ثقافة الحوار/ رأفت محمد السيد

ثقافة الحوار من الموضوعات الهامة التى لايجيدها الكثيرون وذلك ليس لقصور أو عيب فيهم وإنما لأنهم لايعرفون ماهية ثقافة الحوار – فالمحاورالجيد شخص موهوب لديه مقومات النجاح التى تؤهله للوصول إلى أفضل النتائج والحلول المرضية بنسبة كبيرة ولأن الحوار هو القدرة على التفاعل المعرفي والعاطفي والسلوكي مع الآخرين ، وهو أيضا ما يميزالإنسان عن غيره من سائر الكائنات ، فإن المقصود بثقافة الحوارهوقبول الآخر بما هو عليه من اختلاف، واحترامُ التعددية مطلقاً: دينية أو مذهبية أو سياسية، وتفعيل قيم التسامح ونقد الذات والاعتراف بالخطأ والاعتذار عنه. وأقصد بالثقافة هنا معناها العام المتمثل في المنظارالذي ينظر الإنسان من خلاله لذاته ولبقية البشر وللأشياء. وبطبيعة الحال فإن "الآخر"هو المغاير للذات، أياً كان سبب المغايرة. ولكى يكون لديك من ثقافة الحوار مايجعلك مؤهلا لتدير حوارا مثمرا فلابد ان يكون لديك موهبتين أساسيتين : أن تكون مستمعا جيدا وأن تكون محدثا بارعا - ويعد حسن الاستماع من أهم شروط التواصل الناجح مع الآخرين ويفيد الطرفين في استمرار الحوار والتواصل وشعور المتحدث بارتياح واطمئنان وشعور المستمع بالفهم الجيد والإلمام بموضوع الحوار مما يمكنه من الرد المناسب ولكى يتحقق الاستماع الجيد لا بد من توفرعدة شروط منها: إقبال المستمع نحو المتحدث ، عدم إظهارالانفعال أوإعطاء ردود فعل سريعة ومباشرة قبل إنهاء المتحدث كلامه؛ كي يستمر المتحدث في الاسترسال ويستمر التواصل وهو مااشار إليه ديننا الحنيف وسماه :
( أداب الإستماع ) كذلك فإن للحديث وهو الشق الثانى من الحوار أداب لابد أن يراعيها المتحدث أثناء حواره مثل عدم المبالغة في إظهار الانفعال وحركات الأيدي والتوسط في سرعة الرد ومما يؤثر على استمرار الحوار إيجابية الموضوع وجاذبيتة، وراحة المستمع له ،وتنبع ثقافة الحوار ليس فقط من الإستماع والحديث وإنما تمتد إلى اكثر من ذلك ببعيد من خلال العمل والإلتزام بعدة مبادئ هامة وضرورية :مثل مبدأ" نصف رأيك عند أخيك" ومبدأ المحافظة على وحدة الصف الإسلامي :والمقصود به أن نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا عليه. كما أن للحوار أهداف قريبة وأخرى بعيدة ، فالقريبة تطلب لذاتها دون اعتبار للآخر ، والبعيدة لإقناع الآخرين بوجهة نظر معينة – كما أن هناك اداب للحوار منها حسن الخطاب وعدم الاستفزاز أو ازدراء الآخرين،الإمتناع عن الجدال واحترام أراء الآخرين شرط نجاحه - ودعونا نتساءل: لماذا الاختلاف؟ وهل هو نعمة أم نقمة؟ إن ثقافة المجتمع العربي السائدة مع ذم الاختلاف ووصم المختلفين بشتى التهم بل أن هناك من إذا إختلفت معه ولو كنت على حق فيضعك فى هيئة عدو له وأتصور أن كل ذلك سوء فهم أو جهل ، فالقرآن مع مشروعية الاختلاف بل وضرورته "ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة، ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربُّك، ولذلك خلقهم". يقول المفسرون: خلقهم ليختلفوا ويتنافسوا إعماراً للأرض وإثراء للحياة ورقياً للإنسان والمجتمعات، ومعنى ذلك أن القرآن جعل الاختلاف حقيقة كونية وإنسانية ثابتة ومستمرة إلى يوم القيامة، وهو الذي يحكم بين الناس يوم القيامة "إليّ مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون" إن ثقافة الحوار هي التي تعصمنا من الاختلاف المذموم وتجعله اختلافاً محموداً وتعلمنا إدارة الاختلاف ومن هنا فثقافة الحوار هي التي تعصمنا من الاختلاف المذموم وتجعله اختلافاً محموداً وتعلمنا فن إدارة الاختلاف بما يجعل من التمايزات بين البشر، مصدر ثراء وتنوع وبهجة، وأداة للتفاعل الحضاري الخلاق تتيح للشعوب "التعارف" وتبادل الخبرات والتجارب والمعارف بين بعضه – ليتنا نتعلم ثقافة الحوار حتى لو إختلفنا ، فكم من دول تقدمت وارتقت لان بها من يملكون القدرة على الحوار ويعرفون معنى ثقافة الحوار ، فمتى نتعلم ثقافة الحوار- فقد نتفق وقد نختلف ولكن الأهم أن يكون الود موجودا بيننا فنحن نلتقى لنرتقى ونتحاور لانتناحر .

CONVERSATION

0 comments: