الأفعى .. والحرباء .. وأمن سيناء/ مجدى نجيب وهبة



** ربما يغضب بعض المغيبين والجهلاء من كلمة الأفعى ، وهم الذين مازالوا يتكلمون بغطرسة بإعتبار أن الأمريكان هم بشر فوق الجميع ، رغم أننى أعرف بعضهم قد تربى فى حوارى الشنبكى وباب البحر ودرب البوارين .. شاهدنا أحد هؤلاء منذ يومين الذى يطلق على نفسه ناشط قبطى فى أحد البرامج لقناة سى تى فى المسيحية والتى تبث من مصر وهو يتحدث عن إعجازات الكونجرس الأمريكى ومعجزات بابا أوباما وصلابة خالتى هيلارى كلينتون .. هذا العنوان سيغضب البعض الذى مازال يتحدث بلكنة أمريكية وهو يشيد بالديمقراطية الأمريكية ، وهنا أتساءل من هم هؤلاء وما هى هويتهم .. هل هم مصريون قد شربوا من نيل هذا الوطن ؟!! .. هل هم صهاينة ؟!! .. هل هم جماعة الإخوان الشياطين ، بالقطع الصفة الأولى ستكون غير مقبولة ، فلا يمكن أن يرضع مواطن مصرى من لبن أرض هذا الوطن ويتمنى له الخراب والدمار والعار .. ولا يمكن أن يشرب مواطن مصرى من نيل هذا الوطن ولا يدرك معنى كلمة "مصر" .. فمصر أكبر وأعظم من هذا "الأوباما" .. مصر لها جذور سيظل يتحدث بها التاريخ عبر الأزمنة ليعلم الجميع أن هناك فرق بين الفراعنة وبين مرتزقة كينيا .. هناك فرق بين المصرى الأصيل حتى لو سافر أخر العالم وبين المرتزقة من بعض الدول التى ليست لها إسم ولا عنوان !!! ..
** دعونا نتساءل ماذا يريد الخومينى أوباما من مصر .. دعونا من قصة مبارك والفساد الجاثم على قلب الوطن .. دعونا نتفق على مبدأ واحد وهو إننا كنا نتطلع لثورة حقيقية تطيح بهذا العرش الجاثم على صدور المصريين أكثر من ثلاثين عاما .. دعونا نتفق أن كل المصريين كانوا يتحركون فى سجن كبير .. شباب بلا هوية .. رجال ونساء وأطفال يصرخون ... ولكن دعونا ننتبه إلى ما هو أسوأ من مبارك .. فإن جماعة الإخوان المسلمين هؤلاء أسوأ مليون مرة من الرئيس السابق وحاشيته ، نعم قد نحتمل الجوع والمرض والعطش ولكننا لن نحتمل الإرهاب ، فالإرهاب ليس له دين ولا وطن .. الإرهاب ليس له إلا لغة واحدة وهى "الدم .. القتل .. التصفيات الجسدية" .. يتم كل ذلك على الهوية الدينية .. لقد أعلن الخومينى أوباما أكثر من مرة أن الإدارة الأمريكية ليست لها أى مانع من التعامل مع فصيل الإخوان المسلمين وكأنه وصى على الشعب المصرى .. لقد تناسى الخومينى أوباما أن فترة ولايته التى قاربت على الإنتهاء لم يتبقى لها أكثر من عدة شهور ويأخذ خيمته ويرحل إلى جبال تورا بورا ليرأس تنظيم القاعدة خلفاً لأسامة بن لادن ..
** راقبوا وجه الخومينى أوباما وهو يدلى بتصريحاته أو وهو يخطب .. إقرأوا وجهه جيدا ستجدوه يتحرك مثل رأس الأفعى وهى تزهو بنفسها يمينا ويسارا .. لا ينظر أمامه .. له أذنان مثل رأس الأفعى وله عينان صامتتين كعينى التماسيح وله فم كالأفعى تماما ... نعم ماذا يريد أوباما من مصر ، هل ينتظر مزيدا من الخراب والدمار .. هل يكف عن بخ سمومه .. فقد حث مبارك أكثر من مرة على تنحيه "الأن" وهى الأغنية التى تلقفها شعبان عبد الرحيم ليقدمها فى إحدى حفلاته .. ماذا لو رفض مبارك التخلى عن السلطة طواعية وتسليم دفتر القيادة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة .. هل كان سيفعل بمصر كما يفعل بليبيا الأن وكما سيفعل بسوريا غدا وكما سيفعل باليمن بعد غد .. ثم المرحلة القادمة ستكون محورها السعودية ثم الكويت ثم البحرين ، وبالقطع سيكون ذلك إستجابة للثوار وصيحات "الشعب يريد إسقاط النظام".. ثم الإستجابة لمطالب الثوار المشروعة ووقف الإعتداءات التى تمارس عليهم .. وهى الأسطوانة المشروخة التى إنتشرت كالنار فى الهشيم .. هكذا يدعى أن الخومينى أوباما يسعى لإستقرار شعوب الشرق الأوسط ، ولكن فى الحقيقة هو يسعى لتدمير هذه الشعوب لصالح إسرائيل ، فالعالم كله يجب أن يخضع ويركع لدولة إٍسرائيل .. ولا عزاء لتوازنات القوى فى العالم بعد تحلل الإتحاد السوفيتى ، فلم يعد أحد يقف أمام الفتونة الأمريكية .. ولكن "ربنا موجود" ..
** لم يكتفى أوباما بتصريحاته التى ملأ بها الإعلام والعالم بترحيبه بالإخوان لحكم مصر ، بل لقد شاركته المدعوة هيلارى كلينتون التى تلازمه كخيال المأتة ، وما يزيد الطين بلة أن تصرح الحرباء "سكوبى" السفيرة الأمريكية بالقاهرة أن بلادها مستعدة لدعم أى حكومة مصرية حتى لو كانت ذات خلفية إسلامية وهو ما رفضه عدد من قيادات الأحزاب معتبرين ذلك إشارة للجماعات الإسلامية .. وقالت سكوبى فى تصريحات لها أن واشنطن تحترم جميع خيارات الشعب المصرى خلال فترة التحول الديمقراطى التى تمر بها مصر عقب ثورة 25 يناير .. وتواصل الحرباء تصريحاتها بأن أمريكا ستدعم أى حكومة أو سلطة مصرية بصرف النظر عن خلفيتها الأيديولوجية طالما ستحترم حقوق الإنسان والمرأة والأقليات .. ونتوقف قليلا لنسأل أى ديمقراطية تتحدث عنها أمريكا .. هل تتحدث عن ديمقراطية العراق أم ديمقراطية الصومال أم ديمقراطية باكستان أم أفغانستان أم لبنان أم السودان .. هذه الدول التى وطأتها أمريكا وحولتها إلى مستنقع للحروب والفتن .. ما دخل أمريكا بمن يحكمنا .. هل الإخوان ياننوس عين الحرباء "سكوبى" يؤمنون بالمرأة أو قبول الأخر أو إحترامهم .. يبدو أن الغباء أصاب الإدارة الأمريكية .. يبدو أن سكوبى لم تسمع عن هدم كنيسة صول .. لم تسمع عن حرق كنائس إمبابة .. لم تسمع عن ثورة الإخوان والسلفيين فى قنا والتنديد بالأقباط ورفع لافتات للسباب فى الأخر لمجرد أن وزارة تسيير الأعمال عينت محافظ قبطى لمحافظة قنا .. وقامت القيامة ولم تنتهى حتى رضخت الدولة للتشددية وجمدت عمل المحافظ ثلاثة أشهر .. يبدو أن الحرباء سكوبى لم تسمع عن زحف السلفيين إلى الكاتدرائية بالعباسية وهو يسبون الأقباط والكنيسة والبحث عن المدعوة كاميليا إثر فتوى أحد السلفيين أنه تم إحتجازها بالكنيسة .. هل لا تعلم الحرباء سكوبى من هم الإخوان أم أنها أصابها العمى والطرش وفقدت الأهلية للسيطرة على أعصابها ؟!! .. ياريت أن يبتعد الخومينى أوباما عن مصر وإذا كانت هناك معايرة بالدعم الذى يرسلونه لمصر فأعتقد أنهم يربحون من مصر أضعاف هذا الدعم ، ومصر يوم أن تفكر أن تقطع علاقتها مع أمريكا فبالقطع ستكون أمريكا هى الخاسرة وجميع الدول الغربية ومصر هى الرابحة .. فوقوا أيها البلهاء فمصر ستظل أعظم دولة بموقعها الإستراتيجى وشعبها الطيب العظيم ..
** أما الشئ الثالث والخطير ، فقد حذر نيتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى من سيطرة جماعات إرهابية إسلامية على سيناء ، وفى المقابل كان رد اللواء السيد عبد الوهاب المبروك محافظ شمال سيناء أن من حق أى مواطن فلسطينى يعيش فى مصر وزيارة قطاع غزة دون شرط أو قيد ، بعد قرار فتح معبر رفح بشكل دائم .. ولكنى أختلف مع سيادة اللواء فليس أمن مصر بهذه السذاجة فى التصريحات العنترية ، بل أن أمن مصر هو أمن كل مواطن مصرى يعيش على هذه الأرض .. هناك وقائع وتاريخ ياسيادة المحافظ لا يمكن إغفاله أو التقليل من خطورته ..
** بالعودة سريعا إلى الماضى القريب وتحديدا منذ أحد عشر عاما ، كان هناك مخيم للاجئين الفلسطينيين فى رفح المصرية يطلق عليه "معسكر كندا" ، ويرجع تاريخه إلى عام 1971 ، عندما كانت إسرائيل تحتل سيناء .. وأحضرت هذه الأسر الفلسطينية وتركتهم دون مأوى أو مسكن أو خدمات وظلوا يعيشون فى خيام بأرض فضاء ، حتى جاءت حرب أكتوبر ، ثم رجوع سيناء إلى السيادة المصرية ، فقامت مصر بمساع لدى المنظمات الدولية لإيجاد سبل معيشية لهذه الأسر اللاجئة ، حيث كانت ترى الأمر ببعد نظر لضمان حق هؤلاء للرجوع إلى أراضيهم وأن توطينهم بمصر يعنى حرمانهم من الرجوع إلى الوطن .. وقد سعت مصر لعودة هؤلاء اللاجئين إلى وطنهم بعد أن دبرت لهم المساكن والمعيشة والحماية خلال خمس سنوات بمعدل زمنى كل سته أشهر ، حتى كان أخر فوج فى ديسمبر عام 2000 .. وذلك بعد أن خصصت لهم أرض بديلة فى منطقة "تل السلطانة" بمدينة رفح الفلسطينية ، وبعد ذلك قامت مصر بهدم المعسكر حتى لا يكون شاهدا على أيام اللجوء والبعد عن الوطن .. ربما أغضب هذا الموقف بعض الحمساويين والإسرائيليين والإخوان ، فالثلاثة هم ثلاث وجوه لعملة واحدة .. لقد تناسى الجميع أن معبر رفح ظل مفتوحا أمام قطاع غزة وقبل وصول الحمساويين للحكم كان معبر رفح مفتوحا يوميا لعبور هذه الأسر المتصاهرة وأيضا التجار الفلسطينيين الذين فضلوا الإقامة فى سيناء وكانوا يعبرون يوميا للبيع والشراء ما بين رفح المصرية والأخرى الفلسطينية .. ثم إنقلبت الأحوال وساءت بعد أن إستغلت حماس فتح المعبر لإثارة القلاقل ، مضافا إليهم مجموعة من البلطجية الخارجين على القانون فى سيناء ، ولم يجدوا ردعا قبليا فى الوقت الذى تحاول إسرائيل تعميق الإتجاه الذى يؤكد عدم قدرة مصر على تأمين خط الحدود الدولية وذلك لدى الرأى العام العالمى ..
** فى مؤتمر الفصائل فى دمشق بداية 2008 صعّدت حماس الدعاية حول حصار غزة ومعاناة الشعب هناك ، وإختصر متحدثوها الأمر فى أن المشكلة تتعلق بموضوع المعبر ، فى الوقت الذى صعدت جماعة الإخوان من حملتها العاطفية لتأجيج المشاعر .. من تجمعات حول المساجد لشحن العامة فى أماكن عديدة وفقا لخطة مرتبة ومنظمة فى مناطق كرداسة وناهيا والطالبية ومسجد المحطة وغيرها فى الجيزة .. هذا بجانب التصريحات النارية للقيادى "محمد حبيب" و"محمد مرسى" عضو مكتب الإرشاد وهو يدعو الشعب المصرى للتظاهر وفتح معبر رفح وتصريح المرشد السابق للإخوان مهدى عاكف بأن إنقاذ غزة "حياة أو موت" .. هذا بجانب تنظيم مظاهرات طلابية لطلبة الإخوان فى جامعة الأزهر لنفس السبب .. وبعد ذلك تحركت حماس .. الإخوان بالداخل وحماس على الحدود بالدفعة الأولى من السيدات إلى معبر رفح فيما سمى بمظاهرة حرائر غزة وطالبت النسوة بفتح المعبر وبدأت بعض الحرائر بالقفز من فوق الأسوار والأسلاك أمام الكاميرات كما لو أن القطاع قد تحول إلى كتلة من النار يهربون منها ، وإستغل الإخوان هذه التمثيلية على نطاق واسع لموضوع صد النساء ، كما قامت جماعة الإخوان بنقابة الأطباء بوقفة إحتجاجية أمام دار الحكمة فى شارع القصر العينى وإتهموا الأمن بالإعتداء عليهم ، ووصف مرشد الإخوان مهدى عاكف تعرض شرطة رفح الحدودية للنساء بأنه تصرف إجرامي ..
** هناك أموالا طائلة تم دفعها سرا وعلنا لصالح حركة حماس ليس من أجل إعانة المواطنين الفلسطينيين ، وإنما من أجل تسليح الحركة التى كانت تصل إلى حماس عبر طريقين ..
• الأول .. حقائب معبأة بملايين الدولارات كان يعود بها مسئولى حماس من الخارج عبر منفذ رفح وبعضها كان يتم تحميله مع مواطنين عاديين ..
• الثانى .. كان يتم إسقاط الأموال لمسئولى حماس بحرا وفى عرض المياه بعد أن يتم تصبيرها كما المخدرات فى أكياس داخل براميل وكان يتم ذلك بمعرفة السلطات الإسرائيلية بهدف تسليح حماس ..
** فى الوقت الذى إنتشرت فيه معدلات البطالة والتسول وإرتفعت معدلات الحصول على الطعام بالدفع بالأجل (الشكك) وتزايدت معدلات الحصول على تعاطى المخدرات وأعمال الدعارة وجرائم السرقات وزادت معدلات الإضطرابات والإعتراضات .. وكان أشهرها الإضراب الطويل الذى إستمر من سبتمبر 2006 إلى يناير 2007 ، ولجأت حماس إلى فرض القوة على البسطاء وحضورهم بالإكراه رغم عدم دفع رواتبهم ..
** ربما كان تصريح نيتنياهو أو تحذيره هو السعادة التى شعر بها الإسرائيليون بعد أن كادت تتحقق أحلامهم فى "جنة إسرائيل 2010" .. الخطة التى وضعت خيوطها عام 1992 بتفريغ غزة من شعبها وترحيلهم إلى أرض سيناء .. ولكننا نحذر الجميع ، فتراب سيناء هو ملك لمصر فقط وملك لشعبها ولا يمكن أن نسمح بأن يدنس هذه الأرض الطاهرة أى رجل غريبة أو يحتلها بإسم العروبة والأشقاء .. نرجو أن ينتبه سيادة المحافظ لتصريحاته .. حفظك الله يا أرض مصر وحمى شعبك من الأفعى والحرباء ... وحافظ على أمن سيناء ..

CONVERSATION

0 comments: