رغم إزدياد الكوارث قسوة وإشتداد الأزمات حدّة وتفاقم النزاعات شراسة لتنصبّ كلّها بعنف على العالم منغّصةً حياة بلايين البشر ومحكمةً الخناق على أعناقهم معتصرةً منهم المعاناة والأوجاع والبؤس واليأس، كثيرون منهم يعضّون على جراحهم ليترقّبوا بأمل وتفاؤل وثقة بزوغ أنوار الخيور تنبسق من وجدانهم وتنبعث من شُهُبِ البسمات الطّيّبة والإرادات التّوّاقة والضمائر المتّقدة والمواهب المتألّقة.
قلّما هنئ عيش اللبنانيّين في العقود الأربعة المنصرمة، فالقصف بوابل صواعق الأطماع الأقليميّة إنصبّ عليهم ليفسّخ إيمانهم ويمسّخ هويّتهم ويوسّخ ولاءهم ويرسّخ نفورهم.
قلّما هنئ عيش اللبنانيّين في العقود الأربعة المنصرمة، فالقصف بوابل صواعق الأطماع الأقليميّة إنصبّ عليهم ليفسّخ إيمانهم ويمسّخ هويّتهم ويوسّخ ولاءهم ويرسّخ نفورهم.
وتحت وطأة هذه الضغوط إنفرز عنهم المنجذبون بعصب قبليّ جعلهم يتخلّون عن لغتهم الأصليّة وشراكتهم التراثيّة ويتنكّرون لإستقلال وفرادة موطنهم.
وباتوا يتكلّمون لغة غير مفهومة ويجدعون أغصان الأرز ويشذّبون بل يستأصلون رصائع لبنان ويتوغّلون في إبتلاعه وتلقيمه وجبة سائغة تسهم في إشباع نهم زعيمهم المفدّى.
رغم هذه الهجمات الهمجيّة الشرسة الهادفة إلى عكس مسيرة التطوّر بإتجاه عصور البداوة ينتصب اللبنانيّيون الأصلاء لصدّ جماح فرسان الجاهليّة وحصر أذاهم وتبريد هيجانهم وإيقاظهم من نشوة سكرهم وعربدتهم.
يتعاون الحرصاء على حماية روعة لبنان طبيعةً وطابعاً وطبعاً ورونق حياة وبهاء معشر في ظلّ فيء غصون الأرز الوارفة على مدى المعمورة ليحفّزوا الهمم وينعشوا الإقتصاد وينهضوا المؤسّسات ويمتّنوا دعائمها ويرشّدوا إدارتها ويعزّزوا سلطات الدولة لتسود بتحويل نصوص الدستور والقانون قوّة نافذة لا يطغى عليها جبروت كيانات لقيطة منزلة من الخارج.
هؤلاء الأبرار يرعون النفوس اليانعة وينفحون فيها الثقة والطموح ومحبّة الوطن والأرض ويطمئنونهم أنّ تحالف قوى الخير داخل الوطن عازم على تكريم نبوغهم ونجاحهم وعطائهم وتخليد منجزاتهم وقادر على إستنساخ جينات أمين معلوف وكارلوس غصن وشارل العشّي وكارلوس سليم وفيليب سالم وسواهم من الأغصان الغضّة المنبثقة من أرز لبنان.
إنتشال لبنان، من الورطات التي جرّه إليها المرتبطون بمرجعيّات طامعة بإستتباعه، مرهون بتقاطب أبنائه البررة والأباة المتشبّثين بصون عزّة وكرامة وسيادة حقوق أهلهم في كنف نظامه الديمقراطي الضّامن حريّات مواطنيه وحقوقهم وأمنهم ونموّ طاقاتهم وسبل كسب عيش كريم.
هذه المهمّة تعيقها تحدّيات خارجة عن إرادتهم.
وسط إحتدام تجاذبات الصراع في سوريا وتشعّبه الإقليميّ والدوليّ تتثاقل حركة إنسياب سلطات الدولة اللبنانيّة ومبادرات المجتمع المدنيّ.
هول الإقتتال الداخلي وعمق الجراح وسعة الإنشقاقات تفرض مثابرة حثيثة لإبتداع حلّ ينقذ الأرواح ويمهد الدرب لإقامة نظام ديمقراطيّ يوفّر الحقوق المدنيّة لسائر الشعب السوريّ ويؤمّن العدالة ويوصل الرأي والقرار.
النأي عن التورّط في النزاع العسكريّ لا يعني التلكّؤ عن دعم حقّ الشعب السوريّ في تعديل النظام لفكّ القبضّة الفولاذيّة عن خناقه وكسر إحتكار طغمة تحكّمت بأزمّة السلطة وأمسكت بالإمتيازات الإقتصاديّة ورفضت الإنفتاح والإصلاح وهدرت فرص إشراك القوى الشعبيّة في أنصبة الحكم لخوفها من إنزلاق أزمّة القيادة من أياديها.
زجّ لبنان في الصراعات الإقليميّة كان دائماً البوّابة للتسلّل إليه وإختراقه ومحاولة تفكيكه وإضعافه وتهميشه وتهشيمه.
حصيلة التصدّي لحملات إخضاع العصيان على الطغيان أحصت آلاف الشهداء إفتدوا بأرواحهم حريّة وكرامة أهلهم وسيادة وطنهم. منهم من سقط في ساحة الوغى ومنهم من كمنت له خارجها أيادي المجرمين وغدرت به إغتيالاً.
حصيلة التصدّي لحملات إخضاع العصيان على الطغيان أحصت آلاف الشهداء إفتدوا بأرواحهم حريّة وكرامة أهلهم وسيادة وطنهم. منهم من سقط في ساحة الوغى ومنهم من كمنت له خارجها أيادي المجرمين وغدرت به إغتيالاً.
لقد إمتدّت بالأمس هذه الأيادي الآثمة لتنال من قطب سيادي متمرّس في ميدان السياسة تحت قبّة البرلمان وفي مناصب وزاريّة هو النائب بطرس حرب. لكنّ العناية الإلهيّة أفشلت المحاولة وفضحت وجوهاً من مرتكبيها فيما محاولة إغتيال الدكتور سمير جعجع ما زالت ماثلة في الأذهان.
الراغبون في خلاص لبنان من دوّامة الأطماع يزدادون قناعة بتحييده عن تلاطم مصالح الدول التي تجعله حجر الرحى لحروب طاحنة.
أمّا المنخرطون عضويّاً في كيانات دول أخرى فهم يضطلعون بمهمّة طليعة جيوشها ويضعون أنفسهم غبّ طلب مجنِّديهم.
لبنان كنز ثمين متنوّع العروق كالرخام زاهي الألوان تنصبّ عليه أنظار أنصار أحاديّة اللون المتبرّمين من تنوّعه يتحرّون الفرص ويتحرّقون لإلغاء المختلف عنهم.
حماية هذا الميراث من القرض والإنكباب على إغنائه يتطلّب حشد طاقات كلّ حرّاسه وصائغي جواهره فلا يتخلّفنّ أحدكم عن هذه المهمّة السامية والمصيريّة!
*أكاديمي باحث في الشؤون اللبنانيّة
Discernment, percipience, compassion, support for freedom, justice and Human Rights.
0 comments:
إرسال تعليق