ثورة مصر: نفاق سياسي وإعلامي/ بشرى شاكر

أول ما يستوقفنا ونحن نتحدث عن ثورة الشعب القائمة في جمهورية مصر العربية هو محاولة الشعب المصري استنساخ ما حدث في تونس !
فهل كان يحتاج أهالي مصر أن تقوم ثورة تونس لكي يظهروا للعلن مقتهم لنظام مبارك الذي حكم مصر لمدة ثلاثين سنة؟ لماذا لم تحدث الثورة في السنة العاشرة أو العشرين أو...؟
هل يمكن استنساخ ثورة تونس تماما كما استنسخ بعض المصريين حرق "البوعزيزي" لنفسه ليقومون بمثل فعلته؟
تونس دولة يبغ عد سكانها حوالي 11 مليون نسمة ومصر عدد سكانها حوالي 80 مليون نسمة، فرق شاسع في تعداد السكان وحينما نستنسخ أمرا على آخر، فمن الأولى أن نقيس أحجامه أولا، والقصد أن لا مساحة تونس ولا عدد سكانها يكونان آليات أولية تمكنا من إحداث إسقاط لما حدث فيها على مصر !!!
ثانيا، تونس دولة كانت محكومة من قبل مارد اسمع "بن علي" و هو من ناحية أداة لزوجة متطلبة كانت تسعى إلى رئاسة تونس وهي لا تتوفر على ابسط المقومات لذلك ومن ناحية هناك يد غربية وبالتحديد فرنسية تسير مصالحها داخل تونس بما أن منطقة المغرب العربي تشكل منذ زمن بعيد مطمعا لأوربا وبما أن تونس تتوفر على مقومات تجعل فرنسا تختارها كوجهة استثمارية بامتياز، أما مصر فنظام الحكم بها مختلف تماما، فإذا كانت تونس تقمع تحت المصلحة الفرنسية التي تخلت عنها فور حدوث الثورة التونسية، فان نظام الحكم بمصر الكل يعلم علاقته ب داعية"الديمقراطية" الكبرى أمريكا و اليد التي خلفها "إسرائيل"...
إذا نجحت الثورة بتونس لأن الجيش التونسي كان إلى جانب الشعب ورفض أن يكون ضده وذلك لان أفراد الجيش يعدون أنفسهم من المواطنين وإذا كانت الثورة متكاملة في تونس، فلا يعني هذا أن الجيش الذي يترأسه "حسني مبارك" ويمتثل لأوامره باعتبار أن "حسني مبارك" نفسه عسكريا ومنذ سنة 1950، سوف يستمع لنداءات الشعب وانه من المؤسف أن يفكر المصريون بإمكانية حدوث ذلك وبكل بساطة لا لشيء إلا لأن ذلك حدث في تونس!!!
سمعنا نداءات عفوية من أفواه مصرية بالشارع تناشد الجيش للانضمام للثورة، الشيء الذي لم يحدث ولن يحدث وبقليل من التفكير يمكن أن نفهم أن دولة أمنية كمصر يترأسها رجل عسكري مثل "حسني مبارك" لا يمكن أن تهب جيشها للدفاع عن أهالي مصر والانقلاب على رئيسها!!!
بل انه حتى الأمن الوطني، لا يظهر له اثر فحسب العديد من المتظاهرين والمسئولين لا يوجد اثر لأمن مصر لا في أقسام البوليس ولا في المخافر والشعب يتولى الدفاع عن نفسه بنفسه من النهب بحمله سكاكين وعصي وتكوين لجان من اجل ذلك، العديد من المتظاهرين مسكوا تحريات لا لشيء إلا لأنهم يمسكون سكينا أو سلاحا ابيضا وقيل أنهم كانوا ينهبون ويشاغبون في شوارع ومتحف مصر، فبات الخيار أن يدافع المواطن عن نفسه بحمله لسلاح ابيض وقد يتعرض للاعتقال إذا اشتبه بإحداثه أحداث شغب أو فقط لغرض في نفس يعقوب، أو أن يتوقف عن الدفاع عن نفسه وينتظر أمنا غير متواجد البتة وجيشا يسعى لرعاية المصالح العليا للدولة وليس الشعب أبدا!!!
كل هذا يدل على أن من فكر في استنساخ ثورة تونس بمصر بدئا من الشباب الذين قاموا بنهج عمل "البوعزيزي" الذي يعد أساسا انتحارا وأمرا محرما هم مخطئون منذ البداية...
"البوعزيزي"، قام بفعلته لأنه تعب ويئس وعبر عن نفسه بهاته الطريقة وندعو الله أن يغفر له فلم يكن في حالته الطبيعية وبديهي أن الجور والظلم يولد الانفجار ولكن من قام باستنساخ فعلته وهو يعلم أن ذلك لن يغير شيئا فهل يستحق الاحترام؟؟؟
إذا كان "بن علي" عدوا لتونس فان "حسني مبارك" عدو لكل الأقطار العربية، فالقمم العربية تتوقف بفضل "جهوداته" و"جهودات" "عمرو موسى"، رغم أن ما يظهر هو العكس، إذ أننا نراه يدافع عن قضايا الأمة العربية و ي الواقع إن تواجد هذه "السوسة" العربية وسط العرب هو من يمنح الفرصة لإسرائيل لتعتي خرابا في منطقة الشرق الأوسط وهو من يمنح الفرصة لأمريكا لتبسط يدها على المنطقة...
"بن علي" كان يهم مصالح فرنسية وأوربية ولم يعودوا بحاجة له بعد الثورة القوية لأهل تونس فتخلوا عنه بكل بساطة...
أمريكا وإسرائيل ما زالت تحتاج ل"حسني مبارك" أو لشخص يشبهه في المنطقة، فمن البديهي أن ثورة ضعيفة لن تجعلهم يرضخون لمطالب الشعب ومن البديهي أن يستمر في السلطة و يعين من يريد...
و هنا نتحدث عن النفاق السياسي و الإعلامي...
في بداية الثورة كان العديد من السياسيين يتوقعون وقال بعضهم انه يكاد يجزم برحيل مبارك بل لم يسميه ب"الرئيس" وكان الكل يردد "مبارك" وذلك تماشيا مع رغبة الشعب الذي كان يقول بعبارة صريحة "غور"، و ليس هناك من كلمة ابلغ ليقول الشخص انه يمقت شخصا آخر ولا يريد حتى شم رائحته و ليس فقط رؤيته...
وسائل الإعلام والمصرية بالخصوص، ركزت على ثورة الشعب وشبابه وبات يظهر أنها إلى جانبهم ونشرت شعاراتهم التي تطالب برحيل "مبارك" و إنهاء الحكم الحالي...
يأتي بعد ذلك الرئيس و بعد أن أوهم الكل بصمته وبمساعدة رئيس مجلس الشعب الذي قال للمصرين أنهم سيسمعون خبرا مهما، تمويه قال بعده سياسيون عدة أنهم يتوقعون بل يجزمون برحيل "مبارك" طبقا للدستور المصري الذي ينص على إعطاء الرئيس استقالته لمجلس الشعب...
كان مجرد تمويه...
فها هو الرئيس يصم أذانه عن رغبة الشعب في رحيله ويقول انه يتفهم مطالب الشعب وفي الوقت نفسه يركز على العنف والشغب والسرقة في شوارع مصر ويقول انه لن يتهاون في أمن المواطنين..
جملة تأذن ببداية تحرك عسكري كبير وتأذن أكثر بأحقية الجيش والأمن في قتل من يراهم مشاغبين و لصوصا، و بصيغة أخرى هو ضوء اخضر لقتل بعض المتمردين سواء كانوا لصوصا أو لا...
و هنا يظهر النفاق السياسي المصري والإعلامي..
نفس السياسيين باتوا يتحدثون عن الشغب وانتهى الحديث عن الثورة، العديد منهم حضروا للقنوات الفضائية ليؤكدوا على ضرورة حماية أثار مصر!!!
حماية الآثار وحماية المتاحف و حماية الممتلكات، هذا بات حديث السياسيين والمثقفين فمن يحمي مطالب المتظاهرين؟؟؟
أيضا ومن المفارقات هو الاستعانة ببعض المشايخ ممن كانوا يؤثرون على شباب مصر من خلال قنوات تلفزيونية تم إيقافها في مصر، لكي يثنوا عبر القنوات التلفزية شباب مصر عما يقومون به من تخريب وشغب!!!
وسائل الإعلام، كفت عن الحديث عن الثورة وعن طلبات المتظاهرين واتجهت نحو الحديث عن الشغب وإظهار التكسير والخراب الذي لحق بمرافق مصرية، وأكثر من هذا إظهار موقوفين يجلسون على الأرض وتقوم بحراستهم عناصر الجيش وتقوم وسائل الإعلام بسؤالهم عما حدث ليعترف الكل بأنه فعلا تورط في أحداث سرقة وشغب ويقروا بأنهم مخطئون!!!
المشهد الأول: شباب ثائر
فاصل: أمريكا تدعم الرئيس المصري والنظام الحاكم لمصر لن يتغير
المشهد الثاني: شعب مشاغب ولصوص ينهبون ومطالب منسية...
و تسدل الستارة على ثورة تظهر مثل تمثيلية مصرية طويلة ولربما تكون موضوع أفلام عديدة على قنوات "نايل" المصرية ومع فارق بسيط هو أن الرئيس سيكون هو البطل والشعب بأكمله مشاغب وظالم وجائر!!
أبعد هذه المفارقات هل تستطيع مصر أن تستنسخ ثورة تونس؟؟؟
من غرائب وسائل الإعلام أيضا وبالتحديد قناة الجزيرة أنها تتجاوز أزمة مصر لتتنبأ بثورات في دول أخرى حسب قول محللين سياسيين لم يذكروا أسماءهم، لا لشيء إلا لكونهم يقطنون كوكب المريخ فلم تسمع عنهم أية قناة ثانية...
الثورة قادمة في كل من الأردن ولبنان والجزائر وبتشديد المذيع على المغرب في آخر تنبؤاته...
فهل تستنسخ قناة الجزيرة وقائع دول أخرى على كل الدول العربية ولصالح من تقوم بذلك؟؟؟
يبقى أن نذكر أن العديد من الشباب بالمملكة المغربية قد انشئوا صفحات على الفيسبوك ينددون بهذا القول ويرددون أنهم يحبون ملكهم وشعبهم وانه لا يوجد بلد يخلو من المشاكل ولكن الثورة يجب أن تكون لها أسباب ولا نثور فقط من اجل الثورة فهذا ما يريده أعداءنا بنا وكم سيكون جميلا لو أنهت كل الدول العربية نفسها بنفسها فلن يبقى للدول "الديمقراطية" الكبرى إلا أن تحتلها كلها بسهولة لتنشر ديمقراطية وحرية تعبير وتشنق الدكتاتوريات المتواجدة بها !!!
على كل الشباب العربي أن يفكر قبل أن يثور، أن يعرف لماذا يثور وكيف يعبر عن نفسه، و ماذا ستكون نهاية ثورته، ومن سيربح من ثورته هاته، لا يتوجب علينا أن ننسخ ثورة بلد على بلد آخر...
لا تجعلوا أعداءكم ينصبون ثوراتكم فخا لكم...
أي نعم بن علي وحسني مبارك يشكلان رمزين للفساد ولكن ليست كل المشاكل بكل البلدان بسبب حكامها وليس كل ما يجوز بالماء يجوز بالتيمم !!!

المملكة المغربية

CONVERSATION

1 comments:

غير معرف يقول...

السيدة تعيب على محللي الجزيرة تنبئاتهم بانتقال الثوراة إلى أنظمة عربية أخرى ثم تأتي لنا بتنبؤات من عندها غاية في الإنهزام والإنبطاح للذل الجاثم على قلوبنا منذ عهود بعيدة، محللو الحزيرة شخصيات فكرية عربية يعرفها القاصي والذاني، وعدم معرفتك بهم يعود ربما لإذمانك القنوات العربية الفاشلة والخانعة لإرادة الحكام الظلمة، ناهيك على كونها تحليلات سياسية مبنية على معطيات سياسية واضحة، لعل تشابه الظروف السياسية والإقتصادية والإجتماعية في كل الدول الغربية أهمها، فالظلم والإسبداد وتعمير مراسي الحكم لفترات لا محدودة توجد في الدول العربية، استنساخ الثورات لا يتوقف على حكم الدول وعدد سكانها بقدر ما يتوقف علر تشابه الأسباب الداعية إلى الثورات، أما أسألكي سؤال الجاهل، ما وجه الشبه بين الثورة في كوبا والثورة في فيييتنام ومن قبلها ما وجه التشابه بين الثورة الفرنسية والثورات المتلاحقة في العالم بأسره بعد الثورة الفرنسية، أرجوا أن تجيبي نفسك أما أنا فلست بحاجة إلى إلى جوابك وقبل أن تجيبي راجعي دروسك في التاريخ، ولا تتجرئي علر الفتوى بالتحليل والتحريم لأن أجرأكم على الفتوى أجرآكم على النار مصداقا لقوله رسول الله، احتراماتي