قاعة رشاد الشوا في غزة/ د. فايز أبو شمالة

تحت عنون "النكبة مأساة أرض وعودة شعب" نظمت رابطة الأدباء والكتاب الفلسطينيين، بالاشتراك مع اللجنة العليا لإحياء ذكرى النكبة 62، يوماً دراسياً تخلله الكلمات الرسمية، والقصائد الشعرية، والأناشيد الفنية، وغير ذلك من المظاهر الوجدانية، وأوراق العمل الفكرية، والسياسية المعبرة عن نكبة شعب لما يزل يتعرض للصفعات من العدو ذاته، ولما يزل يتقاذفه مجهول الانقسام، ولما يزل يتمنى المصالحة الوطنية التي يجمع كل عقلاء الشعب على أنها الشرط الأول واجب التحقق لتقليص زمن النكبة.
كان من المفروض أن يرئس الدكتور محمد الهندي الجلسة الأولى من اليوم الدراسي، ولكن الرجل آثر أن يشارك في مسيرة وحدة وطنية شاركت فيها الفصائل جميعها، انطلقت للمناسبة ذاتها من أمام المجلس التشريعي، لأجد نفسي على المنصة مترئساً للجلسة التي قدم فيها عدد من الكتاب والمختصين أوراق عمل إبداعية، تحك على وجع النكبة، وتنبش المأساة، وهي تشير إلى حقائق فكرية، وأرقام، ووقائع تاريخية تؤكد أن فلسطين ضاعت في غفلة من الزمن العربي الإسلامي، وأن فلسطين في حاجة إلى جهد كل فلسطيني دون استثناء.
جلست على المنصة ذاتها التي جلست عليها قبل اثني عشر عاماً، أثناء انعقاد مؤتمر الأسرى، وتذكرت توصيات المؤتمر التي عجزت عن تحريرهم بعد هذه الأعوام، وتمنيت ألا يطول زمن الانقسام، وأنا أقارن بين قاعة رشاد الشوا في يوم النكبة، وقد غابت عن المناسبة حركة فتح، التي لم تشارك فيها، وبين قاعة رشاد الشوا قبل اثني عشر عاماً في يوم الأسير الفلسطيني، وقد شاركت في المناسبة حركة حماس.
بعد أن استمع الحضور إلى الكلمات، وأثناء الاستراحة، التفت إليّ الكاتب "طلال عوكل" قائلاً: إذا كانت لغة بعض الفلسطينيين تقوم على التشكيك في الطرف الآخر، والهجوم عليه بوحشية، فكيف ستتحقق المصالحة الفلسطينية، ومتى؟ وبماذا يمكن أن نصف الطرف الذي يقوم في يوم النكبة بالتشهير بالطرف الآخر، وتخوينه، ماذا سنقول له في حالة تحققت معه المصالحة؟ هل نقول له: أنت مثله إذا تصالحت معه. أم أن البعض يحرص على عدم تحقق المصالحة، ويسعى إلى ذلك بكل اللغات؟.
إنه منطق يستوجب النقاش، والدراسة، وإعادة التفكير، ولاسيما أن الخصومة السياسية بين الأطراف الفلسطينية ستظل قائمة إلى الأبد، وستختلف وجهات النظر في كثير من القضايا، والمواقف، وعليه يجب أن تقف لغة التشهير، والتشكيك من كل الأطراف عن حد معين، ولا تتجاوزه، وأن يحرص طرفي الخصومة على أن تظل فسحة الأمل بتحقيق المصالحة قائمة، ولاسيما إذا كان حديث التشكيك صادراً عن مسئول تنظيمي، أو وزير حكومي، أو عضو مجلس تشريعي، أو من رئيس دولة أولى واجباته الوطنية لملمة كل الأطراف تحت عباءته الحكيمة.

CONVERSATION

0 comments: