حماس في الميزان؟؟/ عبد الكـريم عليـان


ردا على مقال: "محطات.. بين دعوة الإسلام وانطلاقة حماس"
" محطات.. بين دعوة الإسلام وانطلاقة حماس" عنوان لمقالة نشرت في موقع (باب العرب) على الرابط http://www.arabbab.com/?p=97019 وكذلك على موقع (فلسطين الآن) وشبكة (إسلام أون لاين) لكاتب يدعى أدهم أبو سلمية بتاريخ 6 حزيران الجاري، يقارن فيها بين السنوات الأولى لدعوة الرسول محمد ـ صلى الله عليه وسلم، وانطلاقة حماس في غزة. ومن الواضح أن الكاتب ينتمي لحركة حماس قلبا وقالبا، وهذا ليس عيبا، وما دفعنا للرد على مقالته هو خطورة الفكر الذي يحمله الكاتب، ولا نعرف إن كان ما كتبه أبو سلمية قد قرأته قيادة حماس ومفكريها، وإن كانت قرأته وسمحت بنشره فذلك يعني أنها تتبنى وجهة نظره وهنا تصبح الخطورة والتعرية أكبر لحركة ديماغوجية التفكير، تعمل على تشويه الحقائق التاريخية لأهداف ليست في صالح شعبنا وأمتنا.. قبل أن نبدأ بتحليل المقال وجب علينا أن ننوه لأمرين هامين: أولهما أن المقالة لم تتعرض البتة لليهود أو الإسرائيليين أو الاستعمار الإمبريالي والصراع الدائر على هذه الأرض قرابة قرن من الزمان، وثانيهما فليعذرني القراء الكرام على الأخطاء اللغوية التي وردت في الفقرات المنقولة من المقالة التي نرد عليها حفاظا على الأمانة الأدبية والأخلاقية.. مقالة أبو سلمية جاءت كمماثلة في ست محطات مرّ بها رسولنا الكريم منذ بداية دعوته للإسلام الحنيف، يقابلها الكاتب بمحطات مماثلة مرت بها حركة حماس في غزة، فيقول: ( لقد كان القدر أن نعيش تفاصيل حياة النبي صلى الله عليه وسلم من خلال الإبحار في سيرته العطرة والتي مثلت فصولاً طويلة ما بين العمل الدعوي، مروراً بالنشاط الاجتماعي، والتربع على عرش الجهاد، وصولاً للعمل السياسي وبناء الدولة، انتهاءً بسيادة الدنيا، محطات بارزة في تاريخ الإسلام العظيم. لكن من رحمة القدر أن نعيش مع ذات النموذج ومع ذات الفصول “مع الاحتفاظ بالفروق” التي تتكرر اليوم مع الحركة الإسلامية في فلسطين، فها نحن نعيش مع حماس وما أدراك ما حماس، حيث أن الكثيرون من علماء الأمة يجمعون على أن “حماس” مثلت تحولاً في أداء الحركات المقاومة الفلسطينية ونجت في جميع محطاتها كجماعة دعوية وحركة مقاومة ورائدة للعمل السياسي والبرلماني والحكومي حافظت على الثوابت وبقيت عصية على الضغوط والتجاذبات ومحاولات الاحتواء وحرف المسار..)

من الواضح أن أبا سلمية يهدف من مقالته توصيل رسالة للقارئ مفادها: أن حركة حماس هي حركة ربانية في سلوكها وتصرفها، وهنا تجرأ الكاتب بما لم يتجرأ به أحد في التاريخ الإسلامي، ولا حتى في عهد الخلافة الراشدة إذ لم يتجرأ أحد بأن يشبه الخلافة أو الخليفة بحكم الرسول، وكل ما قيل ويقال بأننا نجتهد في الاقتداء بالرسول الكريم، لكن لا نشبهه ولا نماثله في الحكم علما بأنه بشر مثلنا، والفرق هو أنه كان يوحى له من رب العالمين، وكل سلوكه وتصرفه كان فيه حكما إلهيا؛ فكيف إذن يشبه الكاتب حركة حماس وقيادتها بالرسول ـ صلى الله عليه وسلم؟؟ أو أن الكاتب ذهب لأبعد من ذلك وخرج في تفسيره إلى تفسير علماء الاجتماع الماركسيين أو العلمانيين عندما حللوا ظاهرة الدين إلى ظاهرة اجتماعية من صناعة البشر؟! ولو انطلقت حماس في العصر الجاهلي لكانت هي صاحبة الدين وصاحبة الدعوة؟؟ ولو ناقشنا قول الكاتب: (أن علماء الأمة يجمعون بأن حماس مثلت تحولا في أداء حركات المقاومة الفلسطينية ونجحت في جميع محطاتها كجماعة دعوية وحركة مقاومة ورائدة للعمل السياسي والبرلماني والحكومي حافظت على الثوابت وبقت عصية على الضغوط والتجاذبات ومحاولات الاحتواء وحرف المسار) نحن لا نفهم عن أي علماء يتحدث؟ وأي تحول هذا الذي بدأته حماس في المقاومة؟ إذ أنها بدأت تجرب ما جربته فصائل منظمة التحرير قبل نصف قرن، وكيف أصبحت حماس رائدة العمل السياسي بعد أن أعاقت تطور حركة شعبنا سنوات طويلة، إذ بسياستها الهوجاء دفع شعبنا ثمنا باهظا دون تحقيق شيء يذكر، سوى استفراد إسرائيل بشعبنا الذي قسمته حماس إلى شطرين فيما استغلت إسرائيل ذلك ونهبت مزيدا من الأراضي وأقامت الكثير من المستوطنات، بالإضافة إلى أننا خسرنا مزيدا من الدعم العربي والعالمي، هذا غير إراقة مزيدا من دماء شعبنا بالأيدي المتوضئة! وصارت حماس في غزة تلاحق المقاومين وتبطش بهم وتزجهم في غياهب السجون؟ وكيف صارت حماس رائدة للعمل البرلماني والحكومي؟؟ وغزة تشهد عكس ذلك تماما؛ إذ بدلا من استخدام السلوك الديمقراطي من خلال البرلمان - وحماس تمتلك الأغلبية فيه إذ بإمكانها تشريع أي قانون ترغب فيه دون اللجوء لاستخدام القوة ضد شعبها. أما العمل الحكومي فحدث ولا حرج إذ قامت حكومة حماس بخرق كل القوانين والأعراف التي يتحلى بها شعبنا عندما فصلت بشكل تعسفي العديد من الموظفين، كي تستبدلهم بعناصرها الأشاوس!! الذين تركوا ساحات المعركة ورباط الثغور كما كانوا يسمونها، ليتحولوا إلى أباطرة الاقتصاد والفساد والتزوير، وأصبحوا يملكون أنفاق التهريب التي تدر في جيوبهم ذهبا، ويركبون سيارات حديثة لم يركبها أغنياء النفط! ثم كيف حافظت على الثوابت بعدما أعلنت على الملأ قبولها بحدود 67 وتنازلت عن فلسطين التاريخية ؟؟ وكيف بقت عصية على الضغوط والتجاذبات، بعد أن شهد الجميع الضغوط الإيرانية والسورية والقطرية وغيرها بعرقلة المصالحة التي من المفترض أن يتم التوقيع عليها قبل ثلاثة سنوات، أو بالأحرى كان يمكن تلافي الانقسام الذي مرغ قضيتنا في الوحل! فكيف يا أبا سلمية تقرر أنت وعلماؤك بما تفوهت به ؟!

ولنبدأ بمناقشة المحطات التي ذكرها أبو سلمية في مقالته: المحطة الأولي يقارن بها مرحلة نزول الوحي على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ (بداية جديدة وانطلاقة واعدة لأمة سادها الظلم والجهل والعصبية القبلية، فدعا أقرب الناس إليه..) يقابلها بانطلاقة حماس في (منعطف مهم في تاريخ القضية الفلسطينية والتي كانت تمر في أبرز مراحلها، فالعلمانية والشيوعية كانت تحاول السيطرة على زمام الأمور في فلسطين وإرهاصات التنازل كانت واضحة على منظمة التحرير) حسب ادعاء أبو سلمية. هكذا يفهم أبو سلمية وجماعته القضية الفلسطينية ضاربا بعرض الحائط نضال شعبنا قرنا من الزمان، وكأن الصراع الأساسي هو مع فصائل م. ت. ف، وليس مع الاستعمار الإمبريالي والصهيوني. إن ذلك يؤكد رؤية البعض بأن: نشأة حماس كانت بمساهمة إسرائيلية كبديل لمنظمة التحرير الفلسطينية أو إضعافها، وبالتالي سهولة التنصل من أي استحقاقات للفلسطينيين، بالضبط كما ساهمت المخابرات البريطانية والأمريكية في تعزيز ودعم قوة الإخوان المسلمين في مصر للوقوف في وجه عبد الناصر وإضعاف الفكر القومي واليساري الذي بدأ يمتد إلى الشعوب العربية، وقد كان ذلك بمساعدة السعودية والملك حسين في حينه.. نحن لا نعرف بأي منظار يرى أبو سلمية الأمور..؟ وبأي ميزان يقيس ويشبه دعوة الرسول بانطلاقة حماس؟؟ ثم يستطرد أبو سلمية بميزانه فيذكر: أول وأقوى ضربة توجه لقيادة الحركة وأركانها حيث أودعت قيادة الحركة السجون، لكن الدعوة استمرت في عطائها وقيادتها لانتفاضة الحجر !! هكذا هي حركة حماس تحاول دائما إقصاء وتهميش النضال الفلسطيني، وكأنه لا يوجد في ساحة النضال غيرها في محاولة لتزوير التاريخ والحقائق، وصبغ الحركة بالربانية في مشابهتها لدعوة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم، وكأن أهلنا وأجدادنا قبل نشأة حماس كانوا كفارا ومشركين ؟!! أبو سلمية لم يذكر أن الشيوعيين ومنظمة التحرير هم من استقبلوا الانتفاضة منذ اليوم الأول لولادتها قبل تأسيس حماس، ونسي أن عناصر المجمع الإسلامي (اسم حماس قبل تأسيسها) عملوا في صفوف الشيوعيين وفصائل م. ت. ف، في مظاهرات جباليا الأولى للانتفاضة، وأن حماس تأسست في محاولة للملمة عناصر المجمع الإسلامي الذين بدئوا الانخراط في صفوف م. ت. ف. أبو سلمية لم يذكر أن أول من دخل السجون في الانتفاضة هم نشطاء منظمة التحرير، ونسي كذلك تاريخ الإخوان أيضا؛ ففي غزة اشترك الإخوان مع الشيوعيين والبعثيين في النضال ضد مشروع التوطين، وفي تأسيس أول نقابة للمعلمين، فاز برئاستها معين بسيسو، وفتحي البلعاوي.. فكيف إذن يتم مقارنة انطلاقة حماس بانطلاقة الإسلام ؟؟ أين العقلانية في كل ما يقول ؟!

المحطة الثانية التي يذكرها أبو سلمية في مقالته هي: (هجرة الرسول وصحابته إلى الحبشة هروبا من مضايقة وملاحقة قريش لهم في العام الخامس من بعثة النبي، يقابل ذلك ما قامت به إسرائيل بعد خمسة أعوام من انطلاقة حماس بإبعاد أو تهجير قيادة الحركة إلى مرج الزهور، إذ كانت فرصة لتعريف العالم بأسره بالقضية الفلسطينية ورسالة الحركة وفرصة لانتشار قيادة الحركة في بعض الدول للتعريف بالحركة الإسلامية ورسالتها) ـ حسب كلام أبو سمية. نحن نتساءل هنا، كيف يمكن مقابلة هجرة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم، التي كانت أمرا بوحي من الله عز وجل، بقيام إسرائيل بالإبعاد القسري للمناضلين الفلسطينيين؟؟ وكيف لأبي سلمية أن يشبهها بالهجرة النبوية؟؟ وهل كانت قيادة حماس تبتغي الهجرة ؟ وإسرائيل سهلت لها ذلك؟؟ إذا كان الجواب بالنفي طبعا؛ فلماذا يسميها أبو سلمية هجرة كهجرة الرسول؟؟ الشيء الآخر الذي حاول أبو سلمية أن يطمسه من التاريخ، هو قيام إسرائيل بعمليات إبعاد للمناضلين الفلسطينيين منذ احتلال إسرائيل لفلسطين وحتى الانتفاضة، إذ قامت بنفي وإبعاد المئات من أبنائنا عن وطنهم الأم، ونسي كذلك أن مبعدي مرج الزهور كان من بينهم عناصر من حركة الجهاد أيضا، وكذلك قامت إسرائيل بنفي وإبعاد قيادات الانتفاضة قبل مبعدي مرج الزهور، وإذا كان أبو سلمية يرى في الإبعاد لقيادات حماس فرصة لتعريف العالم بالقضية الفلسطينية، فهو قد نسي – أو تناسى - أن القضية الفلسطينية معروفة لدى الجميع وملفاتها تملأ أروقة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية وكثير من دول العالم والمؤسسات الدولية، ولا تحتاج لشروحات إضافية من حركة لا يوجد في برنامجها دولة فلسطين، وكذلك فقد تناسى أبو سلمية أن يناقش خروج العديد من قياداتها من صفوف الحركة بعد عودتهم من الإبعاد، ولم يعودوا إلى صفوفها حتى يومنا هذا ؟؟

المحطة الثالثة التي تناولها أبو سلمية، هي في العام السابع لبعثة النبي وهي: (العلاقات بين الكفار والمسلمين حيث أعلنت قريش قطع العلاقات مع النبي وبني هاشم وحاصرته والصحابة في شعب أبن طالب حتى أكل صحابة النبي صلى الله عليه وسلم ورق الشجر، واشتد الظلم والقهر للمسلمين حتى بات صحابة النبي يسألون عن النصر متى هو؟ والنبي يطمئنهم ويهدأ من روعهم لما مثلته تلك المرحلة من مخاض عسير لدعوة النبي، حيث كانت محاولات اجتثاث الإسلام في أعلى مستوياتها.. وهكذا كان الأمر في فلسطين فلقد مثل ( العام السابع) من انطلاقة حماس مرحلة خطيرة في تاريخ الحركة، حيث كانت عودة السلطة بمثابة بداية المواجهة الحقيقية بين فريقين يختلفان تماماً في البرامج، وقد كانت عودة السلطة بعد توقيع اتفاق أوسلو المشئوم قائمةً أصلاً على حصار الحركة الإسلامية وإنهاء وجودها في فلسطين، وقد مثلت تلك المرحلة اختباراً حقيقياً لأبناء الحركة ووضعت الكثير منهم أمام خيارات صعبة فثبت الكثيرون وسقط البعض من الضعفاء ) ذلك كلام أبو سلمية، حيث يشبه الشعب الفلسطيني بكفار قريش؟!! وكأن المعركة الحقيقية هي بين الفلسطينيين أنفسهم، وليست مع إسرائيل الصهيونية وحلفائها.. يا ترى، من كان حليف قريش الفلسطيني حسب رؤية أبو سمية ؟؟ وأين شعب أبي طالب الفلسطيني الذي أكلت فيه حماس ورق الشجر؟!! الجميع يشهد أن بداية عهد السلطة عاشت الأراضي الفلسطينية في بحبوحة من العيش والحرية لم يشهدها الشعب الفلسطيني من قبل، وجرت انتخابات تشريعية شارك فيها معظم الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، إذ بلغت نسبة المشاركين فيها 86% ممن يحق لهم المشاركة، وشهد العالم على نزاهتها، من هنا نسال أبي سلمية: هل كان كل هؤلاء الفلسطينيون كفارا؟؟ أم أن الشعب الفلسطيني تأمل خيرا في المشروع الوطني الذي بدأ يتحقق على جزء من أرض فلسطين، مما أغاظ العدو وبدأ يحيك المؤامرات والدسائس والمماحكات والمماطلات والاشتباكات المسلحة أيضا لإسقاط هذا المشروع! ونعتقد أن حركة حماس وقعت في الفخ أيضا، كما غيرها عندما استخدموا السلاح، وقد يخالفني الرأي هنا كثيرون، لكن الحقيقة تثبت يوما بعد يوم الدرك الأسفل والحضيض الذي وصلنا إليه !! لأن استخدامنا للسلاح البسيط قد شرع لإسرائيل إخراج آلتها العسكرية وبطشها وقوتها الغاشمة ضد شعبنا الأعزل، والتجربة الكفاحية الطويلة علمتنا أنه: من السهل على جيش إسرائيل التعامل مع أي قوة عسكرية في طرفنا؛ لكنه من الصعب، ومن الصعب جدا عليه التعامل مع شعب منتفض، لا الجيش الإسرائيلي، ولا جيش آخر، وهاهي الجيوش العربية التي تأملنا فيها الخير ذهبت لتقمع شعوبها المنتفضة، لكنها لم تنجح في الدول التي نجحت فيها الثورة، ولن تنجح في الدول الثائرة الأخرى.. من هنا نقول لأبي سلمية ومن لف لفه: إن لم نتعلم من تجاربنا لا يمكن أن ننجح، وإن كان العصر قد تغير بأدواته الحديثة، إلا أننا مازلنا نستخدم كلاسيكيات الثورة، وأن يافطة (المقاومة بالمفهوم المسلح) التي تتغنون بها قد توقفت في غزة، وسقطت لدى أنظمة قوية كانت تدعمكم.. فما هو مشروعكم القادم يا أبو سلمية؟!

المحطة الرابعة كما جاءت في قاموس أبو سلمية هي: (أما ( العام التاسع) من دعوة النبي صلى الله عليه وسلم فقد مثل عام الحزن بعد وفاة زوجته وسنده الأول خديجة رضى الله عنها وكذلك عمه أبو طالب، ومعها كان أذى المشركين في أعلى مراتبه. ولم يكن ( العام التاسع) على حماس بأقل حزناً وألماً، فقد كانت السلطة تنكل في أبناء الحركة الإسلامية، وارتقى في ذلك العام واحداً من أسود الإسلام ( المهندس يحيى عياش) ولحقه عدد من أخوانه المجاهدين، وامتلأت سجون أبناء جلدتنا بإخواننا المجاهدين .. فكان حقاً عام حزناً وألم.) أيضا يحاول أبو سلمية تغييب الحقائق التي تتعلق بالجرائم الإسرائيلية من خلال تحميل الطرف الفلسطيني مسئولية اغتيال المناضل يحي عياش، وتبرئة اليد الإسرائيلية المجرمة من اغتياله، وكأن الأمر لا يعنيها، ولا نعرف كيف يقابل أبو سمية اغتيال القائد يحي عياش بوفاة زوجة الرسول وسنده الأول خديجة ـ رضي الله عنها وعن الصحابة والتابعين ؟؟ وهل الحزن الفلسطيني يقتصر فقط على اغتيال يحي عياش ؟ هل نسينا كل قادة الثورة الفلسطينية الذين استشهدوا واغتيلوا على يد الصهاينة والإنجليز من قبلهم منذ زمن محمد جمجوم والزير إلى عز الدين .. إلى كمال ناصر والنجار وحسن سلامة وأبو شرار وأبو جهاد وصلاح خلف وغيرهم وصولا إلى القائد أبو عمار ؟؟ ولو خضنا في البحث والتحليل في اغتيال الشهيد يحي عياش، فالكل الفلسطيني يعرف من هو المتورط في اغتياله، وحماس تعرف أكثر من غيرها.. واللبيب بالإشارة يفهم !! يا أبو سلمية لا نريد أكثر من كتابة موضوعية نزيهة بعيداً عن التعصب الحزبي المقيت.

المحطة الخامسة حسب رؤية أبو سلمية هي رحلة الإسراء والمعراج للنبي الكريم في العام العاشر لبعثته، يقابلها أبو سمية في العام العاشر لانطلاق حماس حيث نجا رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل من محاولة اغتيال، وكذلك تم الإفراج عن الشيخ أحمد ياسين، الذي بدأ برحلة لعدة عواصم عربية جدد معها دعوة الحركة وأثبت عمقها الحقيقي، ووضح رسالتها ووجه رسالة للأمة أن انتصارها وعزتها يبدأ من تحرير فلسطين وصولا لسيادة الإسلام على الأمم جميعا ـ حسب كلام أبي سلمية. كلام جميل، لكن رحلة الإسراء والمعراج كانت إلى الله ـ سبحانه وتعالى، ومخصصة لنبيه الكريم فقط ، وليس لأحد غيره، وأسري به من المسجد الحرام بالبراق إلى المسجد الأقصى حيث عرج إلى السموات السبع والتقى بالأنبياء جميعهم وصلى بهم، ثم إلى سدرة المنتهى حيث وقف بين يدي ربه صاغرا، وهناك.. أوحى الله إلى عبده ما أوحى، والكل يعرف باقي القصة... فأين رحلة الشيخ أحمد يا سين من هذه الرحلة ؟؟ وهل العواصم العربية التي زارها الشيخ هي بمثابة السموات السبع ؟؟ وهل قضية الإسلام هي القضية الفلسطينية فقط ! بمعنى إذا حلت القضية الفلسطينية سوف يسود الإسلام العالم ؟؟ لا نعلم كيف يقوم أبو سلمية بربط تاريخ حماس بتاريخ النبي صلى الله عليه وسلم بتاريخ حماس؟ أين المنطق في كل هذا ؟! وشيء آخر يحب الشعب الفلسطيني معرفته، وهو تاريخ رئيس مكتب حماس السياسي خالد مشعل؟ هل هنا في غزة أحد يعرف تاريخه النضالي؟؟ على الأقل لم نقرأ أو نسمع أحد عدد لنا مناقب السيد خالد مشعل، وكل ما نعرفه أنه مارس بعض الأنشطة الطلابية في الكويت، ومحاولة الاغتيال المشهورة في الأردن، وكيفية معالجته..؟ إذ لأول مرة في التاريخ تقوم أمريكا بالضغط على إسرائيل التي قامت باغتياله بالسم، لتقوم مرة أخرى بإرسال الترياق المعالج للسم الذي تعرفه إلى الأردن، وتم علاجه بالفعل؟؟ وبعدها صار قائدا سياسيا.. هل يعرف خالد مشعل غزة؟؟ أو الشعب الغزي؟ هل يعرف معاناة الشعب الفلسطيني وعايشها؟؟ أسئلة كثيرة..

المحطة السادسة كما ذكرها أبو سلمية هي العامين الثاني والثالث عشر لدعوة النبي، وفيها كانت بيعة العقبة الأولى والثانية، ومثلت تحولا مهما في دعوة الإسلام وخروجها من المحلية إلى الإقليمية.. يقابل ذلك أبو سلمية بالسنة الثانية عشر والثالثة عشر لانطلاق حركة حماس، وفي تلك السنوات بدأ مشروع التسوية والدولة الموعودة بالترنح مقابل انتشار أوسع لحركة حماس في مناطق فلسطين وأعداد الأنصار في ازدياد مستمر، وبدأت الحركة بإرسال سفرائها إلى الخارج وفتح مكاتب لها في قطر واليمن وغيرها ـ حسب كلام أبو سلمية - وختم مقالته بقوله :( هكذا تبدو السنوات الأولى من دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، وهكذا هي مع انطلاقة حماس، هذه الحركة الواعدة والتي تبشر خطواتها الواثقة والواضحة أن عودة الإسلام إلي الصدارة أمر حتمي بإذن الله، وما هذه المحاولة من تقريب التاريخ إلا ليطمئن الجميع على هذه الدعوة وليعلم الأخوة أن دعوتنا تمضي بإرادة الله واثقة مطمئنة رغم كل العثرات التي سنطرق إليها في المرحلة الثانية من محطات بإذن الله.. ) أبو سلمية يؤكد ضلوع حماس في تحالفات إقليمية تتخذ من القضية الفلسطينية ورقة لتمرير مخططاتها، وإلا لما ساق مثال بيعة العقبة الأولى والثانية؛ فالعقبة الأولى حدثت عند العقبة بمنى في موسم الحج الثاني عشر للنبوة، حيث التقى هناك اثنا عشر رجلا من الأوس والخزرج بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم، وبايعوه.. كان من بينهم عبادة بن الصامت من الخزرج، وروي عنه حديث الرسول الشريف، فقال: " تعالوا بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ولا تعصوني في معروف فمن وفى منكم فأجره على الله ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به في الدنيا فهو له كفارة ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله فأمره إلى الله إن شاء عاقبه وإن شاء عفا عنه قال فبايعته على ذلك" أما بيعة العقبة الثانية حصلت في نفس المكان في موسم الحج للسنة التالية، إذ حضر من أهل يثرب بضع وسبعون نفسا (من الأوس والخزرج ـ الأنصار) لأداء مناسك الحج، وجرى بينهم وبين النبي اتصالات سرية أدت إلى إبرام تحالف ديني وعسكري تم فيه مبايعة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم، ومناصرته.

إذن ماذا يقصد أبو سلمية في البيعة الأولى والثانية ومن هي الفرقة أو الدولة أو الدول التي أبرمت معها حماس المعاهدة ؟؟ وهل أدى ذلك إلى الانقلاب الدموي الذي شهدته غزة وراح ضحيته مئات الأبرياء من الصابرين، واعتداء جديدا من إسرائيل على غزة طالت البشر والحجر والشجر أضافت مزيدا من المعاناة لشعبنا الصابر والمكلوم، وها هي الأيام قد كشفت تخلي تلك الدول عن تحالفها مع حماس لانشغالها بقضاياها الداخلية التي لم تعد خافية على أحد ! وشتان بين دعوة الإسلام وانطلاقة حماس التي ما انفكت منذ خمس سنوات تجمع أكبر قدر من أموال الناس الضعفاء المحاصرين، وفي الختام لا يسعنا إلا أن نردد ما قاله شاعر فلسطين (يوسف الخطيب) الذي رحل عنا في هذه الأيام، قوله:

أأُمَّتي يا شموخَ الرأسِ مُتلعةٌ ... مّنْ غَلَّ رأسَك في الأقدام والرُّكَبِ؟

أأنتِ أنتِ أم الأرحــامُ قاحـلـةُ ... وبَدَّلتِ عن أبي ذرٍّ أبا لهبِ ؟

أكادُ أؤمنُ من شكٍّ ومن عجبِ ... هذي الملايينُ ليست أمة العربِ!

CONVERSATION

0 comments: