا بأنه المحرض على إثارة النعرة الطائفية منذ توليه كرسى البابوية .. وللأسف رغم حقارة المقال إلا أن السيد رئيس التحرير لم يعتذر بل إعتبر أن ما كتبه زميل بالجريدة من باب خوفه على الوطن حتى لا تتكرر مثل هذه الأحداث مرة أخرى ، وظل يمدح فى قداسة البابا ويتذكر مواقفه دون أن يقدم كلمة واحدة إعتذار ... لقد حرض كاتب الاهرام الدولة لمعاقبة الأقباط بسبب جرأتهم وتطاولهم على الدولة والأمن ، وصار يتحدث كأنه يدافع عن عزبة أبوه التى توارثها عن أجداده .. لم يكن هو الوحيد بل إنطلقت أقلام طائفية من الصحف القومية والمعارضة والإخوانجية ، الجميع يدينون الكنيسة ويزعمون أن الأقباط إستغلوا إنشغال الدولة والنظام فى العملية الإنتخابية وقاموا بتشييد مبنى الكنيسة رغم حصول المبنى على تراخيص بالبناء كمبنى خدمات كنسى ولست أدرى ما هو الفرق بين بناء مبنى خدمات كنسى وبين بناء قاعة للصلاة وبناء قباب وأجراس أعلى المبنى ... ولكن الكارثة التى إهتزت لها أركان وكيان الدولة لم تكن هجوم أِشاوس القرش على سواحل شرم الشيخ وقتل السواح وإصابتهم ونشر الرعب على الشواطئ وإلغاء الحجوزات السياحية فى قمة السيزون ... لم تكن الكارثة هجوم بعض عناصر تنظيم القاعدة على أحد المرافق الحيوية بالدولة وتفجيره ... لم تكن الكارثة إنخفاض منسوب النيل ، بل كانت الكارثة المروعة هى إقامة قبة للمبنى ووضع أجراس دون موافقة الجهات الأمنية والسيد رئيس الحى والسيد المحافظ وهو ما اعتبره المحافظ كارثة لا يمكن التغاضى عنها رغم أن معظم المبانى والجوامع والزوايا يعلم جيدا السيد المحافظ أن 90% من هذه المنشأت أقيمت بدون ترخيص ، ولا يجرؤ رئيس الحى أو السيد المحافظ أن يتساءل على رخصة جامع أو زاوية حتى لو أغلقوا شارع بالكامل أو إستولوا على الأرصفة المحيطة بالجامع .. حتى لو بنوا مئذنة تصل إلى المريخ ، وقد تناولنا كل ذلك فى مقال سابق بعنوان "لكم الله يا أقباط مصر" .. فوجئ الأقباط وهم يواصلون البناء بكنيسة العمرانية بالهجوم التتارى ولم يكن أمام الشباب إلا الدفاع عن مبنى الكنيسة أو الخدمات ضد جحافل الداخلية .. لقد أزعج الأمن أن يتعرض جنوده لغضب الأقباط وقذفهم بالطوب وهو دفاع شرعى إعتاد عليه الأمن عند تنفيذ قرارات الإزالة ، وقد رأينا أحداث سابقة وكان أقربها ما حدث فى عزبة الهجانة والدويقة ومنطقة الفواخر ، ولكن فى هذه الحالة إختلف الوضع تماما فقد هجم الأمن على شباب أعزل بالأسلحة والذخيرة الحية وهم يرددون صرخة الجهاد "الله أكبر" ، هذا بجانب القنابل المسيلة للدموع .
** ولأن منطقة العمرانية تضم فئات عديدة من الصعايدة فقد إشتعل الموقف وصارت حرب بين الأمن والكفار لهدم المبنى المزعوم إقامته كنيسة وتساءل بعض المارة من إخواننا المسلمين شركائنا فى الوطن ما الذى يحدث ؟! ، هل الأمن يطارد فلول إرهابية ؟ ، هل تم ضبط عناصر لتنظيم القاعدة للإخوة المسيحيين ولأنه لا هذا ولا ذاك فقد أعلن النظام على القصاص من الإخوة المسيحيين بسبب تجاوزهم فى الرد على الأمن المركزى وبناء القباب والأجراس ، أما صحف الإخوان وعلى رأسهم جريدة "صوت الأمة" فقد إنطلقت بمقال أكثر سخونة أو تحقيق للمدعو عنتر عبد اللطيف بعنوان "إعترافات بخط يد كاميليا شحاتة تعترف فيه كيف أسلمت وهناك 11 شاهد على إسلامها وقد ألف أحد شيوخ الفتنة كتاب عنوانه "كيف أسلمت كاميليا" ، وقد إستطاعت صوت الأمة الحصول على نسخة غالية وثمينة قبل إختفاء المؤلف وغلق هاتفه المحمول وتناولنا هذه التفاهات فى مقال سابق .. وهذا ليس بالأول ولا بالأخير فهذا المسلسل يوميا .. البعض يتطاول على الكنيسة والأقباط ويتهمهم بالإستقواء بالخارج والبعض يتهم الكنيسة والأديرة بأنها مخزن للأسلحة والبعض يصطادون عاهرة من أحد بيوت الدعارة لتظهر فى أحد القنوات الوهابية أو الخليجية لتعلن أنها كانت مختطفة بأحد الأديرة وقد تعرضت للتعذيب الوحشى حتى أنكرت إسلامها ، وتصمت الدولة بل البعض يبارك هذه الخزعبلات ويصدقها ، ويتعرض بالتالى الأقباط لمزيد من العنصرية والتعنت ولا نعرف كيف نواجه هذه الكوارث أو الإنهيار الإعلامى والصحفى لتهديد كيان الوطن ، وتناسى هؤلاء الكاذبون أن المواطن العادى يتعامل مع الخبر المنشور على أنه حقيقة حتى لو كان كاذبا أو ملفقا ، وهو ما يجعل القارئ يعتقد أن الرأى المنشور هو الصواب ويمثل فكر الدولة على إعتبار أن الصحف لا تنشر الضلال والكذب بل تلتزم بالحق والمنطق ، لقد بليت مصر ببعض الحواة والمهرجون الذين يجيدون اللعب على الحبل والبيضة والحجر وتكيد للأخرين ثم يغسلون أيديهم ليتبرأوا من كل ما يسمحون به ضد الأخر .
** فى أحداث سابقة لإحتواء العنف والعودة إلى الإرهاب ، تركت الدولة الجماعات الإسلامية فى الجامعات المصرية تتحرك ضدها وتوجه بالمظاهرات عن طريق الموبايلات من قيادتهم وفى أحد هذه الأحداث المرعبة صرح أحد لواءات الشرطة أنه لا غضاضة فى تنظيم المظاهرات بل أن الرئيس مبارك أعلن إحترامه العميق لمشاعر الغضب المشروعة التى تعبر عن نبض الشارع المصرى ، رغم أن هذه الجماعات هى محظورة وليس لهم ولاء للجامعة والوطن وإنما ولاءهم للإخوان كما إنهم يجيدون فن اللعب على المشاعر وإستخدام وسائل الشحن المختلفة والهروب فى الوقت المناسب وقد نشرت تلك العبارات بمجلة روزاليوسف فى العدد 19 إبريل 2002 ص 15 .
** فى كلية دار العلوم .. تلك الكلية العريقة والمستنيرة التى أسسها على مبارك لتكون منبرا للعلم والنور .. تحولت إلى كلية لتخريج المتطرفين وتخريج أكبر طلبة من المتورطين فى العمليات الإرهابية المسلحة .. مارس الإخوان أبشع الجرائم ، إعتدوا على الطلبة وعمداء الكلية ووكلائها وحرموا كل الأنشطة الطلابية المتعلقة بالرحلات المشتركة والمسرح والموسيقى والأدب والشعر وسعوا لفرض الحجاب على الطالبات بالقوة ، رفعوا علم الإخوان على مدخل الجامعة وحينما حضر ضابط من وزارة الداخلية للتحقيق فى الواقعة رد طالب الإخوان بوقاحة "هذا علم مصر حينما تصبح ولاية إسلامية فى دولة الخلافة " ، وترك الأمن الطالب الذى قاد عملية تعليق العلم دون عقاب رادع !!! .. هذه بعض الوقائع وليست كل لتعامل الأمن !! .. فهل فعل شباب العمرانية مثلما فعل هؤلاء من ترويع للطلبة وأمن الجامعة والأساتذة والمجتمع ؟!!.
** فى أحداث المحلة إندلعت أحداث العنف إبريل 2008 والتى جرى تخطيطها وتنفيذها بمعرفة "جماعة الإخوان" وبمشاركة عدد كبير من البلطجية والمسجلين خطر بإستخدام الدراجات البخارية وإستخدام أجهزة المحمول لرصد تحركات أجهزة الأمن وإشعال الحرائق فى اماكن متفرقة وإشعال الأخشاب وإطارات الكاوتشوك على قضبان السكك الحديدية ونزعها وسرقتها لوقف حركة القطارات وإلقاء الحجارة على المحلات ورشق الأماكن العامة والهجوم على البنوك والمدارس وإحراق الأتوبيسات العامة والسيارات الخاصة ونقط الإسعاف وإمتدت عمليات الشغب حتى قلب المدينة وأصيب 4 ضباط و50 شرطيا و95 مواطنا والبعض منهم فى حالة حرجة ، وقد تعاملت معهم الشرطة بالغازات المسيلة للدموع حرصا على سلامة المواطنين ورغم بشاعة هذه الأحداث والخسائر الرهيبة لم تلقى الشرطة القبض إلا على 100 من مثيرى الشغب والذين إتضح أن معظمهم من المسجلين خطر والذين تتراوح أعمارهم بين 15 و25 عاما .. لقد تركهم المسئولون يعتدون على الحريات وعلى أمن وسلامة الوطن دون ردع للفوضى والإرهاب .
** فى أحداث الإعتداء على معبر رفح دوت بعض أعضاء حركة حماس الإسلامية والغير شرعية بعض الحواجز على الحدود المصرية وقاموا بتهديد الأمن القومى المصرى فى محاولة للإطاحة بالسيادة المصرية على حدودها ، هذا بجانب الإعتداء بالرصاص الحى على المجندين من الجنود المصريين والذى أدى إلى وقوع ضحايا وإصابات ، وتسامحت مصر ولم تطلق أعيرة نارية على شباب منطقة حماس بل إلتزمت بأقصى درجات التحلى بضبط النفس ، ورغم سقوط ضحايا إلا أن الأمن المصرى إعتبرها نيران صديقة !!.
** فى تفجيرات سيناء فى شرم الشيخ وطابا ودهب وسقوط مئات القتلى والجرحى والسواح وضرب السياحة فى مقتل ، عقب القبض على المتهمين من تنظيم الجهاد أبدى بعضهم مبادرة وقف العنف والمراجعات الفقهية رغم أنهم ليسوا أعضاء فى جماعة الجهاد وتم الإفراج عنهم بعد التوقيع على المبادرة .. ونتساءل هل ما تم مع أقباط مصر هو تطبيق "قانون للإرهاب" أم الإرهاب بالقانون ؟!!!.
** هل الرغبة فى حماية أمن وسلامة الوطن لا تتم إلا بهدم قباب الكنائس وأجراسها حتى لو كانت مخالفة لشروط البناء ، فهل كانت المخالفة تستدعى هجوم جحافل الشرطة وسقوط 3 قتلى و67 مصاب والقبض على 157 بزعم إثارة الشغب ومقاومة السلطات والإصرار على حبسهم دون مراعاة للبعد الإجتماعى بين عنصرى الأمة .
** هل هدم قباب الكنيسة هو العودة للخط الهمايونى وفرض الجزية وإعتبار الأقباط أهل ذمة ..
** هل ما تم ضد الأقباط سيمنع جرائم الإرهاب وتنظيم القاعدة ضد العالم والحكومة المصرية والأقباط والتى ما زالت مصر تعانى منها حيث راح ضحيتها مئات الألاف بين قتلى وجرحى .
** لقد طرح الوطن وبكل أسف رداء المواطنة وإرتدى رداء أخر غاية فى السواد ... إنه رداء الفتنة اللعين .. فتنة الظلمة والكيد للأخر !! ، هكذا سعى البعض له وكان لهم ما يريدون أزمات وسواد وقتل وإعتداء مستمر .
** فهل فعل أقباط وشباب العمرانية مثلما فعلوا الإرهابيين من قتل وسفك دماء وترويع للوطن والمواطن .. أم أن كيد الحكومة غلب كيد النسا ، وليس لنا إلا أن نقول "لكم الله يا أقباط مصر " ...
رئيس مجلس إدارة جريدة النهر الخالد

CONVERSATION

0 comments: