يقول المفوض السابق لمفوضية علاقات المجتمع ستيفان كيركشيان ان هناك شرطاً اساسياً هو ان يحظى رئيس او رئيسة هذه المفوضية بثقة قيادات المجتمع من كل الخلفيات الإثنية (س م ه 17/07/2017 ص 10)
كيركشيان والذي شغل هذا المنصب لمدة اربع وعشرين عاماً لم يُعرف عنه الا عمله الجاد من اجل تعزيز التناغم الإجتماعي والتعددية الثقافية في نيو سوث ويلز، رغم ان عائلته كانت قد نجت من المجازر التي طاولت الأرمن بعد الحرب العالمية الأولى وأمضى طفولته في نيقوسيا على الخط الفاصل بين قبرص اليونانية والتركية، حيث كانت الكراهية المتبادلة والتوتر على أشده بين الجانبين، ولم يصدر منه اي موقف له خلفية سياسية اومنحاز، ومن حرصه على استمرار التناغم والإنسجام فقد عمل وبنجاح عام 2001 على تغيير اسم المفوضية من مفوضية الشؤون الإثنية الى مفوضية علاقات المجتمع الذي تبناه برلمان نيو سوث ويلز، هذه المقاربة والنهج عزز فكرة اننا مجتمع متعدد المجتمعات متحّد بإلتزامه بأستراليا وطناً.
احببت استحضار سيرة كيركشيان لما بدر عن خلفه فيك الهادف والذي سقط في اول امتحان له لتعزيز التناغم والإنسجام بين أبناء المجتمع في نيو سوث ويلز، حيث قام وبصفته رئيس المجلس التنفيذي لمجلس المندوبين للجالية اليهودية بإرسال رسالة الكترونية لأبناء جاليته يتهم الفلسطينيين بإرتكاب جرائم حرب ضد اسرائيل خلال الحرب الدائرة في غزة وتجاهل كلياً ما تقوم به اسرائيل من اراقة الدماء.
اثارت تلك الرسالة مجموعات من الأستراليين من خلفيات عربية واسلامية والتي بعثت برسالة الى وزير المواطنة والمجتمعات فيكتور دومينيلو تطالبه بإقالة فيك الهادف من منصب مفوضية علاقات المجتمع، وقد وقّعت الرسالة 36 مؤسسة وجمعية من الجالية العربية والإسلامية وكذلك من الجمعيات اليهودية المعارضة لإحتلال اسرائيل الأراضي الفلسطينية، بالإضافة الى بعض الأكاديميين والناشطين الإجتماعيين .
من جهته وصف رئيس وزراء الولاية تعليقات الهادف بأنها "غير لائقة"، أما الوزير دومينيلو رفض اقالة الهادف وبرر رفضه هذه بالقول: "جميعنا نحمل وجهات نظر مختلفة بالنسبة للقضايا والأزمات الدولية".
ما قاله الوزير صحيح ولكن للهادف وضع مختلف، فهو يشغل منصباً حكومياً حساساً وإن كان بدوام جزئي ويتقاضى راتباً قدره 35 ألف دولار.
وكما جاء في الرسالة التي وجهتتها المجتمعات الى الوزير دومينيلو يجب على رئيس مفوضية علاقات المجتمع ان يقدّم المصلحة الوطنية على مصلحة اي دولة اخرى، وان يحافظ على الحيادية من اجل تعزيز وتطوير العلاقات بين ابناء المجتمع، وشددت الرسالة ان لا إعتراض على اثنية اي شخص يتولى هذا الموقع شرط المحافظة على الحيادية وهذا ما لم يثبته فيك الهارف، وكما ذكرت الرسالة، فإنه برغم التحفظات على تعيين الهادف في منصبه مبدئياً، امتنعت المجموعة من اصدار اي بيان على امل ان يكون محايدا، حيث من الواضح انه من غير الممكن ان يحصل ذلك، حيث هناك تضارب في المصالح بين موقعه الرسمي ومنصبه كرئيس تنفيذي لمجلس المندوبين للجالية اليهودية .
من جهته رفض فيك الهادف الإستقالة من رئاسة مفوضية علاقات المجتمع قائلاً: " ان هناك الكثير من العمل الهام يجب القيام به" (س م ه 17/07/2014 ص 10).
وأخيراً نتسائل هل تكفي دعوات الحكومة لتجاوز تلك الحادثة واعتبارها عابرة؟ يبدو ان الأمور تسير في اتجاه معاكس حيث برزت دعوات من المجموعة الموقعة على الرسالة الى انها قد تعمد الى مقاطعة نشاط المفوضية في حال استمرار الهادف في منصبه.
وهنا يبرز سؤال آخر، هل سيكون لموقف الحكومة تداعيات في صناديق الإقتراع في انتخابات آذار القادم في الولاية في حال عدم اقالة مفوض مفوضية علاقات المجتمع؟
0 comments:
إرسال تعليق