بعد قطيعة دامت لاكثر من ثلاثة عقود من الزمن بين البلدين جاءت ثورة 25 يناير لتضع البلاد على مفترق الطرق وتدخله في دوامة من التحولات الجذرية على الصعيد السياسي بداية من الاطاحة بالرئيس حسني مبارك ورموز نظامه و قلب شباب الثورة للمعادلة في مصر والبروز في الحياة السياسية من خلال صناعة الحدث التأريخي بهذا التحول وارتفاع اسهم قوى وتيارات سياسية كانت مهمشة ومُبعدة من صناعة القرار السياسي الخارجي بسبب ما ابدوه من معارضة لسياسات الحزب الحاكم انذاك واحتضان مصر لمؤتمر المصالحة الفلسطيني بين فتح وحماس ، هذه الاحداث والتطورات القت بثقلها على طبيعة ومسار الحراك السياسي لاكبر وأهم دولة عربية ، بالتالي فأن انعكاس أي تحول في السياسة الخارجية المصرية وعلاقاتها الدبلوماسية ينعكس بشكل مباشر على الوضع العربي العام المتأزم من الاساس خاصة ما يتعلق في طبيعة العلاقات المصرية الايرانية ، على الرغم من ضبابية المشهد بعد الثورة وعدم وضوح الرؤية وغياب الاستقرار السياسي الذي حينما يتحقق تتوضح المعالم الاساسية في مسار وتوجهات الدولة المصرية إلا ان خطورة المرحلة و الاضطرابات التي تعيشها المنطقة بسبب الثورات الشعبية وما طرأ عليها من تدخلات إيرانية سافرة في شؤون بعض الدول العربية محاولة لإحتواء هذه التغيرات والمتغيرات الجديدة لصالح المشروع الإستعماري الإيراني تستدعي وعلى وجه السرعة القصوى تعميق العلاقات العربية مع مصر ومد جسور التواصل ويد العون للشعب المصري والقوى السياسية الفاعلة من قبل الدول العربية وتحديداً الخليجية حفاظاً على عروبة مصر ودورها الريادي في قيادة العالم العربي والتصدي للمشروع الإستعماري الإيراني بالمشروع العربي الذي تبنته دول الخليج العربي و باتت ملامحه تلوح في الافق القريب .
كنتاج طبيعي لما تحقق من انجاز على أيدي الثوار بتغيير النظام السياسي والاطاحة برموزه والشعور بحلاوة النصر والتطلع لمستقبل اكثر انفتاح وازدهار نشأت لدى المصريين رغبة حذرة بتحسين العلاقات مع إيران بعد قطيعة دامت لاكثر من ثلاثة عقود من الزمن وفتح صفحة جديدة بين البلدين انطلاقاً من حسن النية التي عبر عنها المصريين إتجاه إيران بدايتاً بالموافقة التي ابداها المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم بعبور سفينتان حربيتان إيرانيتان من قناة السويس و الذي يعد اول عبور من نوعه بعد قطع العلاقات بين البلدين في العام 1980 ، واللقاء الذي جمع كلاً من وزير الخارجية المصري نبيل العربي ومسؤول إيراني في القاهرة في ابريل / نيسان وقال العربي ( ان مصر مستعدة لإستئناف العلاقات الدبلوماسية مع طهران ) .واجتماع السفير الإيراني في الأمم المتحدة محمد علي خزاعي في القاهرة مع مسؤولين مصريين ، إلا ان وصف الرغبة المصرية بإقامة علاقات دبلوماسية مع إيران بالحذرة يأتي لعدة اسباب من ابرزها خطاب المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي اثناء اندلاع الثورة في مصر ووصفه بأنها (بوادر يقظة إسلامية في العالم مستوحاة من الثورة الإيرانية) وقال ايضاً ( ان احداث اليوم في شمال افريقيا في مصر وتونس وبعض الدول الاخرى لها مغزى خاص بالنسبة لنا!!! ) وخطاب الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله المتناغم مع ما جاء بخطاب خامنئي والذي قال فيه ( انه يضع كل امكانيات حزبه في خدمة الثورة المصرية) الامر الذي اثار حالة من السخط والاستياء لدى عموم شرائح وطبقات الشعب المصري ، كذلك عملية تهريب مجموعة من المجرمين التابعين لحزب الله الى لبنان اثناء الثورة وما صاحبها من فوضى عمت البلاد ويذكر انهم محكومين بتهم تجسس وجرائم قاموا بها على الاراضي المصرية ، وتأكيدا على هذا الاستنتاج نأتي على ذكر الجولة الخليجية التي قام بها رئيس الوزراء المصري عصام شرف الى الكويت وأكد خلالها أن فتح صفحة جديدة بين مصر وإيران أمر ممكن إذا كان ذلك لا يؤثر على أمن دول الخليج، مشيراً إلى أن المساس بأمن دول الخليج يعتبر خطاً أحمر. وايضاً نفي مصر لتقارير صحفية تحدثت عن عودة العلاقات الدبلوماسية بشكل كامل بين مصر وإيران .
وفق هوس العقلية الفارسية بإستعمار المنطقة العربية ينطلق المشروع الإستعماري الإيراني لتحقيق أهدافه الكبرى من خلال :خلق الفوضى وصنع الازمات وتغذية النزعات والنزاعات الدينية و الطائفية وإحتضان الخلايا والمجاميع الارهابية والتكفل بتدريب وتجهيز وتمويل عناصرها وقياداتها ودسهم في الدول العربية للقيام بعمليات امنية واستخبارية لصالح المخابرات الإيرانية وواجهاتها التي تعمل من خلال شركات تجارية واقتصادية وسياحية ومؤسسات اعلامية ودينية وخيرية اجتماعية وتعد السفارات والقنصليات والملحقيات الثقافية الإيرانية اوكار لاجهزة فيلق القدس والاطلاعات و تقوم بتجنيد العملاء واعطاء الاوامر لهم لتنفيذ المهام الموكلة اليهم في الدول العربية والاسلامية .
وقوبلت حسن النية لدى المصرين بسوء نية من قبل الإيرانيين بتكشف فضيحة الجاسوس الدبلوماسي الإيراني في القاهرة حيث اعلنت وكالة انباء الشرق الاوسط المصرية الرسمية عن القاء القبض على دبلوماسي إيراني يعمل في مكتب التمثيل الإيراني في القاهرة وبدأت نيابة امن الدولة العليا التحقيق معه بتهمة التخابر لصالح دولة اجنبية على الاراضي المصرية .
كما اوضحت الوكالة عن ان التحقيقات الاولية مع الدبلوماسي الايراني تجري تحت اشراف المحامي العام الاول لنيابة امن الدولة العليا طاهر الخولي موضحة ان النيابة وجهت اليه تهمة جمع معلومات استخباراتية عن مصر في شأن الاحداث الاخيرة التي شهدتها البلاد والظروف التي تمر بها ، ثم ارسالها الى اجهزة المخابرات الايرانية ، وذكرت الوكالة انه تم القاء القبض على الجاسوس الايراني قبل ايام بمعرفة الجهات الامنية المصرية .
وكانت قناة العربية الاخبارية قد أكدت نبأ القبض على الدبلوماسي الايراني قاسم الحسيني "لنقله معلومات" دون ان تذكر مزيد من التفاصيل.
كما أكدت مصادر امنية مصرية لموقع مصراوي الكتروني القبض على دبلوماسي ايراني وقالت ان نيابة امن الدولة تجري معه تحقيقات بتهمه التجسس.
واكد مصدران امنيان لرويترز اعتقال الرجل واكد احدهما الاتهام، ولم يعط اي منهما تفصيلات بشأن وضعه الدبلوماسي.وفي رداً اخر حول الموضوع اكد مصدر قضائي لوكالة فرانس برس الاخبارية ان التحقيقات بدأت في نيابة أمن الدولة العليا مع الدبلوماسي الايراني قاسم الحسيني بتهمة التخابر لصالح إيران وجمع معلومات عن مصر بعد ثورة 25 يناير .
ويذكر ان اجهزة الامن المصرية قد القت القبض على الجاسوس قاسم الحسيني في القاهرة وتم ضبطه في منطقة المهندسين بعد ان رصد جهاز المخابرات المصري تحركاته المشبوه وتبين أنه يقوم بجمع معلومات تتعلق بمصر بعد ثورة 25 يناير كما يقوم بجمع معلومات عن الساحة العربية خاصة الأوضاع بدول الخليج العربي عن طريق زرع العملاء .
كما صرح مصدر مسئول بأن جهاز المخابرات العامة تمكن من رصد تحركات أحد عناصر وزارة الأمن والإستخبارات الإيرانية والذى يعمل ببعثة رعاية المصالح الإيرانية بالقاهرة لقيامه بمخالفة بروتوكول التعاون الدبلوماسي من خلال قيامه بتكوين عدد من الشبكات الإستخباراتية وكلف عناصرها بتجميع معلومات سياسية وإقتصادية وعسكرية عن مصر ودول الخليج نظير مبالغ مالية.
وأوضحت التحريات أن الدبلوماسي الإيراني كثف نشاطه الإستخباري خلال أحداث ثورة 25 يناير مستغلا حالة الفراغ الأمني بالبلاد خاصة ما يتعلق بالأوضاع الداخلية وكذلك الأمنية بشمال سيناء وموقف الشيعة والوقوف على مشاكلهم وأوضاعهم فى مصر.
كما طلب الجاسوس من مصادره الوقوف على الجهات والتنظيمات السياسية التي لها شعبية على الساحة المصرية و ترغب فى الحصول على تمويل مادي من إيران بغرض الإقتراب منها والتنسيق معها.
وفى ضوء تحريات ورصد جهاز المخابرات العامة ألقى القبض على الدبلوماسي بالقاهرة وبحضور المستشار المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا حيث تم إصطحابه إلى مقر النيابة لمباشرة التحقيق معه ووجهت له تهمة التخابر ثم تم الإفراج عنه بعد الإستعلام من وزارة الخارجية المصرية بأنه دبلوماسي بالسفارة الإيرانية ويحظى بحصانة دبلوماسية ، وقيدت القضية برقم /221/ لسنة 2011 .وقد قررت نيابة أمن الدولة العليا برئاسة المستشار هشام بدوى المحامي العام الأول الإفراج عن الدبلوماسي الإيراني قاسم الحسيني، ووجهت النيابة تهم مختلفة للدبلوماسي الإيراني، منها : تكليف أشخاص بكتابة تقارير عن الأوضاع الأمنية والسياسية في مصر وتمويل بعض الجماعات في مصر بأموال إيرانية وخليجية!!! .
وكانت جهات دبلوماسية إيرانية قد توصلت مع جهات مصرية عليا للافراج عن الدبلوماسي الإيراني المتهم بالتجسس، واتفقا الطرفان على ترحيله من مصر باعتباره شخص غير مرغوب فيه.
يهدف الاختراق الإيراني من خلال النشاط الاستخباراتي لاستيعاب الحالة المصرية بعد الثورة محاولة لخلق الفتن داخل المجتمع المصري وصناعة الفوضى وتأجيج العنف الديني والطائفي وتجنيد العملاء خدمتاً للمشروع الإستعماري الفارسي الذي تبناه نظام ولاية الفقيه منذ قيام الثورة في عام 1979 ، ووفق الرؤية الإيرانية في احتواء مصر صاحبة الدور الريادي في العالم العربي والمنطقة يعتبر هدف جوهري لتمرير المخططات التوسعية لإيران في المنطقة العربية خاصة بعد ان نجحت في اضعاف العراق وتفكيكه سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وانهاء دوره القيادي في المنطقة وادخاله في دوامة من الصراعات التي لاتزال تفتك به وبشعبه ويصعب الحديث في ضلها عن اي دور حقيقي للعراق في المنطقة في الوقت الراهن كذلك ضمانهم تبعية العراق لإيران من خلال التحكم بكافة مفاصل الحياة العراقية العامة . وتأكيداً على قراءة المشهد من هذه الزاوية أذكر ما بثته قناة العالم الإيرانية قبل ايام ببرنامج حول احداث البحرين او ثورة الشعب البحريني كما يسميها الايرانيون وحلفائهم بإستضافة شاب مصري في بداية العشرينيات من العمر من ثوار 25 يناير كما قدموه في البرنامج وانهال هذا الشاب بوابل من الشتائم والاتهامات للنظام السعودي والقيادة البحرينية ودول الخليج وطالب بالاعتراف بالثورة البحرينية حسب وصفه والتخلص من النظام السعودي مستنداً في كل ما تحدث به على ورقة كانت امامه يقرأ بها !!!.
وبذلك نستنتج بأن مراحل المشروع الإستعماري الإيراني في المنطقة في تسارع ملحوظ ان لم يكن هناك من رادع وبات يشكل خطر حقيقي داهم على الابواب يهدد مستقبل الدول العربية والمنطقة برمتها .
0 comments:
إرسال تعليق