قالت العرب قديماً: "وعند جهينة الخبر اليقين" ولما كان سيرجي لافروف وصديقه بشار الأسد تنطبق عليهما قصة هذا المثل فمن المفيد أن أسرد رواية هذا المثل باقتضاب:
التقى فاتكان من فتاك العرب ممن كانوا يتعيشون على السرقة والنهب والسلب، وتعاقدا على أن لا يلقيا أحداً من عشيرتيهما إلا سلباه.
وكان الأول اسمه الحصين بن عمرو الكلابي، والثاني الأخنس بن كعب، وكان كلاهما فاتك يحذر صاحبه، فلقيا رجلاً فسلباه فقال لهما: هل لكما أن تردا علي بعض ما أخذتما مني وأدلكما على مغنم؟ قالا: نعم.
فقال: هذا رجل من لخم قد قدم من عند بعض الملوك بمغنم كثير وهو خلفي في موضع كذا وكذا، فردا عليه بعض ماله وطلبا اللخمي فوجداه نازلاً في ظل شجرة وأمامه طعام وشراب فحيياه وحياهما وعرض عليهما الطعام، فنزلا وأكلا وشربا مع اللخمي، ثم أن الأخنس ذهب لبعض شأنه فرجع فوجد صاحبه قد قتل اللخمي.
فقال الجهني: ويحك فتكت برجل قد تحرمنا بطعامه وشرابه!!
فقال: اقعد يا أخا جهينة فلهذا وشبهه خرجنا، فشربا ساعة وتحدثا ثم إن الحصين قال: يا أخا جهينة، أتدري ما صعلة وأصعل؟
قال الجهني: هذا يوم شرب وأكل.
فسكت الحصين حتى إذا ظن أن الجهني قد نسي ما يراد به قال: يا أخا جهينة، هل أنت للطير زاجر؟ قال: وما ذاك؟
قال: ما تقول هذه العقاب الكاسر؟ قال الجهني: وأين تراها؟ قال: هي ذه. وتطاول ورفع رأسه إلى السماء، فوضع الجهني السيف في نحره وقتله، وقال: أنا الزاجر والناصر.
واحتوى على متاعه ومتاع اللخمي وانصرف راجعاً إلى قومه فأصلح أمرهم، ثم جاءهم فوقف حيث يسمعهم وقال:
تسائل عن حصين كل ركب = وعند جهينة الخبر اليقيـن
وأعتقد أن الصديقان لافروف وبشار هما لصان فاتكان لا يجمع بينهما إلا السلب والنهب وسفك الدماء في سبيل الحصول على المغانم والمكاسب دون النظر من أي طريق تكون.
ولعل تصريحات لافروف الأخيرة التي أطلقها قبل اجتماعه بكوفي عنان، والتي قال فيها: "الأمر لا يتعلق بما نفضله أو نحبه أو نكرهه. إن الأسد لن يذهب. ليس لأننا ندافع عنه ولكن لأن قطاعاً كبيراً للغاية من سكان سورية يقفون خلفه"، يقول هذا ويعرف أنه يكذب، ستكون هذه التصريحات آخر ما يسمعه بشار الأسد من لافروف، لأن هذا الغبي يعتقد أن موسكو تصادقه حباً به وبنظامه، وأنها ستظل تحميه إلى مالا نهاية، وهذا سيجعله يذهب في سفاهته وإجرامه إلى أبعد مدى، فيغتنم لافروف الظرف المناسب وقد نضب ما لدى صاحبه من مال نهبه أو قدم له من حلفائه في قم، ويترك صديقه الغبي إلى قدره، كما فعل بالقذافي سابقاً، ملقى في أحد كهاريز دمشق أو في بعض أقبية القصور التي شغلها وأبيه لأكثر من أربعين سنة جثة مشوهة تتناهشها كلاب قصره.
لم تكن قصة هذان الفاتكان اللصان بشار ولافروف غائبة عن عيون المتابعين والمراقبين والعارفين ببواطن العلاقة المشبوهة التي جمعت بينهما، فكل منها مستفيد من الآخر وكل منهما يظن أنه الرابح الأول من هذه العلاقة بغض النظر عن الشرف أو الأخلاق أو القيم، فكل هذه المعاني لا وجود لها في قاموس هذين اللصين الفاتكين، ولهذا نراهما منغمسين حتى النخاع في القتل والجريمة وسفك الدماء، فالهدف لكل منهما هو الفوز بالمكاسب والمصالح، موسكو بالمال، وبشار بالوقت وإطالة عمره على كرسي الحكم الذي لا يتصور نفسه بعيداً عنه، وقد أوصته أمه "ناعسة" بالتمسك به حتى النهاية لأنه ورثه عن أبيه، الذي قاتل دونه حتى فارق الحياة.
لافروف، كما قلنا، هو لص فاتك يلعب مع بشار لعبة الغماية، فإذا ما أحس بأن بشار قد أفلس ولم يعد لديه مال مكنوز أو توقف أصدقاؤه في طهران، لسبب أو آخر، عن ضخ المال إليه، فإنه سيتخلى عنه، ولعل أولى خطوات التخلي عنه هو ما نشهده من مواجهات في عقر داره بدمشق بين جيشه الخائن والجيش الحر، ويتجلى هذا التخلي بحقنه ببعض المواقف التي تشجعه على التغول في ارتكاب الجرائم والذهاب بعيداً في اقترافها بحق المدنيين والعزل، وقد أخفق في مواجهة الثوار والجيش الحر الذين باتوا يضيقون الحصار عليه في قلعته قصر المهاجرين (باب العزيزية)، ليكون مصيره ليس دون مصير القذافي، ولن يسرع الروس لإنقاذه كما فعل هتلر عندما أنقذ موسيليني من يد الثوار الطليان، لأن الروس سيكونون منهمكين في التسابق لركوب سفنهم والفرار من الساحل السوري طلباً للنجاة.
التقى فاتكان من فتاك العرب ممن كانوا يتعيشون على السرقة والنهب والسلب، وتعاقدا على أن لا يلقيا أحداً من عشيرتيهما إلا سلباه.
وكان الأول اسمه الحصين بن عمرو الكلابي، والثاني الأخنس بن كعب، وكان كلاهما فاتك يحذر صاحبه، فلقيا رجلاً فسلباه فقال لهما: هل لكما أن تردا علي بعض ما أخذتما مني وأدلكما على مغنم؟ قالا: نعم.
فقال: هذا رجل من لخم قد قدم من عند بعض الملوك بمغنم كثير وهو خلفي في موضع كذا وكذا، فردا عليه بعض ماله وطلبا اللخمي فوجداه نازلاً في ظل شجرة وأمامه طعام وشراب فحيياه وحياهما وعرض عليهما الطعام، فنزلا وأكلا وشربا مع اللخمي، ثم أن الأخنس ذهب لبعض شأنه فرجع فوجد صاحبه قد قتل اللخمي.
فقال الجهني: ويحك فتكت برجل قد تحرمنا بطعامه وشرابه!!
فقال: اقعد يا أخا جهينة فلهذا وشبهه خرجنا، فشربا ساعة وتحدثا ثم إن الحصين قال: يا أخا جهينة، أتدري ما صعلة وأصعل؟
قال الجهني: هذا يوم شرب وأكل.
فسكت الحصين حتى إذا ظن أن الجهني قد نسي ما يراد به قال: يا أخا جهينة، هل أنت للطير زاجر؟ قال: وما ذاك؟
قال: ما تقول هذه العقاب الكاسر؟ قال الجهني: وأين تراها؟ قال: هي ذه. وتطاول ورفع رأسه إلى السماء، فوضع الجهني السيف في نحره وقتله، وقال: أنا الزاجر والناصر.
واحتوى على متاعه ومتاع اللخمي وانصرف راجعاً إلى قومه فأصلح أمرهم، ثم جاءهم فوقف حيث يسمعهم وقال:
تسائل عن حصين كل ركب = وعند جهينة الخبر اليقيـن
وأعتقد أن الصديقان لافروف وبشار هما لصان فاتكان لا يجمع بينهما إلا السلب والنهب وسفك الدماء في سبيل الحصول على المغانم والمكاسب دون النظر من أي طريق تكون.
ولعل تصريحات لافروف الأخيرة التي أطلقها قبل اجتماعه بكوفي عنان، والتي قال فيها: "الأمر لا يتعلق بما نفضله أو نحبه أو نكرهه. إن الأسد لن يذهب. ليس لأننا ندافع عنه ولكن لأن قطاعاً كبيراً للغاية من سكان سورية يقفون خلفه"، يقول هذا ويعرف أنه يكذب، ستكون هذه التصريحات آخر ما يسمعه بشار الأسد من لافروف، لأن هذا الغبي يعتقد أن موسكو تصادقه حباً به وبنظامه، وأنها ستظل تحميه إلى مالا نهاية، وهذا سيجعله يذهب في سفاهته وإجرامه إلى أبعد مدى، فيغتنم لافروف الظرف المناسب وقد نضب ما لدى صاحبه من مال نهبه أو قدم له من حلفائه في قم، ويترك صديقه الغبي إلى قدره، كما فعل بالقذافي سابقاً، ملقى في أحد كهاريز دمشق أو في بعض أقبية القصور التي شغلها وأبيه لأكثر من أربعين سنة جثة مشوهة تتناهشها كلاب قصره.
لم تكن قصة هذان الفاتكان اللصان بشار ولافروف غائبة عن عيون المتابعين والمراقبين والعارفين ببواطن العلاقة المشبوهة التي جمعت بينهما، فكل منها مستفيد من الآخر وكل منهما يظن أنه الرابح الأول من هذه العلاقة بغض النظر عن الشرف أو الأخلاق أو القيم، فكل هذه المعاني لا وجود لها في قاموس هذين اللصين الفاتكين، ولهذا نراهما منغمسين حتى النخاع في القتل والجريمة وسفك الدماء، فالهدف لكل منهما هو الفوز بالمكاسب والمصالح، موسكو بالمال، وبشار بالوقت وإطالة عمره على كرسي الحكم الذي لا يتصور نفسه بعيداً عنه، وقد أوصته أمه "ناعسة" بالتمسك به حتى النهاية لأنه ورثه عن أبيه، الذي قاتل دونه حتى فارق الحياة.
لافروف، كما قلنا، هو لص فاتك يلعب مع بشار لعبة الغماية، فإذا ما أحس بأن بشار قد أفلس ولم يعد لديه مال مكنوز أو توقف أصدقاؤه في طهران، لسبب أو آخر، عن ضخ المال إليه، فإنه سيتخلى عنه، ولعل أولى خطوات التخلي عنه هو ما نشهده من مواجهات في عقر داره بدمشق بين جيشه الخائن والجيش الحر، ويتجلى هذا التخلي بحقنه ببعض المواقف التي تشجعه على التغول في ارتكاب الجرائم والذهاب بعيداً في اقترافها بحق المدنيين والعزل، وقد أخفق في مواجهة الثوار والجيش الحر الذين باتوا يضيقون الحصار عليه في قلعته قصر المهاجرين (باب العزيزية)، ليكون مصيره ليس دون مصير القذافي، ولن يسرع الروس لإنقاذه كما فعل هتلر عندما أنقذ موسيليني من يد الثوار الطليان، لأن الروس سيكونون منهمكين في التسابق لركوب سفنهم والفرار من الساحل السوري طلباً للنجاة.
0 comments:
إرسال تعليق