هشام.. لن يُضار/ محمد طعيمة


ـ وضع قرار الإحالة هشام طلعت مصطفى في مركز قانوني واحد مع محسن السكري، شريكاً بالتحريض والاتفاق والمساعدة. ويعاقب القانون المُحرض بنفس عقوبة الفاعل، لننتظر شرح المحكمة في أسبابها مبررات التفرقة بينهما.
ـ "الإخلال بحق الدفاع.. يترتب عليه نقض الحكم". قاعدة قضائية ثابتة عملاً بالمادة 97 من الدستور. صباح جلسة الثلاثاء طلب هشام من محاميه التنازل عن ١٣ طلبا تشبث بها في جلسة الاثنين، التي حددت فيها المحكمة جلسة الغد لسماع شهود طلبهم وجلسة الخميس لسماع القادمين من دبي. الثلاثاء، تجاهلت المحكمة عمداً تمكين الدفاع من المرافعة، وهو ما يعني أن الحكم "المُخفف" سيُنقض.. و"لن يُضار الطاعن بطعنه".
ـ "لا يُضار الطاعن بطعنه". حماية قضائية أمنها الحكم للمتهمين، فلن يُعاقب هشام بأكثر من 15 سنة سجناً.. وقد تُخفف أو تُلغى أو يُعفى عنه، ولن يُحكم بإعدام السكري.. وقد يُخفف المؤبد أو يُلغى. ما لم تطعن النيابة.. ولا نعتقد أنه سيحدث.

مع توجه أصابع الاتهام من دبي لهشام، وضع نجم لجنة السياسات "لانظام القاهرة" في مأزق إقليمي. حاول التعتيم وتحويل أصابع الاتهام إلى جهة أخرى، وأملاً في نجاح مساعيه حظر النشر مدعوماً بحملة إعلانات وترضيات وصلت حد شراء عدد طُبع ووزعت بعض نسخه من جريدة يومية خاصة.. زعمت، للتغطية، تعرضها للمصادرة.. فكذبتها الأهرام. رفضت دبي التهدئة، وحذرت هي وأبوظبي من أن إصرار اللانظام على حماية هشام يهدد استمرار استثماراتهما في مصر، ومن أن مذكرة اتهام للإنتربول ستضع القاهرة تحت سيف فضيحة تستر دولية. طلب اللانظام من هشام العودة للقاهرة، حتى لا يفاجأ بصدور مذكرة اتهام من الإنتربول.. حينها لن تُجدي أي توازنات.
لم يفهم اللانظام السببين اللذين تمترست خلفهما دبي. الأول: ترسيخ الثقة الدولية في دبي كمنظومة اقتصادية وقانونية مستقرة.. أمنياً وجنائياً، والثاني: وفق العرف البدوي.. أُهينت كرامة "الشيخ" مُستضيف سوزان بما يستوجب الترضية. القاهرة وسطت أبوظبي في عرض خلاصته: إذا كان الهدف من تسليم هشام والسكري لعاصمة الخليج الاقتصادية هو محاكمتهما.. فلماذا لا يتم ذلك في القاهرة؟، مع تعهد من أعلى مستوى بتحقيق محايد وبإسناد القضية إلى دائرة مشهود لها بالنزاهة.. ولتصدر ما يستقر عليه ضميرها، وأنه لا قلق من محكمة النقض المُنزهة عن التشكيك.
ذهبت القضية لدائرة المستشار المحمدي قنصوة التي استمعت خلال 27 جلسة لهيئة دفاع ضمت "معلمين" المحاماة، أعادت التحقيق في القضية من الصفر ولبت كل طلبات الدفاع حتى الغريب منها، وفي النهاية "استقر ضميرها" على الحكم بإعدام هشام بتهمة التحريض والسكري بتهمة التنفيذ. نُقض الحكم لتُعاد القضية ثانية إلى جنايات القاهرة، هذه المرة لدائرة المستشار عادل عبدالسلام جمعة.
اسم المستشار عادل ارتبط في الذاكرة الجمعية بقضايا مثيرة انتهت بالإدانة، منها.. قضية تنظيم حزب الله، اتهام قيادات إخوانية على رأسها خيرت الشاطر بغسيل أموال، سجن سعد الدين إبراهيم بتهمة التخابر قبل أن تبرئه النقض، سجن المصرى "محمود عيد دبوس" ٣٥ عاما بتهمة التخابر لصالح إيران والتخطيط لاغتيال مبارك، سجن أيمن نور ورفض الإفراج عنه لأسباب صحية، سجن الزميل أحمد عزالدين، سجن الزميلين مجدي أحمد حسين وصلاح بديوي في قضية المبيدات المسرطنة لصالح يوسف والي وزير الزراعة الأسبق عام 1999. وفي ذيول القضية الأخيرة تقدم نقيب الصحفيين السابق جلال عارف في نهاية مدته الثانية، أغسطس 2007، ببلاغ للنائب العام طالبا التحقيق في اعتراف أحمد عبدالفتاح المستشار القانوني لوزير الزراعة الأسبق أمام استئناف طنطا برشوة رئيس المحكمة التي أدانت الزميلين. بعد مجيء مكرم محمد أحمد نقيباً، لم يُعرف مصير البلاغ الذي صاغه د.صلاح صادق وقدمه مع النقيب وسكرتير عام النقابة، حينها، يحيى قلاش.
مع دخولها القاعة صباحاً، لاحظ زملاء ابتسامة رضا على وجه الشقيقة (سحر).. صَدَّرتها لأخيها، وبعد الحكم حاول هشام إخفاء فرحته، وليلاً بدا أحد محاميه منتشياً وهو يقول لـ(بلدنا بالمصري): "من غير مرافعة وحققنا ده.. أُمال لو اترافعنا كنا عملنا إيه؟"، وبعد ساعات كان من وصفته CNN العربية بـ"مصدر قضائي مطلع" يرجح: "أن رئيس المحكمة تعمد الحكم قبل المرافعة حتى لا ينسب الدفاع لنفسه انتصاراً زائفاً".
مُرْزَق هشام.. تحيطه العناية من كل جانب.. وتقنن زلاته، من الأسرة والمستفيدين.. إلى اللانظام. "فما حدث لا يعدو حكما جرى تصحيحه بقرار، وأعادت الحكومة بيع مدينتي لطلعت مصطفى".. بسذاجة علق محمد علي إبراهيم في افتتاحية (الجمهورية الأسبوعي) على حكم آخر "تم تصحيحه بقرار" لصالح هشام قبل إلغاء إعدامه بيوم واحد. مُرْزَق هشام، حكم إدارية عليا أُهدر وحكم جنائي خُفف، الآن يطلب محاموه تطبيق القانون الإماراتي بقاعدته البدوية: دفع الدية ينزل بالعقوبة إلى "من سنة حتى ٣ سنوات". من قبل قاتلوا لعدم الخضوع للقانون الإماراتي.. الآن يريدونه، كل شيء يُفصَّل لمصلحتهم.
لن يُضار هشام بطعنه.. وغالباً سيستفيد منه، لكن هل يرضى "شيوخ" دبي؟. يبدو أن أزمتهم المالية "هَتَّمَت" أسنانهم.
m.taima.4@gmail.com
العربي القاهرية

CONVERSATION

0 comments: