برأيي أن الإصلاح المطلوب يجب أن يبدأ أولاً بالثورة على التقاليد وقواعد الأخلاق السائدة وجميعها متزمتة، وكنا نصدق كل ما كان يقال لنا. لماذا لم يتمرد الشباب بفكرهم على البيئة القاسية، وهي بيئة مريضة ظلت وما زالت تشجع نوعاً مرضيا من الأخلاق إلى الحد الذي يصل فيه هذا التشجيع إلى إصابة الذكاء بالشلل.
إن معظم الشباب يتوجهون إلى التعليم الجامعي حسبما يرغب الأهل، وقلما نجد من يستطيع التحرر من جحيم البيت الخانق ويلتحق بالكلية التي يرغب التخرج فيها. وفي الجامعة لم نجد فكر هؤلاء الشباب يستطيع الانطلاق والتعبير بما شاء من آراء ومعتقدات دون أن يتهم نفسه في أنه مختل في قواه العقلية. أو أنه مجرم بحق عائلته. بل أن هؤلاء الشباب لم يألفوا جو الجامعة، فانشغلوا في العنف الجامعي والتعصب القبلي البائد.
وينصاع الشباب لمطلب الأهل في موضوع العمل، ولم نجد من يخرج عن الطوق ويشتغل في المكان الذي يريد إلا ما ندر من الشباب، رغم ما يتضمنه من إغضاب العائلة.
وفي الجامعة يتدخل الآباء في مساعدتهم أولادهم في الحصول على النجاح. فالشباب قليل الصلاحية للسياسة والفكر وهو يحتاج إلى إصلاح.
كل ذلك يعني، أن من يحاول أن يقيم الإصلاح، على أساس ديني، يلغي الحرية الشخصية، والحياة النيابية، ويقف في وجه تحرر المفكرين من سلطة رجال الدين، وتحرير المرأة من الجهل، وتمكينها من المشاركة في الحياة العامة. إن العقيدة الدينية تكون حسنة، ما دامت تعمل على الحياة الفاضلة، ويعتمد عليها المسحوقون والمظلومون لاستعادة حريتهم، وكرامتهم، وإنسانيتهم، وتقودهم إلى التقدم، والتطور، والحرية. وأما إذا كان الأفراد يتصرفون بروح القطيع، ويجمعهم جرس التيس، فإنهم لن يتوصلوا إلى الانسجام التام.
ويتكلمون عن الدستور وإصلاح الدستور، ولو أن كل الدساتير ألغيت ووضعت كل دولة الدستور الذي يريده الشعب، لما جعل ذلك من حكومة مستبدة حكومة عادلة.
ويتكلمون عن النفاق، لا للنفاق ..، فإن المنافقين من أبناء الشعب، وقد تعلموا فيه وتفننوا وأبدعوا، على مدى تاريخهم الطويل. وإذا قالوا لا للدجالين، فإن الدجالين أيضاً من أبناء الشعب، وإذا قالوا أنهم لا يحبون الحياة، ويريدون الموت والعنف والدمار، فإن الإنسان وحده هو الذي يحب الحياة، وهو جدير بحياته. وإن حب الموت والهلاك من بقايا الوحش في الإنسان.
ويتكلمون عن القصور وعن الاستثمارات، وينشرون أسوأ الشائعات، وفاتهم أن ينظروا إلى أنفسهم كيف كانوا؟ وكيف أصبحوا؟ والله يقول: انظروا. . وفاتهم أن مظاهر الحضارة تعزى إلى هذه الفئة، وأن جميع الإنجازات العظيمة، التي حققتها البشرية كانت ثمرة جهود هؤلاء الذين تمتعوا بما خصهم الله به من إبداع، فأحسنوا استخدامه فيما ينفع الناس. فلم ينشروا ديانة الزهد، والتقشف، والتعفف، ويتركوا للشريرين أطايب الحياة!
0 comments:
إرسال تعليق