بعد الاتفاق على المهر، وقراءة الفاتحة، وبعد أن يوثق القاضي شروط عقد الزواج في المحكمة، وبعد الاتفاق على مكان العرس، وزمانه، والمدعوين إليه، لا يبقى للكوافير قرار، وإنما عليه أن يقص الشعر، ويرش العطر، ويقبض الأجر، ويستكمل زينة العروسين ما دام أصحاب الشأن قد اتفقوا على كل شيء.
تحت سمع وبصر أمريكا، وبغطاء عربي شكلي؛ اتفق السيد عباس مع الإسرائيليين على استئناف المفاوضات، ولم يبق للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أكثر من دور الكوافير في عرس التفاوض. ومع ذلك؛ فقد اجتمعت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، واتخذت قراراً باستئناف المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل، وكأنها فعلاً الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. بينما الحقيقة التي يعلمها الصغير في فلسطين قبل الكبير؛ أن اللجنة التنفيذية للمنظمة هي آخر من يقرر في الشأن الفلسطيني، وأن الغرباء قد رتبوا التفاوض، وقرروا استئنافه، وأعدوا طاولة المفاوضات، وحددوا برنامج اللقاءات.
من وجهة نظر الشعب الفلسطيني؛ لا غرابة في موقف السلطة، وكان متوقعاً استئنافها التفاوض الذي تعطل ثمانية عشر شهراً، والسلطة الفلسطينية لا تخجل من تكرار موقفها صباح مساء؛ بان المفاوضات طريقها الوحيد الذي اختارته؛ وأنها تقاوم علناً كل شكل من أشكال مقاومة المحتلين، وقد أعلن كير المفاوضين لديها في أكثر من مناسبة: أن الحياة مفاوضات! رغم تجربة ثمانية عشر عاماً من العبث الذي لم يفضِ إلى وطن، ولم يحرر أرض، ولم يُجلِ مستوطن، ولكن الغريب هو ازدواجية الموقف لدى بعض التنظيمات الفلسطينية التي ترفض نهج المفاوضات، وما زلت تنادي بالمقاومة، ومع ذلك لم تتخذ أي خطوة شجاعة ضد استئناف المفاوضات، واكتفت برفض قرار اللجنة التنفيذية، وأصدرت بيان الشجب والاستنكار المعهود، وكأنهم جمعيات خيرية وليسوا تنظيمات سياسية.
إن استئناف المفاوضات مع تواصل الاستيطان ليمثل محرقة لقلب كل عربي غيور، إنه وجعٌ يملي على التنظيمات الفلسطينية التي تشارك في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أن لا تحدد موقفها فقط، وألا تعلن رفضها للقرار، وألا تدين وتشجب، وإنما يتوجب عليها الانسحاب الرسمي من مؤسسة لا تحترم نفسها، وأن تتوافق مع فصائل المقاومة على تشكيل مرجعية وطنية للقرار الفلسطيني، الذي تاهت مرجعيته، وعليها ألا تغطي ببلاهة على قرارات مصيرية تجهض الوطن، وألا تظل حلية للتزين في المناسبات، أو قطعة للديكور، أو مقصاً للشعر في يد الكوافير.
إقرأ أيضاً
-
عالم القبائل العربية عالم الأصل وتنبثق منها فروع كثيرة والشيخ الباحث منصور بن ناصر النابتي المشعبي السبيعي ( معد وموثق قبائل سبيع ا...
-
مقدِّمة : صدَرَ هذا الكتابُ عن ( الكليَّةِ العربيَّة - حيفا - مركز أدب الأطفال - ويقعُ في 24 صفحة من الحجم الكبير، تحلّيهِ بعض...
-
يُقال أعرس الشّيء أي لزِمه وألِفه. والعرس، بحسب القاموس أيضًا: امرأة الرّجل، وعرسُ المرأة رجُلُها. وعَرَس عَرْسًا، أي أقام في الفرح. ثم...
-
انتشرت العديد من الظواهر في المجتمعات العربية والاسلامية ومنها المجتمع المصري، بعد أن ظلت لقروٍن من المحظورات، ولم يكن مسموحًا الحديث عن...
-
"الفن هو تقنية الإتصال بإمتياز، الصورة هي أفضل تقنية لجميع الوسائل الإتصال". كلايس توري أولدنبورغ/ فنان نحات من السويد، أمر...
-
اعتقدوا بأن الكتابة في عهد الإنترنت هي أسهل وأقصر الطرق لنيل الشهرة والتربع على قمم النجومية. ظنوا بأنهم يستطيعون إخفاء معالم جرائمهم الأدبي...
-
المراقب والمتابع للحركة الأدبية الفلسطينية في هذه البلاد يلحظ ثمة هبوط وتدنٍ في مستوى الكتابة الشعرية الإبداعية ، خاصة لدى الشعراء الناش...
-
كنتُ أسمع عنه واشاهد صورته عبر شاشة التلفاز العراقي، يشاركني فى ذلك آلاف المثقفين وملايين العراقيين ممن أعجبوا بفنه واهتموا بمتابعة موهب...
-
من السهل على الكثيرين من صغار النفوس الوصول الى الشهرة بسرعة بواسطة العديد من قنوات الإعلام التي يملئها صدأ الفساد و النوفس المريضة، لذ...
-
عندما يكون الشاعر عاجزا إلا من قصيدته وحزنه ** نظرة على الديوان بأقسامه الثلاث: من صفات الكاتب الجيد الانتماء لوطنه لإنسانيته، ...
0 comments:
إرسال تعليق