أكذوبة الديمقراطية وحقيقة الدكتاتورية في العراق/ محمد الياسين

بات واضحاً بعد ثمان سنوات من الإحتلال وتغيير النظام السياسي بأننا لم نتخلص من عقدة الدكتاتورية والأنظمة الشمولية التي كفر بها ساسة النظام الجديد بخطاباتهم وشعاراتهم وحملاتهم الانتخابية ثم ظهرت اعراضها عليهم من خلال الاداء والسلوك الممارس حينما تمكنوا من السلطة والحكم حيث انتقلنا من دكتاتورية الحزب من خلال الدولة الى دكتاتورية الفكر والاحزاب الثيوقراطية والاجهزة الميليشياوية من خلال السلطة ، كما نستطيع القول هو انتقال من دكتاتورية الفرد في المجتمع الى دكتاتورية الجماعة في المجتمع .

لم تأتي الولايات المتحدة الامريكية بالديمقراطية التي وعدت بها الشعب العراقي من خلال الملالي الجدد والاحزاب الطائفية واشباه الساسة وانصاف الرجال هذا الوصف ليس من منطلق عداء شخصي بغاية التقزيم او التسقيط وانما من منطلق التقيم للاداء السياسي والمواقف المصيرية ، فكيف للديمقراطية ثقافة ونظام ان تتحقق في مجتمع شرقي متعدد الاديان والقوميات والطوائف من خلال فكر بني اساساً على الانغلاق والنضرة الضيقة وثقافة مذهبية وعنصرية يسعى اصحابها لزرع الفرقة بين ابناء الشعب الواحد هدفاً للتجزئة والتقسيم المناطقي على اسس طائفية وعرقية تتنافى كلياً مع مفهوم الديمقراطية وتتقاطع مع اليات واهداف النظام الفدرالي القائم اساساً على مفهوم الديمقراطية وقوة الدولة المؤسساتية الدستورية .

ليست وجهة نظر شخصية حينما نقول ان الديمقراطية في العراق اكذوبة كبرى والدكتاتورية تحكم البلاد فهذا واقع حال لا مفر منه ، لم نسمع عن نظام ديمقراطي قمع شعبه كما حدث في العراق حينما خرج الشعب بكافة طبقاته الاجتماعية في تظاهرات سلمية للمطالبة بحقوق مدنية وسياسية يكفلها الدستور،انطلاقاً من المفهوم العام للديمقراطية وما يشمل من وسائل وادوات مشروعة تتيح للجمهور حرية التعبير تعد التظاهرات والاحتجاجات والاعتصامات السلمية السلاح الحضاري المتقدم للانظمة الديمقراطية في العالم وظاهرة صحية وايجابية في المجتمعات المتمدنة او الساعية الى التمدن ، ألا ان ردة فعل الحكومة متمثل بأعلى سلطة تنفيذية فيها جاء بشكل ينم عن جهل سياسي وفكري وغياب لمفهوم الممارسة الديمقراطية بتقبل الرأي الاخر وانتقاد الاداء الحكومي من قبل الجماهير الشعبية ويؤكد من خلال النهج القمعي الذي اتبعته الاجهزة الامنية والعسكرية والحزبية السلطوية على استمرار سيطرة الفكر الشمولي على عقلية الحاكم في العراق وبالتالي ركون الحاكم وحزبه وحاشيته الى وسائل وادوات الدكتاتورية عوضاً عن الوسائل والادوات الديمقراطية .

فالدكتاتورية حقيقة ملموسة في العراق اختبأ ممارسيها خلف شعارات الوطنية والديمقراطية وهم غارقين في اعلى مستويات الدكتاتورية من قمع واقصاء وتهميش والغاء للاخر واستبداد في الرأي .


CONVERSATION

0 comments: