حقائق على أبواب العام الدراسي الجديد/ راسم عبيدات

على أبواب العام الدراسي الجديد ثمة الكثير من الحقائق في مقدمتها أن الإحتلال وسع من حربه على قطاع التعليم والمنهاج الفلسطيني في مدينة القدس،ونحن لا على المستوى الرسمي،اللجنة التنفيذية ولا السلطة ولا  وزارة التربية والتعليم ولا مؤسسات المجتمع المدني والاتحادات الشعبية وضعنا خطط وبرامج وآليات للمواجهة  او رسمنا استراتيجيات لكي يصبح لنا سيطرة حقيقية على العملية التعليمية في القدس،،بل نحن كما درجنا عليه في الأعوام السابقة،نلهث خلف ردات الفعل ونشاط نخبوي او اعلامي هنا او هناك ،ومن ثم"كفى الله المؤمنين شر القتال"،ففي العام الماضي أقدمت بلدية الإحتلال ودائرة معارفها على خطوة نوعية على طريق أسرلة التعليم و"كي" وعي طلبتنا والسيطرة على ذاكرتهم الجمعية والسطو على تاريخنا والعبث بجغرافيتنا من خلال فرض المنهاج التعليمي الإسرائيلي على خمسة من المدارس الحكومية التي تخضع لسيطرة وسلطة بلدية الإحتلال "القدس" ودائرة معارفها،وللأمانة قامت هيئة العمل الوطني والأهلي والإتحادات الشعبية واللجان المساندة بدور ونشاط جماهيري فعال مكن من إفشال وإستمرار هذا المناهج في مدرستين من المدارس الخمسة هما مدرسة ابن خلدون الثانوية ومدرسة بنات صورباهر الابتدائية،في حين استمر تطبيقه في ثلاثة مدارس أخرى، مدرسة ابن رشد الشاملة للصفوف السابع والثامن والتاسع،ست شعب(149) طالب ومدرسة صورباهر الابتدائية بنين صفين الثالث والخامس الابتدائي (35) طالب ومدرسة عبدالله بن الحسين بنات صف واحد(10) طالبات.

ولكن العام الحالي وجدنا بدلاً من ان يتراجع هذا العدد او يتقلص او ننجح في الغاء وتطهير  مدارسنا من هذا المنهاج وجدنا بأن الست الصفوف في مدرسة ابن رشد ستصبح عشرة صفوف  والمدرسين/ات الذين سيقومون بتدريس هذا المنهاج هناك دورة تدريبية لهم لمدة ثلاثة أيام لكيفية تعليم هذا المنهاج وقامت بلدية الإحتلال بتوزيع اجهزة حاسوب  في المرحلة الأولى من الخطة المقرة لثلاث سنوات على مدرسي المنهاج من مدرستي بيت صفافا وابن رشد الشاملة/ صورباهر تحتوي على المنهاج الذي سيتعلمه هؤلاء الطلبه،وليس هذا فحسب فهناك حديث عن بدء تطبيق هذا المنهاج على عدد من الصفوف في مدرسة الثوري وغيرها من مدارس القدس الحكومية ،حتى ان بلدية الإحتلال عمدت الى افتتاح مدرسة في بيت حنينا للأولاد ستدرس المنهاج الاسرائيلي من الصف السابع وحتى الثاني عشر،وجميعنا يعرف بأن تلك الخطوة قد سبقتها خطوة سابقه بمحاولة  بلدية الإحتلال ودائرة معارفها من التدخل في المنهاج الفلسطيني المطبق على المدارس الخاصة والأهلية في مدينة القدس،عندما خاطبتهم في شهر آذار من عام 2011 مديرة ما يسمى بالتعليم العربي في بلدية الإحتلال"لارا امباركي"  برسالة تطالبهم فيها بعد إستلام الكتب التعليمية من الصف الأول وحتى العاشر الإ من خلال بلدية الإحتلال،وأعادت التاكيد على تلك الرسالة اكثر من مرة،والبعض كان يرى في تلك الخطوة بأنها خطوة شكلية،لكي يبرر تعاطيه مع تلك الخطوة،والتي هي غاية في الخطورة لكونها ليست إجرائية او شكلية ،نزع شعار السلطة الوطنية الفلسطينية عن اغلفة الكتب ووضع شعار بلدية الإحتلال بدلاً منها،بل تمس الجوهر من خلال القيام بحذف مقاطع او دروس من كتب اللغة العربية والتربية الإسلامية والوطنية والتاريخ والجغرافيا،لها علاقة بالهوية والإنتماء والوعي والتاريخ والجغرافيا،فالحذف يطالب علاقة الفلسطيني بأرضه وقدسه وهويته ،حذف يستهدف فرض الرواية الصهيونية ليس على مسار العملية التعليمية فقط،بل على مسار التاريخ باكمله.وحذف يراد منه إخراج الشباب المقدسي من دائرة الفعل الوطني وتفريغه من محتواه،وزعزة ثقته وقناعاته بقضيته ومشروعه وحقوقه الوطنية.

والمجابهة والمواجهة هنا،كما جرى في قضية فرض المنهاج الإسرائيلي الكامل على عدد من المدارس الحكومية التي تدرس المنهاج الفلسطيني،عدة فعاليات وانشطة ومؤتمرات صحفية،دون خطط وبرامج للمتابعة وأليات للتنفيذ،وبما يجعلنا متقوقعين في إطار ردات الفعل والعمل الفردي او المؤسساتي غير المنسق،وعدم تكامل الجهدين الرسمي والشعبي.

قضية اخرى برزت  في النصف الثاني من العام الدراسي الماضي،عندما قامت بلدية الإحتلال  بإجراء عملية كشف وتدقيق على ثلاثين مدرسة من المدارس الخاصة التي تتلقى مالاً مشروطاً من بلدية الإحتلال،ولتجد بأن هذه الأموال لم تستغل في تطوير وتحسين البيئة التعليمية والعملية التعليمية، ولم تذهب للخانات المخصصة لها حتى في إطار رواتب وحقوق المعلمين،فالبعض ممن يدعون حمل راية الإصلاح والحرص على العملية التعليمية،ومصير ومستقبل طلبتنا،وجدنا انه كان  يستغلها في زيادة راتبه وراتب المتحلقين حوله،على حساب حقوق ورواتب المعلمين،وعلى حساب خدمات وفعاليات وانشطة للطلبة وتطوير المدرسة.

اليوم بدلاً من ان يحاول البعض "تدعيش"  العملية التعليمية،في صروح تعليمية تلعب دوراً هاماً في الحفاظ على المسيرة التعليمية العربية الفلسطينية وتطويرها وإعطاءها البعد العروبي الفلسطيني،فلدينا من الهموم  والمشاكل في قضية التعليم الكثير الكثير،حيث ظاهرة التسرب من المدارس في ظل عدم قيام بلدية الإحتلال ببناء مدارس وغرف صفية جديدة،تستجيب لحاجة المواطنين العرب والزيادة الطبيعية في السكان، حيث نرى بان النقص ما زال يصل الى اكثر من (1200) غرفة صفية،والسلطة الفلسطينية والمدارس الخاصة والأهلية غير معفاة من المسؤولية في هذا الجانب،حيث لم يتم بناء او شراء ابنية مدرسية جدية من قبل السلطة في القدس،وكذلك الأقساط المرتفعة للمدارس الخاصة والأهلية غير المتوافقة مع أوضاع وظروف الناس الإقتصادية،وكذلك شروط القبول التي تكاد تكون تعجيزية تسهم في تسرب الطلبة من المدارس،ونقل الأهالي لمركز حياتهم الى خارج مدينة القدس،من اجل إيجاد مقعد او مقاعد دراسية لأبنائهم في القرى او المدن المحيطة بالقدس،وبما يترتب على ذلك من فقدانهم لهوياتهم المقدسية،وخدمة مجانية للإحتلال  في الترحيل الى خارج القدس.

نسبة التسرب في المدارس في القدس ،هي الأعلى في العالم،حيث تبلغ  من 14 -18 % في المرحلة الأساسية من الصف الأول وحتى التاسع،ولتصل الى  (50%) في المدارس الحكومية الثانوية،وكذلك هي نسبة الكثافة الصفية والتي  هي أدنى بكثير من النسب المتعارف عليها عالمياً،فهي تبلغ في المدارس الحكومية  من(50) سم الى (90)سم لكل طالب في حين النسب العالمية من (125 )سم الى (150)سم لكل طالب.

المخاطر المحدقة في العملية التعليمية في القدس كثيرة،حيث نشهد هجرة كبيرة للطلبة والمعلمين من المدارس التابعة لوزارة التربية والتعليم الفلسطينية الى مدارس البلدية التابعة لوزارة المعارف الإسرائيلية،جزء منها له علاقة بتدني رواتب المعلمين وحصار الإحتلال لتلك المدارس،حيث لا تمنح التصاريح للمعلمين خارج جدار الفصل العنصري أو الضفة الغربية من الوصول لتلك المدارس،وهذا يؤثر على سير العملية التعليمية وعلى مستواها،عندما لا يتوفر معلمين للتخصصات الأساسية لغة عربية،لغة إنجليزية،تاريخ وجغرافيا، رياضيات وعلوم وغيرها من المواد الأخرى.

لا نريد ان نستمر في ترديد نفس الإسطوانة المشروخة والندب والبكاء،بان الإحتلال هو المسؤول عن ما آلت وتؤول إليه اوضاع التعليم في مدينة القدس،لكي يكون الشماعة التي نعلق عليه إخفاقاتنا وقصورنا، ونعفي انفسنا من هذا الإنحدار والتدمير وفقدان السيطرة على العملية التعليمية في القدس،بل يجب على الجميع ان يتحمل مسؤولياته وفي إطار ومجال وحدود صلاحياته ومسؤولياته،فالسلطة والوزارة عليها،أن توفر الميزانيات الضرورية للمدارس،وان تعمل على إعطاء المدرسين والإداريين فيها رواتب مجزية تمكنهم من الصمود والبقاء في مدارسهم،وان تعمل على إقامة مدارس جديدة وشراء المزيد من المباني لإستخدامها كمدارس،وكذلك أن تجد طريقة ملائمة لكي تتمكن من التواصل مع المدارس الحكومية والبلدية،لكي تفرض المنهاج الفلسطيني عليها،والخطوة الأولى هنا بأن يتم وعبر اللجان وإتحادات لجان اولياء الأمور إيصال وتوزيع كتب المنهاج الفلسطيني عليها،والتي بات على السلطة أن تحل مسألة طباعتها في القدس داخل جدار الفصل العنصري،بدلاً من أعباء ومخاطر إدخالها من مخازن التربية والتعليم خارج جدار الفصل العنصري،وكذلك من الضروري إيجاد طرق وآليات لإشراك إداراتها ومعلميها في الدورات التدريبية التي تقيمها وزارة التربية والتعليم.

وايضاً  القوى والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص واللجان والإتحادات الشعبية،هي الأخرى يجب ان تتحمل مسؤولياتها في وضع الخطط والبرامج في تكامل مع الجهد الرسمي لمواجهة مخاطر أسرلة المنهاج والتعليم في القدس،وعبر خطوات عملية مدروسة،توضع لها آليات للمتابعة والتنفيذ.

CONVERSATION

0 comments: