القدس... وازمة مؤسساتها/ راسم عبيدات

من الواضح بان اعباء المقدسيين وهمومهم ومشاكلهم تزداد وتتصاعد يوماً بعد يوم...وهذه الأزمات والهموم،ليس بفعل إجراءات وممارسات الاحتلال وحدها،بل العديد من هذه المشاكل والأزمات نحن المسؤولين عنها سواء كمقدسيين او كفلسطنيين،فالمؤسسات الصحية في القدس،وبالتحديد مستشفى المقاصد مشاكله وهموم عامليه تزداد وتكبر يوما عن يوم،حيث ان السلطه لم تف بإلتزاماتها بدفع الأموال المستحقة عليها للمستشفى،وبما يفاقم من الأزمة هناك،وقد اخذت الإجراءات النقابية والعمالية بالتصاعد،من اعتصامات واضرابات جزئية،حيث ان عدم وفاء السلطة لإلتزامتها،يجعل المؤسسة غير قادرة على دفع رواتب موظفيها،والذي من شأنه المس بظروف حياتهم ومعيشتهم،وقدرتهم على الصمود والبقاء في المدينة،فكيف لمن لم يتلقى راتبه بشكل منتظم منذ شهر تشرين اول/2013،ان يتدبر اموره الحياتية،فالبعض من الموظفين لم يعد قادراً على الوصول لمكان عمله بالمستشفى لضيق الحال وعدم توفر المال،وكذلك يلقي ذلك بظلاله على الخدمات الطبية والصحية التي يقدمها المستشفى لأهالي القدس والحالات المحولة من الضفة الغربية والقطاع،وإستمرار هذا الوضع قد يكون له الكثير من التداعيات،والتي قد تصل حد اغلاق هذه المؤسسة الحيوية والرائدة في المدينة،والتي تعتبر احد دعائم وركائز الوجود الوطني في مدينة القدس،وكصرح له اسمه وتاريخه الوطني الذي يجب الحفاظ عليه،وهل ما يحدث في المقاصد وغيرها من مؤسسات القدس،يستقيم مع الشعارات و"الطخ" الإعلامي والأسطوانة المشروخة بأن القدس عاصمتنا الأبدية؟؟،ولماذا يطلق وزراء السلطة ومسؤوليها التصريحات الصحفية كشيكات بدون رصيد؟،ولنجد صورهم واخبارهم متصدرة في الجرائد المحلية،بأن السلطة قد عملت على حل مشكلة مستشفى المقاصد،فأين السلطة من الوعود التي قطعها وزراءها في الإجتماع الذي عقد قبل شهرين من الزمان،.في المستشفى وضم كل من وزير المالية ووزير الصحة ووزير شؤون القدس ومحافظها وكبار الموظفين في هذه الوزارات،حيث تم الاتفاق على تغطية كافة مستحقات المستشفى لدى وزارة الصحة في موعد اقصاه 15/4/2014 والبالغة في حينه قرابة ثمانية وثلاثون مليون شيكل، الا ان هذا الوعد ذهب ادراج الرياح شأنه شأن كافة الوعود السابقة.

حتى ترسخ لدى كافة العاملين الشعور بان هناك مخطط ينفذ من قبل بعض صانعي القرار يهدف الى تصفية هذه المؤسسة،وبالتالي تصفية الوجود الفلسطيني في القدس الشريف؟؟،نعم نحن كمقدسيين نتهم بأن البعض  في قمة هرم السلطة يقود اجندة مشبوهة لتصفية مؤسسات القدس وقضية القدس،ونطالب قيادة المنظمة ورئيس السلطة الوطنية الرئيس أبا مازن،بإجراء مساءلة وتحقيق جدي،عمن يقوم بمثل هذا السلوك وتلك الممارسات بحق القدس والمقدسيين والتي هدفها تصفية مؤسساتهم ووجودهم.

والأمور ليست وقفاً على مستشفى المقاصد فهناك شركة كهرباء القدس،والتي بفعل الديون المتراكمة عليها لشركة الكهرباء القطرية  الإسرائيلية،والتي جاوزت المليار شيكل،أصبح خطر السيطرة على امتيازها وممتلكاتها من قبل حكومة الإحتلال جدياً وحقيقياً،ولتفادي هذه الخطر وبالذات قامت الشركة بتحويل عامليها الى جباة من اجل تفادي وضع يد الإحتلال على الشركة،ونحن نرى بان من يتحمل المسؤولية المباشرة عن ذلك السلطة الفلسطينية  أيضاً،وكذلك المواطن الفلسطيني،حيث ان السلطة أيضاً لم تفي بالتزاماتها المالية تجاه الشركة،وكذلك عدم دفع أثمان التيار الكهربائي والسرقات،تثقل كاهل الشركة،ورغم كل المناشدات والأحاديث التي توجه فيها مدير الشركه المهندس هشام العمري الى الجهات المسؤولة والى المشتركين،بضرورة الوقوف عند مسؤولياتهم،وإنقاذ الشركة من خطر الضياع،ولكن كل تلك الصرخات والنداءات تذهب وذهبت ادراج الرياح،وكان هناك من يسهم عن عمد في تدمير وضياع هذا الصرح الوطني في قلب مدينة القدس،وبما ينم عن عقلية ارتزاقية نفعية،ناهيك عن ان هناك "بلطجة" و"زعرنات"من أفراد وجماعات غير مسؤوله لا وطنياً ولا اخلاقياً،تقوم بعمليات السرقة بشكل ممنهج ومنظم،بضاف الى ذلك بعض من يتمسحون ويتاجرون بالدين،هناك من يشجع على سرقة التيار الكهربائي، في تشريع للصوصية والحرمنة في تناقض واضح ومخالفة للتعاليم الدينية إسلامية ومسيحية وبوذية.

وحال مجلس الإسكان الفلسطيني،ليس بأفضل حال من المشافي وشركة كهرباء القدس،فهناك ما لا يقل عن عشرة ملايين من الدولارات على المقترضين،والذين رغم ان جزء منهم تخلفه عن الدفع مرتبط بصعوبة ظروفه واوضاعه الإقتصادية،والتي يجب مراعاتها،والعمل على إعادة  جدولة ديونه وفق آليات يجري التوافق عليها،ولكن هناك جزء اقترض وأدار ظهره للمجلس،ولم يقم بالتسديد،وهذا الجزء يجب ان تجري ملاحقته من كل الغيورين على مصلحة القدس والوطن،وعليه أن يغادر عقلية الإنتفاع والإرتزاق،ولا اظن بأن أي وطني شريف يستطيع أن يدافع عن مثل هؤلاء المقترضين،فهم جزء من الأزمة وليس الحل،ولذلك وجب فضحهم وتعريتهم،وليس "الطبطبة"  والتستر عليهم،ونحن اذا نقول بأن الخط الناظم لمؤسساتنا في مدينة القدس،يجب ان يكون عدم رفع القضايا على المتخلفين عن الدفع والسداد أمام المحاكم الإسرائيلية،ولكن هذا يجب ان لا يشكل تشريعاً او صكاً للبعض للتهرب من السداد،ويجب ان يجد المقدسيون قوى ومؤسسات وكذلك السلطة والمنظمة الطرق والآليات التي تجبر مثل هؤلاء على تسديد القروض،لكي يستفيد منها غيرهم.

وأيضاً نحن نرى بأن السلطة والمنظمة تتحملان المسؤولية الأولى عن إستمرار أزمة مجلس الإسكان وإنقسامه بين شركة الإسكان في القدس ومجلس الإسكان في الضفة الغربية،حيث ان البعض وجد ضالته في هذا الإنقسام ،للتهرب من الدفع وتسديد القرض.

ما ينطبق على هذه المؤسسات،ينطبق على غيرها من المؤسسات الأخرى،فجزء منها اغلق بفعل سياسات الإحتلال وإجراءاته التعسفية،اكثر من 32 منذ بداية الإحتلال وفي مقدمتها بيت الشرق وغيرها،جرى إغلاقها تحت حجج وذرائع الصلة والعلاقة بالسلطة والفصائل الفلسطينية،والعديد أيضاً رحل قسراً او طوعاً الى خارج مدينة القدس،ولذلك وجب على المنظمة والسلطة تحمل مسؤولياتها العملية تجاه مؤسسات القدس لدعم صمودها ووجودها،وليس فقط التنظير والشعارات والبيانات في وسائل الإعلام المختلفة،فالوضع لم يعد يحتمل المزيد في القدس.

CONVERSATION

0 comments: