كثيرون من المثقفين العراقيين
اليهود الذين كان لهم أثر فعال في المجتمع العراقي والحياة الثقافية والأدبية
العراقية ، نزحوا من بلاد الرافدين إلى الدولة العبرية بعد قيامها في أواخر
الأربعينات على ارض فلسطين التاريخية ، وواصلوا بعد نزوحهم الكتابة باللغة العربية
، وساهموا في رفد الثقافة العربية في إسرائيل بكتاباتهم وأعمالهم الإبداعية
المختلفة في شتى فنون وضروب الأدب . وتجلت في هذه الكتابات روح الثقافة العراقية
والتقاليد الثقافية العراقية . ونذكر من بين هؤلاء المثقفين : أنور شاؤول ، شموئيل
موريه ، إسحق بار موشيه ، مير بصري ، ابراهيم عوباديا ، نسيم رجوان ، شالوم درويش
، سليم شعشوع ، سمير نقاش ، سامي ميخائيل ،
مراد ميخائيل السموألي ، ودافيد صيمح ، وسواهم
العديد . وبرز في كتابتهم عمق ارتباطهم والتصاقهم بالعراق ، وطن النخيل ودجلة
والفرات ، ومدى انتمائهم للثقافة العراقية وللمزاج الثقافي العراقي .
ويعتبر لطيف دوري احد هؤلاء المثقفين الذين انخرطوا في النضال ضد
السياسة الإسرائيلية الاضطهادية ، التي تمارسها ضد جماهيرنا العربية ، وضد شعبنا
الفلسطيني في المناطق المحتلة ، وهو من المشاركين بفعالية في الكفاح وأعمال
الاحتجاج ضد الاحتلال وممارساته وموبقاته ، والتضامن مع الشعب الفلسطيني في كفاحه
التحرري العادل ، ولأجل إرساء صرح السلام العادل والشامل الذي يضمن الحق الفلسطيني
.
ولطيف دوري القادم من بغداد الرشيد ، كان في السادسة عشرة من عمره حين
غادرها ، يقطن في رمات غان ، ويعمل صحافياً ورئيساً للقسم العربي في حزب
"ميرتس " اليساري ، وله تاريخ نضالي ومواقف سياسية يشهد لها في مقارعة اليمين الصهيوني المتطرف . وهو من
مؤسسي لجنة الحوار الإسرائيلي – الفلسطيني وسكرتيرها ، وهذه اللجنة كانت أقيمت
رداً على قانون منع اللقاءات مع قيادات منظمة التحرير الفلسطينية .
ورغم البعد ومرور السنوات الطوال على الرحيل والهجرة ، فما زالت بغداد
في خاطره ووجدانه ولغته وتفكيره وخياله ، وكم يعصف في قلبه الشوق والحنين الجارف
لعاصمة الرشيد التي تحارب الداعشيين هذه الأيام . وكما يقول لطيف إنه حنين متأصل
في الوجدان، وفي قلب كل يهودي عراقي خرج منها وانتمى إليها .
أننا نشد على أيدي لطيف دوري ، المناضل اليساري الليبرالي ، ورفاقه من
حركات ونشطاء السلام في المجتمع الإسرائيلي ، نتمنى له المزيد من العطاء والنضال
حتى انتصار الحلم الذي يصبو إليه ، حلم قيام الدولة الفلسطينية المستقلة في حدود
الرابع من حزيران العام 1967 ، لينعم شعبي هذه البلاد بالسلام والهدوء والطمأنينة
والأمن والاستقرار ، وما أحلى الرجوع إلى ربوع بغداد .
0 comments:
إرسال تعليق