المسلسلات الرمضانية هذا العام/ أنطوني ولسن

المسلسلات التي تعرض في شهر رمضان أصبح يطلق عليها المسلسلات الرمضانية لاننا لا نشاهد مسلسلات عربية تبث خلال بقية أشهر السنة ، على عكس المسلسلات التركية المدبلجة باللغة العربية السورية .
سمعت الفنان سمير صبري في أحد البرامج التلفزيونية يتحدث عن المسلسلات التركية بإستخفاف متهما لهم بأنهم يقلدون ما كنا في مصر ننتجه أيام بركات وحسن الإمام وفاتن حمامه وابطال زمان .
تعجبت من قوله فما نشاهده هذه الأيام محير لا هو يعكس حقيقة المجتمع المصري حتى ما يقدم عن العشوائيات . لكن أشياء كثيرة نشاهدها ونسمع عنها تزيد من حيرتنا نحن المهاجرين الذين مازلنا نعيش في قلب مصر بوجداننا وقلوبنا وأفئد تنا ، ونتواصل عبر الفضائيات بكل ما تنقله لنا كميرات تلك الفضائيات من برامج وتمثيليات سواء أفلام أو مسلسلات ولا أقول مسرحيات فقد على ما أعتقد إنتهى أو كاد حب المسرح عند المشاهد أو الممثل لما لعد سة الكاميرا التلفزيونية من تأثير على الممثل أو الممثلة ولا ننسى الأجور المغرية التي يتقاضونها والتي لا يمكن مقارنتها بأجور المسرح . زد على ذلك مشاهد المسرح أعتقد إنه أصبح عملة نادرة ولم تعد الحكومة الممثلة في وزارة الثقافة تهتم بالمسرح إلا في الريف مع بعض المسرحيات الهزلية البسيطة .
عادة أشاهد أكبر عدد من مسلسلات رمضان . وعادة أختار مسلسل أو أكثر وأكتب عنه مع عرض سريع لما شاهدته . هذا العام 2010 إستهواني مسلسل " الجماعة " ، وأعتقدإنه إستهوى الكثير من المشاهدين ، قد أكتب عنه في العدد السنوي للجريدة " المستقبل " . وقد لا أكتب .
إذا قلنا أن المسلسلات تظهر " ولا تعالج " مشكلات أو صورة المجتمع المصري فهذ ه مصيبة . لأنني لا أستطيع أن أستوعب ما أسمع أو أشاهد ما يحدث .
من أغرب ما سمعت عند إشارة المرور في أحد شوارع مدينة القاهرة الرئيسية وقفت سيارة في إنتظار تغير الأشارة إلى الضوء الأخضر مثل باقي السيارات مع ما قد يكون إختلافا وقد لايكون أن قائد السيارة كان بمفرده في السيارة وقد فوجيء بسيدة منقبة تفتح باب السيارة وتجلس إلى جواره وترفع نقابها عن وجه جميل وتقول له
- تدفع 500 جنيه في الجمال ده !!
- دي مفاجئه .. إستني لما أركن السيارة ..
- ركن السيارة وبكل حكمة قال لها .. مين يشوف الجمال ده مش بس يدفع 500 جنيه .. دا يدفع كل ما يملك .. لكن مع الأسف أنا رايح أجيب مراتي وإنت عارفه لو إتأخرت عليها إيه إللي ممكن يحصل . على العموم خدي 100 جنيه وأتمنى أشوفك تاني .أخدت النقود وتركت السيارة .
- دا إللي بنسمع . لكن إللي بنشوف ونشاهد أكثر غرابة من إللي بنسمعه .. ممكن نشكك فيما نسمع . لكن ما نشاهد على شاشات التلفزيون صوت وصورة وحركة لا يمكن التشكيك فيه . وإن كانت المرأة بتاعة السيارة منقبة فهذا يعطيها على الأقل نوع من الخوف أو" الأختشى " . لكن ما تقوم به بطلات بعض المسلسلات هو الفجر والفحشاء بكل معانيها . وفيه تشجيع للرجال أن يتحولوا من رجال عصاميين إلى رجال قوادين . ونوع عملهم ليس مع نساء مهنتهم البغاء . ولكن نساء هم أزواجهن .
- مسلسل " ريش نعام " .. البطل يخدع المرأة التي أحبته ويتزوجها زواجا عرفيا لينتقم من والدها ويطلب منها إخفاء العلاقة . وعندما تخبره بحملها منه يطلب منها التخلص من الجنين .
- يتزوج بإمرأة أخرى ويبدأ في إستخدام جمالها وأنوثتها في تسير أموره المالية مع الشركات والبنوك مع معرفته التامة هو وشريكه بأنها تدفع جسدها ثمنا لما يريد زوجها أن يحصل عليه .. وكله ماشي على رأي المرحوم فؤاد المهندس في فيلم " خمسة باب " على ما أتذكر .
- مسلسل أخر شاهدت منه جزء من حلقة وهو " أكتوبر الأخر " وهالني أن نفس المشهد والفكرة يتكرران مع إختلاف بسيط هو أن الزوج يعمل فيها راجل وحمش ويرفض العرض الذي عرضته عليه زوجته . لكن بعد إغراءات الزوجة الحلوة الأنثى وإقناعه بأنها تفعل كل هذا من أجله حتى يكون من كبار رجال الأعمال وأصحاب الملايين .
- ويا دهيه دقي .. يرضخ الرجل ، وأنتقل أنا إلى محطة تلفزيونية أخرى لعلى أجد ما يبعد عني كآبة ما وصل إليه المجتمع المصري في أكتوبر أخر أو ريش نعام . ويبدو أن إختياري لعنوان مقال أجدده في كل ذكري السادس من أكتوبر " السادس من أكتوبر عام 1973 يوم النصر الحزين " .
- وهذه حقيقة لا شك فيها ..
- لأنه واضح أننا في أكتوبر الآخر نعيش ردات فعل يوم النصر الحزين ، وندفن رؤوسنا في الرمال مثل النعامة ظانين أننا ننام على " ريش نعام " ، غير عارفين أن النعام لا يخفي رأسه في الرمال هربا من واقع الحياة أو من قناص ماهر .. لكن ليقلل من سخونة الطقس .
- ولا أعرف إلى أين تسير الحياة بمصر والشعب المصري . فكل المؤشرات تشير إلى طريق محفوف بالمخاطر .. مخاطر المجهول .. فلا توجد رؤيا واضحة لحياة المصري الذي تتقاذفه تيارات متناقضة إن كانت دينية أو سياسية أو إجتماعية .. أو حتى فكرية .
- وهذا يقلقنا .. فالهجرة بالنسبة لنا كانت رؤيا ثاقبة لما سيحدث في مصر بعد الخامس من يونيو عام 1967 ، بغض النظر عن من هاجر إن كان مصريا مسيحيا أو مصريا مسلما .
- فما وصلت إليه أحوال المصريين في مصر يؤرق مضاجعنا ...

CONVERSATION

0 comments: