هل مصر فرعونية ام عربية ؟ (4)/ لطيف شاكر

يسأل البعض عن علاقة اللغة المصرية الحديثة باللغة العربية والذي يجهل هذه العلاقة يرفض الاعتراف باللغة المصرية بل ويهاجمها بضراوة معتبرا ان هذا من باب الغلو للغة المصرية ,واود في هذه المقالة ان نوضح العلاقة القوية والرابطة المتينة لتطور اللغة المصرية القديمة الي اللغة التي نتكلمها الان ,ويعتبرها البعض انها عربية او عامية الفصحي ,وكما وضحت في مقالات سابقة عن ان اللغة تتمثل في: تركيب ونحو وصرف اللغة , وقد اثبتنا بطريقة تخلو من الشك وتبعد عن الجدل ارتباط لغتنا الحالية بالقبطية او المصرية القديمة من هذه النواحي بما فيها ايضا الفونميات اي الصوتيات , وبالرغم من ان الكلمات لاتصنع لغة لكن في هذا المقال سوف اوضح كثير من الكلمات المصرية التي شكلت اللغة الحالية ,اضافة الي تركيب وصرف اللغة القبطية في اللغة المصريةالحديثة التي نتكلمها .

ويقول الاستاذ الراحل جمال حمدان الباحث في شخصية مصر : لكن الثابت المحقق أن اللغة المصرية القديمة‏,‏ الحامية تصنيفا‏,‏ تشترك في أكثر من عشرة آلاف كلمة مصرية مع اللغة العربية‏!‏

وفي الحقيقة وقفت حائرا امام الكلمات القبطية التي اردت توضيحها للقارئ والتي اندمجت في اللغة الدارجة الان, لكثرة عددها وبين يدي كلمات لاحصر لها ولا استطيع ان ذكرها في مقال واحد او عشرات المقالات, وسنذكر القليل منها علي سبيل المثال ومن يريد التوسع في المعرفة , ارجو الرجوع الي موسوعة من تراث القبط المجلد السادس ومؤلفات الدكتور جورجي صبحي ودكتور احمد كمال وقاموس الكلمات العامية المصرية ذات الأصل القبطي ومؤلفات دكتور اميل ماهر بعدة لغات .... وغيرهم من الكتب التي تتكلم عن القبطيات ومفرداتها.. وايضا يمكن تداركها بسهولة من عدة مواقع بالانترنت تحت عنوان اللغة القبطية .

واللغة القبطية الان لها مراكز علمية وابحاث و اقسام وكراسي في اغلب جامعات العالم المتقدمة باسم كوبتولوجي (علم القبطيات) و لاخراج ذرات التراب من العيون, اضطرت الي كتابة بعض الكلمات الشائعة التي نستخدمها الآن طوال اليوم في كل شئون حياتنا , دون ان نعرف مصدرها ومن اين اتت , وبالرغم من ذلك فانها كلمات تتوارثها الاجيال منذ ان اصبحت مصر أول واعظم حضارة علي مر العصور .

ودعونا نغوص معا فى بحور الكلمات القبطية , كلمات لها تاريخ, تاريخ يرجع لخمسه الاف عام .
فاللغة المصرية القديمة لم تندثر تماما - بل انها باقية الى يومنا هذا , بل لااكون مغاليا ان اللغة القبطية المصرية بدأ يدب فيها الحياة مرة ثانية بعد ان طال غيابها المؤقت تحت نير مستعمر جاهل احمق. وبدأت تنتشر بسرعة ملحوظة ليس في اوساط الاقباط فحسب بل بين كثير من المسلمين المصريين العقلاء الملتحقين بمعاهد اللغة القبطية ,اضافة الي العدد المهول من الاجانب من جميع الجنسيات واصبح للغة القبطية مكانة متميزة في اغلب جامعات العالم ومراكز اللغات القديمة ,خاصة بعد اكتشاف مكتبة نجع حمادي والكتب والمخطوطات والبرديات القبطية .
ان مئات الجمل والالفاظ لاتزال مستعملة كل يوم فى اللغة العامية للمصريين .. فما يكاد المولود يرى النور حتى يسمع امه تخاطبه بلغة غريبة عنه ولكنها فى الوقت نفسه اقرب ماتكون الى حسه وفهمه ..
فهو اذا جاع - تقوم امه باحضار الطعام له وتقول له ( مم ) بمعنى ان ياكل
واذا عطش - احضرت له الماء وقالت له ( امبو ) بمعنى ( اشرب) .
ان اصل كلمة ( مم ) مأخوذ من اللغة القبطيه القديمة )موط ) والهيروغليفية ( اونم ) بمعنى كل - ( وامبو ) ماخوذة من كلمة ( امنموا ) القبطية بمعنى اشرب ..
اما اذا ارادت الام ان تنهر طفلها تقول له ( كخة ) وهذه الكلمة قديمة ومعناها القذارة ..
واذا ارادت ان تعلمه المشى قالت له ( تاتا خطى العتبة ) وتاتا فى الهيروغليفية معناها ) امشى) .
اما اذا ارادت الام تخويف ابنها فانها تقول له ( هجيبلك البعبع) والماخوذ من القبطية ( بوبو ) وهو اسم عفريت مصرى مستخدم فى تخويف الاطفال .
وفى موسم الشتاء يهلل الاطفال لنزول المطر بقولهم ( يامطرة رخى - رخى ( وأصل كلمة ( رخى ) فى العامية المصرية هو ( رخ ) فى الهيروغليفية معناها ( نزل) .
وسيدهش المصريون هنا - اذا ماعلموا ان اصل كلمة ( مدمس ) ومعناها الفول المستوى فى الفرن بواسطة دفنه او طمره فى التراب والتى تشير الى اكثر الوجبات الشعبية لدى المصريين وهو كلمة ( متمس ) الهيروغليفية - اى انضاج الفول بواسطة دفنه فى التراب
ومن الاكلات الشعبية ايضا التى اكتسبت اسمها من المصرية القديمة اكلة ( البيصارة ) واسمها القديم ( بيصورو ) ومعناها الفول المطبوخ .
ثم هناك المصطلحات الشعبية الدارجة مثل كلمة ( شبشب ) ( الخف ) والتى اصلها قبطية ( سب سويب ) ومعناها مقياس القدم .
وفى الحر يقول المصريون ( الدنيا بقت صهد ) وصهد كلمة قبطية تعنى نار .
كلمة واح والتى صارت واحة بالعربية,معناها جزيرة العرب,
وكلمة نونو وهي الوليد الصغير,وكلمة كحكح وتعنى العجوز,
وكلمة طنش معناها لم يستجب,....وغيرها كثير -- بطط اى دهس

هذا بخلاف كلمات كثيرة جدا وعبارات عديدة من اللغة العامية والدارجة تتبع النطق وما ذكرناه هو أن القبطية لا مثيل لها فى اللغة العربية فى شبه الجزيرة العربية ومنطقة الخليج والدول العربية الأخرى وماذكرناه هو علي سبيل المثال فقط وليس الحصر .

ويقول عالم القبطيات د.اميل ماهر (القس شنودة ماهر حاليا) ان بعدما توقف استخدام اللغة القبطية كلغة تخاطب فى الحياة اليومية في القرون المتوسطة بقيت مفردات وتراكيب قبطية كثيرة مستعملة فى لهجة مصر العربية العامية. وقد اجريت دراسات علمية حولها ، ذكرنا أهمها فى كثير من المراجع، ومنها رسالة الكتوراة التى تقدم بها كاتب هذا المقال (د.اميل ماهر)إلى جامعة أكسفورد سنة 1975م.

وفى حدود المساحة المحددة لهذا المقال نقدم هنا أمثلة مختارة لبعض المفردات الواضحة وننبه إلى أن معظم المفردات القبطية التى نوردها ارجعناها الي أصولها الهيروغليفية والديموطيقية التى لم نستطع ذكرها هنا لضيق المساحة ,مع ملاحظة أننا نكتب الفعل العربى فى صورته فى الزمن الماضى كما فى القواميس، ولكننا فى احيان كثيرة نفضل كتابته بصورته فى الزمن الحاضر تمييزا له عن الإسم . كما ان أداة التعريف فى القبطية تختلف من المذكر المفرد عن المؤنث المفرد . وعالجنا المفردات تحت الأقسام التالية:

مفردات زراعية: وتتضمن..الفيضان والسدود و القنوات.الأراضى والشون

.تجهيز الأرض الزرع و الحصاد.: أغانى العمل. الادوات. المحراث الات الرى .

النباتات الطيور و الحيوانات .والاسماك والحشرات

الجسم ..ويتضمن.. أجزاء الجسم .إفرازات الجسم. الامراض و الاورام.

الأبنية و ما يتعلق بها..

الأطفال.. ويتضمن..كلمات اللعب. كلمات أخرى تتعلق بالأطفال. الملابس.

مصطلحات كنائسية وروحية .

النار والمصابيح والأفران الأوانى والأوعية.

الطعام والشراب. أصوات التعجب وصرخات النداء.

المكاييل والاكياس والسلال مصطلحات بحرية.

جماعات الناس و نوعياتهم.

الكلام والمخادعة والضوضاء. العصى والأدوات

مصطلحات أخرى.(انظر المراجع المذكورة بالمقال والانترنت)

وتحت كل قسم من هذه الأقسام عدد لا يحصي من الكلمات القبطية التى نستخدمها . و تفصيلها يحتاج الى مجلدات لايمكن حصرها.و اكتفينا برؤوس المواضيع فقط و للمزيد يمكن الرجوع الى موسوعة من تراث القبط المجلد السادس تأليف د. سمير فوزي جرجس وبها ايضاح كامل عن كثير جدا من الكلمات المستخدمة فى لغتنا وأصلها يرجع الى اللغة القبطية ونحن نتكلمها ونظنها عربية ..

يقول الراحل الاستاذ بيومي قنديل : لماذا يميل المصريين في لغتهم المصرية الحديثة الي وضع اداة الاستفهام في آخر السؤال ؟ وذلك عكس اللغة العربية الفصحي :رايح فين؟ جاي من اين؟ عامل ايه؟ اسمك ايه؟ في مقابل الي اين ذاهب؟ من اين قادم؟ ماذا تفعل؟ مااسمك؟ علي التوالي.

ويسأل لماذا يضع المصريون في لغتهم اسم الاشارة بعد الاسم المشار اليه علي نحو الولد دا..البنت دي...البنات دول بدلا من هذا الولد ..هذه البنت ..هؤلاء البنات علي التوالي. وغني عن القول ان عبارة :دا ولد لاتضم اسم اشارة بل ضمير اشارة. وهل يمكن ارجاع الكلمات دا..دي..دول ..الي اصل عربي طبعا لايمكن وهنا نؤكد ماسبق ذكره ان الفيصل في اللغة هي البنية Structure وليس الطوب الذي يعلو عليه.

واخيرا يقول لماذا تشكل الاصوات البين اسنانية الثلاث "ث , ذ ,ظ " مناطق صعبة النطق بالنسبة للتلميذ المصري في حين ان اللغة لابد ان تكون لينة حتي يمكن نطقها بسهولة بالنسبة للصغار هل تعتبر لغته القومية . وهل نعتبر اللغة القبطية كما يدعي البعض لغة عصافير او همهمة او ليست لغة!!!!

CONVERSATION

0 comments: