أطفال غزة تستصرخ إنسانية العالم/ علي هويدي

حتى كتابة هذه السطور، أدى العدوان الصهيوني على قطاع غزة، إلى سقوط 695 شهيداً، منهم 166 طفلاً، و67 من النساء و37 مسن و425 من الرجال، وتدمير 3280 منزل، و60 مسجد، و120 بين مدرسة ومعهد ومؤسسة تعليمية، وجرح 4515 فلسطينياً، منهم 1213 طفلاً، و687 من النساء، و161 من المسنين، و2458 من الرجال، وارتكاب 44 مجزرة، وجرح 28 من الطواقم الطبية، و45 صحفياً، و190 ألف مشرد 30% يتخذون من المدارس مأوى لهم مؤقت، 50% من الشهداء الاطفال هم من طلبة المدارس والجامعات. 
أوليس لأطفال غزة الحق "في الحياة والبقاء والنماء وعدم التمييز والتعليم واللعب والأمان.. " تماماً كأطفال العالم؟ او ليس هذا ما نصت عليه اتفاقية حقوق الطفل للعام 2000 والتي وقع عليها معظم دول العالم بما فيها دولة الاحتلال الإسرائيلي؟. وزير الحرب الصهيوني موشيه يعلون يقولها بصراحة وبدون خجل في العشرين من شهر تموز 2014 "قصفنا المدنيين في حي الشجاعية للتغطية على سحب جنودنا من أرض المعركة"، وهو يعلم بأن من المدنيين أعداد كبيرة من الأطفال وهذا ليس فقط منافي لجميع المعايير الأخلاقية والإنسانية، بل وكذلك مناف للمعايير الحقوقية والقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني الذي يعتبر ما جاء على لسان "الوزير" جريمة موصوفة يجب أن تحال الى محكمة الجنايات الدولية. وبتاريخ 16/7/2014 وفي عنصرية موصوفة لم تتردد عضو ما يسمى بالكنيست الإسرائيلي عن حزب "البيت اليهودي" المتطرف إيليت شاكيد عندما قالت "يجب قتل جميع الأمهات الفلسطينيات، فهؤلاء يعطون الحياة الى أفاعي صغيرة"، لتضيف "يجب على الفلسطينيين أن يموتوا وأن تدمر منازلهم وبهذا لا مزيد من الإرهابيين، جميعهم أعداؤنا وسفك دمائهم يجب أن يكون على أيدينا" في كناية عن قتل الأطفال وإبادة الشعب الفلسطيني عن بكرة ابيه، ولسنا بعيدين كثيرا عن المؤتمر الصحفي الشهير لنتنياهو وهيلاري كلنتون في القدس المحتلة إبان العدوان الصهيوني على قطاع غزة في العام 2012، وامام كاميرات العالم عندما خاطب نتنياهو وزيرة الخارجية آنذاك قائلاً "إذا كنتم قلقون على إصابات المدنيين في غزة، فنحن لا نهتم لقلقكم على الإطلاق، ولا نهتم لإصابات المدنييين وسنستمر بقصف المدارس والمستشفيات والمساجد والاطفال والجامعات وسنسعى لزيادة الاصابات بين المدنيين، واذا كنتم لا تهتمون فليس يعنيني أن أشرح للأمريكيين أو لك أو لأوباما أو للمجتمع الدولي".
هذا ليس بالجديد على كيان صهيوني يمارس سياسة التطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني منذ ان وجد طارئا في منطقتنا العربية، هذه سياسة ممتدة ومتجذرة لسنوات قاربت على المائة، منذ وعد بلفور في العام 1917 مرورا بالانتداب البريطاني عام 1918 حتى يومنا هذا، وبهذا المعى ليس من الغريب أن تستهدف الزوارق الحربية الإسرائيلية أربعة اطفال من عائلة بكر، عاهد ومعتصم واسماعيل ومحمد، وهم يلعبون الكرة على شاطئ البحر ظنوا أن المكان آمن للعب بحيث يكونوا مكشوفين لدى آلة الحرب الاسرائيلية المتطورة وتمنع استهدافهم، لكن هو الإستهداف بعينه، ومن قتلهم يعلم تماماً وبالصورة المكبرة والواضحة بأنهم أطفال وليس لديهم ما يهدد "أمن اسرائيل"، إذاً أوامر القتل كانت مقصودة. 
وعائلة بكر ليست الوحيدة التي تم استهداف اطفالها، فعائلات أبو جراد والدلو والسمونة وصيام والحية وريان والبطش وغالية، وكوارع وحمد والمصري ودلول والنجار وابو شنب وشحيبر وأبو عيطة والعجرمي وغيرهم من أطفال العائلات قتلهم الإحتلال وهم إما نيام أو على موائد الطعام، أو وهم يختبئون من ويلات القصف أو يلهون هنا وهناك. والمجازر التي ارتكبها العدو الصهيوني بحق المدنيين من النساء والمسنين والاطفال تكاد لا تعد والا تحصى من دير ياسين 1948 وكفر قاسم سنة 1956 الى صبرا وشاتيلا سنة 1982.. والاستهداف للاطفال تعدى الطفل الفلسطيني الى الطفل اللبناني ومجزرة قانة في العام 1996 واحدة من الأمثلة، وكذلك الطفل المصري، فلا تزال مجزرة مدرسة بحر البقر في الثامن من نيسان / ابريل عام 1970 ماثلة في اذهان المصريين تحيي ذكراها في كل عام، فقد استهدفت طائرة فانتوم اسرائيلية المدرسة بصاروخ مباشر وكان في المدرسة 150 تلميذ، استشهد جراء القصف 30 طفلا وسقط 50 جريحاً من المرحلة الابتدائية. 
إذا هي منهجية القتل التي لا تتوقف، مستندة الى دعم امريكي مساند في المحافل الدولية لا سيما مجلس الامن الذي يقوم بتعطيل اي قرار ممكن ان يدين الكيان الاسرائيلي، ونفوذ صهيوني مؤثر لدى منظمات الامم المتحدة المعنية بحقوق الانسان والطفل والمرأة وغيرها من المنظمات الدولية، وبالمقابل لا تتوقف المناشدات سواء من الأطفال أنفسهم أو من خلال المنظمات غير الحكومية، تناشد وتستصرخ إنسانية العالم بالتدخل لحمايتهم وتجنيبهم ويلات الحرب..، دون أي تجاوب من الكيان الصهيوني أو المجتمع الدولي ويكفي أن بانكي مون زار الجلاد متعاطفاً ولم يلق بالاً بالضحية.. لكن يبدو ومن الواضح بأن لا وسيلة لحماية أطفال فلسطين عموماً، وأطفال غزة على وجه الخصوص، وانتزاع حقوقهم المشروعة، إلا من خلال ما تقوم به غزة من مقاومة للإحتلال، تحقق المطالب وتحمي وتحفظ جيل المستقبل.     

*كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني

CONVERSATION

0 comments: