المأزق السياسي الغريب و الفريد من نوعه الذي يمر به العراق حاليا، وان يکن في الاساس من تداعيات و نتائج الاحتلال الامريکي الإيراني للعراق، فإنه أيضا ذو علاقة وطيدة و قوية بفترة حکم نوري المالکي والتي مهدت و أسست لترسيخ بنيان سياسي يقوم على أساس من التقسيم الطائفي و العرقي غير المسبوق في العراق و هو امر ساعد على إثارة مکامن التوجس و القلق و الشك من تأثيرات هذا النسق من النظام السياسي على المحيط الاقليمي مما دفع أکثر الدول العربية و الاقليمية تأثيرا و قوة(ماعدا إيران) من التلويح صراحة بعدم ترحيبها بعودة المالکي الى کرسي رئاسة الوزراء مرة أخرى ودعم ترشيح أي شخصية أخرى.
الجولة الاخيرة لنوري المالکي والتي کانت من منظور معظم المراقبين السياسيين، جولة خاصة بحشد الدعم العربي و الاقليمي اللازم لضمان عودته لمنصب رئاسة الوزراء، لايبدو أنها قد کانت موفقة و مثمرة مثلما خطط لها المالکي، بل وان بعضا من الدول التي استقبلته لم يکن إستقبالها حارا بالدرجة التي تکفي لکي يعول عليها کضمانة لإعادة الترشيح، بل وانه وبحسب ماقد نقل عن اوساط سياسية و اعلامية مطلعة في بعض من العواصم العربية، فقد کان الاستقبال في دول محددة فاترا بالعرف الدبلوماسي و کان إستقبال بروتوکولي وليس"حميمي"او"خاص"من باب الدعم و المساندة.
وقد لفت نظر المراقبين و المحللين السياسيين في بعض من العواصم الأوروبية، الموقف السعودي الخاص بعدم الاستعداد لإستقبال نوري المالکي، وهو موقف أربك المالکي و أحرجه بعض الشيء خصوصا وانه کان يريد توظيف مجرد زيارته للملکة العربية السعودية من أجل إحراج خصومه و تقوية وضعه على حسابهم، ولئن کانت السعودية منتبهة بفطنتها لمأرب المالکي، فإنها إمتنعت اساسا عن إستقباله لأسباب عدة بالامکان إختصارها في النقاط التالية:
ـ المالکي يتبع نهجا سياسيا يرتکز على البناء العرقي و الطائفي والذي يمهد اساسا لتقسيم العراق.
ـ المالکي لايريد عراقا موحدا و متماسکا بمعنى الکلمة و يجاهد و بکل وضوح من أجل إبعاده عن المحيط العربي و النفس العروبي الاصيل.
ـ المالکي، وبحسب ماأکدت الظروف و المستجدات السياسية الکثيرة، رجل إيران الاول في العراق(حاليا على الاقل) و قد عهد إليه لتنفيذ المشروع الخاص بها وهو يضع مصلحة النظام الايراني فوق کل الاعتبارات الاخرى.
ان المملکة العربية السعودية التي دأبت ومن خلال خطها السياسي الاعتدالي و القويم المبني وفق اسس و مبادئ تستند على مقومات اسلامية عربية، على مد يد المساعدة لأشقائها العرب في کافة أقطار الوطن العربي، لم تجد في المالکي ذلك السياسي المحنك الذي يمکن الاعتماد عليه في إرساء دعائم سياسة سليمة تعتمد على نهج عربي شفاف بإمکانها إعادة العراق الى الحضن العربي و کسر کل حواجز التردد و الشك التي وضعت بعد الاحتلال الامريکي للعراق وان المملکة العربية السعودية التي تبتغي عراقا عربيا موحدا ذو سيادة واستقلال و غير خاضع لدول خارجية، رأت و ترى في سياسة المالکي نهجا مغايرا و مناقضا لما تبتغيه ومن هنا فإنها رفضت استقبال نوري المالکي لکي ترسل رسالة من خلال ذلك الموقف لکل الاطياف السياسية العراقية مفادها ان الرياض لن تراهن مطلقا على أية شخصية او جهة سياسية عراقية لاتضع المصلحة و الاعتبار العروبي للعراق فوق أي شيء آخر.
المرجع الإسلامي لشيعة العرب .www.arabicmajlis.org
0 comments:
إرسال تعليق