محاولة إغْتِيالْ قَانونِيَة...الجُزْء الأَوًل/ فراس الور

انه سيناريو يَرْمُز الى ظُروف كثيرة مَرَرْتُ بها و انا اراسل العالم الفَني بالقاهرة مُنْذُ عام مما قبل الثورة المصرية، و يُعَبِر عَنْ غَلاوَةِ مِصْر عِنْدي مِنْ خِلالْ مَشَاهِدَهُ الحَافِلَة و َيروي قِصَتي مَعْ الفُنون في مِصر و فنانة مِصرية احْبَبْتُها ورأيت حبي لِمِصر مِنْ خلال حُبي لها...و جَميعُها سِلْسِلَة حوادث اسْتَمَرًت الى قَبْل اسْبوع مِنْ تاريخ (20 يناير 2013)...و حين كَتَبْتُها انْسَكَب الحِبْر مِنْ قَلَمي لِيَخُطً هَذِهِ الكَلِمات البَسيطَة...و كغصات الألم في صدري عَبًرَت عَنْ الشُجون الذي يَسْكُن في ذاتي مُنْذُ ان اقْدَمَ البَعْض على رَشْقِ بَعْض رموز الفَنْ في القاهرة بالتُهَم و الشَتائِم لِتَبْدأ قَضِيًة"مُحاوَلَة اغْتيال قانونية"...

خارجي:  في هذا المَشْهَد تكون الفُنون و المَسارح في مِصر و الستوديوهات التي كانت مُفْعَمَة بالحياة مِنْ قَبْل...في حالة سُكون...حيث يكون قَلْبها بعد الطَعْنَة اللئيمة التي تَلَقًتْها في حالة نقاها...بعد ان كانت الفُنون في أَوْجِ شَبابها تَتَنَفًس الهَواء الطَلْق و تَلْهو بِبَراءة تامة بين تلال الحُرية الصَلْبَة التي رَعَتْها مَسيرات الفُنون و تُغازِل بِقِدَمِها الأهرامات الشامخة التي تُعانِق قِمَمِها زُرْقَة السَماء...نائِمَة هي الفُنون على سرير النقاهة على أمل ان تَنْقَشِع الغيوم الداكِنَة مِنْ فوق سماءها الرَحْبَة لِتَعود و تُمْتِعَنا بأجوائها الغنية مِنْ جديد...

داخلي:  قاضي شاب الطَلًةِ وسيم الملامح ينظر الى إمرأة خَلْف القُضبان تَبكي من شِدَةِ الحُزْن...و وكيل نيابة لئيم الملامِحْ يُهاجِمْها بِعُنْف قائلا....

الوكيل : إن الفُنون لهي جَريمَة نَكراء في مُجْتَمَعِنا فَهِذِه الإمرأة رَعَتْها و رَعَت تَحْت رايَتِها الفُجور و قِلًة التَهذيب...

الإمرأة : ما عُمْرُك عَرَفْتَني فَكيف تُهاجِمَني و تُهاجِم كياني الذي غازَل بِقِدَمِهِ دُهور الزَمان...

الوكيل : ألَعَلً هذه الفاجِرَة تدعي انها أزليه مِثْل الله...

الإمرأة : عُمْري ما إدعيت الشِرْكَ و لكنك تهاجم رَحْمُك...الرَحْم الذي وَلَدُك و وَلَد البَشَرية جَمْعاء...مِنْ المجاري التي تفيض مِنْ قلبي و مِنْ على ضفافي ابْتَدأت مَهْد الحَضارات و حَضَنَ ترابي اول خَطوات اجدادنا

الوكيل : ما هاجمت تاريخك بل فُنونك...

الإمرأة : و ما الفَرْق فَقَلبي نَبَضَ بها مُنْذُ ألاف السنين...مُنْذُ ان أمْسَك اولادي حِجَارَة مَدْفونة بالأرض وشَكًلوها بأيديهم و بنوا بها الأهرامات العتيقة...غَنًا اولادي و رَقَصوا على انغام الموسيقى...فكيف بَعْد ان عرفوا الله و رسالة السَماء...فقد برعوا بالمَواهِب التي زَرَعَها فيهم...

الوكيل بنبرة جافة : و هل الفجور فنون...

الإمرأة : هل المَشاعِر و الجَمال حَرام؟ عِنْدَ الذي لا يُقَدِر الجَمال و المَرأة جَسَدُها حرام و عند الذي يُقَدِر الجمال و المرأة جَسَدُها نِعْمَة مِنْ عند الله...

الوكيل : لا افهم...

الإمرأة : تَغَزًلَت البَشَرية بالحُب مُنْذُ اقْدَم العُصور و تَنَفًسَ الحُب الصَعْداء في جَنًة الله بين آدم و حواء و ما عَرَفْتُم الحُب و المَشاعِر و الأحاسيس...فَهَل تَضًطَهِدُني انا أُمُك لأن الفُنون تَتَنَفًس الصَعداء في قلبي بين اولادي...و لم تَرْحَم رَحْمُك مِنْ جَلْد كرابيجك و هَذِهِ المُحاكَمَة...فلا عَجَب انك تَضًطَهِد الفُنون التي تَمْلَئْها العواطف و الأحاسيس...

القاضي : ساميحينا يا مصر...ساميحنا يا أمي...فَقَلْبُك يَتَنَفًس الفُنون مُنْذُ مائَة عام و لم نَعْرِف لِقَلْبُك سبيلا...التَعَصُب يَقْتُل الإبداع و الحِكْمَة و أما الصَدْر الوسيع و الأيمان فَعُنوانه الإحترام و التقدير...

الوكيل :انت قاضي فاجر!!!

القاضي : أنا احْتَرِم أمي التي اغْرَقَت العالم بالفُنون و صَفًقَ لِفُنونها العالم العربي كُلِه و الغربي و احْتَرِم كَرامَتُها و لن أدع تَعَصُبَكُم يُهين كرامَة بلدي...

الوكيل : مَنْ انْتَ لِتَفْرض علًي فشريعة الله...

القاضي : شريعة الله تَسَامُح و مَحَبًة و هذا الذي افْهَمُه...فَحَكَمَت المَحْكَمَة...

الوكيل : لَنْ تَحْكُم إلا بشريعة الله...

القاضي : الشريعة تَحْيَا بِنَا و نَسْتَخْدِم بصيرتنا الإنسانية بِتَطْبَيقِها...و كذا شريعة الله الذي وَهَبَنا الإنسانية...فَلَن احْكُم على بلدي بالعار لأجلك بل سأنْظُر مِنْ خلال انسانيتي التي وَهَبَني اياها الله و سأحْكُم حينها بالضَمير على بلدي و فنونها...

المشهد التالي*************

خارجي : قاعة مَحْكَمَة مِنْ مَحَاكِم القاهرة - اثناء الثورة الحالية

داخلي :  الإسْتِراحَة قَبْل اصدار الحُكْم – يَدْخُل شَخْص مِنْ مارًة الطريق و الصًدْمَة مَرْسومَة على وَجْهِه الى قاعة المَحْكَمَة الفارغة تماماً ما عدا بَعْض مِنْ المُتَفَرجين الذين يَقِفون بِصَمْت تام، يَقْتَرِب و الحُزْن يملئ قَلْبُه مِنْ المرأة...يَنْظُر الى عينهيا التي تَنْهَمِر مِنْهُما الدُموع بلا انْقِطاع...يَتَفَحًص ظَهْرَها المليئ باثار جَلْد الكرابيج المُبْرِح...يَسْتَنْشِق ضَفَائِرَها البالية التي بارَحَتْهُم رائِحَة الرياحين المُنْعِشَة فلا يَجِد بِهُما شيئ مِنْ الجَمال و رَوْنَق الماضي ...يُصْدَم بوجهها الشاحِبْ الحزين و بَشَرَتِها المُنْهَكَة و المُرْهَقَة...يَصيح باكياً بَعْد ان يرى ثوبُها المُمَزًق الذي تَرْتَديه بَدَل اثواب الحرير التي كانت تَكْسي جَسَدَها الناعم قائلا...

الرجل : أمي...

تَنْظُر اليه و الحُزْن يَشِعُ مِنْ ناظريها فَتَقول: لماذا تدعوني أمي...ما عدت ام لأحد بعد اليوم؟

الرجل : لا تُكْملي...ما زِلْتي ام جَميلة و رائِعَة...

المرأة : انني بقايا لأم كانَتْ تَسُود كاللبوؤات بالماضي...أما الآن...فإنني جارِيًة عِنْدَ قَدَمَيْهِم...

الرجل : لا تُكْمِلي...أمر تعالى بالإنجيل أكْرِم اباك و أمك (كلام الرب)...و في القرآن "واخْفِض لَهُما جَنَاح الذُل مِنْ الرَحْمَة و قُل ربي ارْحَمْهُما كما ربياني صغيرا" (صدق الله العظيم) فالوَيْلُ لِمَن يَكْسِر هَذِهِ الوصايا...

المرأة : هذا الشعب يُكْرِمُني بِشَفَتَيْه أمًا قَلْبُه فَبَعيد عني...أين هَذِهِ الوصايا مِنْ حالي؟ لا تُؤَلِمْني أكثر فأمضي في سبيلك...

الرجل بعد ان يركع امام المرأة : لَمْ أتي لأرْحَل بَلْ لأخْدِمُكِ بعيوني...

المرأة : انت لَسْتَ مِنْ مِلًتي فَلِما يَرِقُ قَلْبُك عليً؟

الرجل يقف شارحا : السَبَبْ هي...ابْنَة مِنْ بَنَاتُك...سَبَتْني بِجَمَالِها...نَبَضَ قلبي و تَدَفًقَ حُبُها مَعْ دمائي بشرايني لِعُقُود طويلة...

المرأة : مَنْ هي؟

الرجل : هي هَرَمُ فني و أخاف ان يُصْبِح مصيرها مِنْ مَصيرُك يا أمي...

المرأة : إذا لَمْ يَرْحَموني هَلْ سَيَرْحَموا اولادي؟ قَلْبي يَنْزِف على مَنْظَرِهِم و هُمْ يَسْفكوا دِمَاء بَعْض و يَدَعوا الفِتَن تَطْحَن سلامهم...مَنْ هي هَذِهِ الفتاة؟

الرجل : اصرخي...وبِخيهُم...انت أم...

المرأة : و ما الفائِدَة فَهُم لا يَنْصِتوا إلا لِصَوْتِ الإنْتِقام لا التَسَامُح...مَنْ هيا هَذِهِ الفَتاة...قُل لي

الرجل : اراها فيكِ...لو تَعْلَمي كَمْ ارى جَمالها فيكِ...لو تَعْلمي كَمْ اخاف عليها لأن البَسْمَة فارَقَت ثَغْرَها مِثْلَما البَسْمَة بارَحَت حياتك يا أمي...

المرأة : انت تُرَدِد أمي...و لكنك لست مِنْ مِلًتي...

الرجل : انْتِ اكْبَر مِمَا تَظُنين فَثَقافَتُك بُحور مِعْطائَه طالَتْ بُلْدان بَعيدَة و بِلاد قَريبَة...

المرأة : و أين اولادي...لماذا لا يُدافِعوا عني إذاً و انا اتألم...

الرجل بحزن : أنا حَضَرْتُ فَلِماذا لا ألْمِس الدفئ مَنْ كلامُكِ؟

المرأة : مَنْ هي هَذِهِ الفنانة فأكاد أُجَنُ مِنْ شِدَة الألم...كرابيجُهُم مُؤْلِمَة و لَكِن إلى حين ...لأنني قَديمَة الايام و قلبي وَسِعَ الحضارات القديمة و الحديثة ليَتَعَدًا سني دُهوراً و ازمان بِرُمًتِها...كان لي هَيْبَتي عَبْر الزَمان و أبكي بِمَرارة على كَرامَتي التائِهَة بين الكنائس و الجوامع و الدِمَاء التي زُرِعَت بينهم بِيَد اعدائي الحاقدين...ابكي على اولادي الذين فَرًقَت بَيْنَهُم مِلَل غير مُتَسامِحَة لا تَعْرِف لله سَبيلاً...ابكي على الجائيعن في احيائي و المُشَرَدين مِنْ وِزْرِ الثورات الطاحنة...

الرجل : لا تَبْكي...كفكفِ دموعكِ...سأدافع عنكِ...

المرأة : مَنْ هيا الفنانة....قل لي فَقَطَعْت مسافات طَويلَة مِنْ وَطَنِك لكي تَتَرافَع عنها ام عني؟

الرجل : لِيَشْهَد الله كَمْ اراها بكِ يا امي...يا من عَبَرَت بي السنين و أنا اشاهِد فُنونَكِ و استقي منكِ الثقافة و حُبِها...ضفائِرُكِ الناعِمَة تُذَكِرُني بها و خَصْرُكِ النحيل و عُيونُك التي تَبْرِق بِهِما ألاف النُجوم و كأنهم قِطَعُ مِنْ سَماء الفِرْدوس السرمَدِيًة...صَوْتُكِ و كأنها هي تَتَكَلًم في افلامها...اراها فيك فأُغْرِمت بها و بكِ يا حسناء العروبة

المرأة : مِنْ هي ارجوك قل لي...

الرجل : سأدافع عنكِ لانني احْبَبْتُها...و سَتعيش بداخلي مِنْ دون ان تَدْري...

المرأة : لماذا تعذب ذاتُكْ هَكَذا؟

الرجل : لأنني احْبَبْتُ مِصْرِيًتُها...جمالها المِصري الفَتًان...

المرأة : الحُب يسراً و ليس عسراً و لماذا لَنْ تدري انك تُحِبُها...

الرجل : منال النجمات بعيد عنا...ربما السبب انها مُتَكَبِرَة...و ربما لم يَصِل صوتي اليها

تفتح فمها المرأة لِتَتَكَلًم و لَكِن يُقاطِعْها صوت قوي : مَحْكَمَة !

يدخُلْ القاضي مَرًة ثانية و يدْخُل الوكيل اللئَيم و يَجْلِسا في مَقاعِدِهِم، يَنْظُرا الى الرَجُل ثُمً يقول القاضي : مَنْ أنت؟

الرجل : اريد الدِفاع عَنْ المرأة...فأولادُها انْشَغَلو بالخُصومات و ليس لها مَنْ يُدافِع عنها...

الوكيل : هَلْ انت محامي؟ 

الرجل : حُبُها جَعَلني اكْبَر شاعِرْ و محامي...

القاضي : هَلْ تَقْصِد المرأة؟ أم عن مَنْ تَتَكَلًم؟

الرجل : رُبَما سأموت مِنْ دون ان تَدْري انني احِبْهُا و ادافِعْ عَنْها...لَكِن آلآم بلادِها يُوَلِد بداخلي شُجون لا يَرْحَم فَلِذَلِك امها التي تَنْزف مِنْ الألم بالقَفَص مِثْل أمي و أنا احْضُر لِلْدِفاع عَنْ فُنونِها و عَنْها...

الوكيل : هُنَا مَحْكَمَة و انْتَ مِنْ الآن سَتَنْطِق عَنْ المرأة...

الرجل : سأنْطِق عَنْ المرأتين...عن الفنانة و أمها...بل أمنا جميعا...

الوكيل : أمي..أمي...انْتَ لَسْت مِنْ مِلًتِنَا...هل انت عابِرْ سبيل...هل انت رَجُل مسكين؟

الرجل : لو تُعْلموا كَمْ نَبْضُ قَلْبِها يَسْكُن بصدري و كيف يَضُخ الدِماء بِجَسَدي لَعَذَرْتُموني...لو انْكَوَى قَلْبُكم بِجَمال عَيْنَيْها لَعَذَرْتُموني...لو عَرَفْتُم كَمْ تُرْسِلُني صورَتُها البَهِيًة الى نَشَوات مِنْ الحُبِ و السَعادَة لَعَذَرْتُموني...فَلِذَلِك رايْتُها بأمِها...جَمالها مِنْ جَمال امها...عَشِقْتُها فَرَقً قلبي لأمها التي تَرْزَح مُتَألِمَة مِنْكُم في داخل هذا القفص الخانِقْ...(يتبع)

CONVERSATION

0 comments: