لا فرق بين نظام حماس في غزة ونظام القذافي في ليبيا/ عبـد الكـريم عليـان


الرياح الثورية في الوطن العربي كشفت اللثام عن كثير من الحقائق للحيارى من العرب وغيرهم ممن كانوا لا يهتمون بالسياسة والأمور العامة لبلدانهم، وأول هذه الحقائق أن هذه الأنظمة على مدى عقود طويلة من الزمن بنت جيوشا وظيفتها الرئيسية فقط ! الحفاظ على هذه الأنظمة وحمايتها أكبر فترة ممكنة لنهب خيرات البلاد واستعباد العباد.. أنظروا قوات الردع السعودية التي ذهبت إلى البحرين لحماية زميلهم ملك البحرين، لم يكن بين هذه القوة دبابات أو منظومة صواريخ أو غيرها من مدفعيات الحروب، بل كانت ناقلات جند مصفحة من الفولاذ وصمم بها فتحات لإطلاق الرصاص من بنادق لجنود يتمركزون داخلها، ومن الواضح أن هذه العربات تستخدم فقط لقمع المتظاهرين العزل ولا يمكن استخدامها في الحروب.. ولا نعتقد أن تلك الأنظمة لديها القدرة والقوة الكافية لمواجهة أي عدوان خارجي لأوطانها؛ لأن هذه المهمة أوكلت لدول عظمى مقابل ضمان مصالحها في تلك الدول، ولا يختلف حال الدول العربية الأخرى لا في الشرق أو الغرب، وها هو القائد الثوري في ليبيا بعد أكثر من أربعة عقود يستخدم الطائرات والدبابات والصواريخ ضد شعبه الثائر الميمون، والتاريخ يثبت دائما أن حركة الشعوب لا بد أن تنتصر، ولسوف يموت القذافي وكل من على شاكلته...

الأيدي المتوضئة الحمساوية التي كانت بالأمس القريب تقارع الاحتلال أصبحت بين ليلة وضحاها تقارع شعبها، وصارت وظيفتها الأساسية في غزة حماية حدود إسرائيل ثم قمع الناس والتدخل السافر في حرياتهم وقهرهم إلى أبعد حدود، وصار همهم الأساسي الحفاظ على سلطتهم التي لا سلطة سواها.. وأي سلطة هي ؟ سوى التحكم في شعبهم المحاصر من أجلهم..؟؟ أي سلطة هي التي ليس لها صلاحية لا على الحدود ولا على الجو أو البر أو البحر؟؟ إذن بقيت سلطتهم فقط على الشعب ! وبرعوا في طرق سرقته وتنظيف جيوبه بدء من فرض الضرائب والسيطرة على التجارة وطرق التهريب ونهب الأراضي وفرض الآتاوات أو تقاسم المرابح مع الشركات الخاصة كالاتصالات والجوال والكهرباء أو فرض توظيف عناصرها ومؤيديها في هذه الشركات، وسرقة بنك الاستثمار، وانتهاء بالتزوير والاحتيال والنصب مثل استثمار أموال الناس وتزوير الدولارات وغيرها كثيرا من الفضائح المنشور منها والمخفي أعظم ! كل ذلك مع بقاء جيل الشباب بدون عمل، وأغلقت أمامهم كافة السبل للعيش الكريم؛ فهم يعيشون في سجن كبير.. بل السجن أرحم من حياتهم التي لا معنى لها؛ فالسجن مسئول عن صحة وإطعام المساجين لكن في غزة لم يجد الشباب قوتهم ناهيك عن الآلاف الذين يتخرجون من الجامعات سنويا بعد أن خسر ذويهم آلاف الدولارات في تعليمهم عسى أن يبدءوا الطريق.. وهاهم لم يجدوا سبيلا أمامهم سوى من سبقهم من الشباب العربي في مصر وتونس، وكذلك في اليمن والبحرين وليبيا والطريق مفتوحا لدول أخرى كلها تعيش في نفس الظروف.. بينما دولا غربية هرمة تحلم بأن تكون فئة الشباب لديها هي الأكبر لاستيعابهم في حلقة الإنتاج والإبداع والتطوير..

المتابع لنهج وسلوك قيادة وعناصر حركة حماس في غزة منذ الانقلاب الدموي في الرابع عشر من حزيران 2007 حتى هذه الأيام سيجدها لا تختلف كثيرا عن الطاغية والمستبد القذافي مع شعبه سوى الفرق الزمني في الحكم..! ونرجو أن ينتهي حكمهم لغزة اليوم قبل غدا ـ فها هو القذافي يصف شعبه بالجرذان والمقملين ومتناولي الحبوب، وفيما بعد يتهمهم بالانتماء للقاعدة ـ إرضاء للغرب، وأخيرا يتهم الغرب بالصليبيين، وأن حربه هي حرب بين الإسلام والصليبيين، ولا يعترف بأنه رئيس دولة، بل هو قائد ثورة وما زال يحتفظ ببندقيته لتحرير ليبيا.. فهو مازال يغطي الشمس بالغربال ولا يرى حجم الجرائم التي ارتكبها بحق شعبه وبحق الإنسانية جمعاء.. كل ذلك لأن شعبه قد مل كذبه وجنونه، ولأن الشباب الليبي يريد أن يرى وطنه وشعبه حرا قويا معافى يعتمد على نفسه ويشارك العالم انجازاته الحضارية.. عناصر حماس وقياديها قبل الانقلاب الدموي كانوا يقولون: بأنهم طلاب دين وليسوا طلاب دنيا.. وهاهم قادة حماس وعناصرها يصفون الشباب الغزي بالعملاء والخونة والواهمين وأبناء دايتون وأبناء التنسيق الأمني والمارقين والخارجين عن الدين... كل ذلك لأن الشباب خرجت للتظاهر السلمي للتعبير عن إرادتهم وأحلامهم ورغباتهم التي كان أولها إنهاء الانقسام البغيض الذي قضى على آمالهم بالوحدة وإنهاء الاحتلال؛ فلم يعجبهم ذلك واستخدمت القوة في قمع الشباب وأوقعت بينهم أكثر من خمسين إصابة في أقل من نصف ساعة من بينهم صحافيين وكتاب وتفريقهم ومنعهم من التظاهر أو التجمع في أي مكان.. القذافي مؤخرا قال: إن حربه هي حرب إسلامية، وقال: إنه وسط الجماهير المسلمة وسوف تنتصر.. وأن كل المسلمين في العالم يؤيدونه ويتظاهرون معه، في أسيا وأفريقيا وأوروبا وأمريكا، ومن يحاربه حفنة قليلة، وقال: إن الطائرات لن تهزمه.. بالضبط ! مثلما قالت حماس في حرب غزة التي أسمتها حرب الفرقان.. وخرجت فيها منتصرة كما زعمت! نعم منتصرة لأنها بقت موجودة وبقي الانقسام! لكن أهل غزة دفعوا ثمنها باهظا ومازالوا يعانون من أثارها حتى اللحظة.. في هذه الأثناء قصفت الطائرات الإسرائيلية غزة وأوقعت من أهلها ثمانية شهداء من بينهم أربعة أطفال والعديد من الجرحى، وربما يزداد الهجوم ويستمر.. ويعرف الجميع رد الفعل الإسرائيلي جاء بعدما رشقت حركة حماس برئاسة مشعل بعض القذائف داخل إسرائيل نكاية بمبادرة عباس وهنية لإنهاء الانقسام.. وها هي حماس لم تقل شيئا، بل اختفت التهديدات المزلزلة التي كانت دائما تتفوه بها، وهاهم قادتها طلاب الدنيا اختبئوا تحت الأرض ريثما تتم بينهم هدنة جديدة، ليخرجوا بعدها من جديد إلى الدنيا ويمارسوا استبدادهم وسلطتهم على شعبهم.. ليس غريبا على كل الحكومات الاستبدادية ما يجري.. فالشيخ الكواكبي ـ رحمه الله ـ كان قد وصفهم قبل أكثر من قرن، بقوله: " ما من مستبد سياسي إلا ويتخذ له صفة قدسية يشارك بها الله ! "

Elkarim76@hotmail.com

CONVERSATION

0 comments: