القتل، السرقة، النصب بإسم الإســـلام/مجدى نجيب وهبة

** "السم فى العسل" .. هذا ما تفعله جماعة الإخوان المسلمين من خلال تحركها للتقرب من الأقباط ، فهى ترفع شعارات نبيلة وبراقة تجذب الناس إليها بحلاوتها دون أن يدرك البعض بأنهم يضعون فى طريقهم ألغام ومتفجرات ، وهو نفس الدور الذى تحاول بعض شخصيات الحزب الوطنى القيام به وهو ما دعا أمين عام لجنة السياسات بالحزب الوطنى المهندس أحمد عز بزيارة البابا فى مقره بالكاتدرائية ليؤكد مطالبه بدعم وتشجيع الأقباط لإختراق الحياة السياسية والمجتمعية لترسيخ المواطنة مؤكداً أن الحزب الوطنى يضم فى عضويته عدداً كبيراً من الأقباط وأنه أفضل الأحزاب تشجيعاً لهم للممارسة السياسية ملمحاً إلى وجود عدد من المرشحين الأقباط فى قوائم الحزب بالإنتخابات المقبلة .. وفسر البعض هذه الزيارة لتحسين صورة الحزب أمام الأقباط لتهدئة الرأى العام القبطى الغاضب من زيارة أحمد عز للغول بل ودفاعه عنه ورفض الموافقة على رفع الحصانة للتحقيق معه فيما نسب إليه من بلاغ النائبة جورجيت قلينى ضد عبد الرحيم الغول .. وللأسف يعلم الجميع أن كل هذه الإبتسامات الزائفة والوعود البراقة التى يمارسها الحزب الوطنى فى التعامل مع الأقباط قبل عمليات الإنتخاب .... كلها وعود زائفة سرعان ما تتبخر ويتحول جميع المرشحين إلى ديناصورات تتحالف مع الشيطان للفوز بمقعد داخل البرلمان .
** كما شن د. كمال أبو المجد المفكر الإسلامى هجوماً عنيفاً على الدول العربية والإسلامية واصفا إياهم بالسباحين فى بحور الجهل والتخلف ، وطالب أبو المجد بمعاقبة المفتيين على القضائيات الدينية بالضرب بسبب فتواهم الرجعية فهم يضللون الناس ، كما صرح رئيس جامعة الأزهر أن رسائل التكفير مرفوضة ، ولن نوافق على مناقشة أى رسالة تمس العقيدة أو تحوى تكفيراً لجهة أو هيئة أو شخص ، أما المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين فقد رحب بالتقارب بين الإخوان المسلمين والأقباط لأنهم شركاء الوطن .
** هكذا إجتمعت بعض الأطياف الفكرية والسياسية على شرعية محاربة الجهل والتطرف وترسيخ مبدأ المواطنة وهو ما يسعد المواطن القبطى وحتى لا ينجرف البعض منا فى الأحلام الوردية دعونا نتساءل هل كل هؤلاء صادقون فى دعواهم .. دعونا نبدأ بالإخوان ، هل تخلى الإخوان عن التفكير بعقلية طائفية عنصرية وبدأوا يفكرون بعقلية وطنية ؟!! .. بالقطع الإجابة ستكون بالنفى القاطع منهم فهم لديهم ثقافتهم التى لا تقبل مناقشة وتؤدى إلى منهجاً واحداً يرفض قبول الأخر حتى لو تلونوا كالحرباء .. يرفضون مناقشة مشاكل الوطن وهى تلك المشاكل التى تخص الأقباط بل يرفضون مجرد الإقرار بوجود مشاكل أصلاً ، وهو ما يحول البعض منهم إلى فئة إرهابية تحرض ضد الأخر .. إنهم كذابون يجيدون فن تأليف القصص التى تحرك الغوغاء .. أفاقون فمن يخرج عن طوعهم وسيطرتهم يسحلوه ويجلدوه فهل هذا إسلام ؟!!! .. يعتبرون كل من لا يتبعهم كافراً .. يؤمنون بالعنف .. الدين عندهم الذقن والجلباب والحكومة فى نظرهم كافرة .. يطالبون أتباعهم بالعمل فى رعى الغنم وجنى الحطب لأنه سنّة علماً بأنه لا يوجد لا غنم ولا حطب .. يختلفون ويكفرون بعضهم البعض .. أوهام وأكاذيب وضلال يتعايشون معها .. لا يتفقون أبداً ومصلحتهم الشخصية فوق كل إعتبار .
** طعن البعض منهم فى العقيدة والسنّة فى تنظيم المطرية الذى تم تكوينه عام 1997 والذى أفتى قائد التنظيم لإتباعه إنكار السنّة النبوية والإسراء والمعراج ومناسك الحج وتبنى الدعوة إلى صيام شهر شعبان بدلاً من رمضان .
** فى الأسكندرية تم ضبط تنظيم يتزعمه "محمد إبراهيم محفوظ" إدعى فى رسالته أن الله إختاره لأن ينطق بلسانه ، ثم أفتى بعدم جواز السجود فى إتجاه الكعبة وأن الحج جائز إتمامه فى منزله وأن تؤدى المناسك داخل شقته وأفتى بجواز أداء الصلاة بغير وضوء وقصرها على ركعتين .
** كما ظهرت جماعة "الصلاحية" نسبة إلى مؤسسها "صلاح شعيشع" وتقوم أفكارهم على تقبيل الرجال فى أفواههم ثلاث مرات والنساء عشرين مرة وأطلقوا على طريقتهم "القبلة المحمدية الطاهرة" ، وأصدر زعيمهم فتوى بإسقاط جميع فروض الإسلام من صلاة وزكاة وصيام وقد ضم هذا التنظيم أعضاء من الأطباء والمهندسين وأساتذة الجامعات والمحاميين والمعلمين ... أما جماعة الدكتور "صلاح بريقع" طبيب النساء والتوليد والذى أفتى بعدم شرعية الحج وإبطال صلاة الجمعة .
** ومن عروس البحر إلى أسوان حيث ظهرت جماعة "العمرى" ثم جماعة "أحمد الجعفرى" فى مدينة "الكركسة" ويقصدون بها الشذوذ الجنسي وهى تعنى تبادل الزوجات بين الأتباع ولهم كتاب أسموه "لغة الإيمان" .
** ومن أسوان للقاهرة ففى السيدة زينب ظهرت الشيخة "منال" حاصلة على ليسانس الحقوق وقد إبتدعت رفع الصلاة عن بعض مريديها وأتباعها وأسقطت فريضة الحج عن البعض أيضاً .
** إنها بعض النماذج وليست كلها لكشف ما يدور وراء الكواليس بين بعض الجماعات المتطرفة وتكفيرهم بعضهم لبعض ، ثم تكفير الأقباط والإعتداء على كنائسهم ومعتقداتهم .
** أما عن الحزب الوطنى فهل واجه الإرهاب الدينى والفكرى ، هل حلت بعض مشاكل الأقباط ، هل أقر قانون البناء الموحد .. أعتقد أن الوعود سوف تسقط كالأمطار فى سيناريو يكرر كل فترة إنتخابية .
** خلاصة ما ذكر هناك تيارات كل تيار يسعى لطمس الأخر ولكنهم جميعا إلتزموا الصمت فى التعامل مع الملف القبطى وهو الموقف الرسمى والمؤيد بما يعرف بالخط الهمايونى الصادر فى عاصمة السلطنة العثمانية بتاريخ 18 فبراير 1856 منذ ما يقرب من مائتين عام ثم تفضل العزبى باشا وكيل وزارة الداخلية بإصدار مرسوم فى فبراير 1934 أى بعد ما يقارب من مئة عام على صدور الخط الهاميونى فى نقاط عشرة تقيد حرية بناء الكنائس ، فى الوقت الذى يتم فيه إستغلال الحرية المطلقة لبناء المساجد ، حتى بعد صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 23 فى يناير 1998 بتكليف المحافظين بإتخاذ كل ما يترتب على قرارات الموافقة على ترميم الكنائس أو إنشائها إلا أنه حتى الأن مازالت العراقيل توضع أمام الأقباط لتقييد الحرية أكثر وهو ما يعنى إستمرار وسيادة منهج الفكر الطائفى ، فهل تبرأت الدولة من ما يسمى بالخط الهمايونى وهل أعلن الإخوان تبرئهم من قرارات العزبى باشا ، بالقطع لا ، بل إنهم فى مجلة الدعوة والصادرة فى ديسمبر 1980 صدرت فتوى علنية فى حكم بناء الكنائس فى ديار الإسلام على ثلاثة أقسام الأول بلاد أحدثها المسلمون وأقاموها ، وهذه البلاد لا يجوز فيها إحداث كنيسة ولا بيعة ، والثانى ما فتحه المسلمون من البلاد بالقوة فقد أوصى البعض بوجوب هدم الكنائس لأنها مملوكة للمسلمين ، والقسم الثالث ما فتح صلحاً بين المسلمين وبين سكانها مع إبقاء ما وجد بها من كنائس وبيع على ما هو عليه فى وقت الفتح ومنع بناء وإعادة ما هدم منها ...
** هكذا إنطلقت فتوى الإخوان متجاوزة كل الأصول مستنداً إلى نظام فاسد أعلن فيه الرئيس المؤمن أنور السادات إنه رئيس مسلم لدولة مسلمة وبذلك حصلت "الجماعة المحصورة" على شرعية الفتاوى من رئيس الدولة .. وحتى لا نتناسى وضع الأقباط أثناء الفتوحات الإسلامية وهو ما حدث فى كلا من بلاد الشام والعراق ومصر حيث تحولت تلك البلاد بعد الإحتلال العربى تحت السيادة المباشرة للعرب إضافة إلى وفود القبائل العربية والقادمين من جزيرتهم الجرداء القاحلة لإستيطان بلاد الخصب المفتوحة .. ونتيجة للقهرو الذل الذى تعرض له الأقباط فى فلسطين أجبر المسيحيين على وثيقة كتبوها على أنفسهم للخليفة " عمر بن الخطاب " وتقول وثيقة العار " إننا لن نحدث فى مدائننا ولا فيما حولها كنيسة ولا ديراً ولا قلاية ولا صومعة راهب ولا نجدد ما خرب منها وأن ننزل من مر بنا من المسلمين ثلاثة أيام ولا نظهر شرعنا ولا ندعو إليه أحد ولا نمنع أحدا من ذوى قرابتنا من دخول الإسلام إن أراده ، وأن نوقر بالمسلمين ونقوم لهم من مجالسنا إذا أرادوا الجلوس وألا نتشبه بالمسلمين فى شئ من ملابس أو قلنسوة أو عمامة أو نعلين ولا نركب السروج ولا نتقلد السيوفوأن تكون علامة لنا جز مقادمنا وشد زنار على أوساطنا وألا نظهر صلباننا ولا نضرب بالنواقيس إلا خفيفاً ولا نرفع أصواتنا على موتانا ولا نجاور موتانا بموتى المسلمين فإن خالفنا فى شئ من ذلك فلا ذمة لنا " .
** وهنا نتوقف كثيراً أمام عقد الإذعان أو عقد الذمة الذى وقعه المسيحيين فى بلاد الشام ، فهل يمكن لنا أن نتصور عصور الإرهاب والبلطجة التى فرضت على الأقباط أثناء الفتح الإسلامى عقود الذل وهلم اك تبه الأقباط فى زمن الإرهاب والجاهلية يختلف عن الإرهاب الحالى والفكر المتطرف من أصحاب فتاوى وشيوخ التطرف والإرهاب والذين يعتلون المنابر الأن .
** إذن لم تخرج عقود فتوى الإخوان عن عهد عقود الذمة والإذعان .. كما ذكر عن "عمر بن الخطاب" إنه قد أمر بهدم أى كنيسة تبنى بعد الفتح مع عدم تجديد أى كنيسة بعده وإذا ظهر صليب كسر على رأس صاحبه .. وهذا مذهب علماء المسلمين أجمعين ، وشدد فى ذلك عمر بن عبد العزيز وأمر ألا تترك فى دار الإسلام بيعة أو كنيسة قديمة أو حديثة وقد أورد إبن عبد الحكم فى كتابه "فتوح مصر" كتاب الخليفة عمر بحمل هذه الأوامر إلى الأمصار .
** إن ما يتعايش معه أقباط مصر هو نتاج فكر متواصل وفتاوى سوداء صادمة منذ الإحتلال العربى حتى اليوم وهو ما نظل نؤكد أن الأقباط ليسوا سلعة يتم تلميعها فى وقت الإنتخابات لغرض فى نفس يعقوب ولكنهم أصحاب البلد والذى لا يستطيع أن ينكره التاريخ ..
** نحن نكشف كل أوراق الجهل والتطرف والتخلف الذى أصاب هذا البلد منذ الفتح وسلاطين العثمانيين .. هل تستطيع مصر أن تتجاوز محنة التخلف الذى أصاب المجتمع .. هل تستطيع مصر أن تجعل المواطنين أقباطا ومسلمين يحلمون بوطن قوى قادر على المنافسة .. متمسك بمفاهيم وأدوات الصراع الحضارى .. أيها السادة أفيقوا فإن ما بنى على باطل فهو باطل ... فهل من مستجيب؟!!! .
رئيس مجلس إدارة جريدة النهر الخالد
Email:elnahr_elkhaled2009@yahoo.com

CONVERSATION

0 comments: