مضى على انطلاق انتخابات حركة حماس الداخلية أكثر من أربعة أشهر ولم تنته بعد، ولم تظهر نتائجها، ولم يعرف الفائزون فيها، وقد كان من المتوقع أن تنتهي في غضون أيامٍ قليلة، شأنها شأن أي انتخاباتٍ أخرى في العالم، مهما بلغ عدد أصحاب الحق في التصويت ومدى انتشارهم وتوزعهم في شتات الأرض، مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف الخاصة التي تعيشها حركة حماس في الضفة الغربية خاصةً، حيث تعاني من ملاحقة سلطات الاحتلال حيناً، ومن ملاحقة الأجهزة الأمنية الفلسطينية حيناً آخر، بما يجعل من إجراء عملية الانتخابات أمراً معقداً وصعباً، فضلاً عن وجود المئات من كوادر الحركة في السجون والمعتقلات الإسرائيلية، الأمر الذي يفسر قليلاً تأخر إجراء الانتخابات في الضفة الغربية فقط، ولعل الكثير من المراقبين والمتابعين يتفهمون هذه العقبات ويقتنعون بها، ويدافعون عن التأخير إن وقع، خاصةً أنهم يسمعون كل يوم عن عمليات اعتقالٍ وملاحقة تطال أغلب رموز ونشطاء الحركة في الضفة الغربية، وهم المرشحون في الانتخابات، وأكثرهم حظاً في الفوز، وأقدرهم على القيادة والريادة والتمثيل.
ولكن الحركة في قطاع غزة نجحت بجدارةٍ لافتةٍ في إجراء الانتخابات الداخلية على كل الصعد، وذلك في أيامٍ قليلة، بل إنها أعلنت عن نتائج الانتخابات وتحدثت أمام وسائل الإعلام عنها، ولم تتردد في بيان أسماء الفائزين الجدد وهم كثر، وذكرت من حافظ من القدماء على مناصبهم وهم قلة، ومن خسر من السابقين أمام المرشحين الجدد، الأمر الذي أضفى على انتخابات حماس في قطاع غزة صفة الشفافية والديمقراطية والمسؤولية والحرص على المصلحة الوطنية، واحترام الشأن العام في انتخابات الحركة الداخلية وإن كانت خاصة.
ولعل البعض يعزو سرعة إجراء الانتخابات في قطاع غزة، كون حركة حماس هي التي تدير القطاع، وهي التي تترأس الحكومة فيه، مما ييسر عليها توفير كل مستلزمات وضروريات إجراء الانتخابات، لجهة الزمان والمكان وضمان مشاركة الجميع أو الأغلبية، وتذليل العقبات إن وجدت، ولكن هذه الفرضيات لا تنفي وجود خطورة أمنية على بعض كوادر الحركة وأنشطتها العامة، إذ أن منهم من يعمل في السر، ولا يحب أن يشاع اسمه، أو يعرف عمله، ومع ذلك فقد نجح القائمون على العملية الانتخابية على نفاذها في أقصر وقت وأسرع إجراءات، ضمن ضوابط العدلية والشفافية والصدقية والنزاهة، بما يقلل أو ينفي احتمالية وجود خروقات أو مخالفات جذرية تمس أسس العملية الانتخابية.
أما الأمر المثير للاستغراب، والدافع للتساؤل المحير بل والمشكك أحياناً، هو عن أسباب تأخر إجراء الانتخابات في إقليم الخارج، حيث أن انتخابات حركة حماس الداخلية موزعة بين أقاليمها الثلاثة، في الضفة الغربية وقطاع غزة والخارج، وقد نجحت كلياً أو جزئياً في شطريها الأصعبين والأخطرين، اللذين يفترض فيهما التأخير والعرقلة والإبطاء لأكثر من دافعٍ وسبب، ومع ذلك فإن المتأخر عن الركب هو إقليم الخارج، والممتنع عن إجراء أو إتمام الانتخابات هو إقليم الخارج فقط، الذي تنعدم لديه الحجة والعذر بعدم وجود مكانٍ لعقد الانتخابات، أو بسبب تشتت الكوادر من أصحاب الحق في التصويت في أكثر من ساحةٍ ومكان.
فأما الحجة الأولى فهي باطلة مهما بالغ المعتذرون في بيان صعوبتها وتعذرها، أي لا مكان مهيأ لعقد اجتماعات عامة لكوادر الساحات الخارجية، ولا حرية لانتقال عناصرها إلى ساحاتٍ معينة، إذ أن الربيع العربي يشي بقوة أن الكثير من الساحات العربية أصبحت مفتوحة ورحبة، فضلاً عن أن أصحاب الحق في التصويت ليسوا كثرة حتى يصعب اجتماعهم، ويتعذر حضورهم، فهم بالتأكيد أقل من عدد أصحاب الحق في التصويت في قطاع غزة أو الضفة الغربية، ومن السهولة عليهم الانتقال إلى الساحات ذات العدد الأكبر، ليلتحقوا بالمجموع وتنعقد الانتخابات، إذ لا معوقات تمنع، ولا قيود تفرض.
أما عذر الشتات والتوزع الجغرافي فيمكن تجاوزه بسبلٍ عدة وطرائق مختلفة، ولن يعدم القائمون على الانتخابات إيجاد وسيلة تؤمن وجود مراقبين أو مفوضين شرعيين لإجراء الانتخابات في الساحات، فالقوائم موجودة، وأصحاب الحق في التصويت أسماؤهم محددة، مما يجعل من مهمة المفوض أو المكلف بإجراء الانتخابات سهلة وممكنة.
لعل التأخير الحادث في أول انتخابات لحركة حماس تجرى في ظل الربيع العربي يدفع للتساؤل عن كيفية إجراء الانتخابات في الدورات الماضية، في ظل الملاحقات الأمنية والسجون والمعتقلات العربية والإسرائيلية، وفي ظل منع السفر وحظر الاجتماعات، وعدم الاعتراف بشرعية حركة حماس، أما وقد زالت كل هذه العقبات، وفتحت كل الساحات، وأصبحت حركة حماس شرعية ومعترف بها، فما الداعي للتأخير، وما سبب الإبطاء.
لعل بعض أصحاب حسن النية يرون أن الأسباب التي يستعرضها منظمو الانتخابات مقنعة ومقدرة، ولا يرون أن هناك ثمة ضوابط زمنية ومواعيد يجب أن تحترم ويلتزم بها، إذ المقصود هو تنظيم الانتخابات وتمام إجرائها، كما يرون أن لكل إقليم مطلق الحرية في كيفية تنظيم الانتخابات، فلكل إقليم ظروفه وأوضاعه الخاصة التي تميزه عن غيره.
ولكن آخرين يرون أن وراء تأخير إتمام الانتخابات في الخارج أسباباً ودوافع أخرى، ومبررات تمليها بعض المصالح، إذ في التأخير والإبطاء ضمانٌ لبعض النتائج، وتأكيدٌ على بعض الأسماء، وفرصة للتدقيق في نتائج انتخابات الأقاليم الأخرى، واستدراكٌ للأخطاء، وفرصة لإعادة هندسة قوائم المرشحين تثبيتاً أو استبعاداً، خاصة أنه لا يوجد لوائح ونظم تحكم عملية الترشيح، وتحدد بزمن ضابط المهلة المسموح خلالها بالترشح أو السحب، إذ أن تقاليد الانتخابات في الحركة لا تسمح لأحدٍ أن يرشح نفسه، وإنما يترك الخيار للآخرين أن يرشحوا من يرونه الأنسب لهم.
ليس من مبررٍ مقنع لتأخير الانتخاباتٍ في ساحةِ الخارج التي تتسم بالحرية وإمكانية التنقل، وسهولة التواصل، ووفرة إمكانيات وحاجات عقد اللقاءات المادية والمعنوية، سوى الرغبة الجامحة لدى البعض لضمان الهندسة الدقيقة لنتائج الانتخابات، بما لا يسمح بوجود مفاجئاتٍ خطرة، كصعود شخصياتٍ مخالفة، أو أخرى سليطة اللسان ممن لا يشق لها غبار في المواجهة والتحدي، ممن لا يرون قداسة في الأشخاص، ولا خلود في المواقع، ويدعون للتطبيق الأمين للوائح والنظم، وألا تكون عرضةً للتلاعب والتغيير والتبديل وفقاً للمصالح والأهواء، وخدمةً للأغراض والغايات الشخصية، وفي التأخير تحكمٌ وسيطرة، وقدرة على الاستدراك ومعالجة الأخطاء وتعديلها، وفي العجلة مغامرة وقد تكون ندامة وخسارة .
يومٌ واحد قبل العودة إلى مخيم جباليا بغزة بعد إبعادٍ قسري دام اثنين وعشرين عاماً، فموعدي مع العودة إلى أرض قطاع غزة الحبيب يوم السبت إن شاء الله، ومنه ومن كل الوطن نلتقي ونجدد العهد معاً.
ولكن الحركة في قطاع غزة نجحت بجدارةٍ لافتةٍ في إجراء الانتخابات الداخلية على كل الصعد، وذلك في أيامٍ قليلة، بل إنها أعلنت عن نتائج الانتخابات وتحدثت أمام وسائل الإعلام عنها، ولم تتردد في بيان أسماء الفائزين الجدد وهم كثر، وذكرت من حافظ من القدماء على مناصبهم وهم قلة، ومن خسر من السابقين أمام المرشحين الجدد، الأمر الذي أضفى على انتخابات حماس في قطاع غزة صفة الشفافية والديمقراطية والمسؤولية والحرص على المصلحة الوطنية، واحترام الشأن العام في انتخابات الحركة الداخلية وإن كانت خاصة.
ولعل البعض يعزو سرعة إجراء الانتخابات في قطاع غزة، كون حركة حماس هي التي تدير القطاع، وهي التي تترأس الحكومة فيه، مما ييسر عليها توفير كل مستلزمات وضروريات إجراء الانتخابات، لجهة الزمان والمكان وضمان مشاركة الجميع أو الأغلبية، وتذليل العقبات إن وجدت، ولكن هذه الفرضيات لا تنفي وجود خطورة أمنية على بعض كوادر الحركة وأنشطتها العامة، إذ أن منهم من يعمل في السر، ولا يحب أن يشاع اسمه، أو يعرف عمله، ومع ذلك فقد نجح القائمون على العملية الانتخابية على نفاذها في أقصر وقت وأسرع إجراءات، ضمن ضوابط العدلية والشفافية والصدقية والنزاهة، بما يقلل أو ينفي احتمالية وجود خروقات أو مخالفات جذرية تمس أسس العملية الانتخابية.
أما الأمر المثير للاستغراب، والدافع للتساؤل المحير بل والمشكك أحياناً، هو عن أسباب تأخر إجراء الانتخابات في إقليم الخارج، حيث أن انتخابات حركة حماس الداخلية موزعة بين أقاليمها الثلاثة، في الضفة الغربية وقطاع غزة والخارج، وقد نجحت كلياً أو جزئياً في شطريها الأصعبين والأخطرين، اللذين يفترض فيهما التأخير والعرقلة والإبطاء لأكثر من دافعٍ وسبب، ومع ذلك فإن المتأخر عن الركب هو إقليم الخارج، والممتنع عن إجراء أو إتمام الانتخابات هو إقليم الخارج فقط، الذي تنعدم لديه الحجة والعذر بعدم وجود مكانٍ لعقد الانتخابات، أو بسبب تشتت الكوادر من أصحاب الحق في التصويت في أكثر من ساحةٍ ومكان.
فأما الحجة الأولى فهي باطلة مهما بالغ المعتذرون في بيان صعوبتها وتعذرها، أي لا مكان مهيأ لعقد اجتماعات عامة لكوادر الساحات الخارجية، ولا حرية لانتقال عناصرها إلى ساحاتٍ معينة، إذ أن الربيع العربي يشي بقوة أن الكثير من الساحات العربية أصبحت مفتوحة ورحبة، فضلاً عن أن أصحاب الحق في التصويت ليسوا كثرة حتى يصعب اجتماعهم، ويتعذر حضورهم، فهم بالتأكيد أقل من عدد أصحاب الحق في التصويت في قطاع غزة أو الضفة الغربية، ومن السهولة عليهم الانتقال إلى الساحات ذات العدد الأكبر، ليلتحقوا بالمجموع وتنعقد الانتخابات، إذ لا معوقات تمنع، ولا قيود تفرض.
أما عذر الشتات والتوزع الجغرافي فيمكن تجاوزه بسبلٍ عدة وطرائق مختلفة، ولن يعدم القائمون على الانتخابات إيجاد وسيلة تؤمن وجود مراقبين أو مفوضين شرعيين لإجراء الانتخابات في الساحات، فالقوائم موجودة، وأصحاب الحق في التصويت أسماؤهم محددة، مما يجعل من مهمة المفوض أو المكلف بإجراء الانتخابات سهلة وممكنة.
لعل التأخير الحادث في أول انتخابات لحركة حماس تجرى في ظل الربيع العربي يدفع للتساؤل عن كيفية إجراء الانتخابات في الدورات الماضية، في ظل الملاحقات الأمنية والسجون والمعتقلات العربية والإسرائيلية، وفي ظل منع السفر وحظر الاجتماعات، وعدم الاعتراف بشرعية حركة حماس، أما وقد زالت كل هذه العقبات، وفتحت كل الساحات، وأصبحت حركة حماس شرعية ومعترف بها، فما الداعي للتأخير، وما سبب الإبطاء.
لعل بعض أصحاب حسن النية يرون أن الأسباب التي يستعرضها منظمو الانتخابات مقنعة ومقدرة، ولا يرون أن هناك ثمة ضوابط زمنية ومواعيد يجب أن تحترم ويلتزم بها، إذ المقصود هو تنظيم الانتخابات وتمام إجرائها، كما يرون أن لكل إقليم مطلق الحرية في كيفية تنظيم الانتخابات، فلكل إقليم ظروفه وأوضاعه الخاصة التي تميزه عن غيره.
ولكن آخرين يرون أن وراء تأخير إتمام الانتخابات في الخارج أسباباً ودوافع أخرى، ومبررات تمليها بعض المصالح، إذ في التأخير والإبطاء ضمانٌ لبعض النتائج، وتأكيدٌ على بعض الأسماء، وفرصة للتدقيق في نتائج انتخابات الأقاليم الأخرى، واستدراكٌ للأخطاء، وفرصة لإعادة هندسة قوائم المرشحين تثبيتاً أو استبعاداً، خاصة أنه لا يوجد لوائح ونظم تحكم عملية الترشيح، وتحدد بزمن ضابط المهلة المسموح خلالها بالترشح أو السحب، إذ أن تقاليد الانتخابات في الحركة لا تسمح لأحدٍ أن يرشح نفسه، وإنما يترك الخيار للآخرين أن يرشحوا من يرونه الأنسب لهم.
ليس من مبررٍ مقنع لتأخير الانتخاباتٍ في ساحةِ الخارج التي تتسم بالحرية وإمكانية التنقل، وسهولة التواصل، ووفرة إمكانيات وحاجات عقد اللقاءات المادية والمعنوية، سوى الرغبة الجامحة لدى البعض لضمان الهندسة الدقيقة لنتائج الانتخابات، بما لا يسمح بوجود مفاجئاتٍ خطرة، كصعود شخصياتٍ مخالفة، أو أخرى سليطة اللسان ممن لا يشق لها غبار في المواجهة والتحدي، ممن لا يرون قداسة في الأشخاص، ولا خلود في المواقع، ويدعون للتطبيق الأمين للوائح والنظم، وألا تكون عرضةً للتلاعب والتغيير والتبديل وفقاً للمصالح والأهواء، وخدمةً للأغراض والغايات الشخصية، وفي التأخير تحكمٌ وسيطرة، وقدرة على الاستدراك ومعالجة الأخطاء وتعديلها، وفي العجلة مغامرة وقد تكون ندامة وخسارة .
يومٌ واحد قبل العودة إلى مخيم جباليا بغزة بعد إبعادٍ قسري دام اثنين وعشرين عاماً، فموعدي مع العودة إلى أرض قطاع غزة الحبيب يوم السبت إن شاء الله، ومنه ومن كل الوطن نلتقي ونجدد العهد معاً.
0 comments:
إرسال تعليق