إن السكوت والمواقف الرمادية لم تعد مقبولة فيما لبناننا الحبيب تفترسه الذئاب وتنهش في جسده جماعات الإرهاب ويعيث فيه دماراً وفسقاً ربع المرتزقة من الفجار الذين يُعهِّرون كل شيء ويحللون كل المحرمات خدمة لمصالح الأغراب والمارقين من فرس وبعث وتجار تحرير ومقاومة، ومن واجب الجميع نجدة وطن الأرز عملاً بالقول الكريم: "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان".�
مؤسف أن العديد من قادة لبنان وطاقمه السياسي الواقع في تجارب ابليس وفخاخه هم مصابون بعمى بصر وبصيرة في حين أن رزم الحقد والكراهية والجشع والنجاسة تملأ قلوبهم وتتحكم بعقولهم وفي كل ما ينطقون به ويفعلون. يقول النبي اشعيا عن الذين كفروا واغضبوا الله ووقعوا إلى الأبد في أفخاخ ابليس حتى أنه لم يعد يقبل توبتهم: "أعمى عيونهم وقسى قلوبهم، لئلا يبصروا بعيونهم ويفهموا بقلوبهم، ويتوبوا فأشفيهم" (يوحنا (40:12).
عيون هؤلاء القادة الخطأة سقيمة تحجب نور الله عن ضمائرهم وقلوبهم المخدرة: "سِرَاجُ الجَسَدِ هُوَ العَيْن. إِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ سَلِيمَة، فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ نَيِّرًا. وإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ سَقِيْمَة، فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ مُظلِمًا". (متّى 6/22-23). عيونهم نهمة للشر والطمع والحسد والإجرام ولم يعد يشبعها شيء وقد جاء في أمثالنا الجبلية: "عين الحاسد تبلى بالعمى". هذه العيون لم يعد يشبعها سوى التراب يوم يستعيد الرب أرواح أصحابها حيث تعود هي إلى التراب التي جبلت منه.
محزن أن عيون جماعات المرتزقة حاجبة النور عن عقولهم لم ترَ المليون لبناني سيادي الذين تجمعوا في ساحة الحرية ليقولوا لا لسلاح حزب الله غير الشرعي والإجرامي، ولم يسمعوا أصواتهم المدوية المنادية بالحرية والسيادة والاستقلال والكرامة والعدل، ولم يفهموا رسالتهم الصارخة كصوت النبي يوحنا المعمدان في البرية التي قالت جهاراً وبشجاعة وصدق، ونبل، نعم للبنان وللمحكمة الدولية، ونعم لدولة القانون، ولا لإيران الفرس وسوريا البعث، وألف لا لكذبتي المقاومة والتحرير، ومليون لا لهرطقة الممانعة.
نعم تعاموا عن كل شيء لأن الله أعمى عيونهم وخدر أحاسيسهم وأنزل في قلوبهم قساوة ابليس، فانسلخوا طوعاً عن الواقع والحقيقة والنور، وتقوقعوا في جحور أوهامهم المرّضية بعد أن أوصدوا كل منافذها وأبوابها حتى لا يروا وجه الله.
محزن أن الأوباش هؤلاء ارتضوا العبودية صاغرين وتلونوا بمائة لون ولون أين منهم الحرباء. فقدوا كل نَعم وعطايا المصداقية وتخلوا عن صفاتهم الإنسانية وتنكروا بجحود وكفر للقيم والمبادئ والأخلاق، وفيهم يصح قول الإمام علي: "لا صديق لمتلون، ولا وفاء لكذوب، ولا راحة لحسود، ولا مروءة لدنيء".
الحقيقة المرة والصادمة تقول إن كل القيادات والأحزاب المرتزقة في وطن الأرز الذين يسوّقون لسلاح إيران وسوريا ولهيمنتهما الإرهابية على أهلنا هم عبيد تربوا على معالف الذل فأمسوا مجرد أبواق وصنوج يعرضون كراماتهم وألسنتهم ورقابهم للبيع في أسواق النخاسة لمن يدفع الثمن الأعلى. هم باختصار مداحون وقداحون بالأجرة وعبيد تخلوا عن نعمة الحرية. "المسيح حررنا لنكون أحراراً. فاثبتوا، إذا، ولا تعودوا إلى نير العبودية" (غلاطية 5/1)
أما هؤلاء المغرر بهم الذين لا يزالون رغم كل المصائب والبلاوي التي أصابتهم وحلت بوطننا اللبناني الغالي، الذين لا يزالون من أتباع القيادات والأحزاب المرتزقة والمأجورة، فقد ارتضوا وضعية الأغنام وقبلوا السكن في الزرائب، ولا يرون ضيراً في أن يساقوا إلى المسالخ ليذبحوا كالأغنام وباقي المواشي، وفيهم يقول الكتاب المقدس: "وأجعل الصبيان حكاماً لهم والسفهاء أسياداً عليهم. ويقوم الشعب بعضهم على بعض وواحدهم على الآخر ويستخف الصبي بالشيخ، واللئيم بالكريم" (اشعيا 4 و5).
أعداء لبنان السيادة والهوية والتاريخ والرسالة والشهداء عبدوا المال والسلطة والملذات وكل مقتنيات الدنيا فخسروا أنفسهم وهم يعلمون علم اليقين أن ما من إنسان مهما عظُمَ شأنه تمكن من أن يأخذ معه يوم مماته شيئاً أرضياً. تعاموا بسبب دناءة نفوسهم عن أن الزاد الوحيد الذي سيأخذونه معهم ليوم الحساب هو أعمالهم وفقط أعمالهم. نعم خسروا أنفسهم فاستحقوا عذاب جهنم ونارها التي لا تنطفئ: تعاموا عن قول المعلم: "ماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟"
بفخر واعتزاز نحيي المليون من أهلنا الأحرار الذين افترشوا ساحة الحرية والشهادة في 13 آذار دفاعاً عن قيم وأهداف ومبادئ وقداسة ثورتهم المجيدة، ثورة الأرز، ونقول لقيادات هذه الثورة إياكم والعودة إلى الوراء، كفاكم أخطاءً وخطايا.
نقول لكل قيادات 14 آذار كفى مساومات، وخوفاً، وتلطياً، ومسايرةً، وذميةً وتقيةً، ولعباً على الكلام، وازدواجية في المواقف. نقول لهم إن "لبنان الوطن الحر" لن يسترد استقلاله وحريته وسيادته الناجزة قبل أقفال "لبنان الساحة" والتوقف كلياً عن المتاجرة بالمقاومة والتحرير وعن عزف سيمفونية "إسرائيل العدو" المملة التي صالحتها واعترفت بها مباشرة أو مواربة كل الدول العربية ومعها دولة الملالي الفارسية.
نقول لهم أن يكفوا عن اجترار هرطقة "سلاح المقاومة" تحت أي مسمى لا في الداخل ولا في الجنوب ولا في أي بقعة من بقاع لبناننا الحبيب لأن للدولة المستقلة جيشاً واحداً فقط هو جيشها الذي يدافع عن حدودها ويصون مؤسساتها ويلتزم قانونها ودستورها.
نقول لكل القيادات في لبنان وتحديداً لقيادات 14 آذار، إياكم والمناداة بدمج جيش حزب الله الإيراني والمذهبي والإرهابي في جيش الدولة اللبنانية لأن في هكذا تصرف أخرق وغبي نحراً مبيناً للبنان الكيان ولكل ما يجسده من تاريخ ورسالة وثقافة وحضارة وانفتاح.
يبقى: "إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ" (الرعد:11)
0 comments:
إرسال تعليق