لا قداسة لتنظيم/د. فايز أبو شمالة

الانتماء التنظيمي يستند على الفكرة المشتركة التي اقتنع فيها الأعضاء، أو ما يمكن أن نسميه: الأهداف الإستراتيجية التي يسعى التنظيم إلى تحقيقها، ومن ثم البرنامج السياسي الذي التقى عليه الأعضاء لتحقيق الأهداف، ويلي ذلك الإطار التنظيمي الذي سيعمل من خلاله العضو، هذا الحديث العام يقودني إلى الاستنتاج: أن لا قداسة لتنظيم سياسي، طالما كان القاسم المشترك للأعضاء هو الفكرة التي قد تتغير، والبرنامج السياسي الذي قد يتبدل، ليصير الانتماء التنظيمي بلا معنى إن ظل أسير مقولة: هكذا وجدنا آباءنا يعبدون. هذا الرأي لا ينطبق على التنظيمات الفلسطينية فقط، بل ينطبق أيضاً على الأحزاب الإسرائيلية، وكما حصل انزياح تنظيمي في الساحة الفلسطينية التي دفنت بعض التنظيمات، وتوالد أثناء المسير تنظيمات أخرى، فإن إسرائيل شهدت انزياحاً تنظيمياً ملفتاً في السنوات الأخيرة، فقد بينت معطيات رسمية قدمها حزب "العمل" إلى صحيفة "هآرتس" أن عدد الأعضاء في الحزب قد هبط بشكل قياسي، ووصل إلى 30 ألفا، علما أن عدد الأعضاء كان يصل إلى 160 ألفا في العام 1999، لقد هزت العشر سنوات الأخيرة وجدان اليهود، وأحدثت في داخلهم التحول باتجاه اليمين المتطرف، وقد تراجع التأييد لحزب العمل من 120 ألفا في العام 2006.، إلى 70 ألفاً في انتخابات 2009، ليصل تراجع الحزب في هذه الأيام إلى 30 ألفا. ترى: هل الخلل لدى الغالبية التي تركت التنظيم، أم الخلل لدى الأقلية القائمة على تنظيم حزب العمل الذي يموت، ليحيا حزب الليكود، ويتزايد عدد أعضائه ليصل إلى مئة ألف عضو، بينما بلغ عدد أعضاء حزب كاديما ثمانين ألفاً.
هذه الأرقام نتوجه فيها لمستشاري السيد عباس الذين قدموا له معلومات مغلوطة، أطلقها في خطابة الأخير أمام المجلس الثوري، وهو يقول: غالبية الشعب الإسرائيلي مؤيدة للسلام، وأن نسبة 84% من اليهود يؤيدون السلام. بمعنى آخر؛ أن الحكومة الإسرائيلية الحالية هي المتشددة، بينما غالبية اليهود يؤيدون السلام، ناسياً أن الحكومة هي إفراز القوى السياسية في الكنيست، وأن الكنيست مزاج الشارع الإسرائيلي الذي يعطي أحزاب اليمين ألأغلبية، ويعطي لأنصار التسوية ما تساقط من أصوات اليهود، وبعض أصوات العرب.
يا حبذا لو عاود مستشارو رئيس السلطة الفلسطينية قراءة الخارطة الحزبية في إسرائيل، وقدموا معلومة دقيقة يتوقف عليها قرار استئناف المفاوضات العبثية من عدمها، ويا حبذا لو أدركت بعض التنظيمات الفلسطينية خطأها، وعدلت من مسارها.

CONVERSATION

0 comments: