ليس هنالك أدنى شك من أن الحوزات الدينية في کل من النجف الاشرف بالعراق ومدينة قم في إيران، قد قدمتا خدمات علمية جليلة من أجل إعلاء الاسلام وإغنائه وتعريفه بأفضل الصور للعالم کله، وقد تميز النشاط الحوزوي في هاتين المدينتين ببعدها عن السياسة ودروبها الملتوية بل وحتى ان شخصيات دينية سنية رفيعة المستوى في الازهر الشريف بشکل خاص، قد أکدت على الروح العلمية الرصينة التي يتميز بها النشاط في حوزتي النجف وقم، لکن، ومنذ مجئ نظام الملالي وقيام نظام ولاية الفقيه سئ الصيت، شهد النشاط العلمي في الحوزة العلمية بقم تغييرات غير مسبوقة ادت الى المساس بالطابع العلمي لمسألة التعليم الديني وتحريفه وإخراجه عن سياقه الصحيح.
وبحسب المعلومات المتوفرة لدينا، فإنه هنالك 100 الف من الطلاب الدارسين في قم والقادمين من مختلف بلدان العالم وکثير منهم يصطحبون معهم اسرهم، وهؤلاء الطلاب وبحکم الاوضاع السياسية وتداعياتها وتأثيراتها على بلدانهم، فکر نظام ولاية الفقيه و بشکل جدي في إستغلالهم من أجل مآربه واهدافه المشبوهة.
ولسنا نطلق هذا الکلام جزافا، وانما على أساس ادلة وبراهين، إذ ان النظام قد قام بتأسيس جامعة للطلاب الاجانب باسم جامعة المصطفى يتولى رئاستها المدعو الشيخ الاعرافي، وهذه الجامعة وبموجب تقارير موثقة، إستقبلت طوال السنوات الماضية أکثر من 34 الف طالب جامعي وطالب ديني من 108 دولة في العام وقد تخرج منهم 16 الفا، وقد اعتبرت حکومة الرئيس محمود احمدي نجاد ضمن دراسة تقييمية خاصة لها عن هؤلاء الطلاب بأنهم قوة ذات مقدرة عظيمة للنظام السياسي في إيران وبالتحديد في التأثير على دفع دبلوماسية النظام الى الامام، وتعتزم توسيع نطاق الاستفادة منهم في شتى المجالات. وبسياق متصل بهکذا مسعى مشبوه وبعيد عن العلم وطلابه واهله، فقد اسست وزارة الخارجية التابعة للنظام في 21 من شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي مکتبا تمثيليا لها في مدينة قم واسند رئاسته الى حميد مکارم، وقد تم إفتتاح الممثلية المذکورة رسميا في السابع من کانون الاول/ديسمبر الماضي بحضور منوتشهر متکي وزير خارجية النظام واثنين من کبار مساعديه، واعلن متکي في هذه الجلسة مهام المکتب على النحو التالي:
1ـ عملية توصيل المعلومات الى کبار المراجع والعلماء المحترمين في الحوزة الدينية بشأن السياسة الخارجية للبلاد.
2ـ تسهيل الشؤون القنصلية للاجانب المقيمين في محافظة قم ولاسيما طلاب الحوزات و طلاب جامعة المصطفى.
3ـ مساعدة القطاع الاقتصادي في قم لا سيما في مجال استقطاب رؤوس الاموال الاجنبية وتبادل الوفود الاقتصادية وتوسيع السياحة الدينية وتصدير الانتاج المحلي والخ.
4ـ القيام بدراسات تحتاجها الوزارة لا سيما في مجال الدبلوماسية الاسلامية وحقوق الانسان الاسلامي بمساعدة علماء الحوزة الدينية.
وأعرب حميد مکارم عن إرتياحه حيال المسائل المتعلقة بمهام المکتب وعلاقته بالطلاب المتحمسين قائلا بأن الاقبال والمراجعات کانتا اکثر من استيعاب المکتب لها.
وقد کان من النتائج المتمخضة عن تأسيس هذا المکتب من حيث دوره غير العلمي والبعيد عن التعليم الديني، سعيه الدؤوب من أجل إيجاد مواطئ أقدام وتأثير للنظام في دول عربية مؤثرة کمصر والسعودية، ومن المفيد هنا ان نشير الى ما قاله آية الله بروجردي(من مراجع قم)اثر إجتماع عقده مع حميد مکارم في الاول من شهر شباط المنصرم، حيث ذکر:(اننا نتمکن من إيجاد تشکيلات غير حکومية معتمدة على المراجع وعلماء الحوزات الدينية لتقوم بمتابعة العلاقة مع مصر والسعودية وانها ستکون مؤثرة جدا، لأن الاوضاع السياسية تشهد مدا وجزرا و نحن بحاجة الى موطئ قدم مستقر لايتأثر بفعل التطورات). ويستطرد البروجردي قائلا:( نجحنا مؤخرا بتأسيس المعاونية الدولية للحوزة وعينا حجة الاسلام والمسلمين زماني (الملحق الثقافي لبلدنا في مصر) رئيسا لها، وسيكون التعاون بين المعاونية وممثلية وزارة الخارجية في قم مفيدا جدا وضروريا).
اننا إذ نذکر هذا الاستطراد الآنف، فإننا نبتغي من خلاله التأکيد للقارئ والمتابع العربي عن جوهر وماهية هذا النظام وسعيه لإستغلال أي شئ خدمة لأهدافه العدوانية، واننا إذ نحتفظ بمعلومات اخرى مماثلة عن نفس الدور التخريبي العدواني المغلف بالطابع الديني في فلسطين ودول عربية اخرى، فإننا کمرجعية سياسية للشيعة العرب وحرصا منا على الامن القومي العربي والاستقرار في الاقطار العربية ذات الصلة، نؤکد على ضرورة تجنب اقصى درجات الحيطة والحذر من إرسال طلاب لتلقي دروس دينية في جامعات تخضع لسيطرة أمنية من جانب نظام ولاية الفقيه وفي الوقت نحذر هذا النظام من مغبة التمادي في مساعيه هذه وان اوراقه قد باتت مکشوفة للقاصي قبل الداني وندعو في نفس الوقت اخواننا الشيعة العرب الى فتح أعينهم وعدم الانجرار خلف المزاعم والاراجيف الباطلة لهذا النظام.
*المرجع السياسي للشيعة العرب
محمد علي الحسيني
0 comments:
إرسال تعليق